موضوع: الانس بالله هل ذقت حلاوته ؟ الأربعاء مارس 14, 2012 1:48 pm
الانس بالله هل ذقت حلاوته ؟
أنس الصالحين بالله
• قال صلى الله عليه وسلم: ( يقول الله - عز وجل - : أنا مع ظنِّ عبدي بي ، وأنا معه حيث ذكرني ، فإن ذكرني في نفسه ، ذكرتهُ في نفسي ، وإنْ ذكرني في ملأ ، ذكرته في ملأ خيرٍ منه ، وإنْ تقرّبَ منِّي شبراً ،تقرَّبت منه ذراعاً ، وإن تقرَّبَ منِّي ذراعاً ، تقرَّبت منه باعاً ، وإن أتاني يمشي ، أتيته هرولةً )
- قال ثور بن يزيد : قرأت في بعضِ الكُتب : أنَّ عيسى - عليه السلام - قال : يا معشر الحواريِّين ، كلموا الله كثيراً ، وكلموا الناسَ قليلاً ، قالوا : كيف نكلم الله كثيراً ؟ قال : اخلوا بمناجاته ، اخلوا بدُعائه .
- قال بكرٌ المزنيُّ: من مثلك يا ابنَ آدم : خُلي بينَك وبينَ المحراب والماء ، كلما شئت دخلت على اللهِ - عز وجل - ، ليس بينَكَ وبينَه ترجُمان .
ومن وصل إلى استحضارِ هذا في حال ذكره الله وعبادته استأنسَ بالله ، واستوحش منْ خلقه ضرورةً . - وقيل لمالك بنِ مغْول وهو جالسٌ في بيته وحده : ألا تستوحشُ ؟ فقال : ويستوحشُ مع الله أحدٌ ؟ - وكان حبيب أبو محمد يخلو في بيته ، ويقول : من لم تقَرَّ عينُه بكَ ، فلا قرَّت عينُه ، ومن لم يأنس بكَ ، فلا أنِسَ. - وقال مسلم بنُ يسار : ما تلذَّذ المتلذِّذونَ بمثل الخَلوةِ بمناجاةِ اللهِ - عز وجل.
• أعلى الدرجات:
- قال إبراهيم بن أدهم: أعلى الدَّرجات أنْ تنقطعَ إلى ربِّك ، وتستأنِسَ إليه بقلبِك ، وعقلك ، وجميع جوارحك حتى لا ترجُو إلاَّ ربَّك ، ولا تخاف إلاَّ ذنبكَ وترسخ محبته في قلبك حتى لا تؤْثِرَ عليها شيئاً ، فإذا كنت كذلك لم تبال في بَرٍّ كنت ، أو في بحرٍ ، أو في سَهْل ، أو في جبل ، وكان شوقُك إلى لقاء الحبيب شوقَ الظمآن إلى الماء البارد ، وشوقَ الجائعِ إلى الطَّعام الطيب ، ويكونُ ذكر الله عندكَ أحلى منَ العسل ، وأحلى من الماء العذبِ الصَّافي عند العطشان في اليوم الصَّائف .
- وقال الفضيل : طُوبى لمن استوحش منَ النَّاسِ ، وكان الله جليسَه. - وقال معروف لرجل : توكَّل على الله حتى يكونَ جليسَك وأنيسَك وموضعَ شكواكَ. - وقال ذو النون : منْ علامات المحبِّين لله أنْ لا يأنَسُوا بسواه ، ولا يستوحشُوا معه. - ثم قال: إذا سكنَ القلبَ حبُّ اللهِ تعالى ، أنِسَ بالله ؛ لأنَّ الله أجل في صُدورِ العارفين أنْ يُحبُّوا سواه . - وقال أبو إسحاق عن ميثم: بلغني أنَّ موسى - عليه السلام - ، قال : ربِّ أيُّ عبادكَ أحبُّ إليكَ ؟ قال : أكثرُهم لي ذكراً.
- قال ذو النون: من اشتغل قلبُه ولسانُه بالذِّكر ، قذف الله في قلبه نورَ الاشتياق إليه. - الذكر لذَّة قلوب العارفين . قال - عز وجل - : { الذِينَ آمنُوا وَتطْمئِنُّ قُلوبُهُم بِذِكْرِ اللهِ أَلا بِذِكْرِ اللهِ تطْمئِنُّ القُلوبُ } . - قال مالك بنُ دينار : ما تلذَّذ المتلذذون بمثل ذكر الله - عز وجل - . - قال ذو النون : ما طابت الدنيا إلا بذكره ، ولا طابت الآخرةُ إلا بعفوه ، ولا طابت الجنَّة إلاّ برؤيته. - قال ابن رجب: المحبون يستوحشون من كل شاغل يَشغَل عن الذكر ، فلا شيءَ أحبَّ إليهم من الخلوة بحبيبهم .
• حـلاوة العـمل: - قال ابن القيم: وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول : إذا لم تجد للعمل حلاوة في قلبك وانشراحا فاتهمه. - فإن الرب تعالى شكور، يعني أنه لابد أن يثيب العامل على عمله في الدنيا من حلاوة يجدها في قلبه وقوة انشراح وقرة عين. - فحيث لم يجد ذلك فعمله مدخول والقصد : أن السرور بالله وقربه وقرة العين به تبعث على الازدياد من طاعته وتحث على الجد في السير إليه.
ثمرة الإحسان • سئل النبي صلى الله عليه وسلم عنِ الإحْسَانِ ، فقال : ( أنْ تعبُدَ اللهَ كأنَّكَ تراهُ ، فإنْ لم تكُنْ تراهُ فإنَّهُ يراكَ ) . • قال ابن رجب رحمه الله :- يشير إلى أنَّ العبدَ يعبُدُ الله تعالى على هذه الصِّفة ، وهو استحضارُ قُربِهِ ، وأنَّه بينَ يديه كأنَّه يراهُ ، وذلك يُوجبُ الخشيةَ والخوف والهيبةَ والتعظيم ، كما جاء في رواية أبي هريرة : ( أنْ تخشى الله كأنَّكَ تراهُ ) . ويُوجِبُ أيضاً النُّصحَ في العبادة ، وبذل الجُهد في تحسينها وإتمامها وإكمالها .
• وقد وردت الأحاديثُ الصَّحيحةُ بالنَّدب إلى استحضار هذا القُربِ في حال العبادات ، كقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( إنَّ أحدَكم إذا قام يُصلي ، فإنَّما يُناجِي ربَّه ، أو ربَّه بينه وبينَ القبلةِ ) ، وقوله : ( إنّ الله قِبَل وجهه إذا صلى ).
• وخطب عروة بنُ الزُّبير إلى ابنِ عمرَ ابنته وهما في الطَّواف ، فلم يُجبه ، ثم لقيَهُ بعد ذلك ، فاعتذر إليه ، وقال : كنَّا في الطَّواف نتخايل الله بين أعيننا. • وقد جاءَ ذكرُ الإحسان في القُرآنِ في مواضعَ :- تارةً مقروناً بالإيمانِ ، وتارةً مقروناً بالإسلام ، وتارةً مقروناً بالتقوى ، أو بالعمل . - فالمقرونُ بالإيمانِ: كقوله تعالى: { إِنَّ الذِينَ آمنُوا وَعَملوا الصَّالحَات إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ منْ أَحْسَنَ عَملاً}. - والمقرونُ بالإسلام : كقوله تعالى: { بَلى منْ أَسْلم وَجْهَهُ للهِ وَهُوَ محْسِنٌ فلهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ} . - والمقرون بالتقوى:كقوله تعالى: { إِنَّ اللهَ معَ الذِينَ اتقَوْا وَالذِينَ هُم محْسِنُونَ }
اللهم ارزقنا لذة الانس بك والقرب منك ياإله الحق يارب العالمين
تسهيلاً على زوارنا الكرام يمكنك الرد من خلال تعليقات الفيسبوك
موضوع: زاد المتقين وأنس المحبين ودأب الصالحين الأربعاء مارس 14, 2012 2:03 pm
بارك الله فيكى ماما هنا وتكملة لهذا الفضل الكريم نقول وبالله التوفيق
زاد المتقين وأنس المحبين ودأب الصالحين
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد : فهذه تذكرة بسيطة تحث قارئها على المبادرة للتزود بسويعات من الليل ليوم الفقر والحاجة يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
إخوتي المسلمين والمسلمات، يقول الحق تبارك وتعالى : {وَقَدِّموا لِأَنْفُسِكُم وَاتقُوا اللَّهَ وَاعْلَموا أَنَّكُم ملَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمؤْمنِينَ} [البقرة : 223]
ويقول المصطفى صلى الله عليه وسلم ( بادروا بالأعمال، فتناً كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافراً أو يمسي مؤمناً ويصبح كافراً يبيع دينه بعرض من الدنيا ).
وهذا هو زمن الفتن المظلمة الذي يُباع فيه الدين بالدنيا، ويُكفر فيه بالله عز وجل استحباباً للحياة الدنيا على الآخرة، ومن لم يتزود بالتقوى والعمل الصالح، ويتمسك بالكتاب والسنة، أوشك أن يهلك مع الهالكين، ومن لم يحرص على دينه ويتفقده بين الحين والآخر أوشك أن يتنازل عليه عند أول محنة .
وكم رأينا ممن باع دينه حرصاً على دنيا فانية، ومن ارتد طمعاً في مالٍ أو خوفاً على جاهٍ، ومنهم من صعبت عليه تكاليف العقيدة وشق عليه حملها فتركها واختار الحياة البهيمية الذليلة، يظن أنه سيجد الراحة والسعادة! وهيهات هيهات لقلب أن يسعد ويهنأ مع غير الله.
فاحرصوا أن تكونوا ممن قال الله فيهم : { ترَاهُم رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتغُونَ فَضْلاً منَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيماهُم فِي وُجُوهِهِم منْ أَثَرِ السُّجُودِ } وقوله : ( والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما ) .
فما أجمل الحياة عندما يعيشها الإنسان لله، وما أجمل الإنسان عندما تكون حياته كلها لله .
وصدق من قال : لولا الليل ما أحببت الحياة . وهل يطيب ليل المحبين إلا بمناجاة من يحبون والخلوة به والأنس بذكره وترتيل كلامه .
روي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال : من أحب أن يهوِّن الله عليه الوقوف يوم القيامة فليََرَه الله في سواد الليل ساجداً أو قائماً .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربة لكم إلى ربكم، ومنهاة عن الإثم وتكفير للسيئات ومطردة للداء عن الجسد ) .
وقد جعل الله عز وجل قيام الليل فرضاً على الجماعة المسلمة في بداية نشأتها، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حولاً حتى انتفخت أقدامهم وتورمت، ثم أنزل الله عز وجل التخفيف فصار قيام الليل تطوعاً في حق المؤمنين وظل فرضاً في حقه صلى الله عليه وسلم ؛ فكان لا يدع قيام الليل، فإذا مرض أو كسل يصلي قاعداً، وإذا عجز عنه لشغل أو مرض قضاه بالنهار .
وعن أنس رضي الله عنه قال : وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة شيئاً فلما أصبح قيل يارسول الله، إن أثر الوجع عليك لَبَيِّنٌ . قال: أما أني على ما ترون بحمد الله قد قرأت البارحة السبع الطوال .
وعن عمرو بن عبسة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إن الرب أقرب ما يكون من العبد في جوف الليل الآخر، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن ).
وعن جابر قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن في الليل لساعة لا يوافقها رجل مسلم يسأل الله فيها خيراً من الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه، وذلك كل ليلة ).
فبادروا يا أصحاب الحاجات وانتهزوا هذه السويعات مادام الباب مفتوح، وتضرعوا إلى الله في جوف الليل عسى أن توافقوا هذه الساعة فلا يرد لكم دعاء.
وقد قال عليه السلام في الحديث الصحيح : ( من تعار من الليل فقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، الحمد لله وسبحان الله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال اللهم اغفر لي أو دعا استجيب له، فإن توضأ وصلى قبلت صلاته ) .
قال العلماء : ينبغي لمن بلغه هذا الحديث أن يغتنم العمل به ويخلص نيته لربه سبحانه وتعالى .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول من يدعوني فأستجيب له، ومن يسألني فأعطيه، ومن يستغفرني فأغفر له ) .
وفي رواية لأحمد : ( من ذا الذي يسترزقني فأرزقه، من ذا الذي يستكشف الضر فأكشفه عنه ) .
إنه واللهِ لفضل عظيم من رب كريم، فالمبادرة المبادرة يا أهل لا إله إلا الله، لا يفوتنكم هذا الفضل العظيم، فإن ركعة في جوف الليل تناجي فيها ربك وتشكو إليه حاجتك وتظهر فقرك و ضعفك خير لك من الدنيا وما فيها.
وقد قال عليه السلام ( ركعتان يركعهما العبد في جوف الليل خير له من الدنيا وما فيها ولولا أن أشق على أمتي لفرضتهما عليهم ) .
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من أتى فراشه وهو ينوي أن يقوم بالليل فغلبته عينه حتى يصبح كُتب له ما نوى، وكان نومه صدقة عليه من ربه ) .
وقد جاء في الأثر : ( واعلم أن شرف المؤمن قيام الليل، وعزه استغناؤه عن الناس ) .
وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( قالت أم سليمان بن داود لسليمان: يابني لا تكثر النوم بالليل فإن كثرة النوم بالليل تترك الرجل فقيرا يوم القيامة ) .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن الله يبغض كل جعظريٍ جوّاظٍ صخّابٍ في الأسواق،جيفة بالليل، حمار بالنهار، عالم بأمر الدنيا جاهل بأمر الآخرة ). والجعظري: الشديد الغليظ، والجواظ : الأكول، والصخّاب: الصياح .
وقد مدح الله عباده المتقين بقلة نومهم وكثرة صلاتهم، فقال تعالى : (( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون )) . وقال : (( والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما )) . فطوبى لمن كان منهم، أو سار على نهجهم، أو تشبّه بهم، فإن من تشبه بقوم فهو منهم .
وأنت ياعبد الله، إن لم تقدر على قيام الليل فاعلم أنك محروم، وأن ذنوبك قد قيدتك وأقعدتك على نيل تلك الدرجات، ففتش نفسك تجد أن العيب فيها، وبادر إلى الله بتوبة نصوحا لعلك تدرك ما فات قبل أن يداهمك الممات فلا يبقى إلا التحسر والندمات .
ومما يعين على قيام الليل:
كثرة التضرع والدعاء فإنه لا يسير إلا ما يسره الله ؛ وترك الذنوب وتجديد التوبة، وقصر الأمل بكثرة ذكر الموت والآخرة . وسلامة القلب من فضول هموم الدنيا، وأن يذكّر نفسه بفضل قيام الليل بين الحين والآخر .
وأن لا يكثر الأكل فيكثر الشرب فيغلبه النوم ويثقل عليه القيام .
وأن لا يتعب نفسه بالنهار بالأعمال التي تعيا بها الجوارح وتضعف بها الأعصاب .
وأن يأخذ بحظه من القيلولة بالنهار فإنها سنة للاستعانة على قيام الليل .
وأن يترك السهر بعد العشاء من غير فائدة، وليجتهد أن ينام مبكراً، فإن الذي ينام مبكراً لا يجد صعوبة في الاستيقاظ لأن جسمه قد أخذ بحظه من النوم والراحة .
وأن يأتي بالأذكار المشروعة قبل النوم، وليكن آخر كلامه ذكر ربه فإن من نام ذاكراً أعانه الله على قيام الليل ووكل به ملكاً يحفظه حتى يصبح .
وأن يحتسب نومه فيكون له طاعة، وتكون هذه الطاعة عوناً له على الطاعة بعدها من قيام الليل .
ومن أعظم ما يسهِّل قيام الليل : أن يمتلئ القلب بمحبة الله والشوق إلى لقائه حتى تصبح مناجاة ربه والخلوة به والأنس بذكره من أعظم ما يتلذذ به في هذه الحياة، وهو من أعظم ما أنعم الله به على أهل القيام، وإنك لتراهم يشتاقون إلى الليل اشتياق الحبيب إلى حبيبه، وهم الذين قال الله عنهم {تتجَافَى جُنُوبُهُم عَنِ الْمضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُم خَوْفاً وَطَمعاً وَمما رَزَقْنَاهُم يُنفِقُونَ فَلَا تعْلَم نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُم من قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِما كَانُوا يَعْملُونَ }.
وفي ختام هذه الموعظة نذكر شيئا عن قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلاته بالليل، نقلاًً عن الإمام ابن القيم في كتابه زاد المعاد وذلك باختصار :
فصل في سياق صلاته صلى الله عليه وسلم بالليل ووتره وذكر صلاة أول الليل :
قالت عائشة رضي الله عنها ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء قط فدخل عليّ إلا صلى أربع ركعات أو ست ركعات ثم يأوي إلى فراشه .
وكان إذا استيقظ بدأ بالسواك ثم يذكر الله تعالى، ثم يتطهر ثم يصلي ركعتين خفيفتين، كما في صحيح مسلم عن عائشة قالت كان رسول صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل افتتح صلاته بركعتين خفيفتين وأمر بذلك في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: { إذا قام أحدكم من الليل فليفتتح صلاته بركعتين خفيفتين } رواه مسلم.
وكان يقوم تارةً إذا انتصف الليل أو قبله بقليل أو بعده بقليل، وربما كان يقوم إذا سمع الصارخ وهو الديك، وهو إنما يصيح في النصف الثاني وكان يقطع ورده تارة ويَصِلُه تارة وهو الأكثر .
وكان قيامه بالليل ووتره أنواعاً فمنها :
الأول : ما قاله ابن عباس في حديث مبيته عنده، أنه صلى الله عليه وسلم استيقظ فتسوك وتوضأ وهو يقول { إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب } آل عمران . فقرأ هؤلاء الآيات حتى ختم السورة، ثم قام فصلى ركعتين أطال فيهما القيام والركوع والسجود، ثم انصرف فنام حتى نفخ، ثم فعل ذلك ثلاث مرات بست ركعات، كل ذلك يستاك، ويتوضأ، ويقرأ هؤلاء الآيات، ثم أوتر بثلاث، فأذن المؤذن فخرج إلى الصلاة وهو يقول اللهم اجعل في قلبي نورا وفي لساني نورا واجعل في سمعي نورا واجعل في بصري نورا واجعل من خلفي نورا ومن أمامي نورا واجعل من فوقي نورا ومن تحتي نورا اللهم أعطني نورا . رواه مسلم .
النوع الثاني : الذي ذكرته عائشة أنه كان يفتتح صلاته بركعتين خفيفتين ثم يتمم ورده إحدى عشرة ركعة يسلم من كل ركعتين ويوتر بركعة .
النوع الثالث : ثلاث عشرة ركعة كذلك، ( يعني يسلم من كل ركعتين ويوتر بواحدة )
النوع الرابع : يصلي ثمان ركعات يسلم من كل ركعتين ثم يوتر بخمس سردا متوالية لا يجلس في شيء إلا في آخرهن .
النوع الخامس : تسع ركعات يسرد منهن ثمانياً، لا يجلس في شيء منهن إلا في الثامنة يجلس يذكر الله تعالى ويحمده ويدعوه، ثم ينهض ولا يسلم، ثم يصلي التاسعة، ثم يقعد ويتشهد ويسلم، ثم يصلي ركعتين جالسا بعدما يسلم .
النوع السادس : يصلي سبعا كالتسع المذكورة، ثم يصلي بعدها ركعتين جالسا
النوع السابع : أنه كان يصلي مثنى مثنى، ثم يوتر بثلاث لا يفصل بينهن، فهذا رواه الإمام أحمد رحمه الله عن عائشة أنه كان يوتر بثلاث لا فصل فيهن، وروى النسائي عنها كان لا يسلم في ركعتي الوتر .
النوع الثامن : ما رواه النسائي عن حذيفة أنه صلى مع النبيصلى الله عليه وسلم في رمضان فركع فقال في ركوعه سبحان ربي العظيم مثل ما كان قائما، ثم جلس يقول رب اغفر لي رب اغفر لي مثل ما كان قائما، ثم سجد فقال سبحان ربي الأعلى مثل ما كان قائما، فما صلى إلا أربع ركعات حتى جاء بلال يدعوه إلى الغداة .
وأوتر صلى الله عليه وسلم أول الليل ووسطه وآخره، وقام ليلةً تامة بآية يتلوها ويرددها حتى الصباح وهي {إِن تعَذِّبْهُم فَإِنَّهُم عِبَادُكَ وَإِن تغْفِرْ لَهُم فَإِنَّكَ أَنت الْعَزِيزُ الْحَكِيم }المائدة118.
وكانت صلاته بالليل ثلاثة أنواع : أحدها : وهو أكثرها صلاته قائما . الثاني : أنه كان يصلي قاعدا ويركع قاعدا . الثالث : أنه كان يقرأ قاعداً فإذا بقي يسير من قراءته قام فركع قائماً .
وأما صفة جلوسه في محل القيام : ففي سنن النسائي عن عبدالله ابن شقيق عن عائشة قالت رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي متربعاً .
وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي بعد الوتر ركعتين جالسا تارة، وتارة يقرأ فيهما جالسا فإذا أراد أن يركع قام فركع .
وفي صحيح مسلم عن أبي سلمة قال : سألت عائشة رضي الله عنها عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : كان يصلي ثلاث عشرة ركعة يصلي ثمان ركعات ثم يوتر ثم يصلي ركعتين وهو جالس فإذا أراد أن يركع قام فركع، ثم يصلي ركعتين بين النداء والإقامة من صلاة الصبح . وفي المسند عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي ركعتين بعد الوتر وهو جالس يقرأ فيهما ب { إذا زلزلت } و { قل يا أيها الكافرون}.
وكان صلى الله عليه وسلم يقطع قراءته ويقف عند كل آية فيقول {الحمد لله رب العالمين} ويقف،{الرحمن الرحيم} ويقف، {مالك يوم الدين} .
وذكر الزهري أن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت آية آية؛ وهذا هو الأفضل الوقوف على رؤوس الآيات وإن تعلقت بما بعدها، وذهب بعض القراء إلى تتبع الأغراض والمقاصد والوقوف عند انتهائها، و اتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم وسنته أولى
وكان صلى الله عليه وسلم يرتل السورة حتى تكون أطول من أطول منها؛ وقام بآية يرددها حتى الصباح .
وذهب ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما وغيرهما إلى أن الترتيل والتدبر مع قلة القراءة أفضل من سرعة القراءة مع كثرتها .انتهى
نسأل الله أن يجعلنا من الذين وصفهم الله بقوله { تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا } ونعوذ بالله أن نكون ممن قال الله فيهم :{ إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون وراءهم يوما ثقيلا }.
و لا تنسونا من صالح الدعاء
تسهيلاً على زوارنا الكرام يمكنك الرد من خلال تعليقات الفيسبوك
موضوع: رد: الانس بالله هل ذقت حلاوته ؟ الأربعاء مارس 14, 2012 10:04 pm
بسم الله الرحمن الرحيم ثلاث رسائل حب وتقدير الأولى لــ Mama Hana موضوع قيم وفائدة لا تُقدر الثانية لــ طه حسين إفادة طيبة وزيادة عظيمة الثالثة لــ جردينيا ألف حمد لله على سلامة العودة إلى أحضان منتدانا اشتقنا اليكي كثيراً خالص تحياتي الفارس
تسهيلاً على زوارنا الكرام يمكنك الرد من خلال تعليقات الفيسبوك