بسمة أمل تاريخ التسجيل : 26/05/2010
| موضوع: مريم العذراء كرّمها المسيحيون والمسلمون لأنّها عظّمت الربّ الجمعة مايو 28, 2010 12:38 am | |
| «تُعَظِّمُ الرَّبَّ نَفْسي وتَبتَهِجُ روحي بِاللهِ مُخَلِّصي لأَنَّه نَظَرَ إِلى أَمَتِه الوَضيعة. سَوفَ تُهَنِّئُني بَعدَ اليَومِ جَميعُ الأَجيال لأَنَّ القَديرَ صَنَعَ إِليَّ أُمورًا عَظيمة: قُدُّوسٌ اسمُه ورَحمَتُه مِن جيلٍ إِلى جيلٍ لِلذَّينَ يَتَقّونَه كَشَفَ عَن شِدَّةِ ساعِدِه فشَتَّتَ المُتَكَبِّرينَ في قُلوبِهم. حَطَّ الأَقوِياءَ عنِ العُروش ورفَعَ الوُضَعاء. أَشَبعَ الجِياعَ مِنَ الخَيرات والأَغنِياءُ صرَفَهم فارِغين نصَرَ عَبدَه إسرائيل ذاكِرًا، كما قالَ لآبائِنا، رَحمَتَه لإِبراهيمَ ونَسْلِه لِلأَبد». وأقامت مريم عند أليصابات نحو ثلاثة أشهر، ثم عادت إلى بيتها. (لوقا 1/39-56). لم يذكر الكتاب المقدس شيئا عن انتقال العذراء بالجسد والنفس ولا عن تقديم التكريم لمريم العذراء. دُعيت من الملاك ممتلئة نعمة الرب ومباركة في النساء وهي نفسها، إذ حل عليها روح الله، وقد وجدت نعمة الرب تستحق منا كل الإكرام والتمجيد لان التكريم ليس هو العبادة، والعبادة هي لله. إلا ان في عظات الآباء الكثير من آيات الكتاب المقدس والتي تدل على انتقال العذراء مثلا كقول داود: "قم يارب إلى راحتك أنت وتابوت قدسك" (المزامير 131 . وتفسيرهم يذهب إلى أن المسيح قد ادخل إلى السماء الجسم الذي منه ولد ولادة زمنية، وأيضا "قامت الملكة من عن يمينك بألبسة مزخرفة منسوجة بخيوط مذهبة" (المزامير 44-10)، ونرى في هذه الآية مريم موشاة بحلة ملوكية قائمة على يمين السيّد إضافة الى آية من رؤية يوحنا: "وظهرت علامة في السماء امرأة ملتحفة بالشمس وتحت قدميها القمر وعلى رأسها إكليل من اثني عشر كوكبا" (10-1). ان تلك الآيات لا تنطبق على انتقال مريم العذراء إلى السماء إلا بالمعنى الرمزي، أما المصدر الذي استقى منه الآباء خبر صعود مريم العذراء إلى السماء فهو الكتاب الذي كان متداولا لدى جماعة الغنوصيين في القرن الثالث الذي يورد خبر رقادها وصعودها والتي تحمل سيرة مريم العذراء والتي أخذت عنها الكنيسة فهكذا بدأت تتداول هذه الرواية بتحفظ شديد ما بين القبول والرفض حتى القرن السادس، ولكن بسبب ظهور البدعة النسطورية تقبلت الكنيسة كل ما يختص بتمجيد العذراء واكرامها من التراث التقليدي المتوارث، لذا قام كثير من الآباء بتثبيت هذه الرواية في كتاباتهم وعظاتهم ومن أبرزهم القديس مودستيوس الاورشليمي واندراوس الكريتي وفي أواخر القرن السادس كتب القديس غريغوريوس الكبير كتابه في الاسرار عن رقاد مريم وصعودها وفي أواخر القرن السادس أيضا كتب القديس غريغوريوس أسقف تور كتاب بعنوان "بمجد الشهداء" وقال فيه: "ان الرب رفع جسد البتول ونقلها بين السحب إلى السماء" وأيضا هناك عظات شهيرة تشهد لهذا العيد ألقاها القديس جرمانوس بطريرك القسطنطينية والقديس يوحنا الدمشقي كما تكلم عنه يوحنا التسالونيكي في النصف الأول من القرن السابع والقديس انسلم. هكذا تكون بداية القرن السابع ونهاية القرن السادس أوضحت فكرة انتقال العذراء إلى السماء، أما في القرون الأربعة الأولى فليس من شهادة تتكلم على انتقال العذراء سوى فقرة من كتاب الأسماء الإلهية المنسوب إلى ديونيسيوس الاريوباجي وقد وجدت أيضا في تاريخ يوسابيوس القيصري جملة تقول: "في السنة 48 من الميلاد أخذت مريم شخصيا إلى السماء" وهناك عظة منسوبة إلى اوغسطين لكن البعض يقول أنها تعود إلى القديس جيروم. إذا الاعتقاد بانتقال مريم العذراء إلى السماء قديم جدا يعود إلى أيام الرسل ولولا ذلك لما كانت الكنيسة جمعاء تحتفل به، واول من حدد هذا العيد في 15 آب وأمر أن يحتفل به في كل المشرق بمزيد الحفاوة والتكريم الإمبراطور موريتيوس سنة 600 وفي السنة نفسها اصدر البابا غريغوريوس الكبير أمرا بالاحتفال بالعيد وكان يحتفل به في الغرب قبل هذا التاريخ. في 18 كانون الثاني أدخله البابا ثاوذورس الأول إلى روزنامة الكنيسة في روما وفي القرن السابع أضاف البابا سرجيوس زياحا ليزيد من العيد رونقا وبهاء، وفي القرن التاسع جعله البابا لاون الرابع من الأعياد التي يحتفل بها ثمانية أيام ويكون هناك أيضا وداع للعيد. فالكنيسة تحتفل، بذكرى انتقال العذراء مريم إلى السّماء، بالنّفس والجسد. وهي حقيقة إيمانيّة قديمة الأيّام، مستوحاة من الله نفسه، أعلنها البابا بيوس الثّاني عشر عام 1950، بعدما قذفت بها إلى ميناء اللاهوت المعاصر، أمواجُ تقليد مسيحيّ عريق، يعود إلى إيمان أتباع يسوع الأوائل، رسّخته فيما بعد تعاليم آباء الكنيسة القدّيسين، وعبرّت عنه "جماعة المؤمنين"، بطقوسها وترانيمها وأعيادها. فالله الذي شاء أن تحافظ مريم بكلِّ أمانةٍ في غُربة الإيمان على الإتحاد مع إبنها حتّى الصّليب حيث كانت واقفة تتألَّم بقوّةٍ معه، مشتركةً بقلبها الأموميّ في ذبيحته، أراد أيضا أن تشاركه قيامته المجيدة، وفصحه الجديد، وانتصاره الباهر على الموت والعالم والشّيطان، فأصعدها بالنّفس والجسد، إلى "المساكن المملوءة نورا"، بحسب تعبير الكنيسة المارونيّة. فها هي تلتحف بالشّمس وعلى قدميها القمر! منها اشرق حبّ الله غير المحدود على العالم بأسره، فصنع بها ومن خلالها العظائم على ما يؤكّد الإنجيل المقدّس. إنّها المباركة بين النّساء، ببركة ثمرة أحشائها... تَغبِطُها جميع الأجيال! فطوبى لها وطوبى لمن آمن بما حدث لها من قِبل الرّبّ. إنّ انتقالها إلى السّماء، لهو إثبات جديد لنا، على أنّ كلّ إنسان يوم القيامة العامّة، سوف يقوم من الموت لابسا حلّة جديدة، أي جسداً ممجّداً كجسد مريم وجسد ابنها؛ وقد أكّد القدّيس يوحنّا الدّمشقيّ مرارا عديدة في كتاباته الكثيرة، أنّ جسد مريم لم يعرف فسادا لأنّه لم يعرف الخطيئة. فهي في تمجيدها الآن في السماء بجسدها وروحها تبقى تلك الصّورة المثاليّة لكنيسة يسوع التي ستبلغ كمالها في الحياة الآتية، وهي على ما تعلمّه الكنيسة نفسها، تزهو على هذه الأرض علامةَ العزاءِ والرّجاء لشعبِ الله في غربته، إلى أن يأتي يوم الرّب. وفي الواقع، إن دورها في الخلاص لم ينتهِ بعد انتقالها إلى السّماء، لأنّنا لا نزال نحصل بشفاعتها على النِعَمِ الضّروريّة لخلاصنا الأبديّ.
مريم العذراء في الإسلام مريم في الإسلام هي أم المسيح ولدته دون أن يمسسها بشر، يحترمها المسلمون كثيرًا ويؤمنون بأن المسيح خُلق بكلمة من الله ألقاها إليها، ويذكرها القرآن على أنها صِديقة ومن أشرف نساء العالمين. ويذكر القرآن أن مريم هي بنت عمران، ففي سورة آل عمران العديد من التفاصيل عن ولادة مريم وكيف حملت بولدها النبي عيسى، حيث نقرأ:
-﴿إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ *فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ *فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ (آل عمران35-37)
-﴿وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ *يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ *ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ *إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِين *وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِين *قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاء إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ *وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ *وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللّهِ وَأُبْرِىءُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِـي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ. (آل عمران 42-49).
وفي القرآن سورتين الأولى باسم سورة آل عمران والثانية باسم سورة مريم ورد فيهما قصة هذه الأسرة تكريمًا لها.
تسهيلاً على زوارنا الكرام يمكنك الرد من خلال تعليقات الفيسبوك
|
|