رداً على الكاتبة السعودية زينب البحراني "الله يرحم التكية"
كاتب الموضوع
رسالة
طه حسين
المدير العام
عدد المساهمات : 7030
نقاط : 13842
تاريخ التسجيل : 27/05/2009
العمر : 41
موضوع: رداً على الكاتبة السعودية زينب البحراني "الله يرحم التكية" الخميس يوليو 06, 2017 1:52 pm
قرأت مقالًا لكاتبة سعودية، تدعى زينب علي البحراني، تحت اسم ”ما يعرف ولا يقال”، أوضحت من خلاله دوافع تنازل مصر عن جزيرتي ”تيران وصنافير” لصالح المملكة العربية السعودية، جاء في بعضه: (إن جزء من الشعب المصري يرتدي ثوب ”الثائر لكرامة أرضه”، ثم سرعان ما ينسى الأمر عندما يلمح ”عقد عمل” في السعودية! أدرك أن ما قلته الآن، يبدو حساسًا وجارحًا لكثيرين، لكنها الحقيقة، وما لم يواجهها الإنسان المصري بعيدًا عن الازدواجية في التعاطي مع الأحداث لن يجد حلًا لتلك الأزمات المتصاعدة).
هذا نص المقال للكاتبة السعودية زينب علي البحراني تكتب عن ”تيران وصنافير”: ما يُعرف ولا يُقال
اقتباس :
السعودية زينب علي البحراني تكتب عن ”تيران وصنافير”: ما يُعرف ولا يُقال
خلال الأسبوعين الأخيرين انهمرت الرسائل والمكالمات على مختلف وسائل التواصل بي من أصدقاء مصريين يسألون عن رأي الشعب السعودي تجاه آخر مستجدات قضية جزيرتي ”تيران وصنافير”، بينما كان ردي هو التزام الصمت وتجنب الرد في كل الأحوال لعلمي بأن ردودي مهما كانت موضوعية، ومهما أكدت الأحداث الواقعية صحتها، ستبدو مستفزة لمشاعر أولئك الأشقاء، وقد تؤدي إلى ذاك الطريق المسدود الذي لا أطيقه، والذي يجبرني على إنهاء الحوار بقولي: ”صح.. أنت على حق” كي أتجنب انهيار بنيان تلك الصداقات العتيقة على صخرة الواقع السياسي. وفي النهاية آثرت الإفصاح عن رأيي بين سطور مقال راجية أن يقرأه المواطن المصري بعين مُحايدة، متحررة من فائض المشاعر العشوائية. يشعر بعض المصريين بالدهشة لأن كافة وسائل الإعلام السعودي تجاهلت أمر الحديث عن الجزيرتين، بل ولأن الشعب السعودي نفسه لم يعد مهتمًا بإبداء رأيه تجاه ما يحدث في مصر بشأنهما عبر وسائل التواصل الاجتماعي في الفترة الأخيرة، ومن وجهة نظري أن مشكلة الشعب المصري العزيز هي إنكاره لما تراه الشعوب المحيطة به من ظروفه، أو بكلام أكثر دقة: هو يعرف المشكلات التي يعيشها بلده؛ لكنه يظن أنها تخفى على البلدان الأخرى، ومن هذا المنطلق فإن جزء من الشعب المصري يرتدي ثوب ”الثائر لكرامة أرضه” ثم سرعان ما ينسى الأمر عندما يلمح ”عقد عمل” في السعودية! أدرك أن ما قلته الآن يبدو حساسًا وجارحًا لكثيرين، لكنها الحقيقة، وما لم يواجهها الإنسان المصري بعيدًا عن الازدواجية في التعاطي مع الأحداث لن يجد حلاً لتلك الأزمات المتصاعدة..
هل الحكومة المصرية مستعدة لاسترداد ملايين المصريين العاملين في السعودية وتوفير أعمال بأجور كريمة لهم داخل مصر؟ الجواب: ”لا”، هل ملايين العاملين في السعودية مستعدين للعودة والاستقرار بشكل دائم في مصر وترك حياتهم إلى الأبد في السعودية؟ الجواب: ”لا”، هل حقا أعمال المصريين في السعودية كلها مهمة ولا يمكن للشعب السعودي أو الاقتصاد السعودي الاستغناء عنها؟ أنا كمواطنة سعودية أعرف الظروف لدينا جيدًا وأراها من قلب الحدث أقول لكم: ”لا”، كثير من المهن التي يعتاش عن طريقها المصريون في السعودية كالطب والتمريض والهندسة والتدريس والتصميم الجرافيكي والاستقبال والفنادق والسواقة صارت مكتظة بالسعوديين وصولاً إلى مرحلة البطالة لا سيما في المدن الكبرى، وما فتح أبواب استقدام العاملين من مصر إلا في إطار اتفاقات سياسية تساعد بها الحكومة السعودية حكومة مصر على تجاوز الأزمة وليس لاحتياج حقيقي في سوق العمل، ولا مجال أبدًا للمقارنة بين الفوائد والمكاسب التي ينالها العامل المصري من وظيفته في السعودية مهما قل شأنها وبين ما يقدمه من مجهود يستطيع عامل سعودي أو حتى عامل من أي بلد عربي أو شرق آسيوي آخر تقديمه، لا أقول هذا من باب ”التعالي” والعياذ برب العالمين؛ بل من باب رؤيتي للأحداث وقراءتي الواقعية لها كل يوم، لقد تجاوزنا فترة السبعينات من القرن العشرين التي كان فيها الطبيب أو المهندس أو المدرس المصري يُعتبر كنزًا وصار العرض لدينا أكثر من الطلب في سوق العمل المكتظ بخريجي الجامعات السعوديين، بينما مازال بعض المصريين ينظرون إلى الواقع السعودي بنظرة فترة السبعينات التي ماتت بالنسبة للحاضر السعودي متصورين أن أولئك العاملين لازالت لهم نفس القيمة إلى درجة عدم إمكانية الاستغناء عنهم! هل تستطيع مصر إرجاع كافة المساعدات المادية التي تلقتها من السعودية سابقا؟ الجواب هو: في ظل الظروف الاقتصادية المصرية الراهنة ”لا”، هل تستطيع إرجاع المليارات التي تم دفعها مقابل ”تيران وصنافير”؟ الجواب: ”لا”، سؤال أخير: لو تم دفع مليار لكل مواطن مصري مقابل أن يترك مصر، ويتخلى عن الجنسية المصرية، ويأتي للإقامة في السعودية مقابل أن تأخذ السعودية مصر كلها وتسجلها باسمها هل سيرفض كل المصريين ذلك أم سيقبله أكثرهم ويرفضه أقلّهم؟ أترك الجواب لكم، هذا الجواب الذي تعرفه الحكومة السعودية جيدًا من خلال خبرتها بتجارب سابقة مع المصريين، لذا يبدو لكم أن إعلامها ”غير مهتم”.. مصر كانت بحاجة إلى دعم مالي، والسعودية سئمت من دفع الأموال دون مقابل، وكان لا بد من اتفاقية تحل المشكلة، وهكذا كان ما كان.. بالتأكيد هناك شريحة نادرة من الأصدقاء المصريين المثقفين الذين يملكون كرامة أصيلة، وهم على استعداد للموت دون التفريط بشبر واحد من أرض مصر، لكن ما أثر هؤلاء مقارنة بالأكثرية الساحقة التي تريد أن ”تعيش” والسلام؟
كل ما قلته يقع تحت عنوان: ”ما يُعرف لدينا ولا يُقال” حفظا للعلاقات الإنسانية والأخوية بين البلدين، ولا يسعني إلا الاعتذار عن مضمون مقالي الذي قد يعتبره البعض جارحًا، بينما سيرى فيه الصرحاء مع ذواتهم زاوية من زوايا الصدق التي يتهرّب من سماعها الأكثرون.
الكاتبة أوضحت أن كلامها واقعي جدًا ويجهله المصرييين، فيما يتعلق بعوز مصر الدائم للملكة، ومساعداتها الاقتصادية، وأن آلاف المصريين يعملون في السعودية وستكون كارثة لو عادوا إلى مصر، ولكن أقرت فيه بأن المملكة استغلت ظروف مصر الصعبة وأغدقت عليها المليارات للحصول على شيء ليس من حقها، وهو ما أثبتته كل الخرائط والوثائق التاريخية التي انتهت إلى مصرية ”تيران وصنافير” أمام المحكمة الإدارية العليا في مصر.
للأسف المقال وإن كان جارحًا بشكل صعب لكل مصري، لكن حالفه بعض الصواب، ألا وهو أننا فعلا في حاجة الآن، إلى السعودية - ولكل دولة عربية تستطيع أن ترد ولو جزء صغير مما قدمته مصر لها - نعم كثير من المصريين يعملون هناك، وستكون كارثة لو عادوا إلى مصر الآن، بظروفها الحالية، ولكن يبدوا أن الكاتبة تناست عن عمدًا أو تجهل ما قدمته مصر للمملكة، طوال التاريخ الماضي، قبل أن ترانا في هذه الحال، وتخبرنا بشيء لا نجهله، وهو احتياجنا المؤقت حاليًا للسعودية.
اقتباس :
(هل الحكومة المصرية مستعدة لاسترداد ملايين المصريين العاملين في السعودية وتوفير أعمال بأجور كريمة لهم داخل مصر؟ الجواب: ”لا”، هل ملايين العاملين في السعودية مستعدين للعودة والاستقرار بشكل دائم في مصر وترك حياتهم إلى الأبد في السعودية؟ الجواب: ”لا”، هل حقا أعمال المصريين في السعودية كلها مهمة ولا يمكن للشعب السعودي أو الاقتصاد السعودي الاستغناء عنها؟ أنا كمواطنة سعودية أعرف الظروف لدينا جيدًا وأراها من قلب الحدث أقول لكم: ”لا”، كثير من المهن التي يعتاش عن طريقها المصريون في السعودية كالطب والتمريض والهندسة والتدريس والتصميم الجرافيكي والاستقبال والفنادق والسواقة صارت مكتظة بالسعوديين وصولاً إلى مرحلة البطالة لا سيما في المدن الكبرى، وما فتح أبواب استقدام العاملين من مصر إلا في إطار اتفاقات سياسية تساعد بها الحكومة السعودية حكومة مصر على تجاوز الأزمة وليس لاحتياج حقيقي في سوق العمل)..
واصلت الكاتبة كلامها الصادم والواقعي في الوقت ذاته، لإيضاح أن تنازل مصر عن الجزيرتين لم يكن بسبب تبعيتها للسعودية، كما استماتت الحكومة المصرية لإثبات ذلك، - ولن أخوض هنا في ما استندت إليه محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، لإثبات مصرية ”تيران وصنافير” ولا بشهادات قادة الجيش المصري ”السابقين” لإثبات مصريتهما - ولكن لتقول إن التنازل كان من مصر لإغلاق أبواب جهنم عنها بطلب المملكة المليارات التي ساعدت بها مصر، أو كف أذاها عن القاهرة بعدم طرد المصريين العاملين هناك.
الكاتبة لم تكتفِ بهذا الكلام، بل ذهبت إلى ما هو أبعد من ذلك، ولخصت كل ما يحلم به أي مواطن مصري الآن، ألا وهو ترك البلد، والسفر إلى الخارج أو بمعنى آخر، كما حدث في فيلم ”عايز حقي” عندما فتح هاني رمزي مزادًا علنيًا لبيع نصيب كل مواطن مصر من الأرض، وقالت:
اقتباس :
(لو تم دفع مليار لكل مواطن مصري مقابل أن يترك مصر، ويتخلى عن الجنسية المصرية، ويأتي للإقامة في السعودية مقابل أن تأخذ السعودية مصر كلها وتسجلها باسمها هل سيرفض كل المصريين ذلك أم سيقبله أكثرهم ويرفضه أقلّهم؟ أترك الجواب لكم، هذا الجواب الذي تعرفه الحكومة السعودية جيدًا من خلال خبرتها بتجارب سابقة مع المصريين، لذا يبدو لكم أن إعلامها ”غير مهتم”).
إختتمت الكاتبة مقالها بقولها
اقتباس :
(مصر كانت بحاجة إلى دعم مالي، والسعودية سئمت من دفع الأموال دون مقابل، وكان لا بد من اتفاقية تحل المشكلة، وهكذا كان ما كان).
كلام الكاتبة لا يوجد أي رد عليه سوى تذكريها بأنه من الخطأ أن نقيم مصر في هذه الفترة، دون الاستناد إلى الحقائق التاريخية التي تؤكد الكثير، الذي قدمته القاهرة للرياض، ولكل الدول العربية، تناست الكاتبة الفترة التي كانت فيها مصر أجود ما يكون كالرجل الكبير الذي ينفق بسخاء، بلا امتنان، يقدم التضحيات المتوالية دون انتظار للشكر.
تناست الكاتبة أن جامعة القاهرة، وحدها علَّمَت نحو مليون طالب عربي، سعوديين وإماراتيين وكويتيين وقطريين ومازالت، ومعظمهم بدون أي رسوم دراسية، بل وكانت تصرف لهم مكافآت التفوق مثلهم مثل الطلاب المصريين؟.
تناست الكاتبة أن أول طريق مسفلت إلى مكة المكرمة، كان هدية من مصر؟، أم تناست دور الأزهر الشريف - قديمًا وليس الآن، أفاقه الله من سباته – في خدمة الإسلام والمسلمين؟. أم تناست دور المصريين في المملكة، والذين لم يكونوا أبدًا عالة هناك، بل هم من ثبتوا أركان المملكة وساهموا بشكل كبير بخبراتهم في المجالات السياسية والاقتصادية والتعليمية والرياضية وغيرها، حتى أصبحت المملكة ما هي عليه الآن، حتى وإن أصبح لديها اكتفاء ذاتي من العمالة السعودية، وإذا سألت هنا: ماذا لو لم تكن المملكة غنية وليس لديها مالًا ولا بترولًا؟ هل كانت لديكم الشجاعة لتقولوا ذلك الآن، أو تطالبوا حتى بجزر أو غيره، أو حتى تتكلموا بهذه النبرة المتكبرة؟ بالطبع ”لا.
أم تناست الكاتبة، ”التكية” المصرية إلى المملكة، التي تسابق عليه أفراد الأسرة العلوية بدءًا من محمد علي باشا وحتى الملك فاروق؟، والذي يقول فيها يقول إبراهيم رفعت باشا قومندان حرس المحمل المصري في عام ١٩٠١ وأمير الحج في سنوات ١٩٠٣ و١٩٠٤ و١٩٠٨ في كتابه ”مرآة الحرمين”: (التكية المصرية هي من الآثار الجليلة ذات الخيرات العميمة، وأنها نعمت صدقة جارية لمسديها ثواب جزيل وآخر عظيم ، وقد أنشأها ساكن الجنان محمد على باشا رأس الأسرة الخديوية في سنة ١٢٣٨ هجرية كما هو مسطور بدائر القبة بوسط التكية تظل الصنابير ”الحنفيات” التي يتوضأ منها الناس والتكية بشارع أجياد مكان دار السعادة، ويرد إليها من الفقراء في الصباح والمساء، فيتناول الفقير في كل مرة رغيفين وشيئا من ”الشربة” وربما أعُطي أكثر من ذلك، إن كان فقره مدقعًا، وكثير من نساء مكة وحواريها الفقراء يتعايشن بما يأخذن ويكتفين بذلك عن مسألة الناس، ويُصرف يوميًا من الخبز ما يقرب من ٤٠٠ أقة و١٥٠ أقة من الأزر، وفي يوم الخميس تزداد إلى ٤٢٠ أقة ويصرف في هذا اليوم فقط ١٠٠ أقة من اللحم والحمص، ويصرف من السمن ما يكفي لطبخ هذه المقادير والفقراء، يزداد عددهم حتى يبلغ ٤٠٠٠ شخص وذلك من شهر رمضان حتي آخر ذي الحجة، لورود كثير من الفقراء الحجاج السودانيين والمغاربة ثم يتناقص العدد إلى ٤٠٠ تقريبًا.
ليس هذا وفقط، بل كانت هناك تكية أخرى إلى المدينة المنورة، أنشأها إبراهيم باشا بن محمد علي، ويبلغ طولها 89 مترًا وعرضها 50 مترًا وزودها بالمخازن والأفران والمطابخ ورتب لها المؤونة تأتيها من مصر من القمح والأرز واللحم، وفي عهد سعيد باشا ابن محمد على زاد الاهتمام بتكية المدينة المنورة، فأصدر تعليماته بزيادة الكميات المرسلة من اللحم والأرز والغلال على أن تُجمع النقود اللازمة من إيراد بعض أملاكه الخاصة، كما أوقف مساحة كبيرة من أرضه الزراعية لأعمال الخير في التكية.
وفي الكتاب نفسه، يضيف إبراهيم رفعت باشا أن بعض الإحصائيات قالت إن الإنفاق على تكيتي مكة والمدينة بلغت عام ١٩٠٩، ما يقرب من ١٩٦٠ جنيهًا من ضمن إجمالي نفقات مصر في الحرمين والتي بلغت ٥٠ ألف جنيه – وهو مبلغ كبير وقتها -.
لا شك أن هناك الكثير من المساعدات التي قدمتها مصر إلى السعودية قديمًا، وما زالت حتى الآن، وليس شرطًا أن تكون مادية، بل هي معنوية وأهمها أنه لو انتهت مصر لانتهت كل الدول العربية، ولن يشفع لها هنا مالها الذي تنفقه للحصول على ما تريده الآن، أو بترولها الذي لا بد وأن يحين وقت فنائه.
أعتذر إن كان كلامي جارحًا لأي أخ سعودي، ولكنه هو رد طبيعي على وجهة نظر سعودية، جرحت المصريين أيضًا وأهانتهم، ولا ختام لهذا المقال، إلا بجملة واحدة تلخص رد 90 مليون مصري، على مثل هذه المقالات، التي لا وصف لها إلا أنها ”ازدراء للمصريين” الذين بلغ خيرهم على دول الخليج عنان السماء، وهي ”الله يرحم التكية”.
تسهيلاً على زوارنا الكرام يمكنك الرد من خلال تعليقات الفيسبوك