aysar تاريخ التسجيل : 22/04/2010
| موضوع: لعلكم تتقون الإثنين أغسطس 02, 2010 3:18 pm | |
| لعلكم تتقون يحدد المولى عز وجل الغاية من الصيام في قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ) البقرة 183 ، والتقوى لغة من الوقاية أي الخوف والخشية والرهبة من غضب الله تعالى وسخطه وعقابه ، والتقوى جماع الخير كله يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذرا مما به بأس ، وسأل عمر بن الخطاب أبيا بن كعب رضي الله عنهما عن التقوى فقال أبي : أما سلكت طريقا ذا شوك ؟ ، قال : بلى ، قال : فما فعلت : قال : شمرت واجتهدت ، قال : فذلك التقوى ) ، وقال أبو يزيد البسطامي : المتقي من إذا قال ، قال لله ، وإذا عمل ، عمل لله ، وورد عن علي رضي الله عنه وكرم الله وجهه في تعريف التقوى : أنها الخوف من الجليل والرضا بالقليل والعمل بالتنزيل والاستعداد ليوم الرحيل . فإذا كانت الغاية من فريضة الصوم تحقيق صفة التقوى في نفوسنا فعلينا إذن أن نتخذ من شهر رمضان الكريم موسما للتغييير ومحضنا لتقوية التقوى في القلوب ، التغيير من حال إلى حال لنصبح أثناء رمضان وبعده أكثر تقوى لله ، ومواسم الخير والعبادة التي يمتن الله بها تعالى علينا من صوم وحج هي مدارس للتربية على التقوى وتدريب على الإستقامة عليها مدى الحياة ، فهل وعينا المعني التغييري والمدلول التربوي لشهر رمضان حتى نستطيع أن نبدأ منه نقطة التحول داخل نفوسنا ؟!إن من أهم الأمور التي تعيننا على التغيير إلى الأفضل وتحقيق التقوى في نفوسنا ، هو إيماننا بقدرة النفحات الإيمانية التي يمنحنا المولى عز وجل إياها على صنع هذا التغيير ( ألا إن في أيام دهركم لنفحات ألا فتعرضوا لها ) ، وقناعتنا بأثر المنهج الإلهي في تربيتنا مهما بلغت أعمارنا وتشبثت ببعض العادات الباطلة نفوسنا وتعودت على ارتكاب أنواع من المعاصي جوارحنا .. لأن المنهج الإلهي في التربية والتغيير له قدرة خارقة على تبديل النفوس من جاهلية إلى ربانية ومن معصية إلى طاعة ومن ضلال إلى هدى .. ولندرك إمكانية التربية على التقوى في حياتنا المعاصرة نتساءل هل نزل القرآن الكريم على أمة من المتقين حسني الأخلاق والتربية ؟ أم أنه نزل على مجموعة من الغلمان والصبية في مراحل نشأتهم الأولى فسهل تربيتهم وتشكيلهم وفق المنهج الرباني ؟ لقد نزل القرآن الكريم على قوم من الجهال في مجموعهم فمنهم من كان يسجد لحجارة لا تضر ولا تنفع ومنهم من كان يتخذ إلها من العجوة إذا شبع عبده وإذا جاع أكله ، ومنهم من وئد ابنته وهي تمسح التراب عن لحيته وهو يحفر لها القبر ومنهم من حارب رسول الله ودين رسول الله حتى من الله عليه بالهداية فانتقل السيف من شماله حيث يسنده له الشيطان إلى يمينه يدافع به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تسانده الملائكة .. ولم يكونوا من الأطفال ولا الغلمان حديثي السن ولكن توزعوا على مختلف الأعمار والمراحل السنية .. ولكن التربية الربانية عملت عملها في القلوب التي مستها والأرواح التي تعرضت لها ، فاستجابوا لنداء التقوى وتربوا تربية جديدة وحقق الله بهم معجزة القرآن الكبرى وهي تغيير النفوس والسمو بها من حضيض الجهالة إلى سمو الإيمان ..فإذا كان الإسلام قد فعل فعله في هؤلاء الأقوام فأخرج منهم خير أمة عرفتها البشرية على مر التاريخ ، فما هي أهم العوامل التي تساعدنا على التغيير وتحقيق التربية الإيمانية ، والوصول إلى التقوى ؟ 1 – رصد الواقع الخاطئ ورفضه وعدم الرضا به والاستسلام إليه .. لابد من وقفة محاسبة مع النفس نرصد فيها بصراحة ووضوح أهم الخصال التي يجب أن نغيرها وأهم العادات السلوكية التي يجب أن نقلع عنها ، كما نرصد أهم الأخلاق الحسنة التي يجب أن نتحلى بها لتوصلنا إلى التقوى .. إن إرادة التغيير تنبع أولا من قناعتنا بوجود الخلل مع إيماننا بإمكانية التغيير وعدم اليأس من روح الله تعالى ، وعندما تدب في قلوبنا هذه الإرادة – إرادة التغيير – تمس قلوبنا يد العناية الإلهية الرحيمة الشفيقة لتعمل عملها في النفوس ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) الرعد 112 – تلقي جديد للقرآن الكريم كأنه اليوم أنزل مع استجابة النفس لأوامره ونواهيه .. إن هذا الكتاب الخالد الذي مس القلوب من قبل لقادر على أن يمسها اليوم فيفعل بها الأعاجيب غير أننا تلقينا القرآن تلقي ميراث قد نقرأه أو نتدبر بعض معانيه لكننا لا نتلقى آياته تلقٍ جديد كما كان يتلقاها جيل الصحابة فيتفاعلون معها وينفعلون بها ويشرعون في تنفيذها في التو واللحظة ، فإذا استطعنا أن نجعل من شهر نزول القرآن شهرا للتفاعل مع القرآن بروح جديدة وقلب جديد ونفس مطمئنة تسلم كيانها كله إلى طب القرآن وعلاجه ودوائه ليداوي عللها وأمراضها في استسلام يؤمن بقدرة منهج القرآن على شفاء الصدور كما يستسلم الطفل الصغير ليد والدته تقوده في الظلام إلى مرفأ الأمان ، أو كما يستسلم السقيم إلى مبضع الجراح واثقا في أن الله تعالى جاعل الشفاء على يديه ، في تلق للأوامر والنواهي على سبيل التنفيذ الفوري لا يتوقف عند تلقي الكلمات والحروف، فإن القرآن الكريم سيخرج من نفوسنا نفوسا جديدة ذاقت حلاوة التقوى .. 3 – الخروج عن المألوف والفكاك من أسر العادات المختلفة ، فالصوم يعطينا فرصة ذهبية لنعيد تشكيل حياتنا كلها من جديد وفق منهج وتصور جديد ، فنعيد تشكيل دقائق حياتنا نفسها ، حيث يكون الاستيقاظ في شهر رمضان في وقت السحر ليدرك المسلم بركة السحور وله أن يستغل مثل هذا الوقت الذي قد لا يتاح له كثيرا في باقي أيام العام بالدعاء والاستغفار ليحقق قوله تعالى ( وبالأسحار هم يستغفرون ) الذاريات 18 ، ويلحق بصلاة الفجر على وقتها ، ويعود إلى كتاب الله فيخصه بنصيب أوفى من القراءة والاهتمام ، ويتعود نصب قدميه لله في صلاة التراويح ، ويتخفف من زاد الجسم ليتزود من زاد الروح ، فإذا اقتصر طعام البطن على وجبتين فإن وجبات القلب خلال اليوم أكثر مما تعد .. هي فرصة للمبتلى بعادة سيئة أن يتخلص منها فللمدخن أن يقلع عن التدخين ولمدمن المنبهات أن يتخلص منها ولصاحب الغيبة والنميمة وقول الزور وشهوده ومعاينته والنظرة المحرمة فرصة لمراجعة النفس والتوقف عن هذه العادات .4 – الصوم يخلي بيننا وبين أنفسنا بعيدا عن تأثير الشياطين وهي فرصة لمواجهة النفس وجها لوجه ، فإذا سلسلت الشياطين في رمضان وتخلت عن وظيفتها في الوسوسة إلى النفس ، واجه الإنسان نفسه وهواه بعيدا عن همزات الشياطين ، فيرى عيوبها واضحة جلية ويرد أخطاءها إليها وشهواته إلى هواه لا إلى سواه ، وعليه أن يستغل هذه الفرصة ليدربها على الصبر عن أنواع المعاصي كلها كما يدربها على الصوم عن أنواع الطعام وقت الإمساك ، كما يدربها على الصبر على الطاعة كما يدربها على القيام ومطالعة القرآن وليحدد لنفسه ثلة من الأخلاق الطيبة ليكتسبها في رمضان فإنما الصبر بالتصبر والحلم بالتحلم ..
تسهيلاً على زوارنا الكرام يمكنك الرد من خلال تعليقات الفيسبوك
|
|