بسم الله الرحمن الرحيم
َ((
فليُقاتل في سَبيل الله الذين يَشرُونَ الحياةَ الدُنيا بالآخرةِ ، ومَن يُقاتِل في سَبيل الله فـُيقتَل أو يَغلِب فسَوف نؤتيـه
أجراً عظيماً. )) (صدق الله العظيم((74) النساء
اخوانى وأخواتى الأجلاء :جئت لكم اليوم لاروى لكم قصص بطولات تسجل بأحرف من نور, سطرها رجال باعوا أنفسهم في سبيل الله دفاعاً
عن الوطن بكل فخر واعتزاز لنيل النصر أو شرف الشهادة , وقدموا أرواحهم ،وعرقهم ؛ وسالت دمائهم فداء
لتراب هذا الوطن , بكل عزم واصرار على استعادة الارض والكرامه
فلكل بطل قصة تستحق أن تروى بفخر واعتزاز , من أهله وذويه , وجيرانه وأحبابه, وزملاءه في الميدان,,
لتخرج الى النور ولتظل راسخة فى قلوبنا ووجداننا ,, ولأهديها إلي المصريين حقاً . الذين أدوا واجبهم ثم
انصرفوا في صمت
وأولهم الشهداء ..
اسمحولى لى الان ان أقدم اليكم قصة أول بطل من أبطال بطاش البطل /
هديوه ابراهيم سالم بطلى وبطلكم اليوم خاض حرب اكتوبر على خط النار بشجاعة وبساله يشهد له بها كل من عايشه , وحصد
النصر بعرقه وجهده وايمانه بالله وبـ "الله اكبر" التى ظل يرددها من قلبه قبل لسانه الى يومنا هذا
بطلى وبطلكم كان حاضر وشاهدا لأول ضربه جويه وعبر القناه وشارك فى بناء أول كبرى فى القناة لعبور
القوات المصريه الى سيناء.. فيا خير ما صنعت وما بنت يداه
بطالى وبطلكم اليوم ابن من ابناء قريتنا الحبيبة بطاش ولد فيها وتربى ونشأ وترعرع على ترابها ومن خيرها
ولد فى بطاش لأسره بسيطه متواضعه.., فى 5 /1/ 1950 م لم يأخد نصيبه من التعليم حيث انه لم يكمل
تعليمه الابتدائى نظرا لإنشغاله بأرضه والعمل على رعايتها .., فكان مثالا للفلاح المجد المتحمل للمسئوليه منذ
نعومة أظفاره والساعى على رزقه طوال النهار منذ طلوع الفجر حتى يأتى الليل فيأوى الى فراشه فى هدوء
وسكينه مثله مثل كثير من امثاله الذين لم يعرفوا فى صباهم سوى العمل ورعاية الاسره وقضاء مطالب الحياه
اليوميه والحرص على اكتساب رضا الله ورضا الوالدين
بداية المشوار :ما ان بلغ العشرون من عمره حتى تقدم للتجنيد فى 11 /1 / 1970 م التحق بسلاح المهندسين كبارى باللواء
15 بالقناطر الخيريه قضى بها ثلاث سنوات كان خلالها نموذجا للجندى المثالى المحبوب من زملائه وقادته
والمحب لوطنه , ومثالا للعين الساهره تحرس فى سبيل الله
انتهت خدمته العسكريه فى 1/6/1973 م , ولكن كما تعلمون مصر فى هذه الاثناء كانت على أهبة الاستعداد
لخوض الحرب فلم يتخرج احد من جيشه بعد انتهاء فترة تجنيده بل كان يتم التجديد مباشرة لكل الجنود استعدادا
لتعبئة كل قوات الجيش للحرب , فتم التجديد لبطلنا هديوه ليتم التحاقه باللواء 4 بالحوامديه سلاح مهندسين كبارى
( اقتحام ثقيل ) ليكون له الشرف فى خوض معركة اكتوبر المجيده وليكون واحدا ممن وهبوا حياتهم وارواحهم
الغاليه فداءا لهذا الوطن وليكون بطلا ممن سطروا بعرقهم ودمائهم أروع ما تخطه أقلام المؤرخين من قصص
للبطولات وللتضحيه وبذل الروح بدون مقابل
الى ان تنتهى فترة تجنيده بعد انتهاء الحرب ونيل النصر واسترداد الكرامة و الارض فى 1/7/1975
يوميات الجندى هديوه على خط النار :ماأجمل ان تجلس مع بطل من ابطال اكتوبر ليحكى لك ذكرياته ويومياته ... او ان تستدرجه فقط للحوار عن ايام
الحرب ..أقسم لكم انه سوف يحكى لك قصص وروايات لن تسمع مثلها طوال حياتك وسوف تشعر بمتعه فى
الحوار لا توازيها متعه وشغف الى الاستماع الى المزيد والمزيد .
والان اترككم مع بطلنا الجندى هديوه يحكى لكم يومياته على خط النار : فى يوم 4 اكتوبر قمت مع باقى افراد وحدتى بتخفيض السواتر الترابية المصرية في أماكن إنزال الكباري والقوارب.
5 اكتوبر انتهاء مرحلة الحشد حيث دخلت مع باقى وحدات الكباري لمواقعها على القناة مباشرة مع آخر ضوء
للنهار بعد وصول القادة لمراكز القيادة المتقدمة على الجبهة وسط جنودهم,. ويجتمع بينا اللواء أركان حرب / سعد
الجمسى ويلقى علينا خطابه ويقول كلمته المشهوره ( اتجدعنوا يا ولاد ,, البلد لو اتكسرت مش هتقوم تانى )
6 اكتوبر المجيد اعتبارا من أول ضوء للنهار المحافظة على الروتين المعتاد بالقوات المسلحة وهذا كله
أمعانا فى الخداع, حيث استمر تنفيذ المشروع التدريبي (تحرير-41) وتم تبادل الإشارات المفتوحة على سبيل
الخداع للعدو الاسرائيلى وقام بعض الجنود بغسيل الملابس ونشرها على القناه امام اعين العدو في حين ان فى هذه
اللحظات كانت قواتنا في أقصي حالات استعدادها القتالي ,
واعتبارا من الساعة الثانية ظهرا عبرت قناة السويس علي إرتفاعات منخفضة 220 طائرة لتنفيذ الضربة الجوية
المركزة وفي الساعة 2,25 ظهرا بدأ إقتحام الموجات الأولي المترجلة لقناة السويس بقوة ثمانية آلاف مقاتل مرة
واحدة وفي مقدمتهم القادة حيث وصلت إلي الشاطئ الشرقي بعد سبع دقائق ثم تبعتها الموجات التاليه بنظام غاية في
الدقة وجميعهم يرددون بصوت واحد صيحة هادرة ( الله أكبر )
وفي الساعة 2,37 ظهرا كانت قواتنا قد تمكنت من رفع أول علم مصري علي خط بارليف في القطاع الجنوبي من الجبهة –
وفي الساعة 2,40 ظهرا عبرت مع زملائى من سلاح المهندسين وبدانا العمل لفتح الممرات في الساتر الترابي
وفي الساعة 5,45 عصرا تمكنا بفضل الله باستخدام مضخات المياه من فتح أول ثغرة في الساتر الترابي في
المنطقة جنوب القنطرة وبعدها مباشرة أسرعنا فى صنع اول كبرى فى قناة السويس , وفي الساعة 8,30
مساء تم الانتهاء من إنشاء أول كوبري علي القناة ليستمر تدفق قواتنا مستخدمة المعديات والكباري. –
الساعة 10 مساء كان سلاح المهندسين قد تمكن من فتح 60 ثغرة في الساتر الترابي وأنشئنا 8 كباري ثقيلة و4
كباري خفيفة و31 معدية.
يالله ... يالله ... يالله ,,, يالها من سرعة ودقة فى الآداء لم يسبق ان عرفتها الجيوش والحروب
مواقف وبطولات : اثناء انتقال الجندى هديوه مع فريق من زملائه من احدى الكتائب الى اخرى مصطحبين معهم عدد من العربات
المحمله بالأسلحه والذخيره أغارت عليهم بعض طائرات العدو اسفرت الغاره عن مقتل واصابة بعض من الجنود
وقصف بعض عربات الذخيره وبعد الغاره قام الجندى هديوه مع من تبقى من زملاءه بحمل الجنود المصابين
والصناديق المحمله بالذخيره على اعناقهم وأكتافهم لمسافة اكثر من 20 كم فى الصحراء الواعره الملتهبه وتحت
مرمى نيران وغارات العدو , لا يهتمون لانفسهم ولا لمصيرهم فقط يهتمون لأنقاذ المصابين والاسراع لنقل ما تبقى
من ذخيره بكل شجاعة واستبسال فكانت عين الله خير حارس وعناية الله خير حافظ
..................................................
قصفت قوات العدو احدى الكبارى المهمه لقواتنا وهو كبرى الفردان بالاسماعيه فصدرت الاوامر بتوجه احد كتائب
المهندسين لاعادة بناء الكبرى فى غاية السرعة ,, وما أصعبها من مهمه فكبرى الفردان الان فى مرمى نيران
العدو وبجواره نقطه حصينه جداا للعدو مزوده بمدافع آليه وبوابات الكترونيه ,, ولكن لم يتردد الجندى هديوه
ومجموعه من خيرة جنود المهندسين من التقدم لتنفيذ هذه المهمه مع علمهم بخطورتها وبانهم سوف يقومون بحمل
أرواحهم على اكفهم قبل حمل سلاحهم
حمل الجندى هديوه سلاحه معتمدا ومتوكلا على ربه وتوجه مع زملائه لمهمته التى ربما تكون الاخيره وما ان وصل
الى مكان العمليه وبدأو فى اعادة بناء الكبرى حتى دارت واحدة من اقوى واعنف المعارك الفرديه بين احدى فرق
الصاعقه المصريه وبين الوحده الحصينه للعدو التى ذكرتها سابقا ,, ولكن هل يقف الجندى هديوه وزملائه من
سلاح المهندسين يترقبون الموقف ... لا والله .... بل انطلق مع زملائه لأشتباك والاشتراك فى المعركه وانقضوا
على العدو من الخلف ليحصدوا الارواح ويسحقوا العدو حتى سقط ودمره تدميرا كاملا بفضل الله ,, وما ان
تحقق النصر حتى عاد الجندى هديوه مع من تبقى من زملائه لاستكمال مهمتهم الأساسيه واعادوا بناء الكبرى
ورجعوا الى مواقعهم منفذين مهمتهم بنجاح باهر ومحققين نصرا عظيما على عدوهم وحاملين معهم ما غنموه
بفضل الله من اسلحة وآليات العدو ,,
...........................................................
بعد عبور قواتنا المصريه واسترداد الجبهه الشرقيه أسرت قواتنا المصريه احدى لواءات المدرعات الاسرائيليه وهو
الواء 99 مدرعات للعدو ... وفى تمام الساعه الواحدة بعد منتصف الليل صدرت الاوامر بعبور هذا اللواء
بدبابته ومدرعاته الى الجهه الغربيه لتكون ضمن عنائم الجيش المصرى .... فكان على الضابط مصطفى عبد
الرحمن قائد السريه ان يرشح جندى ليقوم بالتوجه الى الفرقه المصريه التى تقوم على حراسة اللواء المأسور حاملا
اليهم الامر بالعوده به الى الجهه الغربيه وأيضا مساعدتهم فى ذلك ,, فقام القائد مصطفى بترشيح الجندى هديوه
للمهمه لما يعرفه فيه من شجاعه وتضحيه وعدم الخوف من اى شئ , وعلى الفور كان الجندى هديوه عند حسن
ظن قائده به واسرع فى حماس لاستعداد لتنفيذ المهمه فحمل سلاحه وودع أصدقائه وانطلق بمفرده يشق قلب
الصحراء فى ظلام الليل يسير , لا يعرف قلبه الخوف ولا التراجع ولا يبالى بما قد يعترض طريقه من هجمات
للعدو او الغام مزروعة , ولا يرى امامه سوف هدفه الساعى لتحقيقه ولا يدور فى ذهنه وخاطره سوى حب وطنه
ولا يتردد على لسانه سوى بعض آيات كتاب الله ,, وبعد ثلاث ساعات تقريبا وصل الى مكان المهمه ولكن حدث
مالم يكن يتوقعه اذ انه حينما اقترب من اللواء المأسور خرج عليه بعض من جنودنا المصريين ظنا منهم بانه من
الاعداء ( الجندى هديوه كان يتميز ببشرته البيضاء وطول شعره الاصفر لذلك اعتقد الجنود المصريين انه من العدو
) وقاموا بتثبيته وترقيده وكاد ان يسقط شهيدا لولا ارادة الله ,, وعلى الفور قدموه لقائدهم وسأله بعض الاسئله
التى لايعرف اجابتها الا من كان حقا جنديا مصريا شاربا من نيل مصر ,, فأجابهم ليقتنع الجميع بمصريته
وتيسارعوا فى احتضانه و معانقته ,, ويبلغهم الجندى هديوه بمهمتهم وبالاوامر الموجه اليهم ويسارع فى مساعدتهم
ليعودوا جميعا يشيد كل منهم ببطولته وشجاعته وعدم مهابته للموت وليضيف صفحه جديده الى كتاب مواقفه البطوليه
......................................................................
الجندى هديوه فى مياه القناه ووسط ظلام الليل واحدا من الجنود الذين يقومون ببناء الكبارى فى ضوء الكشافات
الصغيره المعلقه على صدر الجنود ,,, وهو الان ماسك مفتاحه وبيربط مسامير الكوبرى ويحكم الربط وينظر
الى الجندى اللى بيربط بجواره ويطبطب على كتفه ويقوله : ( اربط كويس يا دفعه .. اخواتنا اللى هيعدوا من
هنا ... علشان ربنا يسترها .. وزى ما انت عارف البلد حالتها وحشه ومش عايزين خساير والنبى الله باركلك ...
) وفجأه الجندى يبوص له جامد اوى ويسلط الكشاف فى وشه .... فيلمح الجندى هديوه النسر على كتف الجندى
... الله !!!!! ايه ده ؟؟؟؟ دا مش جندى !!!! دا اللواء.. القائد بتاعنا ,,, يندهش الجندى هديوه ويحس
انه متوتر فيبتسم اللواء فى شه ويطبطب على كتفه ويسأله عن اسمه وعنوانه ويقوله : انتو كده جنود مصر
واولاد مصر تسلم يا هديوه .........ربنا معانا يابنى ... ومنصورين ان شاء الله ... ,,,,
ماذا بعد النصر وانتهاء الحرب :بعد انتهاء الحرب ونيل النصر بفضل الله تعالى تخرج بطلنا من الجيش فى 1/7/1975 م ليحصل على شهادة
الخدمه العسكريه ( قدوه حسنه ) وتقدم للعمل فى الشرطه ليواصل مسيرة حب الوطن وخدمته ؛؛ وبالفعل التحق
عسكرى بالشرطه فى 4/1/1981 م وعمل فى إدارة حرس الجامعه , ومنتدب بحرس مساعد الوزير بشرق
الدلتا ,, وتتدرج فى الرتب والترقيات حتى يحال على المعاش فى 5/1/2010 م على رتبة( صول ممتاز )
ليكون قد حقق رقما قياسا حيث خدم مع 16 مساعد وزير , و5 مديرين مكتب فى مدينة المنصوره
ونظرا لكفائته وحسن سيره وسلوكه ولملفه المشرف الذى اطلعتكم عليه فقد صدر قرار بالتجديد له لسنه اضافيه
ليكون خير تكريم له وخير ختاما لمشواره فى خدمة وحب وطنه.....
هذه بإختصار بعض الخطوط العريضة لبطولات واحدا من أنبل ابطال بطاش وأبنائها ..
(
هديوه ابراهيم سالم ) هذا الاسم الذهبي لمعانى البطولة والفداء ..
هذا الرجل الذى ضحى بكل شيئ وأى شيئ .. فى سبيل خدمة وطنه وحريته واسترداد ارضه وكرامته دون
انتظار لمقابل حتى عقب انتهاء مهمته فضل ان يكرس حياته الباقيه فى خدمة وطنه لينسج نفسه فى حب مصر
فكان على قدر المسئولية ... فله منا كل الحب والاحترام والتقدير .. ونسأل الله العلى القدير ان يجعل هذا
كله فى ميزان حسناته .. وان يكثر من امثاله
أخوانى .. وأخواتى :من يستمع لأقوال الابطال أو لتصريحات أسر وأصدقاء الشهداء , يدرك قيمة الدم الذي سال في سبيل الله
والوطن ,وقدر الجهد والعرق الذى جادوا به من اجلنا ,,, وفخر واعتزاز وشعور كبير بعظمة ما قدمه هؤلاء
، ورغبة من الجميع في السير على الطريق ذاته.
فلقد كانوا أبطالاً وشُجعاناً .. ودرعاً حصيناً ضد هجماتِ وجهت صوب بلادنا فرضيوا بها صوب صدورهم
وقلوبهم دفاعاً عنا وعن وطننا.... فكان لابد وأن يدين النصر لهم.
وكان لزاما علينا ان نخلد أسمائهم وان ننقشها على صخور من ذهب لتكون لنا خير قدوه ولتكون مثالا للشجاعة
والتضحيه وحب الله والوطن ,,,,
وفى النهايه : . لا أجد ما أقوله لكم إلا قول عظيم من أحد أبناء مصر البسطاء
هَـديل حَمَـام الحِمـا .... ترَاتيل أسـاميكـم
يانن عـين الوطـــن .... قلبي يناديـــــــكم
يا خيــر جنــــد الله ..... الله يجازيكــــــم
انتظرونى الاسبوع القادم مع الحلقه الثانيه من سلسلة أبطال وشهداء بطاش
تقبلــــــــوا تحيـــات ( الطير الشادي ) وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته