موضوع: المغترب بين المطرقة والسندان الإثنين يناير 16, 2017 6:14 pm
المغترب بين المطرقة والسندان
يقع المغترب بين مطرقة بلده بما فيها من أهل وأصدقاء وجيران ومسؤولين وبين سندان البلد التي يعمل بها بما فيها من مواطنين وزملاء عمل ومسؤولين . في الوقت الذي ينظر فيه الأهل والأصدقاء وأهل البلد إلى ما يتقاضاه المغترب من دينار أو دولار أو درهم أو ريال ثم يحسبون مقابل ذلك بالجنيه تجد أحدهم ينظر إليك حاقدًا حاسدًا يتمنى لو كان مكانك ،
وتجد آخر ينظر إليك نظر من يرجو أن يكون له مثل ما لك ولا يخلو الأمر من نظر من يتمنى لك الزيادة والبركة _ وغالبًا ما تقتصر على الأب والأم – وقلت غالبًا لأن الإنسان قد لا يُعدم صديقًا محبا والحمد لله لي أصدقاء كذلك .
وفي وسط هذه النظرات بما تحمله من أمانٍ طيبة أوغير طيبة والكل يسرح في جو من الخيال يفكر في شكل حياتي وطريقة معيشتي دون أن يدرك أحدهم كمَّ المعاناة التي ألاقيها ، فلم يخطر ببال أحدهم أنني في نهار رمضان وقد أذن المغرب ولم ينتبه لي أحد فيوقظني لأتناول طعامي كباقي البشر، لم يخطر ببال أحدهم أنني أخشى الخروج في الأماكن العامة والمتنزهات حتى لا أرى الصغار وهم يلعبون ويمرحون مع ذويهم بينما أنا محروم من هذه اللحظات ، لم يخطر ببال أحدهم أن مقدار البياض في شعري يزداد يوما بعد يوم ولم أتمتع بشبابي كما تمتعوا هم .
أما الجانب الثاني ( السندان ) البلد الذي أعمل به والذي يحوي بعض المحاور التي يجب عليَّ ملاقاتها كل صباح ومنها :
المدير : والذي يصل الحال ببعضهم أن يتعامل معك وكأنه قد اشتراك من سوق للنخاسة في القرن الحادي والعشرين .
الزميل المواطن : والذي يعتقد يقينا – إلا من رحم ربي فهناك منصفون – أنك موجود بجواره في هذا المكان لتقوم بما يتطلبه الأمر دون أن تنتظر منه مساندةً أو مساعدةً إلا تفضلًا ، ولا حرج عليه لو ترك لك الأمر برمته لتقوم به .
المسؤولون في هذا البلد : والذين يرون أنني السبب في كل مشكلة ومنّي يجب أن يكون حل كل مشكلة ، فهم يرون أني : - أنا السبب في ازدحام الطرق برغم أني قد لا أمتلك سيارة أصلا . - أنا السبب في تدهور الميزانية رغم أني لا أتمتع بأي خدمات مجانية . - أنا السبب في التضخم مع أن راتبي لا يتناسب مع مرتبات من هم في نفس مكاني منهم . - أنا المستفيد بأموالهم مع أن راتبي يحتاج لدعاء الصالحين حتى يكفي التزاماتي ونفقاتي .
فيا هؤلاء نظركم وحقدكم لن يضرنا ولن يفيدكم إلا بما أراد الله . ويا هؤلاء : تسلطكم وتجبركم لن يضرنا ولن يفيدكم إلا بما أراد الله . " أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ " " قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ "
ربّ اغفر لي علي شبانه - 16 يناير 2017 م
تسهيلاً على زوارنا الكرام يمكنك الرد من خلال تعليقات الفيسبوك