طه حسين تاريخ التسجيل : 27/05/2009
| موضوع: تقرير : عام على حُكم الرئيس محمد مرسى الجزء الثالث الإثنين يونيو 10, 2013 4:20 pm | |
| تقرير : عام على حُكم الرئيس محمد مرسى الجزء الثالثنالت الجمعية التأسيسية لوضع الدستور صولات وجولات خلال العام الأول من حكم الرئيس محمد مرسى، وكانت أحد أسباب ومظاهر -فى آن واحد- عدم التوافق بين الأحزاب والقوى السياسية. هنا يتحتم أن نتذكر معاً ماذا جرى، حتى لا تنسينا الأيام آثار تلك الكارثة الكبرى التى حلّت بمصر، والتى نتجت عن إصرار الإخوان على إجراء الانتخابات البرلمانية قبل وضع الدستور، وهو الوضع الذى ما زلنا نعانى منه حتى اليوم.
ففى 10 أبريل 2012 حكمت محكمة القضاء الإدارى بوقف قرار الاجتماع المشترك لمجلسى الشعب والشورى الخاص بتشكيل الجمعية التأسيسية. وقد أكدت المحكمة فى حيثيات حكمها أن الإعلان الدستورى لم ينص صراحة على مشاركة أعضاء البرلمان بعضوية الجمعية التأسيسية، ولو كان هناك اتجاه لذلك لنص صراحة على ذلك. بالمقابل لم يطعن رئيس مجلس الشعب على الحكم، إدراكاً منه بأن الإخوان بأغلبيتهم البرلمانية سيتحكمون فى تشكيل الجمعية الجديدة. وفى مطلع يونيو 2012، وبعد الاتفاقات والصفقات التى تمت بين القوى السياسية، اتُّفق على تشكيل الجمعية مناصفة بين التيارين المدنى والدينى. وفى 13 يونيو 2012 اجتمع البرلمان لانتخاب الجمعية التأسيسية الثانية. وقد قام المجتمعون بتشكيل الجمعية وسط اعتراض العديد من القوى المدنية المشاركة فى عضوية المجلس، بسبب محاولة نواب الإخوان المسلمين الهيمنة على تركيبة العضوية الجديدة فى المجلس. ورغم أن حزب البناء والتنمية سعى للمصالحة بين الطرفين على حساب حصته فى الاتفاق، فإن جماعة الإخوان أصرت على موقفها من اعتبار الأزهر تياراً مدنياً، وتشكلت الجمعية للمرة الثانية دون حدوث توافق سياسى وحزبى حول تشكيلها، وانسحب الكثيرون فور إعلان الأسماء وبعدها.
ومن الناحية المهنية والاجتماعية تألفت الجمعية، المشكّلة من 100 عضو أساسى، من 18% من القضاة والقانونيين، و15% من المفكرين والكتاب، و15% من أساتذة الجامعة، و6% من النقباء، و8% من الشباب، و6% لكل من النساء والأقباط، و4% من العمال والفلاحين، و2% من المصريين بالخارج، و20 من فئات أخرى. وكان ضمن الـ100 عضو من هم وزراء ومن تم تعيينهم من قبَل رئيس الدولة فى مناصب أخرى وهو ما حدث لرئيس الجمعية نفسه الذى عُين رئيساً للمجلس القومى لحقوق الإنسان، وكل هذه الأمور كانت محل نقد من قبَل القوى المدنية التى رأت فى ذلك ضرباً لاستقلالية الجمعية.
وعامة، فقد استمرت الجمعية فى عملها لعدة أشهر، قبل أن تنهى أعمالها فى 30 نوفمبر. وخلال تلك الفترة ظلت الجمعية طريدة للطعون أمام القضاء. والمعروف أن الرئيس أصدر إعلاناً دستورياً فى 12 أغسطس 2012 يلغى فيه إعلان «العسكرى» الدستورى الصادر فى 17 يونيو، والذى سعى ضمن ما سعى إليه لعدم هيمنة الإخوان على التأسيسية، وقد أعطى الإعلان لمرسى حق تشكيل الجمعية إذا حال حائل دون استمرار الجمعية القائمة، وزاد الطين بلة بتحصين هذا الإعلان الدستورى من الطعن، وذلك فى إعلان دستورى استبدادى صدر فى 21 نوفمبر، قام أيضاً بمد أجل وضع الدستور شهرين إضافيين، أى حتى 13 فبراير 2013.
لكن مع خشية أعضاء الجمعية من نفاد الوقت، ومع تخوفهم من إصدار قرار من المحكمة الدستورية ببطلان تشكيل الجمعية، أنهى أعضاء الجمعية على عجل عملهم. وقد قام هؤلاء فى اليوم الأخير للعمل بانعقاد متواصل دام نحو 18 ساعة، أنجزوا فيه مشروع الدستور، لكن ذلك تم على عكس ما ذكره الإعلان الدستورى من حتمية حضور 100 عضو، إذ حضر تلك الجلسة الأخيرة 86 عضواً، بعد أن تعددت الانسحابات، التى شملت الفريق الاحتياطى أيضاً، أى إن عدد المنسحبين من الـ150 عضواً بلغ 64 عضواً.
أما بشأن المناقشات وأعمال الجمعية، فقد تم الأخذ بالنظام المختلط الذى يجمع بين النظامين الرئاسى والبرلمانى. وكانت أكثر المواد إثارة للخلاف المواد المرتبطة بهوية الدولة المصرية خاصة فيما يخص الشريعة الإسلامية ودور الأزهر، وكذلك السلطة القضائية خاصة ما يتعلق بالنيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة، وكذلك النظام السياسى والمحلى، وأيضاً مجلس الشورى من حيث الوجود والتشكيل والصلاحيات، وكذلك الحقوق والواجبات، وأخيراً وليس آخراً وضع الأمور الخاصة بالقوات المسلحة وعلى رأسها القضاء العسكرى، وجعل وزير الدفاع من العسكريين، لكن مع الاحتفاظ بأغلبية مدنية لمجلس الدفاع الوطنى.
أما بالنسبة لأهم مفاجآت جلسات النقاش، فكانت بالجلسة الأخيرة، حيث تم استحداث نصين: الأول هو بقاء نسبة العمال والفلاحين استجابة لطلب وزير القوى العاملة، رغبة فى الاستحواذ على الأغلبية فى انتخابات مجلس النواب القادمة، أما الأمر الثانى فهو استحداث مادة العزل السياسى لفلول النظام البائد.
وخلال المناقشات سعى نواب الإخوان إلى احتواء التيار السلفى الذى كان يسعى لإثبات وجوده. وقد عقد ممثلو الإخوان مع هؤلاء عدة صفقات للوصول إلى حلول وسط. أما الليبراليون وممثلو كل من الكنائس والنظام البائد، فقد اعتبرهم الإخوان مجموعة من المشاغبين الراغبين فى نسف الحوار. وقد نظر هؤلاء للتيار الدينى عموماً على أنه يسعى إلى فرض السيطرة وأخونة الدستور. وبالمقابل كان ممثلو الوسط والحضارة وغد الثورة أكثر العناصر الباحثة عن دور.
هكذا أدار الرئيس، ومن خلفه الإخوان، تشكيل وعمل الجمعية التأسيسية للدستور، كما لو كانوا جميعاً يخوضوا حرباً مع كافة أطياف المجتمع المصرى.. ونعم الوفاق الموعود.
تسهيلاً على زوارنا الكرام يمكنك الرد من خلال تعليقات الفيسبوك
|
|