غيبوبة السكر من مضاعفات مرض السكري التي تحدث تعرض حياة المريض للخطر أو يعرضه للإحراج في مواقف أخرى، كما يسبب الخوف أو يجعل المريض انعزالياً خصوصاً مع تكرار الغيبوبة، نتيجة لعدم التحكم في تركيز السكر.
إن حدوث غيبوبة السكر له أسباب كثيرة، مع أن المريض يستطيع اتقاء شر الغيبوبة بالتنبه إلى الفترة التي تسبقها وهي خير نذير له.
كيف تحدث غيبوبة السكر؟- غيبوبة السكر تنتج عن ارتفاع نسبة السكر في الدم لقلة الأنسولين أو انعدامه. وبسبب انعدام الأنسولين تعجز خلايا الجسم عن إحراق السكريات وتبدأ الدهنيات في الاحتراق بكثرة، فتتحول إلى سموم حمضية وأسيتون، ومما يساعد على حدوث غيبوبة السكر أن يكون هناك تقيح في مكان ما في جسم المريض، تحت أسنانه مثلا، أو جيوبه الأنفية أو أذنه أو حنجرته، وأحياناً يكون في البروستاتا في الرجال.
وفي كل هذه الحالات يحتاج المريض لكمية من الأنسولين أكثر من التي يأخذها عادة. لأن الجسم يقاوم مفعول الأنسولين وقتئذ لسبب غير معروف للآن.
وغيبوبة الأسيتون كانت قبل اكتشاف الأنسولين تقتل 64% من المرضى، أما اليوم فإنها لا تصيب إلا 2% منهم. وأعتقد أنها تحدث فقط في أعقاب إهمال شديد من جانب المرضى، أو الخطأ في التشخيص أو التأخير في العلاج.
وكل هذه العوامل يمكن تفاديها بمزيد من الإرشاد والعناية. وغيبوبة السكر تأتي في أي وقت وتسبقها فترة قصيرة من سوء الصحة والإهمال أو التوقف عن استعمال الأنسولين من دون مبرر، والمغالاة في أكل الدهنيات والإقلال من النشويات.
ولكن ليس معنى ذلك أن كل مريض سكر يتعرض لغيبوبة تكون غيبوبة سكرية، فمريض السكر كأي إنسان آخر يمكن إصابته بغيبوبة لأسباب أخرى غير اختلال السكر.. مثل ارتجاج المخ أو الحمى الشوكية ونزيف المخ، وغيره من الأمراض التي تصيب الإنسان. ولذلك يجب فحص مريض السكر فحصا كاملاً شاملاً إكلينيكيا ومعمليا، وفحص البول والدم قبل تقدير سبب الغيبوبة.
ما هي أسباب غيبوبة السكر؟- أسباب غيبوبة السكر كثيرة ولكن أهمها نقص أو زيادة السكر.
أولاً: غيبوبة نقص السكر: وهي الأخطر. وتنتج عن هبوط مستوى السكر في الدم، وهي أكثر حدوثاً في المرضى الذين يعالجون بالأنسولين. وقد تحدث نتيجة إعطاء المريض جرعة أكبر من احتياجاته من الأنسولين أو من الأدوية التي تعطى بالفم كمحاولة لزيادة التحكم في المرض، أو عدم الأكل بعد الحقنة أو كنتيجة لزيادة المجهود العضلي عن المعتاد.
ولذلك ينبغي أن يلم المريض وأقاربه وكل المعنيين به بالأمراض والعلامات المبكرة لهبوط سكر الدم.
وأهم أعراض هذه الغيبوبة هو حدوث دوخة وزغللة، تنمل حول الفم، صداع، زيادة في ضربات القلب، مع عرق غزير يعقبه تشنجات ثم فقدان الوعي إلى الغيبوبة. وفي الحالات الشديدة قد يحدث للمريض نوبة تشنج شديد تشبه الصرع.
لذلك يجب التنبه لهذه الغيبوبة في وقتها عند تلك الأعراض حتى يمكن علاجها قبل أن يحدث اختلال في وظائف المخ، وما يتبعه من أخطار على حياة المريض. وتعالج هذه الأعراض بوقف أدوية تخفيض السكر سواء الأنسولين أو الأقراص، وإعطاء المريض مشروبا محلى بالسكر. وفي حالة الغيبوبة يعطى محلول الجلوكوز في الوريد حتى يتم التحقق من سبب الغيبوبة، حيث إن المريض سيتحسن إذا كان السبب هبوط السكر، ولن تتحسن حالته إذا كان السبب غير ذلك.
وهناك هرمون يسمى ‘’الجلوكاجون’’ يسبب رفع مستوى السكر في الدم، ويمكن إعطاؤه عن طريق الحقن لمعالجة هذه الحالة. ويعطى من 1 ملجم تحت الجلد أو في العضل. ويجب أن يحتفظ به مريض السكر المعرض لمثل هذه النوبات في ثلاجته لاستعماله عند الضرورة.
ثانياً: غيبوبة ارتفاع السكر، وهي الغيبوبة الناتجة عن ارتفاع السكر في الدم مع الحامض الكيتوني وهو المعروف بين المرضى بالأسيتون. وتسمى ‘’الغيبوبة الكيتونية’’ وهي إحدى المضاعفات الحادة والخطيرة لمرض السكر حيث إن الوفاة من الغيبوبة الكيتونية قد تصل إلى 10% وتتضاعف هذه النسبة مرات عدة في المسنين.
وقد يكتشف مرض السكر لأول مرة في مرضى ينقلون للمستشفى مصابين بغيبوبة. أما مرضى السكر الذين هم تحت العلاج فإن الحامض الكيتوني غالباً ما يصيبهم نتيجة إهمال في العلاج وعدم أخذ القدر الكافي من الأنسولين، أو حدوث التهاب ميكروبي شديد أو مضاعفات وضغوط شديدة مثل الإصابة بجلطة بالقلب أو المخ أو حادث أو عملية جراحية.
ومن هذا يتبين أن الغيبوبة السكرية الكيتونية يمكن إلى حد كبير الوقاية منها لو اهتم المريض بأخذ جرعة الأنسولين المناسبة بانتظام ولم يوقف العلاج أو يقلله عند الإصابة بأي مرض آخر مثل الأنفلونزا أو الحمى بحجة أنه لم يعد يأكل جيداً وكذلك بقيامه بفحص بوله بانتظام للسكر والأسيتون كما يجب عليه أن يسارع باستشارة طبيبه عند حدوث تغير في حالة السكر أو شعور بأعراض جديدة واستشارة طبيب السكر عند القيام بأي عملية أو خلع ضرس.
ما هي أعراض الغيبوبة الشائعة وكيفية التعامل معها؟- تبدأ أعراض هذه الغيبوبة بالشعور بالتعب والفتور وزيادة التبول والعطش الشديد والقيء وعدم الميل للطعام. وفي بعض الأحيان تكون مصحوبة بآلام بالبطن تشبه الزائدة الدودية أو أي التهاب حاد بالبطن. وعند فحص المريض نلاحظ زيادة في سرعة النبض والنفس مع جفاف بالجلد واللسان. وقد ينخفض الضغط والحرارة ولو أنه في بعض الأحيان نجد الحرارة مرتفعة وعند فحص البول نجد الكثير من السكر والأسيتون. وإذا أهملت هذه الأعراض حدثت الغيبوبة التامة.
وفي هذه الحالة إذا عرف الطبيب أن المريض مصاب بالسكر فإنه يتمكن بسهولة من أن يعرف مصدر ونوع الغيبوبة ويضع العلاج المناسب. وهو يجب أن توضع له رعاية واحتياجات طبية، فبمجرد تشخيص الحالة يجب أن يكفل للمريض تمريض خاص. ويوضع في مكان دافئ ويعمل له غسيل معدة بمحلول بيكربونات الصودا، وحقنة شرجية دافئة ويعطى حقناً منبهة للقلب ‘’كورامين’’ وأخرى لرفع ضغط الدم (بيركورتين) ثم يحقن في الوريد محلول الملح 2% ومحلول بيكربونات الصودا. أما الأنسولين فيعطى منه تحت الجلد 40 وحدة من النوع العادي 40 جراماً من السكر عن طريق الفم أي 8 قوالب إن كان المريض يستطيع البلع أو يحقن السكر في الوريد إن كان في حالة غيبوبة.
يكرر هذا العلاج كل 4 ساعات حتى يختفي الأسيتون والسكر من البول ويظهر منه ملح الطعام.
والحقيقة أن حالات الغيبوبة من أهم ما يواجه الأطباء، لذلك يجب في مثل هذه الحالات نقل المصاب إلى أقرب مستشفى لوضعه تحت إشراف طبي دقيق.
ويستطيع المريض اتقاء شر الغيبوبة بالتنبه إلى الفترة التي تسبقها وهي خير نذير لأي مريض. فإذا أحس بتعب مفاجئ ودوخة ودوار بالرأس وعدم التركيز فعليه بتحليل البول فإذا وجد السكر، يأوي إلى فراشه ويأخذ حقنة من الأنسولين العادي قدرها نصف الكمية التي اعتاد أن يأخذها يومياً مع قالبين من السكر وعصير الليمون. ويشرب سوائل كثيرة كالشاي أو القهوة مرة كل ساعة على الأقل ويعمل حقنة شرجية ويستدعي طبيباً على الفور. وفي حالة شعور المريض بأمراض أخرى كالالتهاب الرئوي مثلاً أو الأنفلونزا، فعليه أن يأخذ مزيداً من الأنسولين لعلاج ارتفاع السكر وسوف يتحسن بعد ذلك تماماً.