ماذا تعرف عن العقيقة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فهذه بعض الأحكام المتعلقة بالعقيقة، نعرضها لكم إخواني وأخواتي بشكل مختصر، وهي مسائل يكثر السؤال عنها، أسأل الله تعالى أن ينفعنا بها.
س/ المراد بالعقيقة.
هي الذبيحة التي تذبح عن المولود سواء كان ذكراً أم أنثى.
س/ سبب تسميتها بالعقيقة.
لأنها تقطع عروقها عند الذبح، وتسمى بالتميمة لأنه تتمم أخلاق المولود.
س/ حكم العقيقة.
سنة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من ولد له ولد فأحب أن ينسك عنه فلينسك عن الغلام شاتان مكافأتان وعن الجارية شاة» [رواه أبو داود والنسائي وصححه الألباني].
فقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث: «فأحب أن ينسك عنه» يدل على عدم الوجوب وإنما هي للاستحباب، من أحب يذبح ومن لم يحب لا شيء عليه.
لكن يقال: من كان له قدرة واستطاعة فالأولى والأفضل والأكمل والأحسن أن يعق، ومن لا يستطيع فلا يجب عليه للعجز، لعموم قول الله تعالى: {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا} [سورة البقرة: 286]، ولقوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [سورة الحج: 78]
س/ ما معنى هذا الحديث عن الحسن عن سمرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كل غلام مرتهن بعقيقته تذبح عنه يوم السابع ويحلق رأسه ويسمى»، "وفي لفظ" «كل غلام رهينة بعقيقته» [رواه أبو داود وغيره وصححه الألباني].
قيل فيه عدة أقوال:
1- أي أنه محبوس عن الانطلاق والانشراح ومحمي من الشيطان حتى يعق عنه.
2- أي أنه محبوس عن الشفاعة لوالديه حتى يعق عنه والده أو من يقوم مقامه.
3- أي أن الله جعل العقيقة ملازمة للشخص لا تنفك عنه كالرهن ملازم للشخص.
س/ كم شاة يعق بها..؟
عن الغلام الولد شاتان، وعن الجارية البنت شاة واحدة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من ولد له ولد فأحب أن ينسك عنه فلينسك عن الغلام شاتان مكافأتان وعن الجارية شاة» [رواه أبو داود والنسائي وصححه الألباني].
س/ هل يشترط في الشاتين أن تكونا متقاربتين حجماً وسنناً..؟
هذا هو الأفضل والأكمل والأحسن أن تكون الشاتان متقاربتين حجماً وسنناً وسمناً، فإذا لم يتيسر ذلك جازت العقيقة بأي شاة، إذا كانت في السن المعتبر.
س/ هل يصح شاة واحدة عن الغلام الولد..؟
الأفضل والأكمل شاتان، فإن عجز أو لم يجد إلا قيمة شاة واحدة أجزأته.
س/ متى يُعق عن الطفل.؟
- السنة يوم السابع، لحديث الحسن عن سمرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كل غلام مرتهن بعقيقته تذبح عنه يوم السابع ويحلق رأسه ويسمى»، وفي لفظ: «كل غلام رهينة بعقيقته» [رواه أبو داود وغيره وصححه الألباني].
- فإذا لم يتيسر، ففي أي يوم.
- والاعتبار بالذبح، لا بيوم الطبخ والأكل.
س/ الحكمة أن المولود يعق عنه يوم السابع.
قيل أن اليوم السابع معناه أنه مر عليه أيام الاسبوع كلها، وذلك تفاؤلا أن يبقى هذا الطفل ويطول عمره.
س/ لو مات المولود قبل اليوم السابع هل يعق عنه..؟
نعم يعق عنه ولو لم يبقى لليوم السابع، بما أنه خرج حياً يعق عنه.
س/ لو خرج المولود حياً ثم مات المولود قبل أن يعق عنه هل يعق أم لا..؟
بما أنه خرج حياً ومات بعد ذلك سواء كان مات قبل اليوم السابع أو بعده يعق عنه.
س/ لو خرج المولود ميتاً هل يعق عنه..؟
إذا خرج ميتاً لا يخلو من حالتين:
1- خرج قبل نفخ الروح فيه لا يعق عنه
2- خرج بعد نفخ الروح فيه يعق عنه
س/ كيف يُعرف أن هذا المولود قد نُفخ فيه الروح أولا..؟
- إذا تم للمولود أربعة أشهر، أي تم له مائة وعشرون يوماً فقد نفخت فيه الروح، فيعق عنه.
- إذا لم يتم للمولود أربعة أشهر، أي لم يتم له مائة وعشرون يوماً لم تنفخ فيه الروح، فلا يعق عنه.
- لأن المولود ينفخ فيه الروح بعد أربعة أشهر، أي إذا تم له مائة وعشرون يوماً لحديث عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق: «إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما ثم يكون في ذلك علقة مثل ذلك ثم يكون في ذلك مضغة مثل ذلك ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد....» [متفق عليه].
خلاصة ما سبق:
1- خرج قبل نفخ الروح فيه، فلا يعق عنه.
2- خرج ميتاً بعد نفخ الروح فيه، يعق عنه.
3- خرج حياً ومات قبل اليوم السابع، يعق عنه.
4- بقي إلى اليوم السابع ومات بعد ذلك، يعق عنه.
س/ هل يصح كسر عظم العقيقة (الذبيحة)..؟
- بعض أهل العلم قالوا لا يكسر عظمها، قالوا من باب التفاؤل بسلامة الولد وعدم انكساره، ولكن هذا الكلام ليس عليه دليل من كلام الله ومن كلام رسوله صلى الله عليه وسلم فيصح كسر عظم العقيقة ولا إشكال في ذلك.
- وقالوا كذلك الأفضل أن تطبخ بالماء الحلو، أي يوضع فيها سكراً، قالوا تفاؤلاً بحلاوة أخلاق الطفل، وهذا القول ضعيف ليس عليه دليل من كلام الله ومن كلام رسوله صلى الله عليه وسلم.
س/ ماذا يذبح في العقيقة..؟
لابد أن تكون من بهيمة الأنعام، فلو عق بفرس لم تقبل منه.
لقوله صلى الله عليه وسلم: «عن الغلام شاتان مكافأتان وعن الجارية شاة» [رواه أبو داود والنسائي وصححه الألباني].
ولعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» [رواه مسلم عن عائشة رضي الله عنها].
س/ كم عمر البهيمة التي سيُعق بها..؟ ماهو السن المعتبر في ذبح البهيمة..؟
- الإبل خمس سنوات.
- البقر سنتان.
- الماعز والتيس سنة واحدة.
- الشاة والضان ستة أشهر.
أحكامها في السن المعتبر في ذبح البهيمة، كأحكام الأضحية.
س/ هل يشترط في العقيقة أن تكون سالمة من العيوب كالأضحية..؟
نعم يشترط تكون سالمة من العيوب كالأضحية فلا تجزئ:
- العوراء البين عورها.
- والمريضة البين مرضها.
- والعرجاء البين عرجها.
- وما أشبه ذلك.
س/ ما الأفضل في العقيقة الشاة أم البقرة أم الإبل..؟
الأفضل الشاة، لأنها وردت بها السنة فتكون الأفضل.
لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من ولد له ولد فأحب أن ينسك عنه فلينسك عن الغلام شاتان مكافأتان و عن الجارية شاة» [رواه أبو داود والنسائي عن ابن عمر وصححه الألباني].
وجاء عن ابن عباس: رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عق عن الحسن والحسين كبشاً كبشاً» [رواه أبو داود]، وعند النسائي: «كبشين كبشين» [صححه الألباني].
س/ هل يصح أن يذبح في العقيقة عنزة ماعز..؟
نعم يصح أن يذبح في العقيقة عنزة (ماعز)، فهي من بهيمة الأنعام.
س/ هل الأفضل طبخ العقيقة أم توزيعها لحماً..؟
يجوز الأمران، لكن الأفضل والأحسن طبخها لأن ذلك أسهل لمن أطعمته، ولأنه إذا طبخها، قد كفى المساكين والجيران مؤنة الطبخ.
س/ هل يصح الأكل من العقيقة..؟
نعم حكمها حكم الأضحية، يأكل منها ويتصدق بها ويهديها، "فهي من باب الشكر لله" وما كان شكراً لله يجوز الأكل منها.
س/ هل يصح في العقيقة أن توضع في الثلاجة للبيت ولا يوزع منها شيء..؟
نعم يصح في العقيقة ألا يوزع منها شيء، لكن الأفضل والأكمل والأحسن أن يوزع منها للفقراء وللأصدقاء ولو بشيء يسيرا.
س/ هل يشترط شراء الشاة وذبحها، أم يصح شراء شاة مذبوحة "كاملة" من الملحمة..؟
لا يصح شراء شاة مذبوحة، ولابد من ذبحها وإراقة دمها بنية العقيقة، فحكمها حكم الأضحية.
س/ إذا لم يكن الأب موجوداً، من يقوم مقام الأب في العقيقة عن ابنه..؟
إذا لم يكن الأب موجوداً ومات، فإن الأم تقوم مقام الأب في العقيقة عن الابن.
س/ إذا لم يُعق عن الابن، هل يصح الابن أن يَعق عن نفسه..؟
العقيقة هي سنة في حق الأب لا في حق الابن، لكن لو أحب الابن ورغب أن يعق عن نفسه يصح ولو بعد سنوات ولو طال في العمر.
س/ هل يصح أن يُعق عن الغلام الابن شاتان، لكن بالتقسيط هذا الشهر واحدة، والشهر الآخر الثانية..؟
نعم يصح أن يُعق عن الغلام الابن شاتان بالتقسيط هذا الشهر واحدة، والشهر الآخر الثانية، ولا يشترط أن تكون في وقت واحد.
س/ هل يصح أن يوزع قيمة العقيقة للفقراء..؟
لا يصح أن يوزع قيمة العقيقة للفقراء بل لابد من ذبحها كالأضحية.
س/ لو ذبح الأب شاة واحدة عن الابن ولم يذبح الثانية، هل يصح للابن إذا كبر أن يذبح عن نفسه الثانية..؟
نعم يصح، لأن الأصل في العقيقة أن يتولى أمرها الأب، لكن لو لم يتيسر للأب إلا شاة واحدة فيصح أن يعق الابن عن نفسه الثانية.
س/ هل يصح في العقيقة أن يذبح واحدة في بلد والثانية في بلد آخر..؟
نعم يصح في العقيقة أن يذبح واحدة في بلد والثانية في بلد آخر، ولا إشكال في ذلك، فلا يشترط أن تكون في نفس البلد.
س/ هل يشترط أن تُذبح العقيقة في مكان وجود الابن..؟
لا يشترط أن تُذبح العقيقة في مكان وجود الابن، بل يصح أن يُعق عن ابنه ولو لم يكن الابن موجوداً في نفس البلد.
س/ هل يصح أن يشترك سبعة أشخاص أو ستة أو أقل في العقيقة بالإبل، ومثله الاشتراك في العقيقة بالبقر، كالأضحية والهدي في الحج..؟
لا يصح ولا يجزئ، فلو أراد أن يعق بالإبل فلا يصح الاشتراك فيها، ومثله البقر، فهي لا تجزئ إلا عن شخص واحد فقط، ولو قُدر وفعلت بأن اشترك سبعة أشخاص أو ستة أو أقل في العقيقة بالإبل، ومثله البقر، فهي لم تقع إلا على واحد فقط منهم، هم يختارون لمن كانت، والبقية يذبحون عقيقة ثانية لكل واحد منهم.
س/ اثنان من أبنائه لم يُعق عنهم، هل يصح أن يذبح إبلا أو بقرا ينويها للابنين..؟
لايصح ولا يجزئ، فلو أراد أن يعق عن الابنين بالإبل فلا يصح الاشتراك فيها، ومثله البقر، فهي لا تجزئ إلا عن شخص واحد فقط، عن طفل واحد.
س/ هل يشترط في العقيقة حال ذبحها أن يقول إن هذه عقيقه..؟
لا يشترط ذلك، بل تكفي نية الشخص في قلبه، الذي يشترط والواجب التسمية فقط.
س/ هل يشترط أن يخبر المدعوين أو من سيعطيهم لحم العقيقة، بأن هذه عقيقه..؟
لا يشترط أن يخبر المدعوين أو من سيعطيهم لحم العقيقة بأن هذه عقيقه، لكن لو أخبرهم فهو أفضل حتى يدعون للمولود بالهدى والتقى والصلاح والعفاف.
وأخيراً:
هذا ما تيسر جمعه فما أصبت فيه فمن فضل الله عز وجل وتوفيقه وله الحمد والشكر، وما أخطأت فيه فمن نفسي والشيطان وأستغفر الله العلي العظيم، وأسال الله أن يجعلنا من التوابين المنيبين إليه وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، والحمد لله رب العالمين.
سلسلة العلامتين