يوميات الملك والطبال والترزي في ”بورتو طرة”
القاهرة- في إطار محاولات الكشف عما هو خافي عن العامة من أحداث، وخاصة ما يحدث داخل سجن مزرعة طرة، الذي بات يحوي من كانوا قبل قليل علية القوم وأصفياء المجتمع ورمز مصر في ألفيتها الجديدة، نشرت تقارير صحفية ملامح من حياة رموز النظام السابق خلف أسوار سجن المزرعة.
فسجن مزرعة طرة هو أحد سجون المنطقة المركزية، التي تتكون من 7 سجون والتي يحدها طريق الأوتوستراد وشارع معهد أمناء الشرطة، وبجواره مديرية أمن حلوان ومركز للأمن المركزي، ويعد سجن مزرعة طرة من أكثر السجون تأمينا، فأسواره يصل ارتفاعها إلى 7 أمتار، يعلوها متران من السلك الشائك.. الكبار هنا يعملون على مواساة جمال وعلاء مبارك، بعد أن انضما إلى سجن المشاهير.. هكذا يطلقون عليه منذ نشأته، فهو سجن "فايف ستارز".
والسجن مقام على مساحة ضخمة قد تصل إلى 10 آلاف متر، وبه العديد من المساحات الخضراء ومستشفى ومسجد ومكتبة ومكان مخصص للزيارة، بخلاف بعض المكاتب للمأمور ورئيس المباحث والموظفين، بابه من الخشب الزان، مساحة ضلفته الواحدة متران، وفى ضلفته اليمنى باب خشبي صغير يدخل منه "الإيراد" - أي المساجين الجدد - وهو الفارق الكبير بين الحرية وتقييدها.. بمجرد عبور الباب الصغير، يتسلم المتهم قرار حبسه ويسلم متعلقاته الشخصية من ملابس مدنية وأي أوراق أخرى، وبعدها يطلب منه استبدال ملابس أخرى بها وهى "ملابس السجن" البيضاء الخاصة بالتحقيق أو الحبس الاحتياطي، والتي تختلف عن "الأزرق" الخاص بالمحكوم عليهم، و"الأحمر" الخاص بالمحكوم عليهم بالإعدام.
خلف الباب تبدأ لجنة في فرز "الإيراد" وإثباته في سجلات السجن، بالتهمة والقضية وقرار حبسه، ويتم تصنيفه حسب التهمة، فالسجناء به أنواع: منهم "الأموال" و"المخدرات" و"النفس" و"المتنوع" و"الآداب"، بعدها يتولى مأمور السجن أو رئيس المباحث تنفيذ تعليمات ولوائح السجن ويسلم المتهم 4 بطاطين "علشان النومة والغطا"، ويتم إخطاره بمكان إقامته والجزاءات التي قد تقع عليه في حالة مخالفة التعليمات، وكذلك مواعيد "التريض"، ومواعيد فتح أبواب الزنازين وإغلاقها، ويعرف كل محبوس من هو الصول أو "الشاويش" المسؤول عن العنبر الذى يقيم به.
لكن وضع رجال الأعمال والمشاهير مختلف كثيراً، لأنهم يتعاملون بأموالهم، فيجد كل منهم متهماً يكون له بمثابة "سيكة" أو بلغة السجن "يتصنع" أي يعمل في خدمته، يجهز له الحمام في الصباح، وبعده الطعام، ولا يأكل حتى ينتهى "الباشا" ويشترى له جميع المستلزمات التي يطلبها، ويقوم على خدمته طوال وجوده داخل السجن، ويحصل مقابل ذلك على بعض الجنيهات و"الدخان"، أي السجائر، خاصة أن سجائر البشوات حاجة تانية خالص - على حد تعبير السجناء.
كما يقوم "السيكة" بغسل ملابس الباشا أيضاً، ولا يفارقه إلا عند إغلاق زنزانته، ومنهم من يطلب من إدارة السجن أن يظل معه في الزنزانة نفسها، فسجن المزرعة معروف عنه منذ إنشائه أنه مقر احتجاز السياسيين ورجال الأعمال ورجال الشرطة والقضاة المحكوم عليهم في قضايا فساد وتربح.
السجن مكون من 4 عنابر كبيرة: عنبر رقم 1 كان مخصصا للضباط والمستشارين المتهمين والمحكوم عليهم في قضايا فساد، وحالياً مخصص أيضاً للمشاهير والمسؤولين من حكومة نظيف، فجميعهم يلبسون الأبيض، ويمكثون في مكان مميز بالسجن، وهذا العنبر به 20 حجرة، منها 5 حجرات في شكل عنبر خاص صغير، مساحة كل منها 7 في 15 متراً، والتي حصل علاء وجمال على إحداها.
أما باقي المتهمين فقد تم توزيعهم في زنازين انفرادية مساحة كل منها 2X 3 أمتار.. العنبر تم تشديد الحراسة عليه في جانب قطاع السجون وقوات الجيش، ويبعد هذا العنبر 200 متر عن العنبر رقم 2 الذى يتم احتجاز الجنائيين فيه، وبينهما 3 أسوار متوازية من السلك، وحراسة من قوات الأمن المركزي.
عنبر رقم 2 كان يحتجز به التائبون من الجماعات الإسلامية، وبعد ترحيلهم من سجون أخرى أصبح لاحتجاز الإخوان وبه 6 زنازين كبيرة و4 زنازين انفرادية، وقضى فيه المهندس خيرت الشاطر نائب مرشد الإخوان والمهندس حسن مالك قيادي الجماعة مدة سجنهما بعد المحاكمة العسكرية، وملحق بخارج هذا العنبر من اليمين والشمال عدد من الزنازين الانفرادية المعروفة بـ"عنابر التأديب" التي يتم "تذنيب" السجين بها، إذا ما خالف لوائح السجون.
أما عنبر رقم "3" فيه عدد من السجناء الجنائيين أيضا، وكان يحتجز به قديما الإخوان المحكوم عليهم في قضايا عسكرية، وعنبر "4" كان يحتجز به رجال الأعمال، وأغلبهم في الفترة الماضية من المعروفين بـ"نواب القروض"، كما يحتجز به عدد من المتهربين من أداء الخدمة العسكرية.
وبالسجن مستشفى صغير مطل على الحديقة، ويعرف بأنه عنبر رقم "5"، حيث يحتجز به كبار رجال الأعمال والوزراء السابقون المتهمون والمحكوم عليهم في قضايا فساد، وفى السجن ملعب كبير لكرة القدم وآخر يستخدم كملعب للتنس أو للكرة الطائرة، وبجواره المسجد، وفى مدخل السجن غرف الإدارة والضباط ومأمور السجن وحجرة متوسطة للزيارة، وفى العادة كبار رجال الدولة المحتجزون بمزرعة طرة يجتمعون بزوارهم في غرفة مأمور السجن.
منطقة السجون المركزية تقع في حي طرة، الذى يرتبط ارتباطا وثيقا بـ"الفراعنة"، الذين اعتمدوا على هذه المنطقة في جلب الحجر الجيري، المستخدم في بناء المقابر، وقد أطلقوا على هذه المنطقة اسم "طرويو"، والتي يطلق عليها حالياً "طرة لاند" - في إشارة لوجود وزيري الإسكان أحمد المغربي، ومحمد إبراهيم سليمان، ووزير السياحة زهير جرانه، ومن قبلهم كبير السجناء رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى، وزكريا عزمي، رئيس ديوان رئيس الجمهورية السابق، ونجلا الرئيس السابق علاء وجمال، وأنس الفق، وأسامة الشيخ، وأحمد فتحي سرور وصفوت الشريف وأحمد عز وأحمد نظيف، وإسماعيل الشاعر وحسن عبدالرحمن، وأحمد رمزي وعدلي فايد وعمرو عسل وماجد الشربيني وشريف والى وعبدالناصر الجابري ويوسف خطاب.
"الملك" هو لقب هشام طلعت داخل سجن المزرعة، فمنذ قيام ثورة 25 يناير يستيقظ هشام كل يوم على استقبال وافد جديد، ومن الصعوبة أن يرد إلى سجن المزرعة وافد جديد ولا يكون هشام طلعت في شرف استقباله، مثلما كان يستقبلهم أيام المجد والحرية، في فندق الفورسيزون.
وهنا ينبغي الإشارة إلى أنه لا يوجد في قائمة "السوبر ستار من السجناء" من لم يخفف صدمة الذهول الأولى إلى السجن سوى هشام طلعت، والذين يتعرضون أحياناً للسباب الفاحش، من جانب السجناء الجنائيين الذين يلقبون أحمد عز بـ"الطبال"، في الوقت الذى يجمع فيه السيجار بين زكريا عزمي ومحمد إبراهيم سليمان، ويلقب السجناء الدكتور أحمد فتحي سرور بــ"الترزى".
وقالت مصادر من داخل السجن إن هناك حالة خلاف بين زهير جرانه وأحمد المغربي، لفتت انتباه عدد كبير من النزلاء، وقيادات السجن مؤخرا، بعكس الأيام الأولى لهما في سجن المزرعة، ولكن زالت حالة الدهشة بين قيادات سجن طرة، ، بعدما علموا أن المغربي تخلى عن صديقه المقرب جرانه في تحقيقات النيابة، وألقى عليه بالمسؤولية كاملة، خاصة فيما يتعلق بقضية أرض جمشة بالغردقة،
ويبدو أن "المغربي" مارس اللعبة نفسها في التحقيقات المتعلقة بفساد وزارة الإسكان مع غريمه وزير الإسكان الأسبق محمد إبراهيم سليمان، الذى سأل عن زانزنة أحمد المغربي، بمجرد تجاوزه صدمة السجن.
وأشارت المصادر إلى أن محمد إبراهيم سليمان يقضى معظم وقته في التريض مع الدكتور زكريا عزمي، رئيس ديوان رئاسة الجمهورية، في حين يقضى حبيب العادلى، وزير الداخلية الأسبق وقيادات وزارته، وحسن عبدالرحمن، وأحمد رمزي، وإسماعيل الشاعر، وعدلي فايد، معظم أوقاتهم في التريض مع بعضهم البعض، باستثناء إسماعيل الشاعر، الذى ساءت حالته الصحية كثيرا. كما يقضى حبيب العادلى معظم وقته في الفسحة ما بين كانتين السجن والمسجد
اللهم لا شماته