طه حسين تاريخ التسجيل : 27/05/2009
| موضوع: سيناريوهات ما بعد فضّ اعتصام الإخوان الأربعاء يوليو 31, 2013 10:40 am | |
| سيناريوهات ما بعد فضّ اعتصام الإخوان بعد دراسة مستفيضة للموقف الميداني الراهن بشأن تصعيد جماعة "الإخوان المسلمين" وأنصارها، وجمع المعلومات ذات الصلة وتحليله، فقد خلصت التقديرات الأمنية والسياسية إلى أنه ينبغي فضّ جميع الاعتصامات وفي مقدمتها تلك التي تشهدها منطقة رابعة العدوية وميدان النهضة وفق خطة إخلاء واقتحام مدروسة، يشارك فيها ممثلون عن كل الأجهزة المعنية والتي تتبع وزارتي الدفاع والداخلية والمخابرات العامة لأن الأفق السياسي يبدو مسدودًا وأن الحلول السلمية والسياسية لن تجدي مع أنصار الرئيس المعزول المُصرّين على استمرار اعتصامهم والتصعيد باتجاه العنف لذا وجب على قوات الأمن بالتنسيق مع الجهات المشار إليها اتخاذ اللازم لفضّ هذه الاعتصامات، لما يشكّل استمرارها وتصعيدها من تهديد مباشر لمصالح مصر واستقرارها".كان هذا جانبا من تقديرات أعضاء "خلية الأزمة" التي شكلت لدراسة التعامل مع تحرك جماعة الإخوان على الأرض عقب الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي، وهو ما يعني أن قرار فض الاعتصامات ــ خاصة في منطقة رابعة والنهضة ــ قد اتخذ بالفعل، وأن الأمر أصبح مجرد مسألة اختيار الوقت المناسب لتنفيذ هذه المهمة التي تبدو بالغة الخطورة لاعتبارات شتى، تأتي في مقدمتها حجم الضحايا المحتملين، وما سيترتب عليه من توابع وردود فعل محلية ودولية.ومن هذه المعلومات إلى استطلاع رأي الشارع الذي تتجه غالبيته إلى الموافقة على فض الاعتصام بالقوة وإيمانه بأن الحل السياسي أصبح غير ذي جدوى خلال هذه المرحلة التي يتشبث فيها كل فصيل بموقفه، دون إبداء أي بادرة للتراجع.لكن للنخب السياسية والنشطاء الحقوقيين تحفظات لعل أبسطها هو ضرورة اتباع الأساليب الدولية المتعارف عليها في فضّ الاعتصامات والاستخدام التدريجي للقوة وليس القتل المباشر لأن استخدام القوة المفرطة قد يُكسب الإخوان تعاطفا شعبيا، فضلا عن كونه سيسفر بلا شك عن وقوع عدد كبير من الضحايا، بل يرفض البعض فضّ الاعتصام مادام ملتزما بالسلمية.حديث السلمية أصبح بكل صراحة مجرد خرافة، فكل الأطراف تورطت في العنف والعنف المضاد، من هنا يحذر محللون من توابع هذه العملية على المشهد السياسي المرتبك في مصر كما أن إراقة المزيد من الدماء سينتج عنه بالضرورة عودة خلايا إرهابية جديدة ليس في سيناء هذه المرة بل في القاهرة وشتى أنحاء البلاد، لندخل في موجة إرهابية جديدة تشبه ما جرى خلال عقد التسعينيات من القرن الماضي، وربما كانت أكثر شراسة ودموية هذه المرة وفق تقديرات أمنية.لكن على الصعيد السياسي فإن التورط في خيار العنف، سواء كان ذلك من عناصرها مباشرة، أو ممن يصطفون خلفها من حركات وتنظيمات وجماعات سيكلفها الخروج من المشهد السياسي ونهايتها التنظيمية، وعودة كوادرها للعمل السري تحت الأرض، فما يحدث الآن يمكن وصفه بـ"المعركة الأخيرة" التي تخوضها الجماعة، لممارسة أكبر قدر ممكن من الضغوط التي ستؤدي إلى خسارة كل مكتسباتها، حتى تلك المساحة المحدودة التي كانت تتمتع بها الجماعة في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك.وفي تقديرنا فإن قادة جماعة الإخوان يدركون جيدًا أنهم إذا خسروا سيخسرون كل شيء لهذا يحشدون الشباب الآن باسم نصرة الإسلام فقط لإنقاذ رقابهم، ولا أستبعد وقوع انشقاقات داخل الجماعة بعد نهاية المرحلة الراهنة، لأن جيلاً جديدًا من شباب الإخوان بدأ يضيق ذرعًا بالسياسات العتيقة التي يصر عليها قادة الجماعة الشائخين، الذين تحكمهم ذهنية الستينيات، كما تحدثت مع بعض شباب الجماعة في حوار مكاشفة وموضوعية، لكنهم حتى الآن مازالوا ملتزمين بدعم موقف الجماعة خاصة في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ مصادماتها مع السلطات المصرية، لكن بعد ذلك سيكون لكل حادث حديث، على حد تعبير أحدهم.تبدو الجماعة وخلفها تيار الإسلام السياسي بكل تنوعاته أمام مفترق طرق، فإما المضي قدمًا في التصعيد لحد الانزلاق في أعمال عنف واغتيالات وتفجيرات وغيرها من الممارسات الإرهابية بما يعرف بمخطط "الأرض المحروقة" وهنا سيتحول هذا التيار برمته إلى "عصابة إجرامية" في ذهنية الشارع فضلاً عن السلطات الأمنية التي أتوقع أن تكون قبضتها حديدية في هذه المواجهات لاعتبارات كثيرة، أهمها أنها تتمتع بظهير قانوني وسياسي وشعبي في معركتها ضد مرتكبي العنف.أما المسار الآخر فهو أن تقبل الجماعة بالواقع السياسي الجديد، وتدرك أن مستقبل التيار الإسلامي في مصر سيتشكل من خلال رغبتهم في العودة للتصالح مع بقية القوى السياسية الأخرى خلال الفترة المقبلة، وأن الجماعة وضعت كل التيارات الإسلامية في مأزق وجودي، فإن المشاركة في العملية السياسية وخوض الانتخابات البرلمانية والرئاسية وغيرها سيشكل "المخرج الآمن" لهذا التيار، وهو ما لا يبدو خيارًا مقبولاً من قادة جماعة الإخوان وحلفائهم في هذه المرحلة.في المقابل فإن هناك تيارًا من المدنيين (الليبراليين والعلمانيين واليساريين والأقباط وغيرهم) يرون ضرورة أن يكون هناك نصّ دستوري واضح يحظر تأسيس الأحزاب السياسية على أساس ديني أو مرجعية دينية، حتى لا تستخدم منابر المساجد في الصراع السياسي، ولا يتخذ شكلاً دينيًا يعمق الانقسام السياسي الحاد، والاستقطاب الاجتماعي العميق.أما بالنسبة للتعامل مع جماعة الإخوان وأنصارهم فيرى معارضوهم ضرورة محاكمة جميع قيادات الجماعة، لكن الشباب ما زالت لديهم الفرصة لتصحيح مسارهم إذا تمكنت الدولة ومنظمات المجتمع المدني من احتواؤه ليعود بعدها لممارسة العمل السياسي وفق قواعد جديدة بعيدًا عن تلك التي تربوا عليها في كواليس جماعة الإخوان.أخيرًا يبقى القول بأن فضّ اعتصامات الإخوان وأنصارهم سيحدث بشكل أو آخر، لكن توابع هذا الأمر، وما ستشهده البلاد خلال المرحلة المقبلة وضع غائم مفتوح على كل الاحتمالات الممكنة، وسترسم معالمه كل الأطراف المعنية على الساحة.
تسهيلاً على زوارنا الكرام يمكنك الرد من خلال تعليقات الفيسبوك
|
|