«أمن بلا استبداد، وتنمية بلا فساد، ودستور جامع بلا استبعاد، وإخراج العسكر من الساحة السياسية بلا عناد، ودور إقليمى نشط بلا استعداء».. هى التحديات الخمسة الكبرى التى سيواجهها الرئيس القادم لمصر. قطعا هناك العديد من التحديات الأخرى التى ستواجهها الحكومة من أمور مرتبطة بالصحة والتعليم والتنمية المحلية، ولكن أزعم أن الرئيس القادم عليه أن يحدد أولوياته بوضوح وألا ينجرف إلى الاعتقاد بأنه سوبر مان سيستطيع أن يغير وأن يفعل كل شىء. هذا مستحيل لاعتبارات تتعلق بقدراته الذاتية وقدرات فريق عمله المباشر من ناحية والوقت المتاح له من ناحية أخرى.
وفى سبيل تحقيق هذه الأهداف هناك مجموعة من المطبات والمزالق التى أتمنى له أن يتجنبها.أولا، مطب خداع السلطة: قالها الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) وحذر منها: «إنها أمانة وإنها خزى وندامة يوم القيامة، إلا لمن أخذها بحقها». وقالها اللورد أكتون: «السلطة مفسدة، والسلطة المطلقة مفسدة مطلقة». أظن أن الرئيس الجديد سيحاط بالكثيرين ممن سيذكرونه إن نسى وسيردونه إن أخطأ وسيساعدونه إن أصاب.
ثانيا، مطب أول رئيس مدنى: اعتبارات الأمن القومى المصرى وأجهزة الدولة الأمنية اعتادت أن تعمل فى ظل قيادة عسكرية تسعى لتغليب الاعتبارات الأمنية على الاعتبارات الديمقراطية، والثقة فى العسكريين أكثر من الثقة فى المدنيين وعندهم من المعلومات والأسرار والهواجس التى تجعلهم يتمنون أن يتوصل معهم الرئيس الجديد قبل أن يلزم نفسه بتعهدات داخلية وخارجية قد تكون صعبة التحقيق أو يكون تحقيقها فى تعارض صريح مع ما هو متوافر لهذه الأجهزة من معلومات. والمثال المباشر لذلك هو تصريح الرئيس الجديد بشأن إعادة العلاقات مع إيران وما يثيره ذلك من تحديات مختلفة إقليميا ودوليا.
ثالثا، مطب «القائد الأعلى للقوات المسلحة»: ويرتبط بما سبق مباشرة قضية إخراج المجلس الأعلى للقوات المسلحة من حلبة السياسة على أساس قاعدة «أن يسلم السلطة وأن يساعد فى استقرار البلاد» لأن المجلس العسكرى لو «سلم» دون أن «يساعد» فهذا يعنى أنه ينوى العودة إلى السلطة مرة أخرى. ولكن كى يحدث ذلك، فلا بد من إدراك مخاطر العلاقات المدنية العسكرية فى ظل مجتمع حدث فيه «عسكرة» لعملية صنع القرار السياسى بل وعسكرة للوظائف القيادية فى كثير من المواقع.
رابعا، مطب «القائد الأعلى للميادين»: ميادين الثورة لم تزل هادرة، وستظل كذلك لفترة، وتتوقع من الرئيس الجديد الكثير وبسرعة. ومهما طالب أمثالى أن يُعطى الرئيس الجديد فرصته كاملة لفترة زمنية معقولة (ثلاثة أشهر على الأقل) حتى يحدث «تسليم وتسلم» لملفات الدولة، فستكون المطالب أسبق. ومع أول استجابة لأى مطلب فئوى فى أى اتجاه، ستنفتح شهية الآخرين ليضغطوا من أجل مطالب مشابهة على نحو عشوائى. وعليه فليكن من الأفضل إما تبنى فكرة «المفوض البرلمانى لحقوق الإنسان» التى فصل فيها «دستور بيت الحكمة» أو استعادة فكرة «ديوان المظالم» التى كانت موجودة فى السبعينات.
خامسا، مطب «القائد الأعلى لتوقعات الناس»: المصريون مستعدون للتضحية من أجل مشروع وطنى عظيم يفجر فيهم الطاقات ويجعلهم راغبين فى التضحية من أجل مستقبل أكثر استقرارا وأمنا وتقدما لأولادهم من بعدهم. هذا ما نجح فيه القادة العظام فى تاريخ مصر وتاريخ الدول الأخرى. وهذا ما يتوقعه المصريون من رئيسهم الجديد.
سيادة الرئيس محمد مُرسي .. تمنياتى لك بالتوفيق.