السلام عليك يا عيسى بن مريم
فى هذه الأيام ومثلها من كل عام يحتفل العالم الإنسانى بميلاد المسيح عليه السلام ....تتجهز الكنائس العامرة بالإيمان به لتدق أجراسها وتقيم قداس السلام الذى يعبق بحديث لا ينتهى عن المسيح المبارك وأمة الطاهرة .....كنت أود أن تشارك مساجدنا المسلمة كنائسنا الصابرة ذكرى الميلاد المجيد فتعلو مآذنها مشاهد البِشر وتزدان محاريبها بكلمات المُبارك حين تتحلق حول الأخذ منه والثناء عليه من باب قول نبينا عليه السلام - أنا أولى الناس بعيسى بن مريم ليس بينى وبينه نبى - ولكن بعد رضوخها للتوجة السلفى الذى يكفر حتى المخالف له داخل مذهبه إنزوت المؤسسات الرسمية وتضاءلت مشاعر الاحتفال فيها بذكرى بن مريم الطيبه.....
عند ذلك لا بأس أن تشارك جموع المواطنين فى العالم كله ذكرى المعجزة التى تفجرت فى الأرض ليُتلى فيها قول الله تمجيدا على لسان الجليل العظيم بن مريم ....والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا .....
والسلام الثلاثى هذا .....صادف ثلاثية ....تحلق الناس حولها كإشكالية قصرت فيها مداركهم عن رحمة رب العالمين ....فجُعل إرثها العجيب فتنه وتمحيصا للناس أجمعين ....
السلام على المسيح يوم ولد ...فحاصره بهتان اليهود ....وأحاطه مكر المنافقين وتربصت به الجناية فى كل حين ....عندما انتبذت به مريم مكانا قصيا ....تتساءل بعدما تتضاءل فى عينيها الدنيا ....وهى الطاهرة التى لم يلمس طرف ثوبها إنس ولا جآن ....أنى يكون لى غلام.......قال كذلك قال ربك ....فعيسى بميلادة المعجز هو قول الله فى الدنيا ....قول الله للدنيا ............
والسلام عليك ياسيدى يوم تموت ..... يوم واجهته محنة الملاحقين لسلمه ووداعة روحه وسمو بيانه ... أراد البغى أن يبطش برحمتة وبساطتة وبرهانة وبرز من بين المرابطين حوله بعض المرجفين فى المدينة المخبرين عن أمرة ..... لاحقتة سلطة تربصت بالصالحين فحاصرت أمر الله في العالمين .....فرفعة الله إليه .....لتظل إشكالية موتة غير محسومة لدى قطاعات كبيرة من المؤمنين به والمتحلقين حول دعوتة فقال الله على لسانه : والسلام علي يوم أموت ......
وفى الثالثة .... يوم أبعث حيا ....
يوم تحتاج إليك من جديد القيم الرفيعة .....ويوم يكون وجودك بابا لقطع التساؤلات الرخيصة .....ويوم يكون بعثك فتحا للعالمين وتجديدا بعد تيه طويل ...........
فالسلام عليك عند كل حدث مفصلي بحياتك عاشت فيه التساؤلات وتقاتلت حولة الناس بالغضاء.... فينشر الله بالمواضع الثلاث سلامه ... ليكون لهم رساله جديده في لقاء بديل لمنكر وقطيعة ...
أراد الله من عيسى أن يكون سبيله لوحده البشرية حول قيمة السامية التى جاءت سلاما للحياة ....
فكان نضاله فيها من أجل أن تستقر الرحمة والمساواة بعدما تسورها ظلم اليهود وبغى الجنود الذى تخطو كل معقول بقتل الأنبياء وأبناء الأنبياء وإتخاذهم من الهوى والأحبار من دون الله آلهة وأرباب ....!!
كان الشقاء قد ضرب خيمتة وبسط سلطانة ....وكان الظلم عونا له ومصادرة حق الناس جزء أصيلا فيه ....
غابة واسعة لا مكان فيها لذكى ولا موطىء بها لتقى ولا لسلطان فيها لإنسان ....
فلم تكن الحياة حين بن مريم فى حاجة إلى قسوة بل رحمة
ولم تكن العالم حين جاءها المخاض فى حاجة إلى قوة بل سلام
ولم تكن الدنيا يوم ناداها زكريا تحتاج إلى كهنوت ....بل محبة ....
وهى التى جاء بها كلها عيسى بن مريم فكان رحمة وسلاما ومحبة ليقف المسيح يوما على ربوة .....يقول لهم وما أعظمة من لقاء
صلوا من أجل الذين يسئون إليكم و من لطمك على خدّك الأيمن فأعرض له خدّك الآخر ومن أراد أن يحاكمك ليأخذ قميصك فاترك له رداءك ....
نفس الهدى والنور الذي صدر من أخيه محمداعليه السلام حين قال: ادفع بالتي هي أحسن فاءذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه وليّ حميم -
....لتستقر يوم المسيح كما يوم محمد قيم الإنتصار الجديد .....
انتصار الصبر على البغى ..... وانتصار الضعفاء على الاقوياء .....وانتصار الروح الشفافة على السيوف الجياشة ....
إنه انتصار التضحيات ....وهل تبقى أى قيمة بلا تضحيات ......وهل تتعاظم مكانة القيم إلا بحجم ونوعية التضحيات ...
وعليه عاش أتباعة الأولين يضربون للناس الأمثال فجائتنا عنهم بالمواريث العظيمة الأنباء الجليلة ....
حتى مررنا بعيسى من جديد مع أصحاب الكهف
ومررنا بعيسى وجهاده السلمى العظيم فى مصر بعصر الشهداء ومازلنا نمر بعيسى بن مريم كما أخيه محمد عليهما السلام كل لحظة والسيارات المفخخة تقتحم أمن البلاد لنتعلم منهما أن الله لن يصلح كيد الماكرين ولنواجه الصعاب بالصمود والصبر ....
وليستمر صبرنا فى الانتصار على الكراهية بالمحبة ....
والإنتصار على التكفير بالتقوى .....
والإنتصار على الحروب بنشر قيم السلام .....
السلام الذى كان موضوع بن مريم فجاء لب رسالته وأصل دعوته حين قال لتلاميذه والعالم .... سلاما أترك لكم ......
لنرى صداها في جواب العظيم محمدا عندما ساله بعضهم عن أفضل الأعمال فأجاب ... بذل السلام للعالم ...
فى ذكرى مولده ....نهنىء أخيه محمدا عليه السلام وأنفسنا وأمتنا الاسلامية والعالم المسيحى والانسانى كله ...... ولنتذكر قيمه الأصيله وكلماته الرطيبه التى تدل الإنسان على طريق راحته بجوار طاعة الله ورحمته فيناديهم بوداعته
تعالوا إلي أيها المثقلين بالأحمال والمتعبين وأنا أريحكم
ويذكر الناس بالأصل الكبير لعمله فيصرفه عن الزخارف الفارغه ويفرز له ببساطته الهادئة المعادله الربانيه الرائعة ... بكلمات قصار يضع فيها بصمة الحق على جبهة الزمان ....
ما فائدة الانسان إن كسب العالم وخسر نفسه
فطوبى للودعاء لأنهم يرثون الأرض .... قالها المسيح
نعم سيدي ... يرثونها ذكرى تجود بالخيرات والقيم التى لا تستقيم الحياة بدونها ....
لذلك لم يكن يهيج غضبه شيئا قدر النفاق .... الذي يأتي بأجمل بيان ... بينما ينام ليله على التدبير لأمته بعدوان ..!
ففضح شأنهم وحذر من فعلهم .... وتركها لنا لنرى اليوم بيننا آثارها ... من فعل القوم ... أهل الألسنه الفاخره والسيارات المتفجره .... التى وصفهم قبل أكثر من ألفي سنه المسيح ابن مريم عليه السلام حين قال ...
يا علماء السوء ؛ جعلتم الدنيا على رؤوسكم , والآخرة تحت أقدامكم , قولكم شفاء , وعملكم داء ...!
ولتظهر مجددا نفس كلمات المسيح بن مريم في بيان أخيه الكريم محمدا عليهما السلام بعدما مئات السنين من هجران الحق وتولى الظالمين .............
فيقول بوحي من الله ... وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ
نعم لقد رأيناهم سيداي .... قرأنا صحفهم ومقالاتهم .. كتبهم ومطوياتهم .... وشاهدنا في شوارعنا فجرهم وتفجيرهم ....!!
فالسلام عليكما ورحمة الله وبركاته يوم ولدتُما ويوم تبعثان ..
والسلام على من يعيش فى الدنيا متمسكا بالقيم التى رسختموها من أجل الرحمة والمحبة والسلام .