أمير الزعماء تاريخ التسجيل : 11/06/2010
| موضوع: في الجوع عشرة فوائد هي: الإثنين سبتمبر 13, 2010 9:54 am | |
| في الجوع عشر فوائد هي:
الفائدة الأولى:
صفاء القلب وإيقاد القريحة وإنقاذ البصيرة, فإن الشبع يورث البلادة ويعميالقلب ويكثر البخار في الدماغ شبه السكر حتى يحتوي على معان الفكر فيثقلالقلب بسببه عن الجريان في الأفكار وعن سرعة الإدراك, بل الصبي إذا أكثرالأكل بطل حفظه وفسد ذهنه وصار بطيء الفهم والإدراك. ويقال: مثل الجوع مثل الرعد, ومثل القناعة مثل السحاب, والحكمة كالمطر. الفائدة الثانية:
رقة القلب وصفاؤه الذي به يتهيأ لإدراك لذة المثابرة والتأثر بالذكر, فكممن ذكر يجري على اللسان مع حضور القلب ولكن القلب لا يتلذذ به ولا يتأثرحتى كأن بينه وبينه حجاباً من قسوة القلب.
قال أبو سليمان الداراني: أحلى ما تكون إليَّ العبادة إذا التصق ظهري ببطني. الفائدة الثالثة:
الانكسار والذل وزوال البطر والفرح والأشر الذي هو مبدأ الطغيان والغفلةعن الله تعالى, فلا تنكسر النفس ولا تذل بشيء كما تذل بالجوع, فعنده تسكنلربها وتخشع له وتقف على عجزها وذلها إذا ضعفت منتها وضاقت حيلتها بلقيمةطعام فاتتها, وأظلمت عليها الدنيا لشربة ماء تأخرت عنها. وما لم يشاهدالإنسان ذل نفسه وعجزه لا يرى عزة مولاه ولا قهره, وإنما سعادته في أنيكون دائماً مشاهداً نفسه بعين الذل والعجز ومولاه بعين العز والقدرةوالقهر. الفائدة الرابعة:
أن لا تنسى بلاء الله وعذابه, ولا ينسى أهل البلاء, فإن الشبعان ينسىالجائع وينسى الجوع, والعبد الفطن لا يشاهد بلاء من غيره إلا يتذكر بلاءالآخرة, فيذكر من عطشه عطش الخلق في عرصات القيامة, ومن جوعه جوع أهلالنار, حتى أنهم ليجوعون فيطعمون الضريع والزقوم ويسقون الغساق والمهل,فلا ينبغي أن يغيب عن العبد عذاب الآخرة وآلامها, فإنه هو الذي يهيجالخوف, فمن لم يكن في ذلة ولا علة ولا قلة ولا بلاء نسي عذاب الآخرة ولميتمثَّل في نفسه ولم يغلب على قلبه, فينبغي أن يكون العبد في مقاساة بلاءأو مشاهدة بلاء, وأولى ما يقاسيه من الجوع فإن فيه فوائد جمة سوى تذكرعذاب الآخرة. الفائدة الخامسة:
وهى من أكبر الفوائد: كسر شهوات المعاصي كلها والاستيلاء على النفسالأمارة بالسوء, فإن منشأ المعاصي كلها الشهوات والقوى, ومادة القوىوالشهوات لا محالة الأطعمة, فتقليلها يضعف كل شهوة وقوة, وإنما السعادةكلها في أن يملك الرجل نفسه, والشقاوة في أن تملكه نفسه, وكما أنك لا تملكالدابة الجموح إلا بضعف الجوع فإذا شبعت قويت وشردت وجمحت, فكذلك النفس.إن القوم لما شبعت بطونهم جمحت بهم نفوسهم إلى هذه الدنيا.
وهذه ليست فائدة واحدة بل هي خزائن الفوائد.
ولذلك قيل: الجوع خزانة من خزائن الله تعالى, وأقل ما يندفع بالجوع: شهوةالفرج وشهوة الكلام, فإن الجائع لا يتحرك عليه شهوة فضول الكلام فيتخلص بهمن آفات اللسان كالغيبة والفحش والكذب والنميمة وغيرها, فيمنعه الجوع منكل ذلك, وإذا شبع افتقر إلى فاكهة فيتفكه لا محالة بأعراض الناس, ولا يكبالناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم.
وأما شهوة الفرج فلا تخفى غائلتها, والجوع يكفي شرها. وإذا شبع الرجل لميملك فرجه, وإن منعته التقوى فلا يملك عينه, فالعين تزني, فإن ملك عينهبغض الطرف فلا يملك فكره, فيخطر له من الأفكار الرديئة وحديث النفس بأسبابالشهوة ما يتشوش به مناجاته, وربما عرض له ذلك في أثناء الصلاة. الفائدة السادسة:
دفع النوم ودوام السهر, فإن من شبع شرب كثيراً ومن كثر شربه كثر نومه, وفيكثرة النوع ضياع العمر وفوت التهجد وبلادة الطبع وقساوة القلب, والعمرأنفس الجواهر, وهو رأس مال العبد فيه يتجر, والنوم موت فتكثيره ينقصالعمر, ثم فضيلة التهجد لا تخفى وفي النوم فواتها. ومهما غلب النوم فإنتهجد لم يجد حلاوة العبادة. فالنوم منبع الآفات, والشبع مجلبة له, والجوعمقطعة له. الفائدة السابعة:
تيسير المواظبة على العبادة فإن الأكل يمنع من كثرة العبادات لأنه يحتاجإلى زمان يشتغل فيه بالأكل, وربما يحتاج إلى زمان في شراء الطعام وطبخه,ثم يحتاج إلى غسل اليد والخلال, ثم يكثر ترداده إلى بيت الماء لكثرة شربه.والأوقات المصروفة إلى هذا لو صرفها إلى الذكر والمناجاة وسائر العباداتلكثر ربحه.
قال السري: رأيت مع علي الجرجاني سويقاً يستف منه فقلت: ما حملك على هذا؟قال: إني حسبت ما بين المضغ إلى الاستفاف سبعين تسبيحة فما مضغت الخبز منذأربعين سنة.
فانظر كيف أشفق على وقته ولم يضيعه في المضغ.
وكل نفس من العمر جوهرة نفيسة لا قيمة لها, فينبغي أن يستوفي منه خزانة باقية في الآخرة لا أخر لها بصرفه إلى ذكر الله وطاعته.
ومن جملة ما يتعذر بكثرة الأكل الدوام على الطهارة وملازمة المسجد, فإنهيحتاج إلى الخروج لكثرة شرب الماء وإراقته. ومن جملته الصوم فإنه يتيسرلمن تعود الجوع, فالصوم ودوام الاعتكاف ودوام الطهارة وصرف أوقات شغلهبالأكل وأسبابه إلى العبادة أرباح كثيرة, وإنما يستحقرها الغافلون الذينلم يعرفوا قدر الدين لكن رضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها: } يَعْلَمُونَظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآَخِرَةِ هُمْغَافِلُونَ{([1]) .
وقد أشار أبو سليمان الداراني إلى ست آفات من الشبع فقال: من شبع دخل عليهست آفات: فقد حلاوة المناجاة, وتعذر حفظ الحكمة, وحرمان الشفقة على الخلقلأنه إذا شبع ظنّ أن الخلق كلهم شباع, وثقل العبادة, وزيادة الشهوات, وأنأول سائر المؤمنين يدورون حول المساجد, والشباع يدورون حول المزابل. الفائدة الثامنة:
يستفيد من قلة الأكل صحة البدن ودفع الأمراض, فإن سببها كثرة الأكل وحصولفضله الأخلاط في المعدة والعروق. ثم المرض يمن من العبادات ويشوش القلبويمنع من الذكر والفكر, وينغص العيش, ويحوج إلى الفصد والحجامة والدواءوالطبيب, وكل ذلك يحتاج إلى مؤن ونفقات لا يخلو الإنسان منها بعد التعب عنأنواع من المعاصي واقتحام الشهوات, وفي الجوع ما يمنع ذلك كله. حكي أن الرشيد جمع أربعة أطباء: هندي, ورومي, وعراقي, وسوادي, وقال: ليصفكل واحد منكم الدواء الذي لا داء فيه, فقال الهندي: الدواء الذي لا داءفيه عندي هو الإهليلج الأسود, وقال العراقي: هو حب الرشاد الأبيض, وقالالرومي: هو عندي الماء الحار, وقال السوادي وكان أعلمهم: الإهليلج يعفصالمعدة وهذا داء, وحب الرشاد يزلق المعدة وهذا داء, والماء الحار يرخيالمعدة وهذا داء, قالوا: فما عندك؟ فقال: الدواء الذي لا داء معه عندي أنلا تأكل الطعام حتى تشتهيه, وأن ترفع يدك عنه وأنت تشتهيه, فقالوا: صدقت. الفائدة التاسعة:
خفة المؤنة, فإن من تعود قلة الأكل كفاه من المال قدر يسير, والذي تعودالشبع صار بطنه غريماً ملازماً له أخذ بمخنقه في كل يوم, فيقول ماذا تأكلاليوم؟ فيحتاج إلى أن يدخل المداخل, فيكتسب من الحرام فيعصي أو من الحلالفيذل, وربما يحتاج إلى أن يمد أعين الطمع إلى الناس وهو غاية الذلوالقماءة, والمؤمن خفيف المؤنة.
وقال بعض الحكماء: إني لأقضي عامة حوائجي بالترك فيكون ذلك أروح لقلبي.
وقال آخر: إذا أردت أن استقرض من غيري لشهوة أو زيادة استقرضت من نفسي فتركت الشهوة فهي خير غريم لي. وكان إبراهيم بن أدهم رحمه الله يسأل أصحابه عن سعر المأكولات فيقولون إنها غالية, فيقول: أرخصوها بالترك.
وقال سهل رحمه الله: الأكول مذموم في ثلاثة أحوال: إن كان من أهل العبادةفيكسل وإن كان مكتسباً فلا يسلم من الآفات, وإن كان ممن يدخل عليه شيء فلاينصف الله تعالى من نفسه. الفائدة العاشرة:
أن يتمكن من الإيثار والتصدق بما فضل من الأطعمة على اليتامى والمساكين, فيكون يوم القيامة في ظل صدقته.
فما يأكله كان خزانته الكنيف, وما يتصدق به كان خزانته فضل الله تعالى,فليس للعبد من ماله إلا ما تصدق فأبقى أو أكل فأفنى أو لبس فأبلى. فالتصدقبفضلات الطعام أولى من التخمة والشبع. __________________
اتمني ان يعجبكم الموضوع تحياتي لكم أمير الزعماء
تسهيلاً على زوارنا الكرام يمكنك الرد من خلال تعليقات الفيسبوك
|
|