صفات القدوات من القرآن الكريم - المهمات في صفات القدوات من القرآن الكريم " 2 " (11-20)فهذه همسات تربوية وخواطر قرآنية من هداية كلام رب البرية؛ عبارة عن فوائد وإرشادات مقتضبة، ووصايا وتوجيهات مختصرة، وبرقيات عاجلة، تنير الطريق وترسم المعالم، مستقاة من أخلاق الكبار وصفات العظماء، من الأنبياء والأصفياء، لصناعة وإيجاد قُدوات عملية ونماذج ربانية.
11- الأمانة: من أعظم صفات القائد الناجح المتميز، فلابد أن يكون أمينا على كل ما يتولاه وما استودع عليه، من دين ومال وعرض ودماء، قال سبحانه عن هود
{وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ}[الأعراف:68]، وقال عز وجل عن موسى (
{إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ}[القصص:26].
12- قوة البدن: من سلامة الجسم وحسن إدارة المهام، بفعالية وقدرة ونشاط وحيوية؛ من صفات القدوات، قال سبحانه عن طالوت
{وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ}[البقرة:247]، بِالْقُوَّةِ يَسْتَطِيعُ الثَّبَاتَ فِي مَوَاقِعِ الْقِتَالِ فَيَكُونُ بِثَبَاتِهِ ثَبَاتُ نُفُوسِ الْجَيْشِ. التحرير والتنوير (2/491).
13- الخبرة: هي قدر زائد على مجرد العلم المحض، فلابد للقائد الناجح والقدوة من معرفة واسعة شاملة تفصيلية في مجالاته، قال سبحانه عن يوسف عليه السلام
{قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ}[يوسف:55]، فكان إعلامه بأن عنده خبرةً في ذلك وكفايته إياه، أشبه من إعلامه حفظه الحساب، ومعرفته بالألسن. تفسير الطبري (16/150).
14- ربط الناس بالله: والوحي والمنهج والثوابت والمبادئ وترك ما عداه، فإن النفوس تُقبل على من يدعوها إلى ربها، قال سبحانه عن نوح عليه السلام
{وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ. أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي}[الأعراف:61-62]، أي: ربي وربكم ورب جميع الخلق. تفسير السعدي ص292.
15- تذكير الناس بالآخرة: لتقوية الإيمان والثبات على الطريق والتمسك بالمبادئ، من خصال القائد المربي والقدوة الناجح، قال سبحانه عن إبراهيم وإسحاق ويعقوب عليهم السلام
{إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ}[ص:46]، أي أنهم كانوا يذَكِّرون الناس الدار الآخرة(تفسير الطبري،21/217)، وجعلناهم ذكرى الدار يتذكر بأحوالهم المتذكر، ويعتبر بهم المعتبر (تفسير السعدي ص714).
16- عدم اليأس والقنوط: فالقدوة المتميز لا ييأس ولا يصاب بالإحباط مهما كانت التقلبات والمُلِّمات، بل يثبت وينتظر الفرج ويأخذ بالأسباب في أحلك الظروف، قال سبحانه مخبرا عن يعقوب عليه السلام بلسان الموجه المربي لبنيه (
{وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}[يوسف:87].
17- التمكين: من الصفات المهمة للقدوة الفعال، لتحقيق الأهداف المطلوبة على أتم وجه، قال سبحانه عن داود عليه السلام
{وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ}ص:20، وَالشَّدُّ: الْإِمْسَاكُ وَتَمَكُّنُ الْيَدِ مِمَّا تَمْسِكُهُ، (التحرير والتنوير،23/229)، وقال سبحانه عن ذي القرنين
{إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ}الكهف:84، أي بالقوة والرأي والتدبير والسعة في المال والاستظهار بالعدد.( محاسن التأويل 7/64).
18- المرجعية: من لوائح ونُظُم وقوانين وقواعد؛ من الأمور المهمة للسير وفق منهج واضح المعالم، قال سبحانه عن أعظم قائد
{إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}النجم:4، أي: لا يتبع إلا ما أوحى الله إليه من الهدى والتقوى، في نفسه وفي غيره. تفسير السعدي ص818.
19- الأخذ بالأسباب: من تمام التوكل على الله، فالقائد الناجح يستثمر كل ما هو متاح لتحقيق الأهداف، ولا يكتفي بتوفر العلم والقوة والتمكين دون السعي، قال سبحانه عن ذي القرنين
{فَأَتْبَعَ سَبَبًا}[الكهف:85]، أي: سلك طريقا يوصله إلى استقصاء بقاع الأرض، ليملأها عدلًا. حدائق الروح والريحان (17/31).
20- لتفقد: صفة مهمة جدا، فلابد للقائد القدوة من تفقد أحوال الأتباع بنفسه والاطلاع على أمورهم عن قرب، دون إهمال لأي قطاع أو قسم أو إدارة، ومن غير تفريق بين مسمى وآخر، قال سبحانه عن النبي الملك القائد سليمان عليه السلام (
{وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ}[النمل:20]، وصيغة التفاعل تدل على التكلف في الطلب. ينظر: التحرير والتنوير (19/245).