25 يناير من قلب"أمن الدولة"
تقارير «الجهاز» قبل وأثناء الثورة: الاجتماعات.. التوقعات.. والتحذيرات من أن «القادم أسوأ»
حسنى مبارك
المحامون ما زالوا يتوافدون على النقابة العامة والنقيب حمدى خليفة اتصل بالجهاز وأبدى استياءه من المتظاهرين وأبدى عدم ممانعته فى التعامل الأمنى معنا
«عبدالرحمن» لـ«العادلى» فى 18 يناير: لا بد من تعيين «نائب» للرئيس.. ونفى مشروع التوريث.. وأن تعامل الشرطة المواطنين «معاملة جيدة».. وإلا فـ«القادم أسوأ»
ألقينا القبض على مجندين بـ«الأمن المركزى» وآخر بقسم الأمن بمقر الحرس الجمهورى شاركوا فى الاحتجاجات.. و«صباحى» عاد إلى القاهرة مع زوجته
مدير الجهاز لـ«عدلى فايد» فى 24 يناير: متزعمو الفعاليات اتفقوا على السعى لحشد المسيحيين والفتيات لتحجيم المواجهات مع الأمن.. وهناك توجه لبعض العناصر الإثارية للاحتكاك بالقوات واستفزازهم لإثارة الرأى العام ضد الحكومة
التقرير 17 فى 26 يناير: زكريا عزمى توجه للحزب وصفوت الشريف موجود فى «باريس» لرعاية زوجته المريضة لكنه قرر العودة فى التاسعة مساءً
«العريان» طالب «الوطنية للتغيير» بالإعلان عن تحركات 28 يناير.. وأكد اعتزام الجماعة المشاركة بشكل أفضل و«عدم الفردية»
النائب العام المساعد أكد أن قرار النائب العام بإخلاء سبيل جميع المتهمين بأحداث الشغب جاء بالتنسيق مع مسئولى الرئاسة
«العادلى» فى الاجتماع الوزارى المصغر يوم 20 يناير: «سأتمكن من إجهاض التحركات.. والإخوان لن يشاركوا فى الاحتجاجات»
اجتماع «الداخلية» لمواجهة «جمعة الغضب»: «عبدالرحمن» يتوقع مظاهرات أكثر عنفاً ومشاركة الإخوان بقدراتهم وخداعهم
هيئة الأمن القومى أبلغتنا أن «البرادعى» سيعود فى 27 يناير.. ويسعى كل من شقيقه وأسامة الغزالى حرب لتدبير مقر إقامة له فى منطقة وسط القاهرة
أربعة أعوام ونصف مرت على اندلاع ثورة «25 يناير» التى أطاحت بـ«مبارك وأركان نظامه» من الحكم، ثورة هزمت فيها حناجر الشباب وإرادتهم قهر الرصاص والغاز المسيل للدموع، لتلقى -بعد نجاحها بأيام- بنظام حكم كامل إلى السجون، والاتهامات كانت حاضرة بالعشرات: قتل متظاهرين، وفساد مالى، واستيلاء على المال العام.
ورغم مرور السنوات الأربع فإن «الأسرار والخبايا» ما زالت موجودة تحت أنقاض الزلزال وتوابعه، ومع هذا الانفراد يمكنك الكشف عن إلى أى مدى كانت لدى أجهزة الدولة الأمنية فى عهد «مبارك» ووزير داخليته حبيب العادلى قدرة غاشمة على رصد المعلومات بأدق تفاصيلها، غير أنها كانت تمتلك غباء منقطع النظير فى تحليل تلك المعلومات والتعامل معها، ودائما ما كانت -رغم معرفتها- تتحرك بعد فوات الأوان. فمع بشائر الثورة، وبينما كانت دعوات الشباب تشعل فتيلها، كانت «الداخلية» فى عهد حبيب العادلى هى الأكثر سيطرة على الأوضاع فى مصر من أقصاها إلى أقصاها، ويرجع الفضل فى قوة الوزارة وسطوتها آنذاك إلى جهاز أمن الدولة المهيمن على الوضع، تحت رئاسة اللواء حسن عبدالرحمن. الجهاز كان يفرض سيطرته على كل شبر فى البلاد: يرصد، ويتابع، ويزرع العيون والآذان، ويبلغ الدولة بالتحركات والتجمعات بين الشباب والتنظيمات للسيطرة على أية محاولة للتمرد أو الاحتجاج فى مهدها، وقبل أن تندلع وتصبح حريقاً يلتهم النظام ورجاله.
وعلى الرغم من مرور تلك السنوات والمحاكمات لـ«مبارك» ورجاله - وفى المقدمة منهم حبيب العادلى ولواءاته- فإن ما أفرج عنه من وثائق ومستندات ومعلومات عن تعامل الرئيس الأسبق ونظامه وجهاز مباحث أمن الدولة مع تحركات الشباب وثورتهم بقى «مخفياً فى ركن بعيد» لا يقبل الاقتراب أو الإفصاح عنه، وفى المقدمة من تلك المعلومات والمستندات تلك التى تجيب عن الأسئلة: كيف كان يدير جهاز مباحث أمن الدولة الموقف؟ وماذا كانت نصائحه لـ«العادلى» و«مبارك» طوال أيام الثورة وحتى لفظ النظام أنفاسه وسقط نهائياً فى الحادى عشر من فبراير عام 2011؟
«الوطن» استطاعت -كما عودت قراءها- أن تخترق ما يعتقده البعض مستحيلاً، وحصلت على مجموعة من الوثائق والمستندات الخاصة والخطيرة تحمل خاتم «سرى جداً»، وهى عبارة عن المكاتبات والمراسلات التى بعث بها اللواء حسن عبدالرحمن، رئيس جهاز مباحث أمن الدولة، إلى اللواء حبيب العادلى، وزير الداخلية، للتصرف واتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة المتظاهرين والشباب المنتشرين فى الشوارع والميادين يهتفون بسقوط النظام، ويطالبون بـ«العيش والحرية والعدالة الاجتماعية».
انفراد «الوطن» يكشف المزيد من أسرار الأيام والساعات الأخيرة قبل سقوط نظام «مبارك»، تلك الأيام والساعات التى بقيت على غموضها رغم مرور السنوات والمحاكمات، بالإضافة إلى كشف حجم المأساة التى كانت تعانى منها أجهزة ومؤسسات يفترض بها أنها تتابع وترصد وتحلل وتتخذ القرار، غير أنها بقيت متسلحة بـ«الرغبة فى القمع» دون أى محاولة لـ«فتح عقول الفهم» والتعامل مع ثورة الشباب بلغة «المستقبل».. وليس لغة «الماضى العتيق» التى عفا عليها الزمن، الأمر الذى أدى فى النهاية إلى انهيارها فى أيام معدودة.
سقط «مبارك» ونظامه ورحل «العادلى» ورجاله.. وبقيت لحظات من قبل السقوط والرحيل مستترة على اتساع ما بها من أحداث، وبقى المواطن تواقاً لكل معلومة يستطيع معرفتها حول ما جرى وكيف تمكن ملايين الشباب والشيوخ والنساء من كسر حاجز الخوف ومعانقة الشوارع والميادين والحوارى والأزقة بهتافات الثورة والعيش والحرية والعدالة الاجتماعية.
فى هذا الانفراد الذى تنشره «الوطن» على حلقات نرصد فيه جانباً مما جرى خلف الأبواب المغلقة فى الساعات الأخيرة لنظام مبارك وداخليته وجهاز مباحث أمن دولته، عشرات الرسائل والمخاطبات الممهورة بخاتم «سرى جداً»، وأرسلها اللواء حسن عبدالرحمن رئيس جهاز مباحث أمن الدولة لحبيب العادلى وزير الداخلية آنذاك قبل أيام معدودة على اندلاع الثورة يطرح فيها الحال الذى وصلت له البلاد.
يحذر «عبدالرحمن» وزيره فى المراسلات من أن «القادم أسوأ»، ثم يستمر ورجاله فى وضع الشباب واتصالاتهم سواء فى الشارع أو على مواقع التواصل الإلكترونى تحت الرقابة الصارمة، سواء كان هؤلاء فى القاهرة أو فى أى محافظة من محافظات الجمهورية، غير أن عجلة الثورة كانت قد سبقت الجميع ودارت بأسرع مما يتوقعون حتى وصلت إلى محطتها الأخيرة: الإطاحة بـ«مبارك» ونظامه. عشرات الآلاف من الكلمات وعشرات التقارير والخطابات وآلاف المعلومات تنشر «الوطن» فى الحلقة الأولى منها ما يتعلق بالأيام السابقة على اندلاع الثورة ولقاءات «العادلى» بمساعديه وخطط الشباب للتحرك والتجمع ويوميات الجهاز المرسلة من جهاز مباحث أمن الدولة إلى مكتب الوزير عن أيام 25 و26 و27 يناير 2011 قبل الانفجار الكبير فى «جمعة الغضب» 28 يناير.
كما حملت تلك التقارير معلومات عن كل شىء، هتافات المتظاهرين ولافتاتهم، خطبهم ورسوماتهم وصور مشانق الرئيس المعلقة على الأعمدة والبنايات، وتضمنت الرسائل التى أرسلها المتظاهرون لبعضهم يدعمون فيها أنفسهم وبياناتهم على موقع «فيس بوك» ونصائحهم لبعضهم للنجاة من الخرطوش والمطاط وقنابل الغاز.. وفى الحلقات التالية تنشر «الوطن» التقارير التى أرسلها الجهاز حول الوضع بعد اعتصام المتظاهرين فى ميدان التحرير واجتماعات أحزاب المعارضة وما دار فيها.. تفاصيل على أعلى درجات الأهمية والخطورة.. تفاصيل تكشف ما جرى على الأرض وداخل مراكز صنع القرار قبل وأثناء ثورة 25 يناير.. حصرياً فى «الوطن».
كان مشهد البداية لثورة ٢٥ يناير مرصوداً من جانب جهاز أمن الدولة، ويتضح ذلك من خلال هذه الوثائق الممهورة بتوقيع اللواء الدكتور حسن عبدالرحمن، مساعد أول وزير الداخلية رئيس جهاز مباحث أمن الدولة، وتحمل عبارة الجهاز الشهيرة «سرى جداً».
الجهاز كان يتابع ويرصد تحركات الشباب وأحاديثهم عبر مواقع التواصل الاجتماعى بعد سقوط النظام التونسى، والتقط من تلك التحركات تنامى الآمال لدى قطاعات كبيرة من الشباب فى قدرتهم على إسقاط النظام وإشعال فتيل الثورة، فأعدّ حسن عبدالرحمن مذكرة بتاريخ 18 يناير 2011 بعد لقاء مع مديرى الإدارات العامة والمركزية بجهاز مباحث أمن الدولة استعرض معهم فيها الأوضاع الداخلية فى مصر والموقف الأمنى بالبلاد وأبرز التحركات السياسية والجماهيرية.
وأكد ذلك اللقاء أن الساحة الداخلية المصرية تشهد العديد من المتغيرات التى ألقت بظلالها على مسارات العمل السياسى والاقتصادى والاجتماعى والأمنى، وأنها تمثل فى مجملها تحديات أمنية تفرض ضرورة تفعيل الجهود لاستيعاب التأثيرات السلبية وانعكاساتها على استقرار الجبهة الداخلية.
الاجتماع أشار أيضاً إلى تصاعد تحركات الأحزاب والقوى السياسية المعارضة المستهدفة تثوير القاعدة الجماهيرية -حسب رؤيتهم آنذاك- وإشاعة روح التمرد والعصيان فى أوساطها بدعوى المطالبة بتغيير النظام وإجراء إصلاحات اقتصادية وسياسية تأثراً بتداعيات الأحداث التى شهدتها تونس مؤخراً، ومحاولة البعض محاكاة ما جرى هناك.
وبعد ساعات من اجتماع رئيس جهاز مباحث أمن الدولة بقيادات جهازه، حرّر مذكرته الأولى التى حملت عنوان: «تطورات الأحداث فى تونس.. المعطيات والاحتمالات». المذكرة تضمنت رأى الجهاز فيما يجرى، وخاطب بها رئيس الجهاز وزير الداخلية والقيادة السياسية، مطالباً فيها بوجوب «تعيين نائب لرئيس الجمهورية، ونفى مشروع التوريث، وتفعيل أحكام الطعون على أعضاء مجلس الشعب، ومواجهة مشكلة حوض النيل، وحل مشكلة البطالة، وضرورة أن تعامل الشرطة المواطنين معاملة جيدة، وإصدار قانون دور العبادة الموحد، وتقديم الرعاية الصحية وإصلاح منظومة التعليم، واستصلاح الأراضى وتوزيعها ومراجعة حالات الاستيلاء على أراضى الدولة، والحد من زيادة الأسعار درءاً لتدهور الأمور بالبلاد للأسوأ».
وعندما اشتعلت دعوات الشباب للتظاهر يوم 25 يناير لم يكن الجهاز بعيداً عن رصد تلك الدعوات المتناثرة فى كل مكان تجمّع فيه الشباب، وقبل ساعات قليلة أرسل «عبدالرحمن» خطاباً يوم 24 يناير 2011 تحت عنوان «سرى جداً» إلى عدلى فايد، مساعد أول وزير الداخلية لقطاعى الأمن والأمن العام، قال فيه نصاً: «رصدت المتابعة إطلاق ممثلى القوى السياسية المناهضة العديد من الدعوات على شبكة الإنترنت لتنظيم فعاليات احتجاجية يوم 25 يناير الحالى بالتزامن مع الاحتفال بعيد الشرطة بدعوى تدهور الأوضاع المعيشية للمواطنين وتفشى البطالة والفقر والفساد.. اتفق متزعمو التحركات على بعض الترتيبات تمثلت فى التحرك فى مجموعات صغيرة تضم مجموعات من حوالى 10 أشخاص أو أكثر تبدأ من مكان قريب لمكان التحرك، والسعى لحشد أبناء الطائفة المسيحية والفتيات والسيدات للمشاركة بهدف تحجيم المواجهات الأمنية والتنسيق مع بعض الصحفيين والإعلاميين لتغطية وقائع التحركات».
حبيب العادلى
وذكر «عبدالرحمن» فى خطابه أن هناك توجهاً لدى بعض العناصر الإثارية للاحتكاك بالقوات واستفزازهم لدفعهم للإقدام على تصرفات غير مسئولة تجاه المتظاهرين لإثارة الرأى العام الشعبى ضد الحكومة، ودفع المواطنين للتعاطف معهم. واختتم رئيس جهاز مباحث أمن الدولة خطابه بطلب «اتخاذ الإجراءات المناسبة نحو تلك الدعوات والتحركات».
وفى خطاب آخر من رئيس جهاز مباحث أمن الدولة لـ«عدلى فايد» فى اليوم نفسه وتحت العبارة نفسها «سرى جداً»، قال: «رصدت المتابعة اعتزام النشطاء الحقوقيين والإسلاميين تنظيم وقفة احتجاجية عقب صلاة الجمعة الموافق 28 يناير أمام مسجد الفتح بميدان رمسيس للتنديد بعدم قيام الكنيسة المصرية بإطلاق سراح من سموهم المسلمات الأسيرات».
وبعد رصد مباحث أمن الدولة الدعوات للاحتجاجات الواسعة بعد الإطاحة بالنظام التونسى، تم عقد اجتماع لمجلس الوزراء المصغر يوم 20 يناير 2011 قال فيه حبيب العادلى إنه «سيتمكن من إجهاض تلك التحركات، وإن الإخوان المسلمين لن يشاركوا فى تلك الاحتجاجات، وإنه فى حال مشاركتهم سيتم إجهاض تلك المظاهرات بالقبض على بعض كوادر الإخوان المسلمين». وبعد انتهاء مجلس الوزراء المصغر، عقد «العادلى» لقاء مع كبار مساعديه بمبنى جهاز مباحث أمن الدولة فى مدينة السادس من أكتوبر حضره مساعدوه أحمد رمزى وعدلى فايد وإسماعيل الشاعر وحسن عبدالرحمن وأسامة المراسى لبحث كيفية مواجهة المتظاهرين.
الاجتماع استمر نصف ساعة، وقال فيه حبيب العادلى إن «المظاهرات يوم 25 يناير ستكون فى مناطق متفرقة مع الساعات الأولى لصباح 25 يناير». ومع بداية هذا اليوم بدأ سيل التقارير من جهاز مباحث أمن الدولة على مكتب الوزير. ومن الوثائق التى حصلت عليها «الوطن» مكاتبات رئيس جهاز مباحث أمن الدولة إلى وزير الداخلية، التى جاءت تحت عنوان «فى إطار متابعة مسار الموقف بالنسبة للتحركات الاحتجاجية التى تعتزم عدد من القوى السياسية تنظيمها اليوم بالتزامن مع الاحتفال بعيد الشرطة ببعض محافظات الجمهورية بدعوى تردى الأوضاع السياسية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية».
تقارير الجهاز لرصد الأحداث تم تقسيمها إلى محافظات، بحيث يتم رصد أحداث كل محافظة على حدة، وتضمّن التقرير الأول فى يوم 25 يناير الذى كُتب عليه «مسير1» كان لمتابعة الجهاز لجميع التظاهرات وحصر المشاركين فيها وذكر عددهم ومكان تجمعهم، وأوضح أن «المظاهرات بدأت بـ3 محافظات هى القاهرة والإسكندرية وشمال سيناء»، وأورد أن «10 متظاهرين وُجدوا فى نقابة المحامين و15 بنقابة الصحفيين و5 أمام دار القضاء العالى و7 بميدان روكسى بينهم الدكتور الإثارى يحيى القزاز والشيوعيون شاهندة مقلد ونورالهدى زكى، وأنهم يوزعون بيانات تدعو المواطنين للمشاركة فى المظاهرات بدعوى تفشى الفقر والبطالة والفساد فى عهد القيادة السياسية، ويطالبون سيادته بالتنحى عن الحكم، بالإضافة إلى العثور على كرتونتين بمدخل عقار مركز هشام مبارك للقانون بمنطقة التوفيقية بهما 200 بوستر بمساحة متر تحمل شعار حركة كفاية وعبارات مناهضة وأنه تم التحفظ عليها».
أما فى الإسكندرية -حسب التقارير- فـ«بدأت التجمعات فيها بأستاذ بكلية الهندسة ومعه 3 فتيات أمام ديوان عام المحافظة يحملون لافتات مكتوب عليها: يا ريس كبرت وعجزت ودى سنة الحياة وكفاية بقى على صحتك.. أرجوك لا تقل لنا مفيش حد مناسب.. مصر ولادة»، وفى شمال سيناء «تجمع 35 من شباب القوى السياسية أمام مجلس محلى المحافظة وانصرفوا دون القيام بأى ممارسات إثارية».
ومع الساعات التالية وتزايد التظاهرات فى منتصف يوم 25 يناير، أرسل جهاز مباحث أمن الدولة خطابه الثانى إلى حبيب العادلى حمل عبارة «مسير2» أخبره فيه بأن المظاهرات تتوالى فى محافظات القاهرة والإسكندرية والجيزة وأسيوط والإسماعيلية والسويس وأسوان والقليوبية وأنه يجرى متابعتها، وأن المتظاهرين يوجدون فى كل مكان.
فى القاهرة «تجمع 400 أمام دار القضاء العالى وحملوا لافتات مدوناً عليها: مبارك ارحل.. ثورة حتى النصر فى كل شوارع مصر.. استشهاد استشهاد.. مرتبى 365 جنيه ونفسى آكل لحمة. ويرددون أيضاً هتافات إسقاطية على القيادة السياسية ورموز النظام».
وأخبر أمن الدولة حبيب العادلى أن «متظاهرين آخرين على الرصيف المقابل لدار القضاء العالى والدرج الخارجى لنقابة المحامين، ويهتفون لتأييد الثورة التونسية وكفاح الشعب المصرى، ويرددون الأغانى الوطنية، وأمام مصلحة الشهر العقارى بشارع رمسيس ويتزعمهم أيمن نور ورجل الأعمال رامى لكح، وفى منطقة دوران شبرا تم إلقاء القبض على متظاهر يعمل صاحب ورشة نجارة أثناء تردده على ميدان التحرير وهو يرفع لافتة مكتوباً عليها: يا حكومة عايز أكون مناضل مش متطرف».
وفى الجيزة، أفاد الجهاز فى تقريره: «تجمع المتظاهرون أمام مسجد مصطفى محمود، و20 شخصاً أمام مقهى سيلنترو يهتفون: لا للفساد لا للتعذيب»، وفى أسيوط رصد الجهاز مظاهرات بالحوارى، أما متظاهرو الإسماعيلية فيهتفون «ارحل ارحل.. امتى يا شعب تثور وتقوم.. بعد ما تونس شافت النور».
أما فى السويس، فرصدت التقارير أن هناك «تجمعات بميدان الإسعاف، وأن المتظاهرين بينهم ناصريون ويساريون ومنتمون لحزب العمل وإخوان»، وفى أسوان «تظاهر المواطنون أمام محطة السكك الحديدية، والمشاركون فى المظاهرات إثاريون ويهتفون ضد القيادة السياسية والحزب الوطنى ووزارة الداخلية»، وفى القليوبية «بدأت التجمعات أمام مقر حزب التجمع بمدينة بنها».
وفى تقريره الثالث، ذكر جهاز مباحث أمن الدولة أن محافظتى كفر الشيخ ودمياط انضمتا لقائمة المحافظات التى بدأت فيها المظاهرات التى تم رصدها، وحدد الجهاز المشاركين فيها وأعدادهم، وقال إن القاهرة «بدأت مظاهراتها تتجه ناحية مقر الحزب الوطنى بكورنيش النيل ومبنى الإذاعة والتليفزيون، وبدأت التجمعات أمام نقابة الأطباء، وإن القيادى عبدالمنعم أبوالفتوح انضم للمتظاهرين وإن المتظاهرين يهتفون: يا بن على قول لمبارك.. الطيارة فى انتظارك، وإنهم -أى المتظاهرون- يؤكدون اقتراب ساعة التغيير، وبدأوا يكسرون حاجز الخوف ويتصدون للنظام وإنهم ما زالوا مستمرين».
وفى التقرير الثالث من حسن عبدالرحمن إلى حبيب العادلى، والذى حمل رقم «مسير 3» أورد أن المتظاهرين فى القاهرة «تمكنوا من دخول ميدان التحرير بعدد 5 آلاف شخص، وأن 150 آخرين أمام نقابة الأطباء و500 أمام مقر جامعة الدول العربية، وأن قوات الأمن تمكنت من تفريق المتظاهرين أمام دار القضاء العالى بعد القبض على 70 منهم،
وأن كمال أبوعيطة يخطب فى المتظاهرين بميدان التحرير مطالباً باستقالة القيادة السياسية وإقالة وزير الداخلية وحل مجلس الشعب وتشكيل حكومة ائتلاف وطنى ويؤكد أن المتظاهرين سيعتصمون لحين تنفيذ تلك المطالب فى حين وجد الصحفى الإثارى إبراهيم عيسى، رئيس تحرير جريدة الدستور سابقاً، بين المتظاهرين وأنه ينسق مع العناصر الإثارية لصياغة بيان آخر للمطالبة بتنحى القيادة السياسية، وأن المتظاهرين يعلقون صورة مسيئة تتضمن رسماً متجاوزاً على أحد أعمدة الإنارة للقيادة السياسية معلق بحبل مشنقة».
وفى تقريره العاشر عن أحداث مظاهرات يوم 25 يناير الذى حمل عنوان «مسير 10» من مباحث أمن الدولة «أ. م. للتنظيمات» إلى مكتب السيد الوزير، قال حسن عبدالرحمن إن «المتظاهرين فى ميدان التحرير ما زالوا مستمرين وفى الإسكندرية أيضاً، بينما انضمت محافظة الغربية للتظاهرات بـ5 آلاف متظاهر بميدان الشون بالمحلة الكبرى، وإنهم يرشقون القطارات بالحجارة ويشعلون النيران فى الإطارات على شريط السكك الحديدية مما أدى لتعطل قطارين وتوقف حركة القطارات».
وتناول التقرير العاشر نتيجة رصد الجهاز لموقع التواصل الاجتماعى فيس بوك، حيث ذكر فى نهايته أنه «فى إطار مسار الموقف للتحركات الاحتجاجية اليوم 25 يناير فقد رصدت المتابعة إطلاق العناصر الإثارية دعوة على موقع فيس بوك تتضمن مطالبة المتظاهرين بتطوير تحركاتهم والاعتصام بأماكن تجمعهم وعدم فض التظاهرات إلا بعد تنفيذ مطالبهم برحيل النظام والعمل على إنهاك قوات الأمن ومحاصرة المقرات الخاصة بالحزب الوطنى وأمن الدولة والحكم المحلى».
وفى التقرير التالى «مسير 11»، قال «عبدالرحمن» لوزير الداخلية «إن أمن الدولة رصد بدء اعتماد المتظاهرين على رسائل الهواتف المحمولة، خاصة الموجودين فى ميدان التحرير، وإن نص تلك الرسائل هو: المعتصمين فى ميدان التحرير.. كلنا موجودين فى الميدان مش هنتحرك وهنبات وهنكمل مظاهراتنا بكره الصبح رغم كل اللى بيعمله الأمن، اللى يقدر ينزل للناس دى ينزل، واللى يقدر يجيب مياه وأكل يجيب واللى مايقدرش ينشر الخبر».
وأورد التقرير أن «قوات الأمن تتعامل مع متظاهرى ميدان التحرير لتفريقهم، لكن مظاهرات أخرى تنطلق من حدائق القبة والإسكندرية، ويتم التعامل من قبَل قوات الأمن مع الأحداث فى السويس، وأن متظاهرى الغربية يواصلون تجمعاتهم»، وأخبر الجهاز حبيب العادلى بأن «هناك مصابين بين قوات الأمن نتيجة التعامل مع المتظاهرين بمحافظات القاهرة والإسكندرية والسويس والإسكندرية والغربية وكفر الشيخ والدقهلية، وأن وزارة الصحة أفادت بوصول 219 متظاهراً مصاباً: 106 بالقاهرة و101 بالسويس و3 بالإسماعيلية و3 ببورسعيد و3 بالإسكندرية و7 بالدقهلية ومصاب واحد بالمحلة».
وذكر التقرير أن عقيد الشرطة السابق عمر عفيفى الموجود بالولايات المتحدة الأمريكية بث فيديو على شبكة الإنترنت عنوانه «خبر عاجل» تضمّن حث المتظاهرين بميدان التحرير على الانسحاب والتوجه إلى مبنى الإذاعة والتليفزيون واقتحامه عبر الأبواب الخلفية الخاصة بالجراج والمخازن واحتلال المبنى لتسهيل تواصلهم عبر قنوات التليفزيون، كما أن جبهة علماء الأزهر أصدرت بياناً أكدت فيه جواز الخروج على الحاكم نتيجة تعطيل شرع الله واستشراء مظاهر الكفر ومطالبة المواطنين بالتظاهر والتعبير عن تضررهم بعبارة «اخرجوا لتعذروا أولاً إلى الله ثم لتعذروا ثانياً إلى العالم الذى يستشرفكم اليوم ثم لتعذروا إلى التاريخ ثالثاً الذى لا يغفل ولا يتغافل».
ومع الساعات الأولى ليوم 26 يناير، بعث جهاز مباحث أمن الدولة إلى حبيب العادلى بتقرير جديد حمل رقم «مسير 12» قال فيه «إن القوات الأمنية تمكنت من تفريق المتظاهرين بميدان التحرير وإن عددهم كان 5 آلاف لكنهم قسموا أنفسهم بعد تفريقهم إلى مجموعات متفرقة، توجهت واحدة منها إلى منطقة دوران شبرا بعدد 3000 متظاهر وأخرى بعدد 400 متظاهر إلى شارع محمد فريد و500 آخرين إلى مقر الحزب الوطنى بشارع الكورنيش وقاموا برشقه بالحجارة واقتحامه وإتلاف 3 سيارات داخله، كما تجمع 1000 آخرون فى شارع 26 يوليو وانطلقوا إلى شارع الجمهورية و500 إلى شارع عماد الدين ومثلهم إلى شارع صبرى أبوعلم وإن المتظاهرين أحرقوا سيارات الشرطة الموجودة أسفل كوبرى عبدالمنعم رياض دون حدوث إصابات أو وفيات.
وفى ذات التقرير، أخبر حسن عبدالرحمن حبيب العادلى بأن «حزب الوفد عقد مؤتمراً صحفياً حضره الدكتور السيد البدوى شحاتة أيّد فيه مطالب القوى السياسية المتمثلة فى حل مجلس الشعب وإجراء انتخابات برلمانية بنظام القائمة النسبية غير المشروطة وتشكيل حكومة إنقاذ وطنى ولجنة تأسيسية لوضع دستور جديد يحقق مبدأ سيادة الأمة ويكفل الفصل بين السلطات وإصدار قانون جديد لمباشرة الحقوق السياسية».
وبعد تفاقم الأحداث واشتعال المظاهرات يوم 25 يناير وتمكن المتظاهرين من دخول ميدان التحرير وإشعال جميع الشوارع والميادين، عقد حبيب العادلى، وزير الداخلية، اجتماعاً ثانياً بمساعديه يوم 27 يناير 2011 فى مبنى الوزارة بـ«لاظوغلى» ضم حسن عبدالرحمن، رئيس جهاز مباحث أمن الدولة، وعدلى فايد، مساعد الأمن العام، وإسماعيل الشاعر وآخرين لمناقشة تطورات الأحداث وما سمى آنذاك بـ«جمعة الغضب»، التى يجرى الإعداد لها لتكون يوم 28 يناير، بالإضافة إلى مناقشة ما جرى فى السويس وسقوط شهداء بها، ومشاركة مجموعات من شباب الإخوان بما يشير إلى أن مظاهرات 28 يناير ستكون أكثر عنفاً.
وعرض قيادات الوزارة على «العادلى» تعزيز القوات لتوقع اقتحام المتظاهرين لميدان التحرير، بالإضافة إلى قطع الاتصالات لفترة محدودة بمناطق معينة لمنع أى تحركات تنظيمية تتم من خلالها لتحريك مجموعات من المتظاهرين، ومن جانبه، توقع حسن عبدالرحمن فى الاجتماع حشداً أكبر للمظاهرات من نظيرتها فى 25 يناير، وأن الإخوان سيشاركون بقدراتهم وخداعهم، بينما طالب عدلى فايد بإلغاء مباراة لكرة القدم كانت ستجرى فى يوم 28 يناير حتى لا يشارك الألتراس ويتم استخدامهم فى المظاهرات.
ومن جانبه، شدد حبيب العادلى على ضرورة منع متظاهرى محافظة الجيزة من التدفق للقاهرة عبر المنافذ الخمسة التى تربط المحافظتين.وخلال الساعات التى أعقبت فض ميادين التحرير فى الساعات الأولى لصباح يوم 26 يناير وتناثر المتظاهرين فى الشوارع والميادين المحيطة بالميدان، مواصلين هتافاتهم ومطالباتهم بسقوط النظام، لم تتوقف تقارير جهاز مباحث أمن الدولة التى ترصد كافة الأحداث وترسلها إلى مكتب وزير الداخلية حبيب العادلى، وهى التقارير التى قدمت لمحكمة جنايات القاهرة التى كانت تنظر قضية القرن من قبل خالد عبدالباسط، محامى حسن عبدالرحمن.
البرادعي
وعن يوم 26 يناير، أوضحت التقارير المعنونة بـ«مسير 13» من جهاز مباحث أمن الدولة إلى مكتب الوزير أنه «فى إطار متابعة مسار الموقف بالنسبة للتحركات الاحتجاجية التى نظمها عدد من القوى السياسية بتاريخ 25 يناير 2011 بالتزامن مع احتفالات عيد الشرطة ببعض محافظات الجمهورية بأنه أثناء سير سيارة الترحيلات التى تقل بعض المضبوطين من العناصر الإثارية السابق مشاركتها فى التظاهرة التى نظمها عدد من القوى السياسية بميدان التحرير اعترضتها سيارتان يستقلها بعض العناصر الإثارية، عرف منهم المفرج عنه أيمن نور، رئيس حزب الغد الأسبق، والإعلامية جميلة إسماعيل حيث قاموا بكسر القفل الخاص بالسيارة ومساعدة المضبوطين على الفرار، وأنه جارٍ ضبط المذكورين.
وتواصلت تقارير جهاز أمن الدولة، ولم يتوقف الأمر عند مراقبة نشاط المتظاهرين فقط، بل امتدت المراقبة إلى قيادات الحزب الوطنى حيث أرسل تقريراً معنوناً بـ«مسير 17» يوم 26 يناير 2011، أرسل لمكتب الوزير أن «زكريا عزمى، أمين عام الحزب الوطنى توجه إلى مقر الحزب، وتحدث إلى قائد حراسة مقر الحزب، الذى استعرض أمامه التلفيات التى نتجت بالمقر نتيجة أحداث يوم 25 يناير، وأن الحارس حال دون تمكن المتظاهرين من اختراق الباب الخارجى للحزب بإطلاق أعيرة نارية لتفريقهم، وأنهم انصرفوا عقب ذلك، وأخطر الجهاز مكتب الوزير أن صفوت الشريف، رئيس مجلس الشورى موجود خارج البلاد بالعاصمة الفرنسية باريس لمتابعة علاج زوجته وأنه قرر العودة إلى مصر فى التاسعة مساء 26 يناير بسبب الظروف الراهنة».
وفى إحدى المكاتبات لوزير الداخلية، ذكر الجهاز أن «العناصر الإثارية بثت معلومات خاطئة عبر شبكة الإنترنت حول تنظيم وقفات احتجاجية وهمية بالعديد من مناطق محافظتى القاهرة والجيزة بهدف تضليل مرتادى الشبكة وتشجيعهم على النزول للشارع والمشاركة، وكذا الإيهام بتعاظم قدرتهم وسيطرتهم على الموقف ونجاحهم فى تنظيم تحركاتهم الإثارية بالرغم من الإجراءات الأمنية المكثفة».
وتحت عنوان «مسير 19» أخطر جهاز مباحث أمن الدولة الوزير أن «الدكتور الإخوانى عصام العريان، عضو مكتب إرشاد الجماعة المنحلة طالب قيادات الجمعية الوطنية للتغيير بالإعلان عن تنظيم تحركات احتجاجية أخرى فى 28 يناير 2011 لقناعته بأن التحركات الاحتجاجية التى تمت فى 25 يناير لم تنته بالشكل المطلوب، ولم تحقق مستهدفاتها، وأنه أكد لهم اعتزام الجماعة معاودة المشاركة فى تلك التحركات بصورة أفضل من سابقتها، مردداً: إحنا مستعدين نكون بنفس النظام ونفس النمط وصورة أحسن كمان، منتقداً ما سماه بالتحركات الفردية للدكتور السيد البدوى، رئيس حزب الوفد ومؤكداً ضرورة التنسيق بين كافة القوى السياسية لتحقيق مطالب الإصلاح ومتعهداً بعدم اتخاذ الجماعة لأى مواقف فردية».
وفى تقرير آخر، أخطر الجهاز الوزير أن «الفنانة جيهان فاضل انضمت للمتظاهرين أمام النقابة العامة للمحامين، وأن نقيب المحامين حمدى خليفة اتصل بالجهاز مبدياً استياءه من وجود المتظاهرين أمام مقر النقابة، وأكد فى اتصاله عدم ممانعته التعامل الأمنى معهم. كما أنه بفحص العناصر المقبوض عليها من أنصار حمدين صباحى بمحافظة كفر الشيخ بقرية سوق الثلاثاء تبين أن من بينهم مجندين بقطاع الأمن المركزى حاصلين على إجازتهما الدورية، وأن متظاهرى السويس كانوا يتظاهرون أمام مشرحة مستشفى السويس العام وعند تفريقهم نتيجة التعامل الأمنى معهم تجمعوا مرة أخرى أمام قسم شرطة الأربعين وعددهم حوالى 800 شخص».
وبعد دقائق من هذا التقرير أرسل الجهاز تقريراً آخر عن تصاعد الأحداث بالسويس، موضحاً أن «الأحداث تصاعدت وأخطر الجهاز مكتب الوزير أنه «فى ذات اليوم تبين أن أحد المقبوض عليهم فى التحركات الاحتجاجية بالقاهرة مجند بقسم الأمن بمقر الحرس الجمهورى».
وفى إطار متابعة ورصد جهاز مباحث أمن الدولة للشخصيات السياسية العامة، أرسل تقريراً لوزير الداخلية فى 26 يناير حمل رقم «مسير 23»، ذكر فيه أن «أعضاء الجمعية الوطنية للتغيير عقدوا اجتماعاً بالمقر المركزى لحزب الجبهة الديمقراطية بمشاركة 25 من ممثلى القوى السياسية، أبرزهم الدكتور عبدالجليل مصطفى منسق الجمعية والمفرج عنه أيمن نور، والإخوانيين محمد البلتاجى وعصام العريان، وسعد الحسينى، والصحفى الإثارى عبدالحليم قنديل، والناصرية كريمة الحفناوى من حركة كفاية، والوفدى علاء عبدالمنعم، والشاعر المناهض عبدالرحمن القرضاوى، والصحفى السيد الغضبان».
وأخبر الجهاز مكتب الوزير أن «الاجتماع تبلورت وقائعه فى استعراض التحركات الاحتجاجية التى تشهدها البلاد بمختلف المحافظات، والتأكيد على ضرورة دعمها وتفعيلها من خلال تشكيل لجان تنسق مع مركز هشام مبارك للقانون، ومراكز حقوق الإنسان لمتابعة أحوال المعتقلين وتشكيل هيئة للدفاع عنهم ومتابعة أحوال أسرهم المعيشية والتنسيق مع الحركات الشبابية والتنسيق مع القوى السياسية والجالية المصرية بالخارج».
وذكر الجهاز أن «المجتمعين أكدوا أن التحركات الاحتجاجية التى سيتم تنظيمها سيضطلع بتحديد أماكنها الكوادر الشبابية المنظمة لها بدعوى قدرتهم على التحرك والحشد والتأكيد على استثمار حالة الغضب لدى المواطنين والتمسك بمطالبهم بتحقيق تغيير شامل للنظام وتشكيل حكومة ائتلافية انتقالية لمدة عامين تضطلع بصياغة دستور جديد بالبلاد والاتفاق على تحرك احتجاجى يوم 28 يناير تحت شعار يوم الغضب والشهداء والمعتقلين، على أن يتم بدء فعالياته من أمام جميع الكنائس والمساجد بعد صلاة الجمعة وأداء صلاة الغائب على المتوفين».
ومع صباح يوم 27 يناير 2011 بدأت تقارير الجهاز تتحدث عن رصد متابعتها لتحركات الشباب والمتظاهرين عبر الإنترنت، خاصة فى موقع فيس بوك لمعرفة خططهم لمظاهرات 28 يناير التى أطلقوا عليها «جمعة الغضب»، وأرسلت تقريراً بها حمل رقم «مسير 28» لمكتب وزير الداخلية نتيجة رصد الجهاز جاء به «رصدت المتابعة اضطلاع العناصر الإثارية المناهضة ببث دعوات مكثفة على شبكة الإنترنت لتنظيم مسيرات سلمية بتاريخ 28 يناير الحالى الساعة الواحدة ظهراً عقب صلاة الجمعة انطلاقاً من أمام بعض الكنائس والمساجد التى لم يتم تحديدها وصولاً للميادين والشوارع العامة والاعتصام بها لحين تنفيذ مطالبهم».
واستعرض البعض، حسب التقرير، بعض الإرشادات التى يجب اتخاذها للتصدى للأمن تتمثل فى «محاولة استقطاب رجال الأمن من خلال إلقاء الأغانى الوطنية مع التظاهر ليلاً لإرهاقهم، والتجمهر فى مجموعات متفرقة لتشتيتهم، ودعوة الأهالى غير المشاركين فى المسيرات للوجود أسفل منازلهم لحماية المتظاهرين من أى تعاملات أمنية والاحتماء والاعتصام بالمساجد والكنائس فى حالة التعامل الأمنى وإشعال الإسبريهات فى مواجهة القوات أثناء التعامل المباشر واستخدام الإسبريهات السوداء لحجب الرؤية عن السيارات المدرعة الخاصة بقوات الأمن المركزى ومحاصرة سيارات الأمن المركزى من الخلف للسيطرة عليها من خلال وضع قطعة قماش مبللة بشكمانات السيارات، وكذا الاقتراب من قوات الأمن فى حالة إطلاق قنابل الغاز لضمان ضعف تأثيرها وغسيل الوجه بمشروب الكوكاكولا فى حالة التعرض للغاز وارتداء جاكيت جلد أسفله بلوفر ثقيل لحمايتهم من الرصاص المطاطى، مرددين أنه فى حالة استخدامه سيتم تصعيد تعاملهم مع الأمن بعنف وكذا أكياس بلاستيك بالأرجل ولفها بشريط لاصق للحماية من الصواعق الكهربائية».
وأفاد التقرير أن «العناصر الإثارية اضطلعت ببث أخبار غير حقيقية عبر الإنترنت تفيد بسفر السيدة حرم رئيس الجمهورية ونجليها خارج البلاد ومشاركة شخصيات عامة فى التحركات الاحتجاجية بهدف تحفيز المشاركين على الاستمرار». وفى التقرير التالى الذى حمل رقم «مسير 29» من جهاز مباحث أمن الدولة «أ م للتنظيمات» إلى مكتب الوزير يوم 27 يناير 2011، أشار الجهاز إلى أن «النائب العام أنهى التحقيقات مع كافة العناصر المضبوطة على خلفية اضطلاعهم بارتكاب جرائم إتلاف بعض الممتلكات العامة والخاصة والتعدى على أفراد الشرطة خلال التحركات الاحتجاجية حيث قررت النيابة إخلاء سبيل كافة المتهمين»، كما أشار التقرير إلى أن «محمود عفيفى منسق حركة شباب 6 أبريل يعتزم توزيع أعداد كبيرة من بيان يتضمن شهادة من بنك باركليز لندن باسم السيد رئيس الجمهورية بإجمالى حساب سيادته الشخصى بالبنك، والذى يبلغ 7 مليارات و450 مليون جنيه على مساجد محافظة القليوبية عقب صلاة الجمعة باكر 28 يناير، وأن «عفيفى» حصل على النسخة المشار إليها من عناصر الحركة بالقاهرة بهدف الإسقاط على السيد رئيس الجمهورية لإثارة المواطنين ودفعهم للانضمام لتحركاتهم الاحتجاجية».
وفى ذات التقرير، أخطر الجهاز مكتب الوزير أنه «تلقى معلومات حول الدكتور محمد البرادعى تتضمن اعتزامه العودة للبلاد فى 27 يناير، وسعى كل من شقيقه على، والدكتور أسامة الغزالى حرب، رئيس حزب الجبهة الديمقراطية لتدبير محل إقامة له بمنطقة وسط القاهرة لتسهيل تفاعله مع الأحداث السياسية التى تشهدها البلاد، وإتاحة الفرصة له للتواصل مع وسائل الإعلام المختلفة وسهولة حمايته».
كما تحدث التقرير عن «ترديدات فى أوساط القوى السياسية المعارضة بمحافظة السويس حول اعتزام البرادعى أداء صلاة الجمعة بالمحافظة رفقة أعضاء البرلمان الموازى، بالإضافة إلى تواصل العديد من متصفحى شبكة الإنترنت بموقعى فيس بوك ورصد مع بعض العناصر التونسية وجهت فيها العناصر التونسية بعض الإرشادات للشباب المصرى لتحقيق نتائج إيجابية وتغيير النظام منها الاعتصام خلال الفترات الليلية والنوم صباحاً لإرهاق القوات الأمنية والاستمرار على ذلك عدة أيام وتجنب الأضرار الناتجة من استخدام القوات الأمنية للغاز المسيل للدموع من خلال غسل الوجه بمشروب الكوكاكولا أو الاحتفاظ بمنديل به مادة الخل».
وفى التقرير التالى الذى حمل رقم «مسير 30» بتاريخ 27 يناير أخطر الجهاز مكتب الوزير بتحركات صفوت الشريف، رئيس مجلس الشورى والمؤتمر الذى عقده بمقر الأمانة للحزب الوطنى، وذكر التقرير أن «الشريف ناقش مع هيئة مكتب الحزب الوطنى القضايا المثارة فى أحداث 25 يناير، وتقدير الحزب لحرية الرأى للشباب، على أن يكون بطريقة سلمية ومطالب الحزب لفئات الشعب بأن تتسم صلاة الجمعة يوم 28 يناير بقيمة الشعائر الدينية بما لا يخل بأمن المواطنين، ومشيراً إلى قدرة الحزب على الاجتماع وإدارة الحوار مع الأحزاب والأحزاب السياسية دون أى تكبر ونفيه لهروب بعض قيادات الحزب، مردداً: «لا يوجد على رأسنا بطحة وأن مسئولية الحزب خدمة المواطنين»، ومشيداً بدور الأمن وهدفه فى الحفاظ على أمن المواطن وتحليه بضبط النفس فى التعامل مع المتظاهرين.
وأخطر التقرير الوزير أنه «فى حديث مع المستشار عدنان الفنجرى النائب العام المساعد ورئيس نيابات التفتيش أشار إلى أن قرار النائب العام بإخلاء سبيل كافة المتهمين بأحداث الشغب جاء بالتنسيق مع مسئولى الرئاسة، مضيفاً إصداره تكليفات لكافة أعضاء النيابات بالوجود فى مكاتبهم صباح باكر 28 يناير وإلغاء الراحات والإجازات».
واختتم جهاز مباحث أمن الدولة تقريره بورود معلومات جديدة من هيئة الأمن القومى «تفيد اعتزام على البرادعى شقيق الدكتور محمد البرادعى تنظيم لقاء بمنزل الدكتور البرادعى مساء يوم 27 يناير بمشاركة بعض قيادات الجمعية الوطنية للتغيير أبرزهم الدكتور أسامة الغزالى حرب، والدكتور عبدالجليل مصطفى، والدكتور محمد غنيم، والكاتب الإثارى علاء الأسوانى، والإخوانى سعد الكتاتنى، والإعلامية الإثارية بثينة كامل، مع عدم توجه الدعوى للمفرج عنه أيمن نور والإثارى جورج إسحق».
كما تحدث التقرير عن «عدم رصد المسجد المزمع أداؤهم صلاة الجمعة به يوم 28 يناير، حيث اقترحوا مساجد الاستقامة بميدان الجيزة وعمرو بن العاص والحسين فى حين اقترح البعض الآخر أداءها بمحافظة السويس».
وفى آخر تقارير الجهاز عن يوم 27 يناير والذى حمل رقم «مسير 31»، أخبر الجهاز مكتب الوزير برصده لقاء الدكتور فتحى سرور رئيس مجلس الشعب بالمحررين البرلمانيين بمجلس الشعب، وحول المظاهرات التى شهدتها البلاد وتأكيده لهم ضرورة الاستماع إلى مشاكل الشباب والنظر لإيجاد حلول لها واتخاذ المجلس الأدوات الرقابية على الحكومة وعدم سماح المجلس بوجود نائب مزيف أو مزور به، موضحاً أن صحة عضوية النواب يحسمها القضاء وتقارير محكمة النقض، كما أشار التقرير إلى وصول الدكتور محمد البرادعى للبلاد مقبلاً من النمسا وإدلائه بتصريحات أكد فيها أن المصريين كسروا حاجز الخوف ودعوته للشعب للتعبير عن رأيه بصورة سلمية، مشيراً إلى اعتزامه المشاركة فى مظاهرات 28 يناير، ومؤكداً ضرورة حدوث التغيير بشكل فورى ووقف العنف ضد المتظاهرين.
كما أفاد التقرير بأنه يتم تداول رسائل قصيرة عبر الهاتف المحمول بمنطقة حلوان تتضمن توجيه الدعوة للتجمع أمام منطقة المطاعم المفتوحة بمدينة الرحاب يوم 28 يناير عقب صلاة الجمعة بالإضافة إلى أن متابعات الجهاز رصدت قيام رئيس تحالف المصريين الأمريكيين ويدعى محمود الشاذلى بإرسال خطاب إلى وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون تحت عنوان: «حملة الحكومة المصرية على المتظاهرين السلميين «تضمن الادعاء باستخدام قوات الأمن المصرية القوة المفرطة فى مواجهة التحركات الاحتجاجية السلمية للمواطنين مسقطاً على النظام بدعوى تردى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بالبلاد، وانتشار الفساد بكافة أجهزة الدولة، فضلاً عن تزوير الانتخابات البرلمانية، ومنتقداً موقف الإدارة الأمريكية الداعم للنظام المصرى ومطالباً بمساندة المطالب الشرعية للشعب المصرى لتفعيل مبادئ حرية الراى والتعبير والمساواة وإطلاق حرية التظاهر السلمى.