الزكاة سعادة
إنَّ الباعث لكتابة هذه الكلمة هو النُّصح والتَّذكير بفريضة الزَّكاة الّتي تساهل بها الكثير من المسلمين، فلم يخرجوها على الوجه المشروع مع عظم شأنها وكونه أحد أركان الإسلام الخمسة الّتي لا يستقيم بناؤه إلا عليها، لقول النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمَّدًا رسول الله، وإقام الصَّلاة، وإيتاء الزَّكاة، والحجّ، وصوم رمضان» [متفقٌ عليه]...
أيُّها المسلمون:
الزَّكاة هي الرُّكن الثَّالث في الإسلام بعد الشَّهادتين والصَّلاة... فضلها عظيمٌ... وثوابها جزيلٌ.... قال -تعالى-: {مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ ۗ وَاللَّـهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّـهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 261].
ثمَّ إنَّ الزَّكاة... مساعدة للفقراء والمساكين منَ المسلمين... وهناك كثير من الفوائد الماديَّة لأداء الزَّكاة على حياة المسلم.
بعض منافع وفوائد الإنفاق (الزَّكاة)... كما أنَّها أثبتها العلم الحديث:
أوَّلًا: الفوائد الصِّحيَّة والبدنيَّة:
أوَّلًا: الزَّكاة تساهم في منع حصول كثير من الأمراض (لدى المزكِّين)... ولا سيما الأمراض المتعلِّقة: بالضَّغط.. والتَّوتر.. والقلق.. والجملة العصبيَّة... والسُّكري ..والجلطات الدِّماغيَّة والقلبيَّة.. والفشل الكلوي وغيرها... فالمسلم عندما يقوم بأداء الزَّكاة يشعر بنوعٍ منَ الرَّاحة والسَّعادة النَّفسيَّة وهذه الرَّاحة والسَّعادة تزيل سببًا من أسباب تلك الأمراض بإذن الله -تعالى- يا سبحان الله...!!!
ثانيًا: الزَّكاة تدرِّب الإنسان على عدم التَّعلُّق بالمال بشكلٍ كبيرٍ وهذا ضروريٌّ لمن يخاطر بماله في: الصَّفقات والمناقصات والمزايدات في الحياة.. وبالتَّالي فإنَّ المزكي أقدر على مواجهة الأزمات الماليَّة الَّتي تودِّي في كلِّ يومٍ بعشرات الأشخاص...!!
بسبب: الخسائر التِّجاريَّة والكوارث الطَّبيعيَّة القدريَّة وغيرها.
ثالثًا: كثير من الأمراض تحدث للإنسان بسبب: العين وربما الحسد وعندما يقوم المريض بالصَّدقة ولا سيما على من يحيط به من أقربائه الفقراء فإنَّ الصَّدقة تقضي بإذن الله -تعالى- على الحسد أو العين وبالتَّالي فإنَّها تساعد في شفاء الإنسان...!!
ثانيًا: الفوائد الأمنيَّة:
الزَّكاة تخفِّف من نسبة الجرائم فى المجتمع:
أوَّلًا: كثير من الجرائم الَّتي تقع في المجتمع سببها الفقراء والحاجة والزَّكاة تساهم في التَّخفيف من الفقراء أوِ القضاء عليه وبالتَّالي فهي تقضي على عاملٍ مهمٍّ وكبيرٍ من عوامل حدوث الجريمة...!!
ثانيًا: هناك قسم من الجرائم دافعها:
1- الجشع 2- الطَّمع 3- عدم الرِّضا بالمستوى المعيشي للمجرم.
والزَّكاة ترفع من مستوى الحياة لبعض المسلمين بما يجعلهم راضين عن حياتهم وبالتَّالي تقلُّ نسبة تلك الجرائم.
ثالثًا: غالبًا ما تقع جرائم السَّطو على المال من قبل الأشخاص الَّذين يحيطون بالغني، فإذا كان الغني يخرج زكاته ولا سيما لهؤلاء المقربين فإنَّه إذا كان في نفوسهم نزعة أو نيَّة جريمة حقدًا وبغضًا للغني فإنَّ الزَّكاة كفيلةٌ بإذن الله -تعالى- غالبًا بأن تزيل هذه النِّيَّة الفاسدة من نفوس الفقراء بهذه العطية الطَّيِّبة فيحصل الأمان والضَّمان على المال.
ثالثًا: الفوائد الاقتصاديَّة:
الزَّكاة تؤدِّي إلى نماءٍ حقيقيٍّ لثروة الأمَّة.
من المعروف أنَّ زيادة الطلب من أهم عوامل الاستثمار ذلك أنَّ تنمية المال:
أوَّلًا: إمَّا أن تكون في قطاع الإنتاج كالزِّراعة والصِّناعة.
ثانيًا: وإمَّا أن أتكون في قطاع الخدمات: كالتِّجارة والإيجار والنَّقل وغيرها، وزيادة الطَّلب على المنتجات الزِّراعيَّة والصِّناعيَّة والخدمات بحاجةٍ إلى القوَّة الشِّرائيَّة منَ الأغنياء والفقراء، أمَّا الأغنياء فعندهم القوَّة الشِّرائيَّة أصلًا، وأمَّا الفقراء وهم الأكثر عددًا فهؤلاء بحاجة إلى دعمهم بالسّيولة لإيجاد قوَّةٍ شرائيَّةٍ مناسبةٍ لديهم وهذا ما تقوم به الزَّكاة طوال العام.
وإذًا فالمجتمع الإسلامي المزكِّي لا يعرف الكساد؛ لأنَّ السُّيولة متوفرةٌ بين أيدي النَّاس جميعًا فقراء وأغنياء طوال العالم وبالتَّالي لا تحدث هزاتٌ اقتصاديَّةٌ كالَّتي تحدث في العالم بين الفترة والأخرى والَّتي كان آخرها عام 2008 ميلادي -ياسبحان الله- وإذا عرفنا هذه الحقيقة السَّابقة عرفنا لماذا سمَّي الله -تعالى- الزَّكاة بأنَّها حقٌّ معلومٌ للفقراء فى المجتمع.. قال -تعالى-: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ ﴿24﴾ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [المعارج: 24-25].
فالفقير جزءٌ أساسيٌّ في تنمية المال ولولا الفقراء لما نمال مال الأغنياء فى المجتمع وذلك من خلال الشِّراء وطلب السِّلع والخدمات، وبما أنَّ الفقراء ركنٌ في نماء مال الغني كان له حقٌّ معلومٌ منه لأنَّه كان السَّبب في نموه وكثرته.
فائدةٌ عظيمةٌ جدًّا: إذًا فالزَّكاة حقُّ للفقراء وليست إحسانًا منَ الأغنياء عليهم -الله أكبر-.
ملاحظةٌ: بعد دراسةٌ معمقةٌ للأزمَّة الماليَّة الأخيرة عام (2008م) خرج المحللون الاقتصاديُّون ليقولوا إنَّ الحلَّ للخروج من الأزمة الماليَّة الَّتي أصابت الأسواق بالكساد يكمن في دعم الفقراء بالسُّيولة وفي سبيل ذلك قاموا بعدَّةٍ خطواتٍ منها:
أوَّلًا: منح قروض وبنسبة فائدة ربا صفر أو ما قريب منه تشجيعًا للاقتراض حتَّى تدور عجلة الاستثمار من جديدٍ.
ثانيًا: دعم الدُّول الغنيَّة لبعض الدُّول الفقيرة بمنح مجانيَّة بشرط: (أن تقوم هذه الدُّول الفقيرة) بشراء سلع تلك الدُّول الغنيَّة وكلُّ تلك الخطوات تعني تطبيق الزَّكاة حقيقة وإن لم يسموها باسمها -سبحان الله-.
فائدة: بعض المنصفين فى العالم الغربي صرحوا بأنَّه لا حلَّ للأزمات الماليَّة إلا بالاقتصاد الإسلامي ولا سيما في فرنسا إذ أسسوا معاهد ليتعلموا قوانين وضوابط وشروط نظام الاقتصاد الإسلامي ولا سيما فيما يختص بالمصارف والبنوك.
وختامًا: إنَّنا كمسلمين نؤمن بأنَّ الله -تعالى- بيده كلّ شيءٍ وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ، فالزَّكاة هي فريضة الله -تعالى- على عباده وأداؤها يرضيه عنَّا وبالتَّالي فإنَّ هذا الإله لسوف يقي عباده الطَّائعين من كلِّ ما يسوءهم فى أموالهم وإذا قضي عليهم شيءٌ من البلاء فإنَّه يرسل معه اللطف والتَّخفيف إذا قاموا بأداء الزَّكاة ولذلك يقل القحط والجدب ويكثر المطر والغيث وتقل الأوبئة والآفات الزِّراعيَّة الَّتي تؤدِّي إلى خسائر باهظةٍ...!!!
كما أنَّ الكوارث والحرائق والجرائم وغيرها من الحوادث تختفي أو تقل بما ينعكس على المجتمع المسلم مزيدًا من النَّماء والخير والبركة والسَّعة بفضل الله -عزَّ وجلَّ- ومن ثمَّ ببركة أداء هذه الفريضة العظيمة -الله أكبر-.
نسأل الله -عزَّ وجلَّ- أن يجعلنا والمسلمين جميعًا ممَّن يقوم بأداء هذه العبادة المباركة إنَّه وليُّ ذلك والقادر عليه وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين.