السؤال:
في حالة الفدو أو العقيقة أو النذر - هل يجوز أن يتمَّ تخصيصُ نصيبٍ من الضحيَّة (عجل 7 أنصبة) لذلك أم لا؟
الإجابة:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومن والاه، أمَّا بعدُ:
فالسنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم في العقيقةِ هي ذَبْحُ شَّاتَيْنِ عنِ الغلام، وشاة واحدة عن الجارية، وقد حثَّ عليها ورغَّب فيها؛ فعن أم كُرْز الكعبيَّة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "عنِ الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة" (رواه أبو داود)، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "أمرَنَا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن نَعُقَّ عنِ الجارية شاةً، وعنِ الغُلامِ شاتَيْنِ" (رواه الإمام أحمد وابن ماجه).
وقال صلى الله عليه وسلم: "الغلامُ مرتَهنٌ بعقيقته يُذبح عنه يوم السابع، ويُسمَّى ويحلق رأسه" (رواه الترمذي). هذا هو الثابت من هديه صلى الله عليه وسلم في شأن العقيقة، فينبغي أن يُقتَصَر عليه.
وأمَّا الاشتراك فيها أو كونها سهمًا في بدنةٍ أو بقرة، فلم يَرِدْ عنه صلى الله عليه وسلم وقد نصَّ غيْرُ واحدٍ من الفقهاء على أنَّ العقيقةَ لا يُجِزْئُ فِيها الاشْتِراكُ ولو كانتْ بدنةً أو بقرة.
وقد أجاز الشافعيَّةُ - كما في "المجموع"، و"نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج"، و"الفتاوى الفقهية الكبرى"، وغيرِهِما من كتب الشافعيَّة المعتمدة- اجتماعَ الأُضْحيَّة والعقيقة أو النذر أو ما شابه في بدنةٍ واحدةٍ؛ بأن يُخصَّص لكل منها سُبع البَدنة، فيجمع بين أضحيَّة وعقيقة، فإن كانت العقيقة لأنثى فيخصَّص سبع للأضحية وسبع للعقيقة، وإن كانت العقيقة لذكر فيخصَّص سُبعانِ للعقيقة وهكذا؛ واحتجّوا بالقياس على الهَدْيِ والأضحية، ولا دليلَ يَمنَعُ من إجزائه في العقيقة.
والراجح القول الأول؛ لكونها فداءَ نفس، فيلزم فيها التَّقابُل والتَّكافؤ، يعني: نفس بنفس، وهو مذهب المالكية والحنابلة: أنه لا يجزئ في العقيقة إلا بدنة كاملة أو بقرة كاملة.
وقال العلامة العثيمين في "الشرح الممتع على زاد المستقنع": وقوله: "والبدنة والبقرة عن سبعة" يُستثنَى من ذلك العقيقة، فإنَّ البدنة لا تُجْزِئ فيها إلا عنْ واحدٍ فَقَطْ، ومع ذلك فالشاةُ أفضل؛ لأنَّ العقيقةَ فداءُ نفس، والفِداءُ لابد فيه منَ التَّقابُل والتَّكافؤ، فتُفْدَى نفسٌ بنفس، ولو قلنا: إن البدنة عن سبعة لفديت النفسُ بسُبع نفس، ولهذا قالوا: لا بد من العقيقة بِها كاملةً وإلا فلا تُجْزِئ، وإذا كان عند الإنسان سبْعُ بناتٍ -وكلُّهن يحتجن إلى عقيقة- فذَبَحَ بدنة عنِ السبع فلا تجزئ.
ولكنْ هل تُجزئُ عن واحدة، أو نقول: هذه عبادة غير مشروعة على هذا الوجه، فتكون بعير لحم ويذبح عقيقة لكل واحدة؟
الثاني أقرب، أن نقول: إنها لا تجزئ عن الواحدة منهنَّ؛ لأنَّها على غير ما وردتْ به الشريعة، فيذبح عن كل واحدةٍ شاةً، وهذه البدنة التي ذَبَحَها تكونُ مِلْكاً له، له أن يبيع لحمها؛ لأنه تبين أنَّها لم تَصِحَّ على أنَّها عقيقة". اهـ.
أمَّا إن عقَّ عنِ المولود الواحد ببدنةٍ كاملة فمذهب الجمهور جوازُ ذلك،، والله أعلم.