هو خبير عالمى فى جراحات
تشوهات العظام، يعشق مصر وزارها أكثر من ١٥ مرة، وله تلاميذه من الجراحين
المصريين، ويجرى فى مصر جراحات مجانية من وقت لآخر.. إنه د.موريزيو
كاتانى، أستاذ جراحة العظام بجامعة ميلانو الإيطالية، الرجل الذى تتلمذ
على يد الطبيب الروسى العالمى، غافرييل- إليزاروف، مخترع طريقة إليزاروف،
كما قام بتطوير أجهزة وجراحات لعلاج كسور وتشوهات العظام. «كاتانى»
يشير فى حواره إلى أن التشوهات الخلقية فى عظام الأطفال حديثى الولادة،
والالتهاب «النيكروزى» والتلوث العظمى الناتج عن الحوادث.. تعد أبرز أسباب
ومظاهر تشوهات العظام فى مصر، من واقع خبرته، ويؤكد وجود علاقة بين زواج
الأقارب وظهور تشوهات عظمية وغير عظمية لدى الأطفال حديثى الولادة، ويطالب
الحكومة المصرية بزيادة الإنفاق على قطاع الصحة، فيما يطالب المصريين
بممارسة الرياضة أياً كان نوعها.. وإلى نص الحوار.
تعلمت علاج تشوهات العظام على يد الطبيب الروسى العالمى غافرييل إليزاروف وابتكرت طرقاً أخرى فما هى؟-
طريقة إليزاروف هى التى تعالج كسور وتشوهات العظام، باستخدام قطع معدنية،
يتم تثبيتها بالعظام، وأحدث الوسائل المستخدمة هى طريقة رقمية، باستخدام
الكمبيوتر، تعتمد على «سوفت وير» معين، يستطيع أن يتحكم فى درجة تقويم
عظام المريض بدقة متناهية، وإضافاتى كانت تتركز فى ابتكار طرق جديدة
لاستخدام «إليزاروف» بجانب توظيف مواد جديدة مثل «الفايبر» و«الألومنيوم»
و«الألياف الكربونية» بدلاً من الأجزاء المعدنية فى الجهاز الأصلى لأنها
أخف وزناً.
■ من واقع معرفتك بالوضع الصحى فى مصر.. ما أمراض تشوهات العظام الأكثر انتشار فى مصر؟- التشوهات الخلقية فى عظام الأطفال حديثى الولادة والالتهاب «النيكروزى» والتلوث العظمى الناتج عن الحوادث.
■ من العادات المنتشرة بين المصريين زواج الأقارب.. هل ذلك له دور فى انتشار تشوه العظام بين الأطفال حديثى الولادة؟-
الأبحاث العلمية تثبت أن هناك علاقة بين زواج الأقارب وظهور تشوهات عظمية
وغير عظمية عند الأطفال حديثى الولادة، وأنا أنصحكم بعدم فعل ذلك.
■ فيما يخص مرض سرطان العظام.. هل هناك حلول لعلاج العظام التى يتم بتر جزء منها؟-
هناك حلول، لكننا لا نتدخل جراحياً، إلا بعد أن يتم تشخيص المرض من قبل
الطبيب المختص، ويتناول المريض جميع العلاجات سواء الكيماوية أو
الإشعاعية، ثم نقوم بتثبيت مؤقت لجزء بديل للعظام المصابة التى تم بترها،
وبعد إكمال المريض جميع علاجه، والتأكد من عدم وجود أى أورام فى عظامه،
نقوم بإعادة بناء الجزء المبتور بما يحويه من عضلات وعظام.
■ هل هناك طريقة لعلاج تطويل قصار القامة أو الأقزام؟-
الطرق الجديدة لتركيب «إليزاروف» تحل ذلك، وأنا أجريت مئات العمليات
الجراحية الناجحة لتطويل الأقزام، وكانوا فى حالة سعادة بالغة، كما قمت
بعمليات تطويل تجميلى لقصار القامة باستخدام جراحة الاستطالة، وعادوا
لحالتهم الطبيعية بشكل ممتاز.
■ ينتشر فى الدول الأوروبية ما يسمى بنك العظام ولا يوجد بالدول النامية.. فهل من الضرورى وجوده فى أى دولة؟-
مهم جدا وجوده فى أى بلد، فهناك حالات تتطلب وجود عظام بديلة، مثل حالات
الأورام السرطانية العظمية، ونضطر فيها لاستخدام جزء من عظام أحد المتوفين
الموجودة بالبنك ونضعها للمريض، لكن تقابلنا بعض السلبيات باحتمال حدوث
تلوث من العظام الميتة، لذا إذا كانت حالة المريض تحتاج عظاماً صغيرة
الحجم فلا نستعين بالبنك، ونقوم بإجراء استطالة للجزء المطلوب بطريقة
«إليزاروف» الجديدة، لكن كثيرا ما نستعين بالبنك للحصول على الأربطة
لزراعتها للمريض ،لأن نسبة حدوث التلوث بها قليلة جداً.
■ ما انطباعك عن النظام الصحى فى مصر؟-
يوجد مستشفيات خاصة عالية الجودة، ويوجد أطباء ماهرون أيضا، لكن لا يوجد
نظام حكومى صحى جيد لعلاج جميع المصريين، وعلى سبيل المثال، عندكم يوجد
مرضى كثيرون بأمراض الكبد، لا يستطيعون إجراء عملية زراعة كبد على نفقة
الحكومة، على العكس فى أوروبا وإيطاليا تحديداً، فالمواطن يجرى العملية
مجاناً على نفقة الحكومة، لذا تجد الحالة الصحية لأغلب المواطنين المصريين
غير جيدة، والدليل على ذلك أن عمر المواطن الافتراضى صغير جداً على عكس
المواطن الأوروبى، الذى يبلغ الثمانين والتسعين من العمر وهو فى صحة جيدة.
■ هل تعتقد أن الحكومة وحدها المسؤولة عن ذلك؟-
بالقطع، الدور الأكبر يقع على الحكومة، فيجب أن ترفع من نسبة الإنفاق على
قطاع الصحة، لكن هناك دوراً على الفرد، يجب أن يقوم به، فأنا أعتقد أن
المصريين يواجهون مشكلة فى ثقافة الحفاظ على صحتهم، وثقافة تناول الأطعمة
المناسبة، لذا تحدث لهم مشاكل صحية بالتراكم، لأنهم يتناولون كميات كبيرة
من الدهون والسكريات، وتنتشر بينهم أمراض السكر والقلب والضغط، كما أن
أغلبهم لا يهتم بممارسة الرياضة بشكل دورى وبأى وسيلة ممكنة، فأنا لم
أشاهد فرداً منذ جئت إلى مصر يمارس رياضة الجرى فى الشارع.
■ لماذا أنت ممنوع من إجراء أى عمليات بالمستشفيات العامة؟- لأن جمعية جراحة العظام المصرية رفضت إعطائى تصريحاً بإجراء بعض العمليات فى المستشفيات العامة، رغم أننى أجريها للفقراء بالمجان.
■ هل تعلم السبب الحقيقى وراء ذلك؟-
حقيقة لا أعرف، وأتعجب كثيرا، فرغم أننى استضفت ما يزيد على ١٠٠ طبيب مصرى
كى أعلمهم بمستشفيات إيطاليا على نفقتى الخاصة، وآتى مصر بهدف نشر العلم
دون أى مقابل، فيجب أن تشكرنى مصر على ذلك ولا تضع العراقيل فى طريقى.
■ ما النصائح العامة التى تقدمها للمصريين من أجل الحفاظ على عظامهم من احتمالية حدوث التشوهات؟-
بدت على وجهه ابتسامة، وقال: وسط هذا الزحام بالقاهرة لابد من الانتباه
أثناء مرور الشارع وعدم ركوب «موتوسيكلات»، بالإضافة إلى ممارسة أى شكل من
أشكال الرياضة بشكل دورى، لأنه يقوى العظام، والأبحاث أكدت نجاح عمليات
العظام لدى الرياضيين عن غيرهم من الأشخاص غير الرياضيين، كما يجب على
النظام الصحى مراعاة مشكلة تأخر وصول مصابى الحوادث لمستشفيات المدينة،
بسبب الزحام للحصول على العلاج المناسب تحت إشراف الطبيب المتخصص فى نوعية
الجراحة، كما يجب تدريب المسعفين على تحديد نوع إصابة المريض جيداً، وأخذ
القرار بالتوجه نحو أى مستشفى للوصول إلى الطبيب المتخصص الذى يناسب حالة
المريض.