طه حسين تاريخ التسجيل : 27/05/2009
| موضوع: إذا الشعب يوما أراد الـ (قيادة، قرار، قيم، قانون، قواعد) الأحد يوليو 29, 2012 3:45 pm | |
| قيادة، قرار، قيم، قانون، قواعد.
ما الذى يجمع بين الكلمات الخمس السابقة غير أنها جميعا تبدأ بحرف القاف؟
إنها ببساطة مقومات النهضة فى أى مجتمع أو عوامل تدهوره.
وصلت إلى مصر بالأمس من رحلة سفر استغرقت أكثر من أسبوع إلى الولايات المتحدة. ومع عودتى، عرفت أن الرئيس محمد مرسى دعا لحملة «وطن نظيف» ومن ثم تحمست لها، وأعلنت أننى سأنزل وأشارك رمزيا بعد صلاة الفجر بالتنظيف أمام بيتى قدر جهدى. ولأن الكثير من الأصدقاء الفيس بوكيين تكون لديهم رغبة فى المشاركة فى أى عمل تطوعى، دعوت أن يشارك آخرون كذلك.
وأغلب التعليقات كانت إيجابية للغاية ومؤيدة، لكن بعضها شديد التشكك لثلاثة أسباب، أولا: أنها حملة إخوانية وأن من يدعمها يدعم الإخوان. ثانيا: أن الأصل أن هذه مسئولية الدولة وليست مسئولية الأفراد، وثالثا: أن هناك أولويات أهم من قضية النظافة هذه.
ولهذا كتبت على «الفيس بوك» موضحا ما فهمته عن الدعوة لهذه الحملة، لذا قلت: من يقرأ فى الاقتصاد السياسى للتنمية يعرف أن هناك ما يسمى رأس المال الاجتماعى (القائم على الثقة بين الأفراد والرغبة فى العمل المشترك من أجل أهداف وطنية كبرى)، وهو لا يقل أهمية عن رأس المال المادى. القضية ليست فى النظافة بذاتها، وإنما فى فكرة أن نفكر بروح الفريق الواحد من أجل هدف أسمى يتخطى حدود مصالحنا الشخصية. ونحاول مرة والثانية والثالثة إلى أن يكون ما هو عاما أهم وأسمى مما هو خاص. وبالمناسبة، من ينظف الشارع تتولد داخله رغبة فى ألا يرمى فيه قمامة فى المستقبل. مع توضيح، طبعا، أن قضية الاستدامة والبحث عن حلول طويلة المدى مسألة فى منتهى الأهمية.
وأوضحت أن هذه حملة مصرية وليست إخوانية، ولا ينبغى، إن كنا واعين بمخاطر تقسيم مصر طائفيا، أن نترك لأى فصيل منفرد فضل إنجاز المشروعات الوطنية، يمكن أن يبادر ويدعو ولكن لا ينبغى أن يبادر وينفرد. ولو كان من دعا لهذه الحملة رئيس جمهورية غير إخوانى، لفعلت وقلت نفس الشىء. إن ملكة العمل الجماعى معضلة تاريخية فى المجتمعات المختلفة وكُتب فيها عشرات الكتب، ابحثوا عن: (Collective Action dilemma) على النت لتعرفوا عن تفاصيل هذه المعضلة.
نحن بحاجة لملكة العمل الجماعى لأننا أمام تحديات مهولة.
مصر بحاجة لقيادة ذات مصداقية (وليس بالضرورة أن تكون قيادة فى منصب سياسى)، حين تعلن أن تجار اللحوم أو محتكرى الخضراوات يبالغون فى الأسعار وسنقاطعهم لمدة أسبوع، يستجيب الناس من أجل وضع الصالح العام فوق الخاص. ولهذا وُجدت جمعيات حماية المستهلكين فى الكثير من الدول الغربية. وهنا يحذر المحتكر والتاجر من غضبة المستهلكين.
بعض الأصدقاء تحدثوا عن أن القانون الرادع هو الأساس، لكنه قطعا ليس وحده، فمصر فيها من القوانين الكثير، ودليلى ما كان يدرسه أولادى فى المدرسة وما كنت أدرسه لطلابى فى الجامعات الأمريكية. المسألة بحاجة لخماسية القاف: قيادة، قرار، قيم، قانون، قواعد. النهضة تبدأ فكرة تتبناها قيادة تتبنى قرارا يقبله المجتمع لأن تتحول إلى قيم على أساسها تصاغ القوانين وتنضبط قواعد السلوك وتعمل المؤسسات.
أعلم أن الأصدقاء فى «بيت الحكمة» قد بدأوا فى التأصيل لفكرة «نموذج حضارى مصرى» وهو ما لا يبدو بعيدا عن الخمسة «قاف».
وإذا الشعب يوما استوعب معنى الخمسة قاف، فلا بد أن تستجيب القاف السادسة أى القدر. عفوا، القافية تحكم.
تسهيلاً على زوارنا الكرام يمكنك الرد من خلال تعليقات الفيسبوك
|
|