موجة أسلمة المجتمع في مصر تمتد من قطاع إلى أخر من حياة المجتمع دون انقطاع. مدينة الغردقة السياحية المصرية شهدت مؤخرا افتتاح فندق للسياحة "الحلال"، أو "السياحة الإسلامية"، وسط ترحيب النخبة الحاكمة الجديدة
مؤخراً تم افتتاح فندق لا يقدم الخمور ويفصل بين الرجال والسيدات في مدينة الغردقة المصرية، المدينة السياحية المطلة على البحر الأحمر التي تعد واحدة من أهم الأماكن الجاذبة للسياحة في مصر. و شهد افتتاح الفندق المصري الذي يحمل درجة أربعة نجوم، حسب التصنيف الفندقي، ترحيبا كبيراً من رموز التيار الإسلامي الحاكم في مصر الآن، مما يثير المخاوف حول بدايات الاتجاه للسياحة "الحلال"، أو السياحة "الإسلامية" في ظل حكم الإخوان عقب عامين من ثورة يناير، والصعود المفاجئ لتيار الإسلام السياسي..
يعلق عمرو مسعود، أحد العاملين فى مجالى السياحة والفندقة فى مصر منذ 28 عاماً، على الحفاوة البالغة التي شهدها افتتاح الفندق المصري بالقول إن الأمر لا يزيد عن كونه "مجاملة" للتيار الحاكم، وكذلك للهوى الإسلامي للنخبة الحاكمة في مصر الآن التي ينتمي إليها الرئيس محمد مرسى، الذي كان رئيساً لحزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين قبل ترشحه للرئاسة في عام 2012 . و يقول مسعود لـ DW عربية إن "الاحتفاء والطريقة التي تم بها افتتاح هذا الفندق تعتبر مصطنعة، كما لا تبدو إلا مجاملة فجة للتيار الإسلامي، وهدفها استغلال الظروف السياسية للبلاد لإحداث ضجة وجدل حول الفندق الجديد.. أي أنها مجرد دعاية ذكية من أصحاب الفندق وقد استغلت- هذه الدعاية- السياسة و حشدت رموز التيار الإسلامي لحضور الافتتاح ليس أكثر".
مجاملة النخبة الحاكمة
عمرو مسعود: افتتاح فندق إسلامي لا يعدو عن كونه مجاملة للنخبة الحاكمة في مصر
كما يشير مسعود إلى أن الفندق نفسه ليس هو الأول من نوعه، مما يؤكد فكرة تعمد استغلال صعود التيار الإسلامي للدعاية للفندق الجديد، "هذا الفندق ليس الأول الذي لا يقدم الخمور، حيث كانت هناك عدة فنادق حملت صفة الفنادق الإسلامية. ونحن في قطاع السياحة نرحب بها، دفاعاً عن التنوع في الخدمات المقدمة لسوق السياحة في مصر، ومنها فنادق ضخمة ومتميزة من حيث التصنيف الفندقي، كـ "جراند حياة" مثلا، الذي بدأ نشاطه بالقاهرة بلا خمور أيضاً". وعن فكرة السياحة الحلال ومنع الخمور في الفنادق يقول مسعود لـ DW عربية:" ما علاقة وجود الخمور من عدمها بالسياحة!؟ هي مجرد خدمة يقدمها الفندق للسياح، وتواجد الخمور يكون لمراعاة عادات الضيوف من السياح الأجانب ليس أكثر، ولا علاقة لذلك بالدين الإسلامي، الذي يدعو للتذكير بالمحرمات فقط حيث يقول القرآن الكريم "وذكر أنك لمذكر لست عليهم بمسيطر". رغم ذلك لا ينفى مسعود تأثير هذه النوعية من الأفكار على معدلات جذب السياح لمصر بشكل سلبي، حيث يقول:"بالتأكيد نعانى حالياً من قلة السياح، وتراجع معدل الإقبال على السياحة في مصر بشكل عام، وذلك بسبب تزايد الاضطرابات الأمنية .. باختصار الناس تخاف من القدوم إلى مصر، خاصة أن الحكومات الأجنبية تحذر رعاياها من التوجه لبلد ثورة يناير."
الإخوان يعتبرونها فرصة جيدة
Hما يسمى السياحة الإسلامية، في مصر، هل هي مجرد ظاهرة عابرة أن قطاع جديد يساهم في تنمية مستدامة؟
كما يشير عمرو، والذي يعمل بواحد من الفنادق الكبرى بالعاصمة المصرية، أن السياحة تحتاج إلى كافة الجهود لدعمها وتنشيطها، ويضيف "حينما جرى الحادث الإرهابي الخاص بالسياح الأجانب في العام 1997 والذي راح ضحيته حوالي 58 سائحاً من جنسيات أوروبية مختلفة، تأثرت السياحة عموما وبشكل كبير، نتيجة للهجوم الإرهابي بأسلحة نارية داخل معبد الدير البحري، الخاص بالملكة الفرعونية حتشبسوت بمدينة الأقصر الأثرية، وكان لهذا الحادث المأساوي تأثير بالغ على حركة السياحة في مصر، لكن الدولة وقتها كانت حاسمة في سياستها. أما الآن فيبدو أن لا أحد يهتم بالقطاع الأهم في الاقتصاد المصري". لهذا يرى مسعود أن حفل افتتاح فندق مصحوباً بكسر زجاجات الخمر "ليست الخطوة المرجوة الآن". وفيما يعبر كلام عمرو مسعود عن مشاكل العاملين بقطاع السياحة في مصر، إلا أن حزب الحرية والعدالة يبدو مرحباً بهذه الخطوة، حيث يقول وليد الحداد مسؤول العلاقات الخارجية بالحزب لـ DW عربية :" هي فرصة جيدة.. أن تكون هناك فنادق بلا خمور، خاصة أن ذلك يعد تلبية لرغبات الجمهور المصري، حيث أن هناك نسبة من المصريين تتأذى من تواجد الخمور بالفنادق وغيرها من الأمور المنافية للشريعة الإسلامية".
رغم ذلك لا يعلن المسؤول البارز بالحزب الإسلامي الحاكم في مصر أن هناك سياسات حزبية أو حكومية خاصة بـ"السياحة الحلال". كما يوضح الحداد لـ DW عربية قائلاً "أن ما يهمنا هو أن تكون هناك مبادرات لتنشيط السياحة بكافة أشكالها، سواء أكانت سياحة ساحلية أو أثرية أو علاجية". و ينفى الحداد أن تكون هناك علاقة مباشرة بين الفندق الجديد بالغردقة وسياسات الحزب.
ليس الأول من نوعه
من ناحية أخرى يشير محمد عادل أنه سبق له التعامل مع أحد الفنادق الإسلامية بأحد أحياء القاهرة. كما يؤكد أن هناك نماذج لما يعرف بالسياحة الفندقية الحلال، حيث يقول لـ DW عربية "هذه الفنادق موجودة بمصر بالفعل، وفى بعض الأحيان تكون جذابة للعائلات المحافظة حيث تفضل بعض الأسر المصرية تنظيم حفلات الزفاف مثلا بهذه النوعية من الفنادق المسماة بـ"الإسلامية"، ربما لتخوفات وتحفظات من مسألة الخمور". ورغم أن عادل الذي يعمل بمجال النفط والتعدين لا يفضل التعامل مع هذه الفنادق أثناء سفره للسياحة الداخلية في مصر، إلا أنه يشير إلى أن الفنادق –الإسلامية- لا تتمتع بمستوى لائق من الخدمات، لهذا يأمل إذا انتشرت هذه الظاهرة أن تكون الفنادق على المستوى الفندقي الأمثل، وإن كان يشكك بالأمر، حيث يقول "لا أظن أن أي من هذه الفنادق الإسلامية ستحصل على درجة النجوم السبع مثلاً".
DW.DE