خراب أمريكا بعد زوال إسرائيل :
في الإصحاحات ( 26 ، 27 ، 28 ) ، تجد وصفا تفصيليا لمدينة سمّاها كتبة التوراة ( صور : مدينة ساحلية لبنانية ) نلخّص صفات هذه المدينة ومميزاتها بما يلي :
1. مُسيطرة هي وسُكّانها على البحر .
2. تُرعب جميع جيرانها .
3. تاجرة الشعوب وكاملة الجمال .
4. تقبع في قلب البحار .
5. تأتيها السفن التجارية من كل مكان .
6. شعبها وجيشها خليط من أمم أخرى .
7. تتمتع بكونها مركز للتجارة العالمية .
ـ وهذه الأوصاف لا تنطبق إلا على أمريكا كدولة أو على ( نيويورك ) كمدينة ، وأما صفة عقابها فهي كما يلي :
1. دمارها سيتحصل بريح شرقية ( أي من الشرق ) .
2. اندلاع النيران في وسطها .
3. تحوّلها إلى رماد .
4. مصيرها الغرق ولن يبقى منها أثر .
5. القائمون على خرابها غرباء من أعتى الأمم .
ـ وأما أسباب الغضب الإلهي عليها وعلى ملكها فهي :
1. تنصيب ملكها لنفسه كإله للبشر .
2. تربعه في مجلس الآلهة في قلب البحار .
3. الادعاء بامتلاكه حكمة الآلهة .
4. الاستحواذ على الذهب والفضة وادّخارها .
5. مضاعفة الثروة بمهارتها في التجارة .
6. التجارة الظالمة .
7. البهاء والجلال والتكبر والاستعلاء لفرط الغنى .
ـ وفي النص التالي تسمية أخرى لها هي مصر :
" حزقيال : 29: 3-16: ها أن أنقلب عليك يا فرعون ملك مصر ، أيها التمساح الكامن في وسط أنهاره ، … وأُخرجك قسرا من أنهارك ، وأسماكها ما برحت عالقة بحراشفك ، وأهجرك في البرية ، مع جميع سمك أنهارك ، فتتهاوى على سطح أرض الصحراء ، فلا تُجمع ولا تُلمّ ، بل تكون قوتا لوحوش البرّ وطيور السماء . فيُدرك كل أهل مصر أني أنا الرب ، لأنّهم كانوا عُكّاز قصبٍ هشةً لبني إسرائيل ، ما أن اعتمدوا عليك بأكفهم ، حتى انكسرت ومزّقت أكتافهم ، وعندما توكّأوا عليك ، تحطّمت وقصفت كلّ متونهم . لذلك ها أنا أجلب سيفا ، وأستأصل منك الإنسان والحيوان ، وأجعل ديار مصر ، الأكثر وحشة بين الأراضي المقفرة ، وتظلّ مدنها الأكثر خرابا بين المدن الخربة … وأجعلهم أقلية لئلا يتسلطوا على الشعوب ، فلا تكون بعد ، موضع اعتماد لبني إسرائيل ، بل تُذكّرهم بإثمهم حين ضلّوا وراءهم … "
ـ قد يظن القارئ للوهلة الأولى أن هذا النص يتنبأ بخراب مصر ، ولكن بعد إمعان النظر في العلاقة ما بين هذا الفرعون وبين اليهود ، الموضّحة بما تحته خط ، ستجد أن المقصود بهذا النص هم فراعنة هذا العصر أمريكا ومن شايعها ، وعلى ما يبدو أن المقصود بالتمساح هو الأسطول ، والمقصود بالأسماك هو السفن الحربية ، والمقصود بالأنهار هي البحار التي تنشر فيها القوات البحرية الأمريكية ، وعلى ما يبدو أن الأساطيل الأمريكية ، ستخرج وتجتمع في مكان ما ( ربما البحر المتوسط ) ، بعد إنهاء الوجود اليهودي في فلسطين ، لتلاقي مصيرها المحتوم الذي يُخبر عنه هذا النص .
ـ وفي نصوص أخرى ربما نوردها لاحقا ، ستجد أن هناك تسميات أخرى ، استخدمها كتبة التوراة والإنجيل لنفس المدينة ، كبابل الجديدة وبابل العُظمى كناية عن دولة عظمى ، سيتزامن وجودها مع ظهور الدولة اليهودية في فلسطين .
تحالف أعداء الله ضد اليهود والنصارى :
" حزقيال : 29: 18- : يا ابن آدم : إنّ نبوخذ نصّر ملك بابل ، قد سخّر جيشا أشدّ تسخير ، ضدّ صور فأصبحت كل رأس من رؤوس جنوده صلعاء ، وكل كتف مُجرّدة من الثياب ، ولكن لم يغنم هو ولا جيشه شيئا من صور ، رغم ما كابده من جهد للاستيلاء عليها . لذلك … ، ها أنا أبذل ديار مصر لنبوخذ نصر ملك بابل ، فيستولي على ثروتها ، ويسلبها غنائمها وينهبها ، فتكون هذه أُجرةً لجيشه " .
" حزقيال : 30: 1-13: وأوحى إليّ الرب بكلمته قائلا : يا ابن آدم تنبّأ ، وقل : … ، إنّ يوم الربّ بات وشيكا ، … ، إنّه يوم مُكفهرّ بالغيوم ، ساعة دينونة ( نهاية ) للأمم ، إذ يُجرّد سيف على مصر ، فيعُمّ الذعر الشديد إثيوبيا ، عندما يتهاوى قتلى مصر ، ويستولي على ثروتها ، وتُنقض أُسسها . ثم تسقط معهم بالسيف ، إثيوبيا وفوط ولود ، وشبه الجزيرة العربية وليبيا ، وشعوب الأرض المُتحالفة معهم … فيتهاوى سُكّانها من مجدل إلى أسوان ... فتُصبح أكثر الأراضي المُقفرة وحشة ، وتُضحي مُدنها أكثر المُدن خرابا … في يوم هلاك مصر الذي لا بد أن يتحقّق .
لأني سأفني جماهير مصر بيد نبوخذ نصّر ملك بابل ، إذ يُقبل بجيشه ، أعتى جيوش الأمم لخراب ديار مصر ، فيُجرّدون عليها سيوفهم ، ويملئون أرضها بالقتلى ، وأُجفّف مجاري نهر النيل ، وأبيع الأرض لقوم أشرار ، وأُخرّب البلاد فيها بيد الغرباء ، أنا الربّ قد قضيت . ثمّ أُحطّم الأصنام ، وأُزيل الأوثان من ممفيس ، ولا يبقى بعد ، رئيس في ديار مصر ، وأُلقي فيها الرعب " .
" 32: 18-30: وأوحى إليّ الرب بكلمته قائلا : يا ابن آدم ، ولول على جند مصر ، … ، يسقطون صرعى وسط قتلى السيف . قد أسلمت مصر للسيف ، وأسروها مع كل حلفائها ، وهناك أشور ( سوريا ) وقومه ، … وحلفاؤه ، …. وهناك أيضا عيلام ( أفغانستان ) وحلفاؤها … وهناك أيضا ماشك وتوبال ( مدن روسية ) ، وكلّ حلفائهما ، … وهناك أيضا أدوم ( الأردن ) وملوكها ورؤسائها ، … وهناك أُمراء الشمال ، وكل الصيدونيين ( اللبنانيين ) ، … أولئك الذين أشاعوا الرعب في أرض الأحياء ، … ، كلهم قتلى ، وصرعى السيف " .
ـ هذه الفقرات الثلاثة ، مقتطعة من الإصحاحات ( 30 ، 31 ، 32 ) التي كرّرت بإسهاب ما جاء في الإصحاح ( 29 ) ، وعلى ما يبدو أن محتوى هذه الإصحاحات الثلاثة ، قد تناولته أقلام الكتبة بكثير من التبديل والتحوير والإضافة ، وقد أوردنا هذه الفقرات لتعيينها بعض الشعوب والدول ، التي يعتبرها الغرب أعداءً لله ، الذي هو المسيح عند النصارى . ويفترض الكثير من المفسّرين الجدد للتوراة ، أن الدول المذكورة في هذه النصوص ، ستقوم بالتحالف مستقبلا ، ومن ثم ستغزو إسرائيل وتنهي وجودها ، بقيادة مصر أو العراق أو روسيا منفردة أو مجتمعة ، مما يتسبب في مواجهة مصيرية كبرى بين الشرق والغرب ، يطلقون عليها تسمية ( هرمجدون ) الحرب العالمية الثالثة ، ويجزمون بأن النصر سيكون فيها حليف أحباء الله من اليهود والنصارى ، على أعداءه من المسلمين وغيرهم ، وحتمية وقوع هذه الحرب المستقبلية ، أصبحت في السنوات الأخيرة ، حقيقة وعقيدة راسخة لدى عامة نصارى الغرب وساستهم المهووسون بالنبوءات التوراتية ، وهذا مما ساهم فيه واستغلته اليهود في أمريكا ، لدفع أمريكا لخوض هذه الحرب الوهمية ، التي فيها كل المصلحة ليهود الشرق والغرب ضد العرب والمسلمين ، من قبل أن تبدأ .
وقد تكون هذه النصوص في الحقيقة ، تُخبر عن الاستعمار الغربي لكل البلدان العربية والبلدان الأخرى المذكورة فيها ، أو تُخبر عن توحيد البلدان المذكورة بالقوة ، من قبل ورثة نبوخذ نصر الجدد ، بعد قيامهم بإنهاء الوجود اليهودي في فلسطين .
خراب الأرض بعد خراب إسرائيل :
" حزقيال : 33: 24-29: فأوحى إليّ الرب بكلمته قائلا : يا ابن آدم ، إن المقيمين في خرائب أرض إسرائيل ، يقولون : إن إبراهيم كان فردا واحدا ، ومع ذلك ورث الأرض ، وهكذا نحن كثيرون ، وقد وُهبت لنا الأرض ميراثا . لذلك قل لهم أتأكلون اللحم بالدم ، وتتعلّق عيونكم بأصنامكم ، وتسفكون الدّم ، فهل ترثون الأرض ؟! اعتمدتم على سيوفكم ، وارتكبتم الموبقات ، … ، فهل ترثون الأرض ؟! قل لهم : هذا ما يُعلنه الرب : إن الذين يُقيمون في الخرائب ، يُقتلون بالسيف . والذين يسكنون في العراء ، أبذلهم قوتا للوحوش . والمتمنّعون في الحصون والمغاور يموتون بالوبأ ( يُفسّرونه على أنه السلاح النووي والكيماوي ) . فأجعل الأرض أطلالا مُقفرة ، ويُذلّ كبريائها وعزّتها … فيُدركون أنّي أنا الرب ، حين أجعل الأرض خربة مُقفرة ( وهذا ما ستُحدثه أسلحة الدمار الشامل التي يرتعبون منها لتوافقها مع ما جاءت به التوراة ) من جرّاء ما ارتكبوه من رجاسات " .
ـ وهذه النبوءة تؤكد زوال الدولة اليهودية بعد قيامها ، وذبح اليهود وتشريدهم وفنائهم ( بالنووي والكيماوي كما يعتقدون ) ، وبالإضافة إلى ذلك تؤكد خراب الأرض إجمالا ؟ ولكنهم يرفضون هذه النبوءة جملة وتفصيلا ، ويصرّون على مخالفة ما جاء فيها ، ويبذلون قصارى جهدهم لمنع تحقّقها . ولو طالعت نصوص التوراة بمجملها ، ستجد أنه بعد كل مرة ، تُخبر التوراة بحتمية نفاذ قضاء ( الرب ) في إسرائيل وشعبها عند الإفساد ، يُضيف ( كتبة التوراة ) نصوصا تفيد بأن ربهم دائما وأبدا يعود ويعفوا عنهم ، فيجمعهم من الأرض التي شُتتوا فيها ، ويعيدهم إلى أرض الميعاد التي وُهبت لهم ، فيّفسدون فيها ، فيُعذّبون ويُشتتون ، فيجمعهم ويعيدهم إليها ، وهكذا دواليك ، … ( حسب ما يشتهيه كتبة التوراة ) ، واليهود حتى بعد زوال دولتهم الحالية لن يستكينوا أو يهدءوا ، طمعاً في تحصيل ذلك الملك الأبدي الذي يحلمون به ، وهو ما رسم معالمه أقلامهم الكهنة والأحبار ، في النص التالي :
مَلِك القدس المنتظر من نسل إسماعيل لا من نسل داود :
" حزقيال : 37: 21-28: وأوحى إليّ الرب بكلمته قائلا : يا ابن آدم ، … ، وها أنا أحشد أبناء إسرائيل من بين الأمم ، التي تفرّقوا فيها ، وأجمعهم من كل جهة ، وأُحضرهم إلى أرضهم ، وأجعلهم أمة واحدة ، … ، تحت رئاسة ملك واحد ، … ، ولا ينقسمون إلى مملكتين . ولا يتدنّسون بعد بأصنامهم ورجاساتهم ، ولا بأيّ من معاصيهم ، بل أُخلّصهم من مواطن إثمهم ، وأُطهّرهم فيكونون لي شعبا ، وأكون لهم إلها . ويُصبح داود عبدي ملكا عليهم ، … ، فيمارسون أحكامي ويُطيعون فرائضي ويعملون بمقتضاها . ويُقيمون في الأرض التي وهبتها لعبدي يعقوب ، التي سكن فيها آباؤهم ، فيستوطنون فيها ، هم وأبناؤهم وأحفادهم إلى الأبد ، ويكون عبدي داود رئيسا عليهم مدى الدهر . وأُبرم معهم ميثاق سلام ، فيكون معهم عهدا أبديا ، … ، فتدرك الأمم أنّي أنا الرب مُقدّس إسرائيل ، حين يكون مقدِسي قائما فيهم ( أي العبادة لله ، ولكنهم يُفسّرونها بإقامة الهيكل ) إلى الأبد " .
ـ هذه النبوءة المُحرّفة هي ما يسير عليه اليهود منذ أجيال وما زالوا ، حيث أن كتبة هذا النص استخلصوا ما يُوافق أهوائهم وأطماعهم ، من مُجمل النبوءات السابقة واللاحقة وصهروها في بوتقة واحدة ، وبات من جاء بعدهم من اليهود ليحملها ويعتقد بها كحقيقة غير قابلة للنقض أو المناقشة ، فهي نُسبت إلى الرب . ومؤدى هذه النبوءة يقول : أنه وعند مجيئهم من الشتات ( نبوءة العلو والإفساد الثاني مع استثناء العقاب ، الذي طالما تحدّثت عنه النصوص السابقة ) ، سيبعث الله لهم ملكا ( وجاءت شخصية هذا الملك من خلال تجميع النبوءات الخاصة برسولنا ، وعيسى ، والدجّال ) ، وجعلوه من نسل داود ( مَلِكَهم الأول ) ، ويكون مُلكه الأبدي هذا في فلسطين ( يأتي من ربوات القدس ) ، وفي زمانه ينتشر الحقّ والعدل ( اليهوديين طبعا ) في أرجاء المعمورة . وعلى هذا يعتقد عامة اليهود أن عودتهم الحالية هي العودة الأخيرة والنهائية ، والتي ورد ذكرها في سورة الإسراء ، تحت عبارة ( وإن عُدّتم عدنا ) وليست المرة الثانية ، التي سيتحقّق فيها وعد الآخرة ، ولكن هذا الاعتقاد ليس يقينا بل هناك نسبة من الشك ، وهذا الشكّ تولّد نتيجة التناقض في النصوص التوراتية ، فهم يعملون على الاحتمال الأول مع عدم إغفالهم للاحتمال الثاني . وحقيقة النص أعلاه تُخبر عن مُلك المهدي في القدس ، وهو من نسل إسماعيل عليه الصلاة والسلام .
روسيا وحلفاؤها من نصارى الشرق يُهاجمون دولة الإسلام في زمن المهدي :
" حزقيال : 38: 1-12: وأوحى إليّ الرب بكلمته قائلا : يا ابن آدم ، التفت بوجهك نحو جوج أرض ماجوج ، رئيس روش ( روسيا ) ماشك ( موسكو ) وتوبال ، وتنبّأ عليه ، وقل : هذا ما يُعلنه السيّد الرب : ها أنا أنقلب عليك ، يا جوج رئيس روش وماشك وتوبال ، وأقهرك … ، وأطردك أنت وكل جيشك خيلا وفرسانا ، وجميعهم مُرتدون أفخر ثياب ، جمهورا غفيرا ، كلهم قابض سيف ، وحامل أتراس ومجانّ . ومن جملتهم ، رجال فارس ( إيران ) ، وإثيوبيا ( السودان ) وفوط ، … ، وأيضا جومر ( اليمن / أوروبا الشرقية ) وكل جيوشه ، وبيت توجرمة ( بلاد القوقاز الروسية / الشيشان ) من أقاصي الشمال مع كل جيوشه ، جيوش غفيرة اجتمعت إليك ( أي لرئيس روش ) . إذ بعد أيام كثيرة تُستدعى للقتال ، فتقبل في السنين الأخيرة ( آخر الزمان ) ، إلى الأرض الناجية من السيف ( فلسطين ) ، التي تم جمع أهلها من بين شعوب كثيرة ، فتأتي مُندفعا كزوبعة ، … أفكار سوء تراودك ، … ، للاستيلاء على الأسلاب ، ونهب الغنائم ، ومهاجمة الخرائب التي أصبحت آهلة ، ولمحاربة الشعب المجتمع من بين الأمم ، … ، المُستوطن في مركز الأرض " .
ـ هذا النص النبوي وقع فيه خلط كبير بين نبوءتين ، وحقيقة هذا النص تحكي وقائع الملحمة الكبرى ، التي ستقع مستقبلا بين الروس والعرب ، والتي سنتطرق لذكرها لاحقا ، ولنكمل النص …
خروج يأجوج ومأجوج ونهايتهم عند وصولهم لمشارف مدينة القدس :
"حزقيال : 38: 14-23: لذلك تنبّأ يا ابن آدم وقل لجوج ، هذا ما يُعلنه الرب : في ذلك اليوم عندما يسكن شعبي إسرائيل آمنا … وتُقبل أنت من مقرّك في أقاصي الشمال ، مع جيوش غفيرة ، تغشى الأرض ، كلّهم راكبو خيل ، … وتزحف على شعبي إسرائيل ، كسحابة تغطي الأرض ، في الأيام الأخيرة ، أني آتي بك إلى أرضي ، لكي تعرفني الشعوب ، عندما تتجلّى قداستي ، حين أُدمّرك يا جوج أمام عيونهم . هذا ما يقوله السيد الرب : ألست أنت الذي ، تحدّثت عنه في الأيام الغابرة ، على ألسنة عبيدي أنبياء إسرائيل ، الذين تنبّأوا في تلك الأيام لسنين كثيرة ؟! … ، وأُسلّط عليه السيف في كل جبالي ، فيكون سيف كلّ رجل ضدّ أخيه . وأُدينه بالوباء وبالدم ، وأُمطر عليه وجيوشه ، وعلى جموع حلفائه الغفيرة ، مطرا جارفا ، وبردا عظيما ، ونارا وكبريتا ، … فيدركون أني أنا الرب … فيخرج سكان مُدن إسرائيل ( بعد أن يكونوا قد اعتصموا منهم في جبال القدس ) ، ويحرقون الأسلحة والمجانّ ، والأترسة والقسيّ والسهام ، والحراب والرماح ، ويوقدون بها النار سبع سنين ، وينهبون ناهبيهم ، ويسلبون سالبيهم " .
ـ مفاد هذه النبوءة والنبوءة السابقة ، كما يُفسّره ويُأولّه الباحثون الجدد حديثا من اليهود والنصارى ، أن روسيا ( جوج وماجوج ) وحلفائها ، ستقوم بغزو أرض إسرائيل ، عندئذٍ سيقف الرب بجانب إسرائيل وحلفائها فيكون النصر حليفهم . والخلط الذي أوجده مؤلفو التوارة ، بتكرار ذكر يأجوج ومأجوج في نصين مختلفين ، دفع مفسّري التوراة في الغرب للاعتقاد بأن الروس هم يأجوج ومأجوج ، والحقيقة التي نعلمها نحن كمسلمون أن خروج يأجوج ومأجوج ، سيقع بعد زوال دولة إسرائيل ، بل بعد ذبح اليهود النهائي ، وبعد خروج الدجال ، ونزول عيسى عليه السلام ، وأما غزو الروس لبلاد الشام ، فسيكون لقتال المسلمين في زمن المهدي وقبل خروج الدجال .
الإطار العام للأحداث المستقبلية حسب الترتيب الزمني لحزقيال :
1. غزو الجيش العراقي لإسرائيل وإنهاء وجود اليهود فيها .
2. توحيد البلدان العربية تحت لواء واحد .
3. خراب الأرض في حرب عالمية نووية مُدمّرة بين معسكرين شرقي وغربي .
4. نزول الخلافة الإسلامية في القدس .
5. روسيا وحلفاؤها من نصارى الشرق يغزون دولة الإسلام في زمن المهدي .
6. خروج يأجوج ومأجوج ونهايتهم عند وصولهم لمشارف مدينة القدس .
ـ هذه هي قراءتنا لنبوءات حزقيال ، من خلال معرفتنا بأحداث آخر الزمان مما ورد في القرآن والسنة ، أما فهم النصارى الجدد لهذه النبوءات فهو فهم مرتبك ومضطرب ، إذ أنهم عند تفسيرها لا يُعيرون انتباها لترتيبها الزمني كما جاءت في سفر حزقيال ، فمعظم تفسيراتهم على اختلافها تذهب إلى أن كل هذه الأحداث ، ستتحقق في زمن واحد متمثلة في حرب عالمية ثالثة .
رؤى دانيال ونبوءاته
دانيال هو آخر الأنبياء الكبار ، وأحد الذين سُبوا إلى بابل طفلا ، وكتابه في مُعظمه يشتمل على رؤى نبوية ، تصف ما سيقع من أحداث في آخر الزمان ، وخاصّة فيما يتعلّق بقيام دولة اليهود الثانية وزوالها ، وعودة المسيح عليه السلام .
غزو العراق لإسرائيل سيُشعل الحرب العالمية الثالثة :
تفسير جبريل لإحدى رؤى النبي دانيال : " دانيال : 8: 19: وقال : ها أن أُطلعك على ما سيحدث ، في آخر حقبة الغضب ، لأنّ الرؤيا ترتبط بميعاد الانتهاء [ وقت المُنتهى ] ، أن الكبش ذو القرنين الذي رأيته هو ملوك مادي وفارس ( إيران والعراق ) ، والتيس الأشعر هو ملك اليونان ( الغرب ) ، والقرن العظيم النابت بين عينيه ، هو الملك الأول وما أن انكسر ، حتى خلفه أربعة عوضا عنه ، تقاسموا مملكته ، ولكن لم يُماثلوه في قوته . وفي أواخر ملكهم ، عندما تبلغ المعاصي أقصى مداها ( عند اكتمال الظلم ) ، يقوم ملك فظ حاذق وداهية [ جافي الوجه وفاهم الحيل ] ( بعض المفسّرون يرون بأنه الرئيس العراقي ) ، فيُعظم شأنه ، إنما ليس بفضل قوّته ( أي بقدرة الله ) . ويُسبّب دمارا رهيبا ( نتيجة استخدام أسلحة الدمار الشامل ) ، ويفلح في القضاء على الأقوياء ( أمريكا والغرب ) ، ويقهر شعب الله ( اليهود ) . وبدهائه ومكره يُحقّق مآربه ، ويتكبّر في قلبه ، ويُهلك الكثيرين وهم في طمأنينة ، ويتمرّد على رئيس الرؤساء ، لكنه يتحطّم بغير يد الإنسان ( أي يموت موتا طبيعيا ) " .
ـ يرى نوستراداموس ( المتنبئ الشهير ) قديما من خلال هذا النص ، أن نقطة البداية ( الشرارة ) للحرب العالمية النهائية المدمّرة ، ستكون محصورة في ثلاثة بلدان هي ( إيران والعراق وفلسطين ) أما أتباعه الجدد فيرون أن هذه النبوءة تتحدث عن صدام حسين ، وغزوه لإسرائيل وتدميرها وإشعاله لنار الحرب العالمية الثالثة ، فتارة يصفونه بنبوخذ نصر جديد ، وتارة يصفونه بصلاح الدين الجديد ، وتارة بدجال آخر الزمان الذي يظهر في إيران أو العراق ، وهذه النبوءة وتفسيراتها الحديثة مما يُفسر جانبا من العداء الغربي المرضيّ المزمن ، للعراق وللعراقيين ولشخص الرئيس العراقي .
فساد إسرائيل وإفسادها يؤكد حتمية زوالها :
" دانيال : 9: 11: قد تعدّى كلّ شعب إسرائيل على شريعتك ، وانحرفوا فلم يسمعوا صوتك ، فسكبت علينا اللعنة وما أقسمت أن توقعه بنا ، كما نصّت عليه شريعة موسى عبد الله ، لأننا أخطأنا إليك . وقد نفذّت قضاءك الذي قضيت به علينا ، وعلى قضاتنا الذين تولّوا أمرنا ، جالبا علينا على أورشليم شرا عظيما ، لم يحدث له مثيل تحت السماء . … ، ولم [ نتضرّع إلى ] وجهك أيها الرب إلهنا ، تائبين عن آثامنا ومُتنبّهين لحقك ، فأضمرت لنا العقاب ، وأوقعته بنا لأنك إلهنا البارّ في كل أعمالك ، التي صنعتها لأننا لم نستمع إليك ".
ـ هنا يُخبر دانيال عن العقاب على اعتبار ما سيكون ، وبأنه قضاء كان موسى عليه السلام قد أخبر عنه في كتابه ، وموضحا الأسباب التي أوجبت العقاب ، وأن العقاب سيُرفع لو سبقته التوبة ، ويقرّر دانيال أن الله عادل في عقابه لشعبه المختار .
قيام دولة اليهود الثانية :
ـ النص التالي هو تكملة لنصّ متداخل ، على ما يبدو أنه تكرار لنفس نص الرؤيا الأولى أعلاه ، لم أستطع تتبّع بداياته بدقة ، يتحدّث عن حروب وعن ملك ما ، لم أستطع تحديد ماهيته أو مخرجه ، ولكن من قراءة النص اللاحق ، يتبين أنه الذي تسبب في زوال الحكم الإسلامي وقيام دولة إسرائيل في فلسطين . ويصف هذا النص بدقة الواقع الحالي لأهل فلسطين وللعرب والمسلمين إجمالا ، ويحمل بشرى لهم بالنصر والفرج من عند الله ، عندما يحين موعد نهاية الدولة اليهودية ، وما كان عودة اليهود لفلسطين إلا امتحانا ، ليميز الطيب من الخبيث والمؤمن من المنافق .
" دانيال : 11: 31: فتُهاجم بعض قوّاته حصن الهيكل وتنجّسه ، وتزيل المحرقة الدائمة ( أي الحكم الإسلامي ) ، وتنصب الرجس المُخرّب ( أي دولة إسرائيل ) . ويُغوي بالمُداهنة المعتدين على عهد الرب ( اليهود ) ، أمّا الشعب ( الفلسطينيون ) الذين يعرفون إلههم فإنّهم يصمدون ويُقاومون . والعارفون منهم يُعلّمون كثيرين ، مع أنّهم يُقتلون بالسيف والنار ، ويتعرّضون للأسر والنهب أيّاما ( سنين معدودة ) ، ولا يتلقون عند سقوطهم ( قتلى وجرحى ) إلا عونا قليلا ، وينضمّ إليهم كثيرون نفاقا ( حال العرب ) ، ويعثر بعض الحكماء تمحيصا لهم وتنقية ، حتى يأزف وقت النهاية ( نهاية إسرائيل ) ، في ميقات الله المعيّن ( أي عند مجيء وعد الآخرة ) " .
حتمية نهاية إسرائيل على يد العراقيين :
" دانيال : 11: 36: ويصنع الملك ( ملك إسرائيل ) ما يطيب له ، ويتعظّم على كل إله ويُجدّف بالعظائم على إله الآلهة ، ويُفلح إلى أن يحين اكتمال الغضب ، إذ لا بدّ أن يتم ما قضى الله به ، ولن يبالي هذا الملك بآلهة آبائه ، … ، إنّما يكرم إله الحصون بدلا منهم ( أي يتّكل على القوة ) ، … . وعندما تأزف النهاية ، يُحاربه ملك الجنوب ، فينقضُّ عليه ملك الشمال ، كالزوبعة بمركبات وفرسان وسفن كثيرة ، ويقتحم دياره كالطوفان الجارف . ويغزو أرض إسرائيل ، فيسقط عشرات الألوف صرعى ، ولا ينجو منه سوى ، أرض أدوم وأرض موآب ، والجزء الأكبر من أرض عمون ( ممالك الأردن القديمة ) ، يبسط يده على الأراضي ، فلا تفلت منه حتى أرض مصر . ويستولي على كنوز الذهب والفضة ، وعلى كل ذخائر مصر ، ويسير الليبيون والأثيوبيون في ركابه ( ليبيا والسودان ) ، وتبلغه أخبار من الشرق ومن الشمال ، فيرجع بغضب شديد ، ليُدمّر ويقضي على كثيرين ، وينصب خيمته الملكية ، بين البحر وأورشليم ، ويبلغ نهاية مصيره ( الوفاة ) ، وليس له من نصير " .
ـ يبدو أن هذا النص يتحدّث عن آخر رئيس لإسرائيل ، وهو ملك لا يؤمن إلا بالقوة ولا يتكلّ إلا عليها ، والنص يصف الغزو العراقي القادم لإسرائيل ، وسيطرة رئيس العراق على معظم بلدان المنطقة وحكمه لها ، واتخاذه القدس عاصمة لملكه ، ومن ثم موته موتا لا قتلا . وأما ذكر ملكين من الشمال والجنوب ، فهو ناتج عن ارتباك كتبة التوراة ، في تحديد هوية هذا الملك ، والذي تبين لدينا من النبوءات السابقة ، أن هناك ملكين سيقومان بغزو إسرائيل ، الأول هو ملك بابل وكان مخرجه حسب إشعياء من الشرق ، وكان غزوه لإسرائيل حسب ارميا من الشمال ، وهذا يفيد بأنه خرج من الشرق ، وغزاهم من الشمال عن طريق سوريا حيث كان مُعسكرا في منطقة حماة . والملك الثاني هو جوج رئيس ماجوج أي الرئيس الروسي ، الذي سيغزوهم من أقصى الشمال ، ومع أن كل منهما حادث منفصل عن الآخر إلا أنهم جمعوهما في نص واحد بطريقة مربكة للقارئ ، مما أدى إلى حيرة الدارسين والباحثين الجدد لهذه النصوص ، في محاولاتهم لمعرفة ظروف الحرب العالمية الثالثة ، ولتحديد شقيّ النزاع فيها وأحلاف كل منهم ، وهذا النص تكرار لنص تفسير جبريل للرؤيا الذي تقدّم أعلاه .
" 12: 9: اذهب يا دانيال ، لأن الكلمات مكتومة ومختومة إلى وقت النهاية . كثيرون يتطهّرون ويتنقّون ويُمحّصون بالتجارب ( يُمتحنون ) ، أما الأشرار فيرتكبون شرا ولا يفهمون ، ولكن ذوو الفطنة يُدركون [ يفهمون ] " .
ـ يؤكد هذا النص أن الأحداث التي أخبر عنها ستأخذ مكانها في زمان النهاية ، وسيُمتحن من خلالها أناس كثيرون ، فمنهم من يقع بشرّ أعماله ، ومنهم من ينجو بجميل صنعه وفهمه ، واختياره للطريق الأصوب ، بناءً على ما جاء في هذه النبوءات .
بعض رؤى ونبوءات الأنبياء الصغار
وهم اثنا عشر نبيا ، وعلى ما يبدو أنهم بُعثوا في الفترة ، التي كان لليهود فيها تواجد في جزئي في القدس ، وتمتعوا فيها بحكم شبه ذاتي ، للقلة التي بقيت فيها ولمن عادوا من السبي البابلي ، وامتدت هذه الفترة ما بعد السبي البابلي إلى ما قبل بعث عيسى عليه السلام ، وسُمّوا بالأنبياء الصغار كون أسفارهم صغيرة الحجم ، حيث يتراوح عدد صفحات كل منها ما بين ( 2-12 ) صفحة ، ومعظم رؤاهم ونبوءاتهم تتحدث عن أحداث آخر الزمان ، المرتبطة بعودتهم الثانية إلى فلسطين :
سفر يوئيل
وصف أصحاب البعث الثاني :
" هذا ما أوحى به الرب ، إلى يوئيل بن فثوئيل : اسمعوا هذا أيّها الشيوخ ، وأصغوا يا جميع أهل الأرض ، …
1: 15: يا له من يوم رهيب ، لأن يوم الرب قريب ، حاملا معه الدمار من عند القدير ، … اصحوا أيها السكارى ، وابكوا يا جميع مدمني الخمر … فإن أمةً قوية قد زحفت على أرضي ، أُمة قوية لا تُحصى لكثرتها ، لها أسنان ليث وأنياب لبؤة ، …
2: 2: هو يوم ظلمة وتجهّم ، يوم غيوم مُكفهرّة وقتام دامس ، فيه تزحف أمة قوية وعظيمة ، كما يزحف الظلام على الجبال ، أمّة لم يكن لها شبيه في سالف الزمان ، تلتهم النار ما أمامها ، ويُحرق اللهيب ما خلفها ، الأرض أمامها جنة عدن ، وخلفها صحراء موحشة ، يثبون على رؤوس الجبال ، في جلبة كجلبة المركبات ، كفرقعة لهيب نار يلتهم القشّ ، وكجيش عات مُصطفّ للقتال . تنتاب الرعدة منهم كل الشعوب ، وتشحب كل الوجوه ، يندفعون كالجبابرة وكرجال الحرب ، … ، ينسلّون بين الأسلحة من غير أن يتوقفوا ، ينقضّون على المدينة ، ويتواثبون فوق الأسوار ، يتسلّقون البيوت ، ويتسلّلون من الكوى كاللصوص ، ترتعد الأرض أمامهم وترجف السماء ، … ، يجهر الرب بصوته في مُقدّمة جيشه ، لأن جُنده لا يُحصى لهم عدد ، ومن يُنفّذ أمره يكون مُقتدرا ، لأن يوم الرب عظيم ومخيف ، فمن يحتمله ؟! " .
ـ يوم الغضب الذي يصفه يوئيل ، هو اليوم الذي ستنقضّ فيه تلك الأمة القوية ، لتنفيذ وعد الآخرة في شعب الله المختار .
الإشارة إلى موعد زوال دولة إسرائيل فلكيا :
" يوئيل : 2: 30: وأجري آيات في السماء ، وعلى الأرض ، دما ونارا وأعمدة دخان . وتتحول الشمس إلى ظلام ( كسوف الشمس ) ، والقمر إلى دم ( وخسوف القمر ) ، قبل مجيء يوم الرب العظيم المُخيف . إنّما كل من يدعو باسم الرب يخلص ، لأن النجاة تكون في جبل صهيون وفي أورشليم …
ـ يُشير هذا النص إلى أن نهاية إسرائيل سيسبقها بعض الإشارات والدلائل في السماء وفي الأرض ، أما الإشارات الأرضية فهي قتل وسفك دماء ، ودمار ونار وحرائق ودخان ، وأما الإشارات السماوية فهي كسوف كلّي للشمس يليه خسوف كلّي للقمر ، تتم مشاهدتهما من فلسطين على التوالي ، والملفت للنظر أن الإشارات السماوية قد وقعت بالفعل في المنطقة ، فالكسوف الكلي للشمس حدث بتاريخ 11 / 8 / 1999م ، وتبعه خسوف كلي للقمر بتاريخ 9 / 1 / 2001 ، ولأول مرة بعد قيام الدولة اليهودية ، يتحصّل هذا الحدث على هذا النحو ، وهو ما لن يتكرّر قبل 180 سنة على الأقل .
فلسطين مسرح الحرب العالمية الثالثة :
3: 1: لأنّه في تلك الأيام ، وفي ذلك الحين ، عندما أردّ سبي يهوذا وأورشليم ، أجمع الأمم كلّها ، وأحضرهم إلى وادي يهوشافاط ، وأحاكمهم هناك ، من أجل شعبي وميراثي إسرائيل ، … ، نادوا بهذا بين الأمم ، وتأهبوا للحرب ، … ، أسرعوا وتعالوا من كل ناحية ، … ، لتنهض الأمم وتقبل إلى وادي القضاء ، … ، تعالوا ودوسوا ، فإن المعصرة الخمر قد امتلأت ، والحياض فاضت بكثرة شرّهم …
ـ يوم الغضب يشمل أيضا ، ما سيقع من غضب إلهي لاحق ، على بقية شعوب الأرض .
عودة الأمن والطمأنينة لفلسطين بعد الحرب :
وتقطر الجبال في ذلك اليوم خمرة عذبة ، وتفيض التلال باللبن ، وجميع ينابيع يهوذا تتدفق ماء ، ويخرج ينبوعا من هيكل الرب ، يروي واد السنط ، وتصبح مصر خرابا ، وأدوم قفرا موحشا ، لفرط ما أنزلوه من ظلم ، … ، ولأنهم سفكوا دما بريئا في ديارهم . أما يهوذا فإنّه يسكن الأرض إلى الأبد ، وتعمر أورشليم مدى الأجيال ، وأُزكّي دمهم الذي لم أُبرّئه ، لأن الرب يسكن في صهيون ( كناية عن الدين ) " .
رؤيا حبقوق
وصف الإفساد وأصحاب البعث الثاني :
" 1: 3-11: أينما تلفّت أشهد أمامي جورا واغتصابا ، ويثور حولي خصام ونزاع ، لذلك بطلت الشريعة ( تعطلّت ) وباد العدل ، لأن الأشرار يُحاصرون الصدّيق ، فيصدر الحكم مُنحرفا عن الحقّ .
تأمّلوا الأمم وأبصروا ، تعجّبوا وتحيّروا ، لأني مُقبل على إنجاز أعمال ، في عهدكم ، إذا أُخبرتم بها لا تصدّقونها . فها أنا أُثير الكلدانيين ، هذه الأمة الحانقة المُندفعة ، الزاحفة في رحاب الأرض ، لتستولي على مساكن ليست لها ، أمّة مُخيفة مُرعبة ، تستمدّ حُكمها وعظمتها من ذاتها . خيولها أسرع من النمور ، وأكثر ضراوة من ذئاب المساء ، فرسانها يندفعون بكبرياء ، قادمين من أماكن بعيدة ، مُتسابقين كالنسر المُسرع ، للانقضاض على فريسته ، يُقبلون جميعهم ليعيثوا فسادا ، ويطغى الرعب منهم على قلوب الناس قبل وصولهم ، فيجمعون أسرى كالرمل . يهزءون بالملوك ويعبثون بالحكام ، ويسخرون من الحصون ، يجعلون حولها تلالا من التراب ، ويستولون عليها . ثم يجتاحون كالريح ويرحلون ، فقوة هؤلاء الرجال هي إلههم " .
" 2: 3 لأن الرؤيا لا تتحقّق إلا في ميعادها ، وتسرع إلى نهايتها ، إنها لا تكذب وإن توانت فانتظرها ، لأنها لا بدّ أن تتحقّق ولن تتأخر طويلا " .
عودة الإسلام بخروج المهدي من مكة وانتصاره في جميع حروبه :
" 3: 3-13: قد أقبل الله من أدوم ( الأردن ) ، وجاء القدّوس من جبل فاران ( مكة ) ، غمر جلاله السماوات ، وامتلأت الأرض من تسبيحه ، إن بهاؤه كالنور ، ومن يده يومض شعاع ، وهناك يحجب قوّته . يتقدّمه وبأ والموت يقتفي خطاه . وقف وزلزل الأرض ، تفرّس فأرعب الأمم ، اندكّت الجبال الأبدية ، وانهارت التلال القديمة ، أما مسالكه فهي منذ الأزل ، لقد رأيت خيام كوشان تنوء بالبلية ، وشُقق أخبية ديار مديان ترجف رعبا " .
ـ هذا النص مشابه للنص النبوي الذي ورد في سفر التثنية بداية هذا الفصل ، فعبارة ( جاء القدّوس ) تُشير إلى عودة الدين ، وعبارة ( من جبل فاران ) ، تُحدّد مكان ظهور القائم على أمره وهي جبال الجزيرة العربية ، أما عبارة ( قد أقبل الله ) ، فتعني قدوم شيء من أمر الله ، كالبعث أو الملك المنتظر ، وعبارة ( من أدوم ) أي من الأردن ، تُشير إلى الجهة التي سيأتي منها البعث ، أو التي سيأتي منها المهدي لدخول القدس ، وعلى ما يبدو أن هذا النص ، جاء ليُفسّر ويُفصّل النبوءة ، التي جاءت على لسان موسى عليه السلام ( وأتى من ربوات القدس ، وعن يمينه نار شريعة لهم ) ، وتؤكد أن المهدي سيظهر في مكة ، ومن ثم سينتقل إلى القدس ليُعيد للإسلام مجده وبهاءه ، وليُيدد بنوره عصورا من ظلام القلوب والعقول .
رؤيا صفنيا
وصف إفساد إسرائيل والوعد بعقابها :
3: 1-4: ويل للمدينة الظالمة المُتمرّدة الدنسة ، التي لا تُصغي لصوت أحد ، وتأبى التقويم ، ولا تتكلّ على الرب ، ولا تتقرّب من إلهها ، رؤساؤها في داخلها أُسود زائرة ، وقضاتها كذئاب المساء الجائعة ، التي لا تبقي شيئا ، من فرائسها إلى الصباح ، أنبياؤها مغرورون وخونة ، وكهنتها يُدنّسون المقدس ، ويتعدّون على الشريعة …
" 1: 2: يقول الرب : سأمحو محوا كل شيء عن وجه الأرض ، … . أمدُّ يدي لأُعاقب يهوذا وكل أهل أورشليم ، وأُفني من هذا الموضع بقية عبدة البعل ، وكل كهنة الوثن . … ، فتصبح ثروتهم غنيمة ، وبيتهم خرابا " .
الحرب القادمة مُباغتة وسريعة :
1: 14-18: إن يوم الرب العظيم قريب ، وشيك وسريع جدا . دويُّ يوم الرب مُخيف ، فيه يصرخ الجبار مرتعبا ، يوم غضب هو ذلك اليوم ، يوم ضيق وعذاب ، يوم خراب ودمار ، يوم ظلمة واكتئاب ، يوم غيوم وقتام . … ، فيه أُضايق الناس فيمشون كالعمي ، لأنهم أخطئوا في حقّ الرب ، فتنسكب دماؤهم كالتراب ، ويتناثر لحمهم كالجلّة . لا يُنقذهم ذهبهم ولا فضتهم ، في يوم غضب الرب ، إذ بنار غيرته تُلتهم كلّ الأرض ، وفيه يضع نهاية ، مُباغتة كاملة سريعة ، لكلّ سكان المعمورة " .
ـ اعتمادا على هذا النص يعتقد معظم المفسّرون الغربيون ، بأن الحرب العالمية القادمة ستكون مباغتة وسريعة جدا ، وستحسم في فترة زمنية قصيرة جدا تُعدّ بالأيام . وقصر المدة يُشير إلى حتمية استخدام أسلحة الدمار الشامل بكافة أشكالها .
سفر حجّي
إعادة بناء الهيكل طمعا في الذهب والفضة :
" 1: 7-8: هكذا يقول الرب القدير : تأملوا فيما فعلتم ، اصعدوا الجبل ، واجلبوا خشبا وشيّدوا الهيكل ، فأرضى عنه وأتمجّد …
2: 5-9: بمقتضى عهدي الذي أبرمته معكم ، عندما خرجتم من ديار مصر ، إن روحي ماكث معكم ، فلا تفزعوا . لأنه هكذا يقول الرب : ها أنا مُزمع مرّة أخرى ، عمّا قليل أن أُزلزل السماء والأرض والبحر واليابسة ، وأن أُزعزع أركان جميع الأمم ، فتُجلب نفائسهم إلى هذا المكان ، وأملأ الهيكل بالمجد ، فالذهب والفضة لي يقول الرب القدير ، ويكون مجد هذا الهيكل الأخير ، أعظم من مجد الهيكل السابق ، وأجعل السلام يسود هذا الموضع ، يقول الرب القدير " .
ـ هذا النص المُحرّف ، مما يتّخذه اليهود كدعوة لإعادة بناء الهيكل ، والحقيقة أن الله أمرهم بعبادته وإقامة شريعته ، ولكنهم يعبدون الذهب والفضة ، ومستودعها هو الهيكل ، ويسعون لبناءه لجعله مصرف دولي أو بورصة عالمية ، وهذا كان حالهم عند مجيء المسيح عليه السلام ، وكما هو موصوف بالإنجيل ، وأما النص غير المُحرّف الذي يخبرهم فيه ربهم ، بأنه لا يريد منهم هيكلا وإنما يريد منهم صلاحا وإصلاحا ، فهو موجود أيضا في نفس السفر ، بعد أسطر قليلة وهذا نصه :
" 2: 14-15: هذا هو حال الشعب ، … ، فكلّ أعمال أيديهم ، وما يُقدّمونه نجس . والآن تأملوا فيما صنعتم اليوم ، وفيما صنعتم في الأيام السالفة ، قبل أن تضعوا حجرا فوق حجر ، لبناء هيكل الرب !!! " .
سفر زكريا
تحذير يهود هذا الزمان على لسان زكريا عليه السلام :
1: 2-6: لقد غضب الربّ أشدّ الغضب على آبائكم ، ولكن قُل لهم هذا ما يُعلنه الرب القدير : ارجعوا إليّ فأرجع إليكم . ولا تكونوا كآبائكم ، الذين حذّرهم الأنبياء السابقون ، قائلين : ارجعوا عن طُرقكم الباطلة ، وأعمالكم الشرّيرة ، ولكنّهم لم يسمعوا ولم يُصغوا إليّ ، … ألم تدركوا أقوالي وفرائضي ، التي أمر بها عبيدي الأنبياء آباءكم ، قائلين : لقد نفّذ الرب القدير ، ما عزم أن يُعاقبنا به ( في المرة الأولى ) ، بمقتضى ما ارتكبناه ، من أعمال باطلة " .
" 7: 8: هذا ما يقوله الرب القدير : اقضوا بالعدل ، وليُبدِ كل منكم إحسانا ورحمة لأخيه . ولا تجوروا على الأرملة واليتيم ، والغريب والمسكين . ولكنهم أبَوْا أن يُصغوا ، واعتصموا بعنادهم غير عابئين ، وأصموا آذانهم لئلا يسمعوا . وقسّوا قلوبهم كالصوّان لئلا يسمعوا ، … ، فانصبّ غضب عظيم من لدن الرب القدير ، … وأضحت الأرض المبهجة قفرا " .
مصير الشعب اليهودي في إسرائيل :
" 13: 7-9: ويقول الرب القدير : استيقظ أيها السيف ، وهاجم راعيَّ ورجل رفقتي ، اضرب الراعي فتتبدّد الخراف ، ولكنّي أردّ يدي عن الصّغار ( أي المستضعفين ) . يقول الرب : فيفنى ثُلثا شعب أرضي ، ويبقى ثُلثهم حيا فقط . فأُجيز هذا الثلث في النار ، لأُنقيه تنقية الفضة ، وأمُحّصه كما يُمحّص الذهب " .
ـ هذا النص يُشير إلى الوعد الثاني وعقابه ، حيث يفنى ثلثان وينجو ثلث ، وهذا الثلث يُمتحن بمجيء الدجال فيفنى من تبعه منهم ، وينجو منهم من يعتنق الإسلام .
" 14: 1: انظروا ها يوم مُقبل للرب ، يُقسم فيه ما سُلب منكم في وسطكم . لأني أجمع الأمم على أورشليم لتحاربها ، فتُؤخذ المدينة وتُنهب البيوت ، وتُغتصب النساء ، ويُسبى نصف أهلها إلى المنفى ، إنّما لا ينقرض بقية الشعب من المدينة " .
الحرب العالمية النووية الثالثة :
ـ يعتقد مُجمل الغربيون من يهود ومسيحيين ، من مفسّري النصوص التوراتية ، أن حربا نووية ستقع في المستقبل القريب تبدأ بهجوم على إسرائيل ، من قبل روسيا وحلفائها من الشرقيين المذكورين في النصوص السابقة . وستكون نتيجة هذه الحرب هي انتصار إسرائيل وحلفائها الغربيّون ، وفيما يلي بعض النصوص التي تُخبر عن ظروف هذه الحرب :
" 12: 1-6: ها أنا مُزمع ، أن أجعل أورشليم كأس خمر ، تترنّح منها جميع الشعوب المُحيطة بها ، … ، في ذلك اليوم أجعل أورشليم كصخرة ثقيلة ، تعجز عن حملها جميع الشعوب . وكل من يُحاول حملها ينشقّ شقّا ، ويتألّب عليها جميع شعوب الأرض ، في ذلك اليوم ، يقول الرب : أُصيب كل فرس من جيوش الأعداء بالرعب ، وفارسه بالجنون ، … ، أجعل عشائر يهوذا ، … ، كمشعلٍ ملتهبٍ بين أكداس الحنطة ، فيلتهمون الشعوب من حولهم ، ممن عن يمينهم وعن يسارهم ، بينما تظلّ أورشليم ، آمنة آهلة في موضعها " .
ـ مع أنّ هذا النص يُشير إلى أن إسرائيل ، ستُهاجم من قبل أمم كثيرة فينتصر الرب لأورشليم وعشائرها وتبقى آمنة مطمئنة ، لكن في النصوص التي تلي هذا النص ، تجد نواحا ونحيبا من قبل ذرية داود ، والنواح والنحيب لا يكون عادة من شدة الفرح وإنما من شدة الألم ، لوقوع فاجعة ما حلّت بهم ، وفي النص التالي وصفا لهذا النواح :
" 12: 11: في ذلك اليوم يكون النواح في أورشليم ، مماثلا للنواح في هدد رمّون في سهل مجدّو ، فيشيع النحيب بين أهل البلاد " .
ـ وحسب ما يعتقد اليهود والنصارى ، فإن هذا النص يُحدّد ساحة المعركة البرية ، في الحرب القادمة المُسمّاة ( هرمجدون ) بين إسرائيل وأعدائها ، في سهل مجدّو شمال فلسطين .
" 14: 12: وهذا هو البلاء الذي يُعاقب به الرب ، جميع الشعوب الذين اجتمعوا على أورشليم : تتهرّأ لحومهم وهم واقفون على أرجلهم ، وتتآكل عيونهم في أوقابها ، وتتلف ألسنتهم في أفواههم . 13: في ذلك اليوم يُلقي الرب ، الرعب في قلوبهم ، حتى ترتفع يد الرجل ضد رفيقه فيهلكان معا . 14: ويُحارب أبناء يهوذا أيضا دفاعا عن أورشليم ، ويغنمون ثروات من الأمم المُحيطة " .
ـ يُشكّل هذا النص توليفة غريبة ، من صنع الكتبة . فالفقرة (12) تصف ما يُشبه تأثير تعرّض الجسم لحرارة شديدة جدا . والآية (13) تصف ما يُشبه قيام الساعة . والفقرة (14) وكأنها نص مأخوذ مما يلي الفقرة (16) في النص اللاحق ، إذ كيف يقوم أبناء يهوذا بمحاربة الجثث المحترقة !!!
" 9: 13: ها أنا أُتر يهوذا كقوس ، وأجعل أفرايم كسهم ، وأُثير رجال صهيون على أبناء اليونان ، فتكونين كسيف جبّار . … ، 15: يقيهم الرب القدير حجارة المقلاع ، بل تقصر عنهم ويطئونها ، ويشربون ويصخبون كالسكارى من الخمر ( من نشوة النصر ) . 16: في ذلك اليوم ، يُخلّصهم الربّ إلههم لأنهم شعبه وقطيعه ، ويتألقون في أرضه كحجارة كريمة مرصّعة في تاج ، فما أجملهم وأبهاهم ! " .
ـ هذا النص يصف رجالا يُقاتلون أبناء اليونان أي ليس آباءهم ، واليونان هم الغرب ويُمثّلهم الآن أمريكا وبريطانيا وحلف الناتو ، وهم كما نعلم حلفاء لإسرائيل ، فكيف سيقاتل رجال صهيون حُلفائهم من أبناء اليونان ؟
ـ ملخص ما تُفصح عنه هذه النصوص :
بربط هذه النصوص مع النصوص السابقة ، نجد أن النصوص السابقة تُحذّر اليهود من الإفساد في الأرض ، ومن ثم تُخبر بأن الإفساد سيقع منهم لا محالة ، مما يُحتم انسكاب الغضب الإلهي عليهم ، والنتيجة هي وفاة ثلثيهم ونجاة ثلث وخراب أرضهم ، بمعنى نهاية دولتهم في فلسطين ، وهذا يعني أن القدس ستكون في أيدي أناس من غير اليهود ، وهم الذين أنهوا الوجود اليهودي فيها .
ومن ثم تبدأ بالإخبار بأن أورشليم أي القدس ، ستكون محط أنظار جميع شعوب العالم ، وبأن شعوبا كثيرة ستأتي لقتال أهلها والاستيلاء عليها ، فيهلكوا جميعا وتبقى القدس آمنة عامرة بسكانها . وهلاك هذه الشعوب سيكون باحتراقها بالأسلحة النووية ، ويُحارب أهل فلسطين آنذاك في معركة برية فيُنصرون ويغنمون ويسلمون .
والخصم يُحدّده النص الأخير بأبناء اليونان ، أي حلف الناتو بقيادة أمريكا ، ويُخبر النص بأن الله سيقي شعبه المتواجد في فلسطين ، من صورايخ أعداءهم وقنابلهم ، ويكون النصر حليفهم ، ومن ثم يُخبر عن صفة القوم الذين يُحاربون أبناء اليونان ، وهي صفة لا تليق إلا بالمسلمين .
بناء الهيكل تعبير مجازي والمراد منه إقامة الدين وليس إقامة البناء :
" 1: 14-17: هذا ما يقوله الرب القدير : إنّي قد غرت على أورشليم ، وعلى صهيون ( جبل المسجد ) غيرة عظيمة ، ( من أجل ما فعلوه فيها ) ، ولكنّ غضبي مُتأجج على الأمم المتنعمة ( وهم على رأسها ) . لقد اغتظت قليلا ( والأصحّ كثيرا ) من شعبي ، إلا أنّهم زادوا من فواجعهم . لذلك يقول الرب : سأرجع إلى أورشليم بفيض من المراحم ( بعودتها إلى أهلها ) ، فيُبنى هيكلي ( فيُقام الدين ) ، وتعمر أورشليم ( تُتّخذ عاصمة للحكم الإسلامي ) ، واهتف قائلا : هذا ما يقوله الرب القدير : ستفيض مُدني خيرا ثانية ويرجع الرب ، فيُعزّي صهيون ويصطفي أورشليم " .
ـ وفيما يلي تكرار لنفس النص ، ولكن بدون التشويهات التي أضافها الكهنة إلى النص أعلاه :
" 8: 2-3: هذا ما يقوله الرب القدير : إنّني أغار على صهيون غيرة عظيمة ، مُفعمة بغضب شديد على أعدائها ( وأعداءها هم اليهود أنفسهم ) . لهذا يقول الرب القدير : ها أنا عائد إلى صهيون لأُقيم في أورشليم ، فتُدعى آنئذ مدينة الحقّ ، كما يُدعى جبل الرب القدير بالجبل المُقدّس " .
ـ وهذا سيكون عند ظهور ملك القدس المنتظر ، الذي تتحدّث عنه النصوص التالية :
المهدي ومسمّاه وصفة ملكه :
" 3: 8: فأصغ يا يهوشع رئيس الكهنة ، أنت وسائر رفاقك الكهنة الجالسين أمامك ، أنتم رجال آية ( أي شهود ) : وها أنا آتي بعبدي الذي يُدعى الغصن " .
" 6: 12-15: هكذا يقول الرب القدير : ها هو الرجل الذي اسمه الغصن ، ينبت من ذاته [ وفي الترجمة الثانية / ومن مكانه ينبت ] ، ويبني هيكل الرب ( أي يقيم الدين ) . هو الذي يبني هيكل الرب ويتجلّل بالمجد ، ويكون ملكا وكاهنا في آن واحد ( أي خليفة قائم بأمر الدين والدنيا ) ، فيجلس ويحكم على عرشه ، فيعمل بفضل مشورة رتبتيه ( أي الملك والكهانة ) ، على إشاعة السلام بين قومه . ويتوافد قوم من بعيد ليبنوا هيكل الرب .
ـ وهذا الرجل غصن من شجرة إسماعيل عليه الصلاة والسلام ، وينبت في نفس المكان أي من جزيرة العرب ، التي يُسمّونها في التوراة جبال فاران .
" 8: 19-22: ستكون مواسم ابتهاج وفرح وأعياد سعيدة ، يتمتع بها شعب يهوذا ، لهذا أحبّوا الحقّ والسلام ، … . فتتوافد أمم كثيرة وشعوب قويّة ، ليلتمسوا وجه الرب القدير في أُورشليم وليحظوا برضاه .
ـ قارن ما بين النصين لتكتشف التحريف والتبديل ، حيث وضعوا شعب يهوذا في النص ( 19-22) بدلا من قومه في النص ( 12-15) أعلاه ، وأضافوا إلى النص الثاني ابنة صهيون وابنة أورشليم .
ملك القدس المنتظر الذي تُخبر عنه توراة اليهود هو المهدي :
" 9: 9-10: ابتهجي جدا يا ابنة صهيون ، واهتفي يا ابنة أورشليم ، لأن هو ذا ملكك مُقبل إليك . هو عادل ظافر ، ولكنّه وديع راكب على أتان . وأستأصل المركبات الحربية من أفرايم ، والخيل من أورشليم ، وتبيد أقواس القتال ، ويشيع السلام بين الأمم ، ويمتدُّ ملكه من البحر إلى البحر ، ومن نهر الفرات إلى أقاصي الأرض " .
ـ يقول اليهود أنه الملك الرب ، ويقول النصارى أنه عيسى عليه السلام وقد تحقق ذلك ، والحقيقة أن هذه النبوءة مستقبلية ولم تتحقق لغاية الآن ، فصاحبها هو المهدي الذي سيقهر كل خصومه ، ومن ثم يشيع السلام والأمن ، على امتداد ملكه الموصوف بالنص ، وهذا مما يجعل أي صحوة إسلامية ، تدبّ الرعب في قلوبهم الفزعة .
النبوءات التوراتية وأثرها في تشكيل القناعات والعقائد اليهودية المشوّهة :
هذه النبوءات التوراتية الواعدة ، شكلّت أحد أبرز العقد في الشخصية اليهودية ، وهي التطلع الدائم إلى الملك والسيادة في أرض الميعاد . وهذه النبوءات كانت تُسيّر اليهود على مدى تاريخهم الطويل وما زالت ، في حلّهم وترحالهم في أرجاء الأرض ، بحثا عن هذا المُلك التوراتي الموعود الذي نسجته أقلام الكهنة ، فظلموا أنفسهم وظلموا من جاء بعدهم ممن آمن بأن هذا من عند الله ، ليُلاقي عُميان البصر والبصيرة من أبنائهم هذه الأيام مصيرهم المظلم والمحتوم ، والذي تقشعرّ من وصفه في التوراة أبدان الذين يعقلون من الناس . ولكن اليهود … لا يسمعون … ولا يُبصرون … ولا يعقلون … ولا يفقهون … إلا أكاذيب أربابهم من الكهنة والأحبار . ولذلك سيكون من ينجو منهم من عقاب وعد الآخرة ، صيدا سهلا للدجّال عند ظهوره بملكه المادي ، الذي هو الأقرب للوصف الذي خطه الكهنة ، وهو الأقرب لأهوائهم وأطماعهم ، التي لم تختلف قيد أنملة عن أهواء وأطماع أسلافهم .
قراءة في العقائد اليهودية :
اليهود أقرب إلى الإقرار بوجود الله من إنكاره ، ولكن معرفة المُقِرّ منهم بالله محصورة ، في إطار ما جاء في التوراة والتلمود ، التي تصف الله بصفات ، أقرب ما يكون إلى صفات الأب البشري ، الذي يعطي ويعطف ويعفو ويصفح ، ولا يغضب على أبنائه مهما بلغوا من السوء ، ويُخطئ ولكنه يعود ويعترف بخطئه في حق أبنائه ويرجع عنه ، وكأنهم الابن البكر صاحب الحظوة عند الأب كما هي العادة ، ويتعاملون مع الله على هذا الأساس لفهمهم الخاطئ لمسألة التفضيل ، باختيارهم لحمل الرسالة السماوية ورعاية الله لهم فيما مضى من الزمان ، وتستطيع تصوّر العقلية التي يتعاملون بها مع الله ، بعقلية الابن المُدلّل الأناني الفاسد والمفسد عديم البصر والبصيرة ، والذي لا يتوقع من أبيه الأذى مهما ارتكب من أخطاء . حتى ولو حذّره والده مرارا وتكرارا من استمراره على نفس الحال ، فهو لا يريد أن يُصدّق أن هذا الأب المعطاء الحاني ، من الممكن يوما من الأيام أن يُعاقب ابنه المدلّل مهما كانت الأسباب . وتستطيع تصوّر الكيفية التي يتعامل بها اليهود مع باقي البشر ، من خلال الكيفية التي يتعامل بها ذلك الابن مع باقي أخوته ، وهذه الكيفية هي ما تجده في تعاليم التلمود .
وأخطر معتقدات اليهود هو عدم الإيمان باليوم الآخِر ، فمؤدى نكر