بسم الله الرحمـــــن الرحيــم
روايــــة البحث عن إمراه مفقودة
نبذه عن المؤلف
د. عماد زكي
الاسم: د. محمد عماد زكي الواوي
مكان وتاريخ الولادة: دمشق 1957
المهنة: رئيس تحرير مجلة طبيب العائلة
مجالات الابداع: أدب الأطفال
المؤهل العلمي: بكالوريوس طب الأسنان، جامعة دمشق
الجوائز: الجائزة الأولى في مسابقة الابداع بين الشباب
العربي في مجال الدراسات المستقبلية ـ القاهرة، سنة 1989
المؤلفات المطبوعة:
01 دموع على سفوح المجد / رواية
02 البحث عن امرأة مفقودة / رواية
3 ـ رحلات السندباد الصغير في الأردن وفلسطين 32 جزء
4- قصة السلحفاة
5- مسرحية الأميرة والببغاء
6- مسرحية حكايات جحا العربي.
هنــا في هذه الرواية ،،
سأقوم بتنزيل كل فصل ،،
أي ليست الرواية كاملـــة ،،
والآن
أترككم مع رااائعة الدكتور "عماد زكي"
"البحث عن امرأة مفقودة "
الفصل الأول
عندما رأيتها خفق قلبي بعنف ، وانبعثت الحياة في روحي
دفعة واحدة ، وكأني طفل يولد الآن ..
إنها هي!..
إنها أحلام!..
روحها التي تشعشع حولها أيقظت روحي ، وصوت خطواتها
الواثقة التي تطرق الرصيف في وقار تنساب إلى سمعي كالإيقاع ..
لقد عادت أحلام..
عادت إلى المدينة التي هجرتها ، عادت إلى الناي الذين
آمنوا بها ، وأحبوها ..
كما يعود الصبح بعد ليل حالك..
كما تشرق الشمس يعد خريف طويل..
وانبثق الأمل في أعماقي كمارد خرج لتوه من قمقه الضيق
ليعدني ببقية سعيدة لهذا العمر البائس الذي قضيته وأنا أعدو خلف أحلام..
وتحركت في القلب أشواق ظمأى ، وجعلت ترفرف بأجنحة رشيقة
من الفرح حتى كادت تحملني إلى فضاء بهيج..
وانطلقت خلف أحلام بخطوات لهفى ، وأرسلت نحوها النداء
تلو النداء..
_ أحلام .. توقفي يا أحلام..
لم تقف! لم تنتبه!.. صوتي المبحوح لم يبلغ أذنيها ، ومضت
بخطواتها الواثقة وجلالها القديم ، وتابعت طريقها دون أن تلتفت!..
كررت النداء غير عابئ بالعيون التي حاصرتني متسائلة أو
مستنكرة ، ودفعت خطواتي خلف
النداء لتلحق بها .. أردت أن أمسك بها قبل أن تضيع مني كما ضاعت
أول مرة ، قبل أن تنسل كالشعاع ، ناديتها بحرقة الملهوف ولوعة المشتاق ، لكن ندائي أخفق مرة أخرى في إيقافها..
لا أصدق أنها لا تسمعني وخطواتها تطرق سمعي كصوت المطر
عندما يدق أبواب الأرض؟!..
تمهلت قليلا .. هل تتجاهلني ؟ أم أنها وارتني حلف جدران
النسيان!.. ولسعني خاطر كالعقرب .. لعلها تزوجت!.
لعل قلبها قد اتصل بقلب رجل آخر ، فألغت كل إحساس
بالغيرة!!..
وألهبت خطواتي بسياط الذعر والقلق بجنون ، فاندفعت خلفها
أصدم هذا وأتجنب تلك..
-أحلام.. توقفي يا أحلام.. أنا صلاح.
تجاهلتني!.. أو أنها لم تسمعني!.. لعلها ساهمة ذاهلة عما
حولها ، تنبش الذكريات القديمة ، وتبحث
فيها عن قصص عاشتها في هذه المدينة ، وأطياف عايشتها
عبر رحلة الحب والعذاب التي أرهقت قلبها المرهف الرقيق أو أنها تستخرج حبها الخالص من تحت أنقاض الماضي ، لتنفض عنه غبار السنين ، وتقدمه لي طاهرا متوهجا عميقا كما كان..
وحثثت الخطا خلفها حتى أدركها ، ناديتها بنبرة تقطر لهفة
وشوقا..
التفتت إليَّ كالتي بوغتت ، ورمقتني بنظرات يعيث فيها
التساؤل والإنكار!..
شعرت فجأة وكأني أهوي من شاهق إلى بلا قرار ، والنقبض
قلبي فسحق بين جدران كل ما انبثق
فيه من آمال ، واستحالت الفرحة الوشيكة دموعا تزدحم في عينين زائعتين!..
إنها ليست هي ، إنها ليست أحلام!!
رفعت الفتاة التي كنت أسعى خلفها حاجبيها دهشة وحيرة ،
وتحولت نظراتها من الإنكار إلى
الرثاء ، وهي ترى لهفتي تتحول إلى كآبة عميقة ، همست في إشفاق:
- سيدي هل تشكو من شيء؟..
حاولت أن أعتذر ، أو أوضح لها سبب ما حصل ، لكن لساني
المثقل بالخيبة خانني ، لكأنَّ الماجأة المرة قد أصابته بالشلل!..
وأدركت الفتاة أن في الأمر خطأ غير مقصود ، فهزت كتفيها
بغير اكتراث ، ومضت في طريقها ، وتركتني ساهما غارقا في الحسرة والألم..
ووقفت جامدا كتمثال ، أرمق الفراغ بعينين ذاهلتين ، فجعل
المارة يعجبون لوقوفي وجمودي ، ويتنحون عني
كما يتنحون عن جسم مهمل ملقى على قارعة الطريق!..
واستيقظت من ذهلتي على صوت طفلة متسولة تشدني من يدي في
إلحاح ، وهي تسألني أن أحسن له بشيء.. انتزعت
نفسي من ثلاجة الذهول ، ودسست يدي في جيبي ، فأخرجت قطعة نقدية
صغيرة ، وألقيتها في يد الطفلة فالتقطتها فرحة ، وانطلقت
تعدو..
وركبني إحساس ثقيل بأني ضائع بلا غاية.. متشرد بلا مأوى..
تائه بلا جذور.. وهمت على وجهي في دروب المدينة ألوك خيبتي وحزني..
وفردت خواطري أشرعة الذكرى ، فأبحرت في خضم السنين لترسو
على شاطئ بعيد .. ووجدتني أغوص في الماضي ، وكأني أقرأ
سطوره في كتاب مفتوح أمامي