جبل الطير.. رعاياك ياسيسي!
يقولون لكل إنسان أو مكان نصيب من اسمه , وجبل الطير استوحي اسمه من أسراب الطيور المهاجرة التي تحط على أعالى الجبل الشامخ الذي تعاقبت عليه عصور وأزمنة, وهو لازال يتأمل في صمت فعل الدهور . طيورٌ مهاجرة وللهجرة أسبابها وأوجاعها وتداعياتها , لقد هاجرمن هاجر من أقباط مصر , وبقي من بقي , ليعاني في كل لحظة ويواجه أهوال ما حَملَته على أكتافه ديانته واختلافه في وطن كان لا يعرف آفة الاختلاف .
ولقد صبر وحلم أن يأتى اليوم الذي تنتهي فيه بعض معاناته , وارتضى أن يتشارك الحلم والألم والأمل , لكن يبدو أنه لا نصيب له سوى في الألم ! رعاياك ياسيسي وصل الظلم بهم مداه , فهل من مهانة أكبر من تهجير لمواطن في بلده ؟ بل هي عائلة كاملة بالمطرية أًذلت وهجرت بعد جلسة عرفية مهينة وغرامة مليون جنيه والأنكى هذه الجمال المائة !! أى وضع هذا هل هي دولة أم قبيلة ؟ نعلم جميعاً خطاك الحثيثة للنهضة بوطن كادت أن تفتك به عصابة الإخوان , وكلنا معك وخلفك ورهن إشارتك , لمحبة أودعها الله في قلوبنا لك , ولثقة بما ضحيت به من أجل هذا الوطن , ولكن , في دوامة التنكيل والذل والخطف مقابل الفدية , لسوف تعذر أقباط مصر حينما يصرخون ألماً ويتخيلون أنهم اشتروا الوهم .
في وطن تلاطمه الأمواج من كل اتجاه , لابد أن يترسخ الشعور في قلب مواطنيه بأن حضن مصر الداخلي هو الملاذ والملجأ .. ولابد أن يطمئن قلبه ويستشعر في كل لحظة أن قبضة الأمن محكمة على مفاصل الدولة..
ولكن ماذا يحدث حينما تكون هذه القبضة هي الباطشة ؟ نعرف أننا في حرب شرسة مع أطراف معلنة وخفية , ولكن كيف نطلب من شعب أن يخوض غمار حرب وهو يضرب بالخناجر في ظهره ؟ مشكلة جبل الطير لا تختزل في قصة سيدة قبطية هربت مع عشيق مسلم , ولكن في ممارسات رجال الشرطة مع قرية بأكملها , هل تحتمل مصر الآن وفي هذه اللحظات الفارقة انقسامات فوق انقساماتها ؟ لماذا لانسد الثغرات سيدي الرئيس , من أخطأ يحاسب , ومن تهجم على قسم الشرطة يعامل بالقانون , ولكن لا نحمل جرمه على بلدة بكاملها بسيداتها وأطفالها .
الانتهاكات في حق الأقباط فاحشة , وقد حان الوقت لفتحها , أو على أقل تقدير إخماد جذوة قد تشتعل في غير آوانها , وكلنا يعلم أن هناك من يذكي هذه الجذوة بغية خراب مصر. نعلم أننا بحاجة إلى وقت طويل لتغيير الذهنية المصرية , وتصحيح النظرة الدينية الاستعلائية التى تنميها المناهج التعليمية الإسلاموية , وأننا في صراع دائم مع ترسيخ التعامل مع الآخر كما تنص عليه الأديان السماوية والشرائع , ولكن حتى تٌقنن المناهج وتستحدث لابد من وقفة للتصدى لهذا العار الذي يلازمنا .
ولابد من الاعتراف بحقوق المواطن المصري القبطي , والتأكيد على طمأنته , وألا نتركه لقمة سائغة في أفواه الطامعين والعصابات المنظمة , ولممارسات بعض رجال من الشرطة لا نعرف انتمائاتهم الحقة , وهل مايحدث هو خطأ أم أفعال وممارسات مقصودة ؟ أقباط مصر رعاياك سيدي الرئيس , أحبوا فيك حنوك على أبناء مصر , وأًجلوا فيك قوة وصلابة في مواجهة تاريخية مع عصابة الإخوان ومن على شاكلتهم , ويدهم ممدودة على الدوام آملة في غد أفضل , فهلا مددت لهم يدا؟