قال المستشار عاصم الجوهرى، مساعد وزير العدل لشؤون الكسب غير المشروع، المكلف من قبل المجلس العسكرى باستعادة الأموال المهربة، إن رجال القضاء لديهم خطة متكاملة لرد تلك الأموال حتى تلك التى توجد فى حسابات سرية وشركات دولية بأسماء وهمية يصعب التوصل إليها.. وأضاف فى حوار مع «المصرى اليوم»، أن كل الأرقام التى يتناولها الإعلام ويرددها المواطنون فى الشارع عن حجم تلك الأموال لا أساس لها من الصحة.. المبلغ الوحيد الذى تم التوصل إليه كان فى سويسرا، وهو «٤١٠» ملايين فرنك، أى ما يعادل مليار جنيه، يملكها «١٧» مسؤولاً سابقاً بينهم «مبارك وعلاء وجمال».
وأشار إلى أن باقى الدول تحفظت على أموال لمتهمين مصريين ولكن إلى الآن لم نعرف حجمها أو من يمتلكها. وأشار إلى أن المحامين عن هؤلاء المتهمين يحاولون جاهدين من خلال مكاتب خارجية إقناع المسؤولين فى أوروبا بأن المحاكمات والاتهامات المنسوبة لموكليهم تتم تحت ضغط الرأى العام وفى ظروف غير طبيعية. وأوضح «الجوهرى» للمرة الأولى أن هناك متهمين من رموز الفساد السابقين تم حبسهم، ليس لأنهم حققوا كسباً غير مشروع من وراء حصولهم على أراض أو منافع قد تكون بسعرها الحقيقى، ولكن لأنهم حصلوا على تلك المنافع بطرق غير قانونية. وللمرة الأولى، يروى «الجوهرى» تفاصيل الحوار الذى دار بينه وبين رئيس الوفد السويسرى الذى جاء للقاهرة بحثا عن مستندات إدانة المتهمين لتفعيل قرار التحفظ على أموالهم فى الخارج.
■ هناك تخوف من الشعب المصرى إزاء صعوبة استعادة الأموال المهربة للخارج لأن المتهمين وضعوها بأسماء وهمية فى شركات دولية.. فهل هذا التخوف له أساس من الصحة أم أنكم تتنبهون لذلك؟
- حتى يفهم المواطن المصرى كيف تتم عملية استرداد الأموال من الخارج.. فلابد أن نوضح أن هناك طريقتين لذلك الأولى سهلة طالما كانت هناك مستندات وأدلة مادية تؤكد تورط هؤلاء المتهمين فى الاستيلاء على المال العام أو تحصيل تلك الأموال من وراء جرائم، والأخرى معقدة وتحتاج إلى تركيز شديد من المحقق حتى نصل إلى أماكن تلك الأموال.
■ إذن ما هى الإجراءات التى اتخذتموها بالفعل لرد الأموال؟
- أولا طلبنا من الاتحاد الأوروبى أن يتحفظ على أموال المتهمين، وهذا إجراء طبيعى طالما أننا كنا نشارك فى اتفاقية مكافحة الفساد، وهذا إجراء احترازى. وبعد هذا الإجراء لابد من تقديم المستندات التى تؤكد إدانة المتهمين فى قضايا استيلاء على المال العام، حتى تتخذ تلك الدولة التى تحفظت على الأموال قراراً باستمرار التحفظ، لأنهم يرفعون التحفظ على الأموال خلال أشهر، إن لم تقدم الدولة ما يفيد بإدانتهم، وحتى تتم إعادة الأموال وتحويلها إلى مصر فلابد من صدور حكم نهائى على المتهمين من محاكم غير عسكرية، وهذا ما نسير فى إجراءاته الآن.
■ هذه هى الطريقة الأولى أو السهلة، ولكن ماذا بشأن الأموال التى يستحوذ عليها المتهمون بطرق ملتوية.. وماذا ستفعلون للتوصل لتلك الأموال خاصة أنه من المتوقع أن تكون بها المبالغ الأكبر؟
- تلك الأموال، لابد من تعقبها بطرق يعرفها المحقق الذى يباشر التحقيقات. ولا داعى لذكر ما يتخذه المحقق من خطوات فى هذا الشأن حتى لا ننبه المتهم ومحاميه بها فيتخذ تدابيره لإخفائها. وكل ما أستطيع أن أقوله فى هذا الشان إنه عن طريق تتبع مصادر بعض التحويلات المالية للمتهمين من الخارج والتى رصدتها الرقابة الإدارية، تمكنا من التوصل إلى بعض أماكن تلك الأموال، وسنصل إلى كل مليم فى الخارج، ولكن نحتاج إلى سرية ووقت لإتمام الإجراءات. ولذلك دائما فى تصريحاتى للإعلام أقول لهم: «هذا هو القدر المتاح من التفاصيل».
■ نعود إلى الإجراءات المتبعة لإعادة الأموال.. هل تعاونت تلك الدول الأوروبية مع مصر لرد تلك الأموال؟
- هناك تعاون مشكور من المسؤولين فى تلك الدول، فمثلا إمارة «ليخنشتاين» وهى إحدى الإمارات فى سويسرا والتى تقبل إيداع الأموال دون أى ضوابط، قررت مد فترة التحفظ على الأموال ٤ أشهر رغم أن قانونها ينص على التحفظ لمدة ٤ أشهر فقط وبعدها يتم رفع التحفظ إذا لم تقدم الدولة مستندات الإدانة، وسويسرا أرسلت وفداً إلى مصر حتى يتعاونوا مع المسؤولين فى مصر لسرعة إنجاز الإجراءات.
■ وما هى الشروط التى تطلبها تلك الدول لاتخاذ إجراء نهائى برد الأموال؟
- سويسرا مثلا قانونها ينص على أن جريمة الكسب غير المشروع تكون متحصلة من جريمة جنائية مثل غسيل الأموال أو الاستيلاء على المال العام. وأنا جلست معهم وأقنعتهم بأن الكسب غير المشروع لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال جريمة.. وهو ما يعنى أننا لم نختلف فى هذا الطلب.
■ ما تفاصيل لقائكم بالوفد السويسرى الذى حضر إلى القاهرة للتنسيق مع المسؤولين المصريين بشان رد الأموال؟
- قدموا لنا حجم الأموال الموجودة لديهم ويمتلكها متهمون مصريون من المطلوب التحفظ على أموالهم، واستخدمنا ورقة الإعلام للضغط على الوفد السويسرى، وأبلغتهم بأننى سأبلغ الإعلام المصرى والعالمى بتعاونكم معنا. وقلت لهم إننى سأنزل إلى ميدان التحرير وسأقول للشباب كيف كان الوفد السويسرى محبا لمصر. واعتمدت فى حديثى أيضا معهم على الشعور العاطفى حتى نخرج من اللقاء بأكثر المكاسب.
■ وما حجم تلك الأموال؟
- المبلغ الموجود عندهم ٤١٠ ملايين فرنك، أى ما يعادل مليار جنيه تقريبا، وتخص ١٧ مسؤولاً مصرياً، من بينهم مبارك وعلاء وجمال، ورفضوا الإفصاح لنا عن نصيب كل متهم.
■ سمعنا أن هناك أرقاماً ضخمة لأموال مسؤولين مصريين فى دول أخرى؟
- أرقام غير صحيحة.. فأنا شخصيا لم أعرف أى رقم لأموال يتم التحفظ عليها فى دول أجنبية، الرقم الوحيد هو الخاص بسويسرا.
■ الناس فى مصر يجلسون فى المنازل يحسبون نصيبهم من تلك الأموال؟
- هذا صحيح، وهو ما يحزننى، المفروض أننا نكمل ما أحدثته الثورة، فلابد أن نعمل ونترك المحققين يعيدون الأموال المهربة، وعودتها لا تعنى توزيعها على المواطنين.
■ وإلى أى نقطة وصلت لجنة استرداد الأموال فى رحلة البحث عن الأموال المنهوبة؟
- قبل يومين أرسل المستشار هشام الدرندلى، المحامى العام بمكتب التعاون الدولى التابع للنائب العام، جميع المستندات إلى سويسرا التى استطعنا تجميعها عن إدانة المتهمين المطلوب التحفظ عليهم. ونجمع كل يوم ملفات ونرسلها. واستطعنا من خلال مكاتب قانونية - نتعامل معها فى تلك الدول - أن ننسق مع المسؤولين هناك ونقدم لهم المستندات، ونتحاور معا على فترات بالفيديو كونفرانس حتى نتوصل إلى اتفاق حول إجراءات التحفظ ورد الأموال.
■ وهل يقف محامو المتهمين مكتوفى الأيدى حيال تلك الإجراءات التى تتخذونها للتحفظ على الأموال، أم أنهم يقدمون مستندات تؤكد براءتهم وتطالب بإلغاء قرار التحفظ؟
- من الطبيعى أن يحدث ذلك، فهم محامون ويتقاضون أموالاً مقابل ذلك، وبالفعل يقولون للمسؤولين فى الاتحاد الأوروبى إن موكليهم أبرياء وإن إجراءات التحقيق معهم تتم فى ظروف غير طبيعية، ويطلبون رفع التحفظ.
■ ألا ترى أن الاتهامات المنسوبة للمتهمين بالكسب غير المشروع تتعارض مع الاتهامات المنسوبة لهم من قبل النيابة العامة فى جرائم الاستيلاء على المال العام؟
- قد يحدث تعارض وفى تلك الحالة يتم تطبيق العقوبة الأشد على المتهم. فمن الطبيعى - كما قلت للوفد السويسرى - أن جريمة الكسب غير المشروع تتحصل من جريمة جنائية، ولكن قد ينجح المتهم فى الإفلات من العقاب فى الجريمة الجنائية لأسباب قد تكون إجرائية، ولكنه لا يستطيع الإفلات من جريمة الكسب غير المشروع.
■ فكرة التصالح وردّ الأموال من المتهمين، هل تلقى قبولا من قبل جهاز الكسب غير المشروع.. وهل تحقق الصالح العام.. وهل هى قانونية؟
- هناك عدد كبير من المتهمين يحضرون أمام قاضى التحقيق ويعرضون رد الأموال.. ومن الناحية القانونية هذا متاح.. ولكن لابد من التحقق أولا من حجم تلك الأموال.. ونحن كجهاز ندرس الطلبات ونقدر الأموال قبل البت فى طلبات التصالح من عدمه.
■ صدر حكمان على اثنين من رموز الفساد «العادلى وجرانة» فى قضيتين مختلفتين تتعلقان بالاستيلاء على المال العام. فهل لابد من صدور حكم نهائى لبدء الجهات المعنية رد الأموال المقضى بها عليهم؟
- نعم، لابد من صدور حكم نهائى من محكمة النقض لرد تلك الأموال.
■ البعض يردد أن القدر الأكبر من الأموال مهرب إلى دول شرق آسيا، وهو ما يصعب التوصل إليه؟
- كل مليم إن شاء الله هيرجع إلى مصر.. ولكن نحتاج بعض الوقت والسرية والتعاون للوصول إلى تلك الأموال.
■ قلت إن مصر كلها متهمة بالكسب غير المشروع.. فماذا تقصد من هذا التصريح الذى قلته لـ«المصرى اليوم» من قبل؟
- أقصد أن هناك آلاف البلاغات التى تلقاها جهاز الكسب غير المشروع تتهم مصريين بالكسب غير المشروع.. وأعرف أن معظمها غير صحيح، ولكن فى النهاية لابد من التحقيق فيها. وهناك أشخاص كثيرون يتحدثون فى الفضائيات والصحف بمعلومات مغلوطة ولا أساس لها من الصحة. وأقول لهم: قبل أن تتحدثوا ابحثوا فيما تقولون لأن كلامكم سيؤثر على الناس فى الشارع.