عن 24 أغسطس سألونى
معتز بالله عبد الفتاح الجمعة 17-08-2012 09:29
الديمقراطية لها آداب إن لم نعلمها ثم نلتزمها تتحول الديمقراطية إلى حالة من الاقتتال الدائم بين أفراد المجتمع وفئاته المختلفة، ويكون الاستبداد بما يتضمنه من قمع أفضل من وجهة نظر بعض قطاعات المجتمع، لماذا؟
لأن الديمقراطية تفترض مساحة أكبر من الحقوق للأفراد، ولكن مع غياب آداب الديمقراطية، يكون هناك تعسف فى استخدام الحق، والتعسف فى استخدام الحق هو الباب المنطقى للفوضى، والفوضى هى المدخل المنطقى لعودة الاستبداد مرة أخرى، حيث يتحول الناس من المطالبة بـ«الأمن أولاً» إلى المطالبة بـ«الأمن فقط».
ومن هنا ننتقل من التعسف فى استخدام الحق المفضى إلى الفوضى، إلى التعسف فى استخدام السلطة المفضى إلى الاستبداد، لذا فلنحاول بمناسبة 24 أغسطس القادم أن نتعلم ما تعلمه السابقون علينا فى مجتمعات أخرى من آداب الديمقراطية، وهذا ليس عيباً، فقد تعلم الأمريكان من الأوروبيين، وهو ما يشهد به ديفيد ثورو كواحد من أشهر من درسوا الاحتجاج السلمى، وتعلمت الحركات اليسارية فى أمريكا اللاتينية من كتابات روزا لو*****بورج، ونحن لسنا أقل من الآخرين كى نتعلم ما نحتاج إليه، وعليه أقول: إن هناك نوعين من الاحتجاج، كل أشكال الاحتجاج السلمى مكفولة ويحترمها القانون وينبغى أن ينظمها، وكل أشكال الاحتجاج العنيف مرفوضة ويجرمها القانون، وأهم أشكال الاحتجاج السلمى أربعة: الاعتصام فى أماكن مفتوحة بما لا يعطل العمل أو يقطع الطرق، وهناك ثانية الإضراب الجزئى أو الشامل عن العمل بما لا يترتب عليه تعريض حياة الآخرين للخطر، بما فى ذلك الإضراب عن الطعام، ويأتى التظاهر السلمى كبديل ثالث للتعبير عن مطالب أصحابه سلمياً، وأخيراً العصيان المدنى الذى هو أقلهم فى المجهود البدنى المبذول ولكنه أخطرهم فى نتائجه لأنه يعنى ضمناً، إن كنا جادين فيه، رفض المنضمين للعصيان المدنى الاعتراف بشرعية الحكومة القائمة سواء لأنها مستبدة أو عميلة أو مستعمرة.
أما أشكال الاحتجاج غير السلمى ومن ثم غير القانونى فهى كثيرة ومتنوعة وقد تصل إلى الحرب الأهلية، وهى تبدأ من غلق الطرق والاختطاف والاغتيالات وحرق المنشآت والعنف الجماعى (سواء منخفض الحدة أو مرتفع الحدة) وصولاً إلى القتل الجماعى أو الإبادة أو الحروب الأهلية، نجانا الله وبلادنا من هذه المخاطر.
أحسب أن المشاركين فى الثورة فى أيامها الأولى كانوا أكثر وعياً بمخاطر الانحراف عن آداب الاحتجاج السلمى ولم يكونوا يستخدمون العنف إلا كرد فعل فى مواجهة العنف المبالغ فيه من قِبل الشرطة، وحتى أولئك الذين قاموا بحرق الأقسام ومبانى الحزب الوطنى، يمكن فهم تحركهم فى ضوء أنهم كانوا يعتدون على المنشآت التى ترمز للنظام الذى أمعن فى إذلالهم، ومع الأسف، استمر الأمر فى حرق منشآت أخرى، مثل المجمع العلمى، ليست ذات دلالة رمزية سياسياً إلا أنها كانت مركزاً للهجوم على الشباب المتظاهر.
إذن، لا بد من قانون جديد للتعبير عن الحق فى التظاهر والإضراب والاعتصام حتى لا يختلط الحابل بالنابل. إن لمسة اليد المقصودة فى مباريات كرة القدم حين تكون فى منتصف الملعب تكون عقوبتها مختلفة عن عقوبتها فى المنطقة المحيطة بالمرمى، وبما أن قانون اللعبة يقول ذلك، وبما أن الوعى الشعبى يعرف ذلك، فإن العقوبة تكون متوقعة ومتفهمة.
لا بد من قوانين تسمح لنا بالتفرقة بين القانونى وغير القانونى، بين السلمى وغير السلمى، ولا بد من الوعى بكل ذلك أيضاً.