طه حسين تاريخ التسجيل : 27/05/2009
| موضوع: ولتكن شِدتنا فى الحق شِدَّتين الخميس يوليو 05, 2012 3:14 pm | |
| ولتكن شِدتنا فى الحق شِدَّتين
تجادل العظيمان أبوبكر وعمر بشأن حروب الردة، فمال الشديد عمر إلى اللين، ومال الليّن أبوبكر إلى الشدة، ولكنهما فى النهاية التقيا بعد أن أفرغ كل منهما أمانة الاجتهاد وقوة الحجة والمنطق، وكانت شِدتهما فى الحق شِدَّتين.
هكذا نحن جميعاً، اجتهدنا كل فى اتجاه، من أجل أول رئيس انتخبناه بإرادتنا الحرة.
المهم أننا اجتهدنا، وكان اجتهادنا شاقاً ذهنياً ممتعاً نفسياً، لأنه اجتهاد يثبت أننا أصبحنا «نملك» الوطن، والآن نتناقش من أجل «إدارته»، فلم يعد هناك انفصال بين الملكية والإدارة فى مصر.
وستكون شدتنا واجتهادنا جميعاً فى خدمة الوطن شِدَّتين.
والمفروض فى المجتمعات الحرة أنه أياً ما كان قرار الأغلبية، سنكون معاً فى مرحلة ما بعد الانتخابات، نتجادل ونتناقش، نبنى ونتعاون، أملاً فى غد أفضل.
وأياً ما كان قرار الأغلبية فى الانتخابات بالتصويت لأى مرشح، فعلينا أن نذكر للأغلبية اجتهادها؛ فللرأى المعارض أهميته من وجوه ثلاثة: فهو أولاً إما أن يكون صحيحاً حتى وإن بدا من يتبنونه هم الأقلية؛ فكل فكرة حظيت بمباركة الأغلبية كانت فى مرحلة ما رأياً معارضاً يتبناه الأقلية. ثانياً وقد يكون الرأى المعارض خطأ ولكنه يهدم فكرة «التفكير الجمعى التلقائى» الذى يجعل الناس يتبنون مواقف بلا تمهل أو تدبر ثم ننتهى إلى نتائج كارثية، لأننا لم نسمح للرأى المعارض أن يتحدى افتراضاتنا التى بدت فى مرحلة ما بديهية. ثالثاً أن يكون الرأى المعارض فيه بعض الخطأ وبعض الصواب فيساعدنا على أن نعيد بناء موقفنا بناء على ما بدا فى انتقادات الآخرين من حجج.
فالاختلاف سنة، والتعايش ضرورة، والحوار آلية، والمستقبل لا يبنى إلا بالتفكير المركب الذى يرى فى القرار عيوبه ومميزاته، ثم يتخذ قراراً واعياً فى النهاية لتحقيق الصالح العام.
المهم أننا اتفقنا على المنتج النهائى الذى نريده أياً ما كانت نتيجة الانتخابات: دولة عادلة (أى قائمة على المساواة بين المواطنين مع احترام تفاوت القدرات وتفاوت الحاجات) ومدنية (غير لاهوتية وغير عسكرية)، ديمقراطية (لا تستبد فيها الأقلية الحاكمة بالأغلبية المحكومة)، ليبرالية (لا تستبد فيها الأغلبية القوية بالأقلية الضعيفة)، وناهضة (بتمكين الأفضل فى كل مكان ومجال، بغض النظر عن الدين والسن والجنس).
ولنتعلم أن مصر الجديدة تحترم الدين وترفض أن يستخدم (أو يساء استخدامه) لأى من الأغراض الثلاثة التالية: الدين ليس أداة للتجنيد الحزبى ولا ينبغى أن يكون، الدين ليس أداة للحشد الانتخابى أو التصويتى ضد أو مع أى شخص أو بديل ولا ينبغى أن يكون، الدين ليس أداة لادعاء التشريع باسم الله، ولا ينبغى أن يكون. قولوا «نعم» أو قولوا «لا»، المهم أن نكون أصحاب رأى مبنى على منطق المصلحة العامة، وليشمر كل منا عن ساعده ماداً يد التعاون مع الآخرين ولتكن شدتنا فى الحق شِدَّتَين.
ولنسأل الله الإخلاص والسداد والقبول.
تسهيلاً على زوارنا الكرام يمكنك الرد من خلال تعليقات الفيسبوك
|
|