أحال المستشار عبدالمجيد محمود، النائب العام أمس، الدكتور إبراهيم سليمان، وزير الإسكان، الأسبق و٤ من نوابه ورجل الأعمال محمد مجدى راسخ، رئيس مجلس إدارة شركة سوديك صهر رئيس الجمهورية السابق، إلى محكمة الجنايات لاتهامهم بارتكاب جرائم التربح والإضرار العمدى بالمال العام والاشتراك فيها.
كشفت تحقيقات نيابة الأموال العامة بإشراف المستشار على الهوارى المحامى العام الأول عن موافقة وزير الإسكان الأسبق وبعض نوابه على طلبات غير قانونية تقدم بها رجل الأعمال حول تنازله عن بعض المساحات من الأرض التى خصصتها له الوزارة بعد ثبوت إخلاله بالتزاماته المالية والبنائية الواردة فى العقد، التى كانت تستوجب فسخ عقد التخصيص واستعادة الأرض بالكامل ومساحتها ٢٥٥٠ فدانا فى مدينة الشيخ زايد، إلا أنهم اكتفوا بسحب جزء منها مساحته ٨٨٥ فدانا فقط، مما ربّح رجل الأعمال والشركة التى يمثلها ٩٠٧ ملايين و٧٠٠ ألف جنيه، فضلا عن التصريح له ببيع مساحة مليون متر من الأرض للغير على خلاف القواعد المقررة وتربحه ٨١ مليون جنيه منها، كما أعفاه الوزير الأسبق من سداد ١٣ مليونا و٨٠٠ ألف جنيه مقابل رسوم التنمية الشاملة التى فرضها على جميع الشركات الأخرى، على خلاف القواعد المقررة.
وأكدت أقوال الشهود وتحريات مباحث الأموال العامة والرقابة الإدارية وتقارير خبراء وزارة العدل والجهاز المركزى للمحاسبات وقوع الجرائم موضوع التهم السابقة ومسؤولية المتهمين عنها وثبوتها فى حقهم.
وقال المستشار عادل السعيد، المتحدث الرسمى للنيابة العامة، إنه وردت إلينا تقارير خبراء وزارة العدل بشأن البلاغات السابق تقديمها فى حق الوزير الأسبق، عن مخالفاته فى تخصيص بعض الأراضى والوحدات السكنية لـ«أفراد» وإن النيابة تدرس التحريات، وتجرى التحقيقات بشأنها وإنه سيتم التصرف فيها فور إنجازها.
وحصلت «المصرى اليوم» على نص التحقيقات مع «سليمان»، التى يشرف عليها المستشار أشرف رزق، المحامى العام لنيابة الأموال العامة. فى بداية التحقيقات سأله المحقق أحمد حسين، وكيل النيابة، عن بياناته الشخصية وعمله، والمدة الزمنية التى تولى فيها «الإسكان»، وقال إنه تولى الوزارة منذ ١٩٩٤ حتى بداية ٢٠٠٦. ورد «سليمان» على سؤال للمحقق حول من هو الوزير المسؤول عن تخصيص الأرض المملوكة لشركة «سوديك» محل الواقعة، فقال لا يوجد وزير مسؤول عن تخصيص الأرض، وإن الوزارة تشكل لجاناً للموافقة. فأعاد المحقق السؤال عليه: «هل تم التخصيص خلال الفترة التى كنت فيها وزيراً للإسكان»؟ فقال: «نعم».
وقال «سليمان» فى التحقيقات رداً على سؤال: «لماذا أعفيت الشركة دون غيرها من مقابل التنمية بما يعادل ١٣ مليوناً و٨٠٠ ألف جنيه، مما أضر بأموال مصالح الجهة التى تعمل بها؟» - إن التعاقد تم توقيعه مع الشركة فى ١٩٩٥، ونص على جميع الالتزامات المالية والأقساط المستحقة عليها. وإنه بعد أسبوعين أصدر قراراً بتحصيل رسوم تنمية قدرها ٢ جنيه عن كل متر من الأرض المبيعة.
وإن هيئة المجتمعات العمرانية أخطرت الشركة فبادرت بالرد بمذكرة رفضت من خلالها دفع الرسوم. وعللت الشركة موقفها بأن القرار صدر بعد التعاقد، الذى ينص على جميع الالتزامات ولا يجوز سريانه بعد التعاقد، كما أن الضرائب والرسوم لا يجوز أن تصدر بقرار وزارى، وتصدر طبقاً للدستور.
وأضاف الوزير الأسبق فى التحقيقات أنه تم عرض مذكرة الشركة على اللجنة الفنية المختصة، التى انتهت إلى رأى بالموافقة، على إعفاء «سوديك» من رسوم التنمية للأسباب التى وردت فى مذكراتها. وأضاف فى عام ٢٠٠٦ عندما تولى المهندس أحمد المغربى، وزارة الإسكان، رفعت الشركة قضية على «الوزارة» وطلبت إعفاءها من رسوم التنمية، وحصلت على حكم لصالحها، وبناء عليه قررت الوزارة تعميم الحكم على باقى الشركات.
ودفع جميل سعيد «محامى سليمان» بأن التهمة لا تستقيم نظراً لبطلان قرار فرض الرسوم.
ووجهت النيابة لـ«سليمان» تهمة إهدار المال العام والتغاضى عن تحصيل فارق ثمن إقامة محطة رفع صحى، بدلاً من محطة صرف صحى فى المنطقة المشار إليها، بما يمثل ٤٠ مليون جنيه، تم خصمها من سعر الأرض، عند تخصيصها مقابل بناء المحطة. وقال «سليمان» إن الشركة قررت تخفيض ٤٠ مليون جنيه من قيمة التعاقد مقابل إنشاء محطة صرف صحى بالمنطقة، وبعد تسوية الأرض اتضح للشركة أنه يمكن إنشاء محطة رفع صحى بدلاً من محطة الصرف، وكان الفارق بين العمليتين قرابة ٣٠ مليون جنيه، وكان يجب على الشركة أن ترد هذا المبلغ. وأوضح «سليمان» أن الاتهام لا يستقيم لأن الأمور المحاسبية تتعلق بالمسؤولين المحاسبين، وأن التعاقد لم ينته بعد، بمعنى أن العقد النهائى لم يصدر بعد.
وأشار المحامى جميل سعيد فى تصريح سابق لـ«المصرى اليوم» إلى أن القانون ينص على فسخ التعاقد حال عدم سداد الأقساط لفترتين متتاليتين، كما أن الفسخ يتم وفق ظروف المشروع، وتبين أن المشروع كان يمر بأزمة، وكان قد تخطى مراحل الإنتاج وأوشك على الانتهاء.
وسلم الدفاع حافظة مستندات تشمل صورة من الحكم الخاص بعدم أحقية تحصيل رسوم التنمية، وصورة من العقد المبرم مع الشركة، والمذكرة المرفوعة من لجنة الأمانات فى الوزارة، والقرار الصادر من «المغربى» بالإعفاء من تحصيل الرسوم.
واستدعت النيابة ٤ من نواب وزير الإسكان الأسبق للتحقيق معهم فى التهم المنسوبة إليهم بالاشتراك مع «سليمان» فى التربح والإضرار بالمال العام. وقررت بعد التحقيقات حبس عزت عبدالرؤوف عبدالقادر وكيل أول وزارة الإسكان، رئيس قطاع الشؤون التجارية والعقارية ١٥ يوما على ذمة التحقيقات.
كما قررت إخلاء سبيل كل من فؤاد مدبولى وحسن خالد ومحمد عبدالدايم نواب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بكفالة مالية لكل منهم ٢٠ ألف جنيه، باشر التحقيق أحمد حسين رئيس النيابة تحت إشراف المستشار على الهوارى رئيس استئناف نيابة الأموال العامة العليا، وكانت النيابة قد ضبطت ألف مستند يدين المتهمين، كما تسلمت تقريراً من لجنة العرض التى طلبها محامى «سليمان» لبحث مدى جدية مراحل مشروع «بريفلى هيلز» الذى كان من المفترض إقامته على الأرض المخصصة لشركة سوديك، وتبين من التقرير أن الشركة لم تلتزم بالجدول الزمنى بإقامة المشروع لأن هيئة المجتمعات العمرانية ومسؤوليها سلموا «سوديك» الأرض عام ٩٧ بدلا من عام ٩٥ مما أدى إلى اختلال الجدول الزمنى.
ويذكر أن النيابة العامة تلقت بلاغاً بلا مستندات أو أى معلومات فى تلك الواقعة. ورغم ذلك قامت بتشكيل لجان وطلبت تحريات هيئة الرقابة الإدارية ومباحث الأموال العامة وتم ضبط ألف مستند يفيد بتورط «سليمان» ومجدى راسخ «الهارب» وآخرين فى القضية.
وتواصل أجهزة الأمن فرض تشديدات أمنية على البيوت الخاصة بـ«راسخ» لتنفيذ قرار ضبطه وإحضاره. وعلمت «المصرى اليوم» أن أجهزة الأمن تطارده فى ٤ محافظات تمهيدا للقبض عليه، وتقديمه إلى المحاكمة.
وثبت من إخطارات المطارات والموانئ عدم مغادرته البلاد بعد. وكان «راسخ» قد تقدم بطلب رد الأموال المتهم بالاستيلاء عليها وقدرها ٣٠ مليون جنيه. وأكد مصدر قضائى ضرورة حضوره بشخصه للنظر فى الطلب.