تعويد الطفل غض البصر
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فإن البصر هو نافذة الطفل على العالم الخارجي، فما تراه عيناه ينطبع في ذهنه ونفسه، وذاكرته بسرعة فائقةٍ، فإذا تعوَّد غضَّ البصر عن العورات كافة المنزلية والخارجية، مستعينًا بمراقبة الله - سبحانه وتعالى - له، كما فعل الطفل الصالح عبد الله التستري، الذي كان يردد ورده القلبي قبل أن ينام "الله شاهدي، الله ناظري، الله معي"، فإن ذلك يورث حلاوة الإيمان، التي يجدها الطفل في نفسه.
عَنْ أَبِي رَيْحَانَةَ: ( أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي غَزْوَةٍ فَسَمِعَهُ ذَاتَ لَيْلَةٍ وَهُوَ يَقُولُ:"حُرِّمَتِ النَّارُ عَلَى عَيْنٍ سَهِرَتْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَحُرِّمَتِ النَّارُ عَلَى عَيْنٍ دَمَعَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ). قَالَ: وَقَالَ الثَّالِثَةَ فَنَسِيتُهَا. قَالَ أَبُو شُرَيْحٍ سَمِعْتُ مَنْ يَقُولُ ذَاكَ: "حُرِّمَتِ النَّارُ عَلَى عَيْنٍ غَضَّتْ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ، أَوْ عَيْنٍ فُقِئَتْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ".
وقد يتهاون الطفل أحيانًا، وينسى أخرى، ويغلبه هواه في لحظة ما، فيرسل بصره نحو الفتيات بشهوة وتلذذ، فيجب رده في ذلك، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ:( كَانَ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ رَدِيفَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ تَسْتَفْتِيهِ، فَجَعَلَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَصْرِفُ وَجْهَ الْفَضْلِ إِلَى الشِّقِّ الآخَرِ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ فَرِيضَةَ اللهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَثْبُتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ أَفَأَحُجُّ عَنْهُ قَالَ: "نَعَمْ"، وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ ).
وعَنِ ابْنِ عَبَّاس، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهم - أَنَّهُ كَانَ رَدِيفَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عَشِيَّةَ عَرَفَةَ، وَكَانَ الْفَتَى يُلَاحِظُ النِّسَاءَ. قَالَ:( فَكَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَصْرِفُ بَصَرَهُ وَيَقُولُ: يَا ابْنَ أَخِي إِنَّ هَذَا يَوْمٌ مَنْ مَلَكَ سَمْعَهُ إِلَّا مِنْ حَقٍّ، وَبَصَرَهُ إِلَّا مِنْ حَقٍّ، وَلِسَانَهُ إِلَّا مِنْ حَقٍّ؛ غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ ).
فلا بد من تعويد الطفل غض البصر عن العورات في كل مكان، حتى لا تتسرع غريزته الجنسية بالنضوج المبكر، السريع الشاذ؛ الذي قد يسبب أضرارا, وأخطارا ذاتية، وجسمية, ونفسية، واجتماعية, وخلقية.
والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.