«العقارب والألغام والعفاريت» اللى يخاف ما يشتغلش
العمال اكتشفوا 5 جثث عند بداية أعمال الحفر فانتشرت بينهم حكايات العفاريت
كتب : أحمد منعم الثلاثاء 26-08-2014 10:56
«فهمى» سائق اللودر الذى انفجر أسفله «لغم»
بالرغم من اتساع منطقة الحفر وتقسيم العمل فى مشروع قناة السويس الجديدة إلى قطاعات على أكثر من 35 شركة، وبالرغم من عدم وجود معرفة سابقة بين غالبية العمال المشاركين فى المشروع وبعضهم، فإن كثيراً من القصص المخيفة أحياناً والمقلقة أحياناً تمكنت من الانتشار بين العمال.. «أشباح قتلى تم العثور عليهم بالقرب من مواقع الحفر»، و«ألغام تعود لفترة الحرب بين مصر وإسرائيل»، و«ثعابين وعقارب تنتشر فى محيط قطاعات الحفر»، قصص كثيرة يبتسم بعض العمال عندما يروون بعضها، ويحملونها على محمل الجد.
فى أحد أيام الحفر، وبينما يواصل سائقو اللوادر وسيارات النقل أعمالهم، وتغرس المعدات الثقيلة أظافرها فى الرمال، سمع العمال صوت انفجار شديد انتفض معه أحد اللوادر فى الهواء وعاد إلى الأرض ثانية. لغم من أيام الحرب انفجر أسفل اللودر وشاعت فى أوساط العمال شائعات بوجود ألغام أخرى فى انتظارهم.
فهمى محمد، صديق سائق اللودر الذى انفجر تحته اللغم، يقول: «واحنا بنشتغل فجأة، لقينا انفجار شديد واللودر اترج والسواق اللى جواه طار منه، الفلوس تتعوض، لكن البنى آدم أهم شىء، السواق ده راجل جاى ياكل عيش». يُبدى «فهمى» تسليماً لقضاء الله، بحسب وصفه، «الحمد لله إن السواق بخير، إحنا جايين ناكل عيش وسايبينها على الله»، يتابع سائق اللودر: «تكلفة تصليح اللودر بتوصل لملايين، يعنى محتاج كاوتش بالآلافات على الأقل، والفتيس محتاج 125 ألف علشان يرجع زى ما كان»، ومع ذلك فإن «فهمى» يردف: «ما يرضيش ربنا إن الناس تشتغل من غير تأمين، المفروض لو الجيش عارف إن فيه ألغام ولا حاجة ينبهنا لها، ما يبقاش أهم حاجة الشغل».
يعمل السيد عبدالعزيز مهندساً تنفيذياً لدى الشركة التى تمتلك اللودر الذى تعرض للانفجار، يقول: «ستر ربنا إن إصابة سواق اللودر كانت خفيفة، لكن اللودر اتضرر جداً، وما نعرفش إذا كان الجيش قدم للشركة تعويض عن اللى حصل ولا لأ، لكن الطبيعى والمنطقى إنه دايماً فى الشغل اللى زى ده، أى أخطار أو كوارث بتحصل زى الأمطار أو الألغام لازم مالك المشروع يتحمل الضرر، فردة الكاوتش بالكامل باظت ودى بتتكلف من حوالى 50 لـ60 ألف جنيه».
«ده فيه هنا عفاريت»، يبتسم عبده محمد، مجيباً عن سؤال عن معوقات العمل فى القناة، لم يكن «محمد»، الوافد من محافظة الشرقية، قد استخدم كلمة «عفاريت» مجازاً أو ممازحة، لكنه يؤكد: «موقع الحفر فيه عفاريت جثث لقيناها من أسبوعين بعد ما بدأنا الحفر، كانوا 5 جثث وكان واضح إنهم مقتولين جديد، بلغنا الجيش وجه شالها».
يعمل «محمد» فى قطاع حفر مقابل للمنصة التى تستقبل الزائرين والإعلاميين، وعلى بُعد ثمانية كيلومترات فى قطاع آخر تنتشر نفس المخاوف من هذه «العفاريت». يقول محمد عبدالحميد، شاب فى الـ16: «فيه عمال بيقولوا إنهم شافوا حاجات غريبة بسبب العفاريت». ورغم انتشار القصة فإن عمال الحفر فى القناة الجديدة يقتصدون فى الحديث عنها بعض الشىء.
يعلق السيد عبدالعزيز، المهندس لدى إحدى شركات الحفر، قائلاً: «العمال وجدوا 5 أو 6 جثث فى موقع الحفر جعلت العمال كثيراً ما يتكلمون عن العفاريت وما إلى ذلك، لكن أظن أن الجثث لها علاقة بالأحداث اللى فى البلد بقالها فترة، وممكن تكون عملية سطو على أصحاب الجثث وقتلهم وهكذا».
كذلك ينصح «عبدالعزيز» بأن يتجنب المرء السير على الأرض الطبيعية وأن يلتمس «المسارات اللى مشى فيها قبله عربية أو بلدوزر علشان ممكن الأرض يكون فيها عقارب أو تعابين أو ألغام قديمة». يضرب مثلاً على تفشى تلك المخاطر بتعرض محمود رجب، أحد العمال وصديق له، للدغات العقارب أثناء النوم على الأرض ليلاً، ما دفعهما لحصول كل منهما على مصل ضد سمية اللدغة.
من جانبه، يكشف الدكتور طارق التهامى، مدير إدارة القوافل بوزارة الصحة، عن أنه من بين 75 حالة استقبلها المستشفى الميدانى المقام بمقر الحفر كانت هناك عدة حالات إصابة بلدغات العقارب والثعابين.
ويشكو عشرات العمال من وجود العقارب والثعابين بالقرب من أماكن نومهم التى أعدها لهم المقاولون الذين يعملون لحسابهم. فيقول محمد عبدالباقى، سائق وافد من محافظة الشرقية: «العمال هنا بيناموا فى نفس مواقع الحفر، وفيه هنا تعابين وطريشة وعقارب وبلا أزرق».
فى المقابل، لا يشغل وجود العقارب والثعابين فى موقع الحفر بال كثير من السائقين والمقاولين، خصوصاً من ذوى الأصول السيناوية. مصطفى جودة، صاحب سيارات من العريش، يقول: «ما حصلتش عندنا لسعات عقارب، لكن شوفنا عقارب وقتلت واحد إمبارح فى الخيمة، وجايبين معانا أبوفاس، مرهم كده بيتباع عند العطار معروف عندنا فى سينا إن لو حد لدغه عقرب بنحط منه نقطة على مكان اللدغة بيزول أثرها».