طه حسين تاريخ التسجيل : 27/05/2009
| موضوع: هى أزمة الكهرباء.. أزمة راعٍ أم أزمة رعية؟ الإثنين أغسطس 13, 2012 12:45 pm | |
| هى أزمة الكهرباء.. أزمة راعٍ أم أزمة رعية؟
وقف رئيس الوزراء متحدثا عن أزمة الكهرباء وقدم أسبابا تبدو منطقية لانقطاع التيار الكهربائى وصارحنا بالمشكلة التى تواجهنا، ونصح الناس بأن يُرشّدوا من استهلاك الكهرباء وصولا إلى ارتداء الملابس القطنية؛ حيث إنها أفضل لمواجهة حرارة الجو المرتفعة. ووعد فى نفس الوقت باتخاذ الإجراءات المنطقية لرفع طاقة شبكة إنتاج الكهرباء فى مصر.
وهنا خرج علينا من تعامل مع كلام رئيس الوزراء بالسخرية والتريقة، وكأن المطلوب من رئيس الوزراء أو أى مسئول فى مصر ألا يصارحنا بحقيقة أحوالنا وألا يوجه الرأى العام فى اتجاه ما يحقق الصالح العام. لو المسألة مجرد «تنكيت» كعادتنا فى توليد النكات من أى موقف، فلا مانع، ولكن تصوير الأمر وكأن أزمة الكهرباء هى مسئولية الحكومة وحدها من باب «خلّى مرسى ينفعكم» و«رئيس الوزرا بيهيس» كما قرأت على بعض المواقع، يعنى أننا نخطئ التشخيص وسنخطئ العلاج وستتفاقم المشكلة.
تحدثت فى هذا المكان من قبل عن خماسية: القيادة، والقرار، والقيم، والقانون، وقواعد السلوك. ولا أعرف كيف ستتغير قواعد السلوك إن كانت نظرتنا للقيادة ولقراراتها ونظرتنا للقيم وللقانون بهذه الدرجة من الاستهزاء والسخرية.
أقبل «النقد» وأتفاعل معه طالما يهدف للصالح العام، لكن النيل من كل فرصة نصح أو إصلاح تجعل الإنسان يحار هل نحن نريد الباطل فنصيبه أم نحن نريد الحق فنخطئه!
أتذكر أن سيدنا الإمام على، رضى الله عنه، سأله سائل: لماذا كثرت الفتن فى عهدك وعهد عثمان ولم تكن هناك فتن فى عهد أبى بكر وعمر؟ وكان رد الإمام على أنه فى عهد أبى بكر وعمر كانت الرعية «مثلى ومثل عثمان، أما فى عهد عثمان وعهدى فكانت الرعية من أمثالكم».. وأيا ما كانت درجة دقة العبارة فإنها تعبر بالفعل عن الفجوة بين الثقافة السياسية لمجتمع إن صارحته ونصحته تجاوب وانفعل، ومجتمع إن صارحته ونصحته سخر واستهزأ.
التعميم خطأ، لكن حتى تلك النسبة التى لا تتجاوب مع أى اتجاه لإصلاح أحوال المجتمع هم عبء على المجتمع لأنهم يرون المجتمع عبئا ثقيلا.
لو جاء إلينا أفضل قيادات العمل السياسى فى العالم، ونحن لا نتجاوب معهم، إذن فقد اخترنا الموت. وقد قالها أحمد مطر معلقا على تلك الثقافة التى تتغنى بأمجاد الماضى ولا ترى التضحيات التى بذلها هؤلاء من أجلها.. قال مطر:
«وغاية الخشونة أن تندبوا: (قم يا صلاح الدين، قم)، حتى اشتكى مرقده من حوله العفونة، كم مرة فى العام توقظونه، كم مرة على جدار الجبن تجلدونه، أيطلب الأحياء من أمواتهم معونة؟ دعوا صلاح الدين فى ترابه واحترموا سكونه، لأنه لو قام حقا بينكم فسوف تقتلونه».
صدق الرجل فعلا، ننادى على قيادة تحكمنا، وقبل حتى أن تصل إلى السلطة نرميها بالسخرية التى تنال من قدرتها على إدارة الرأى العام للصالح العام.
المشكلة ليست فى مجلس الوزراء أو فى مقر الرئاسة فقط.. المشكلة فى كل مكان يقول فيه الناس ما لا يفعلون. وأقسم بالله غير حانث إن ابنى وابنتى الآن ينامان معا فى نفس الحجرة كى يستخدما نفس جهاز التكييف بدلا من استخدام جهازين مستقلين اقتناعا منا بأن هذا الأفضل لخير هذا البلد فى هذه المرحلة.
أنا خلصت، اشتمونى بقى. أو لأ، استنوا: اتّريقوا علىّ أحسن.
تسهيلاً على زوارنا الكرام يمكنك الرد من خلال تعليقات الفيسبوك
|
|