البرلمان والكيان عمرو حمزاوي
الخميس 10-05-2012
حين تصدر المجالس التشريعية المنتخبة بيانات لإجلاء موقفها من أحداث
داخلية أو خارجية ذات أهمية يكون لزاماً عليها التعبير عن الإرادة الشعبية
بشكل عام وتجاوز الخلافات الحزبية الضيقة. وقد أصدر مجلس الشعب، بالإجماع،
أكثر من بيان بشأن الوضع فى فلسطين وإدانة الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة
لحقوق الشعب الفلسطينى والمطالبة بوقفها، ولم يخرج نائب حزبى أو مستقل عن
الإجماع هذا لكونه يعبر عن الإرادة الشعبية وضمير المصريات والمصريين.
غير أن الإجماع، المتمثل فى إدانة إسرائيل والالتزام بقرارات
المقاطعة الشعبية وترحيبه بوقف اتفاقية تصدير الغاز الطبيعى لها، لا ينبغى
أن يدفع المجلس إلى تجاوز الأعراف الدبلوماسية وتجاهل حقيقة أن لمصر معاهدة
سلام مع دولة إسرائيل؛ فالمجلس بجانب كونه مؤسسة تشريعية منتخبة هو جهة
رسمية تمثل الدولة المصرية واللغة المستخدمة فى بياناته والمواقف التى
يتبناها لا بد أن تعبر أيضاً عن هذا.
هنا أسجل بصراحة، وكما فعلت يوم الثلاثاء فى الجلسة العامة، أن
الإشارة لإسرائيل فى بيانات المجلس ينبغى أن تلتزم بالخطاب الرسمى المصرى،
أى أن تسمَّى دولة إسرائيل، مع الابتعاد عن أسماء كالكيان الصهيونى وغيره؛
لأن بيانات المجلس لا يمكن أن تكون كبيانات الأحزاب أو القوى السياسية.
وينطبق الأمر ذاته على المطالبة بقطع العلاقات مع إسرائيل؛ فقبل أن يرفع
المجلس قطع العلاقات هدفاً لا بد من حوار مسئول مع الحكومة أو السلطة
التنفيذية لمعرفة حدود الفعل والتداعيات المحتملة. عدا هذا يكون مجلس الشعب
كمن يورِّط الحكومة فى مواقف وأزمات على نحو غير مدروس.
بالقطع لا يعنى هذا حظر مطالبة نواب بالمجلس بقطع العلاقات مع
إسرائيل أو إلغاء معاهدة السلام أو غيرهما، ما دام الأمر لا يخرج عن مواقف
فردية أو حزبية. أما رأى المجلس كهيئة، وهو ما يعبر عنه جماعياً فى
بياناته، فلا يصح أن يتجاهل التزامات ومحددات الموقف الرسمى المصرى بحلوها
ومرها. وإن أراد المجلس البحث فى تغيير هذه الالتزامات والمحددات، وهى
اختصاص أصيل للسلطة التنفيذية، فيتعين عليه الشروع فى حوار مع الحكومة
للبحث فى الأمر على نحو يضمن المصلحة الوطنية المصرية بعيداً عن العنتريات.
كل بيان يصدر عن مجلس الشعب فى الشأن الإقليمى والدولى له مردود
إقليمى ودولى ونسأل عنه كبرلمان فى المحافل البرلمانية وتسأل عنه الخارجية
أيضاً. فلا بد من الحذر فى اللغة والمضمون.