طه حسين تاريخ التسجيل : 27/05/2009
| موضوع: رئيس ومشير وبينهما شعب لابس فى الحيط الثلاثاء يوليو 10, 2012 11:51 am | |
| رئيس ومشير وبينهما شعب لابس فى الحيط
حجم القلق الذى ساور المصريين بعد قرار الدكتور محمد مرسى بدعوة مجلس الشعب للانعقاد مرة أخرى يؤكد أن قطاعا واسعا من المصريين فقد، على الأقل مؤقتا، توازنه النفسى بحكم ما شهد وشاهد وسمع وراقب خلال الشهور الماضية، وكأن هناك من قرر أن هذا الشعب لا بد أن يدفع ثمنا غاليا لثورته وما نتج عنها.
المعضلة باختصار أن المصريين يتفاوتون فى نظرتهم لحدود الثورة. هل هى ثورة على النظام فقط (بمعنى قواعد النظام وأشخاصه)، أم هى ثورة على أجهزة الدولة التى أصابها النظام بالعوار، أم هى ثورة على مجموعة أشخاص أساءوا للدولة والنظام ونكتفى بهذا القدر؟
الأكثر محافظة بيننا سيتبنى وجهة النظر الأخيرة هذه. والحقيقة هم تبنوها منذ أن أعلن مبارك أنه لن يعيد ترشيح نفسه للانتخابات فى سبتمبر 2011. والأكثر إصلاحية يتبنى وجهة النظر الأولى والتى ترى أن مؤسسات الدولة تابعة للنظام الحاكم، وعليه فإن إصلاح النظام (بحسن اختيار القائمين عليه عبر الانتخابات، وضمان عدم تأبيد السلطة أو تركيزها عبر دستور ديمقراطى) سيسمح لهؤلاء بالدخول فى معركة الإصلاح طويلة الأجل للدولة من الداخل.
أما الثائرون بيننا فهم يرون أن الثورة مستمرة وأن الفعل الثورى (من مظاهرات واعتصامات) والقرارات الثورية (مثل قرار دعوة البرلمان للانعقاد على خلاف حكم المحكمة الدستورية) هى التى ستسمح بنزع العطب من أجهزة الدولة مهما كان متغلغلا فيها.
بيد أن المشهد من التعقيد بما يجعل بعض الثوريين يتصرفون كمحافظين، وبعض المحافظين يتصرفون كإصلاحيين، وهكذا. وهنا ينبرى الإخوة فى الثورية لتخوين من تخلى عن ثوريته فجأة لصالح «الإصلاحية» وينبرى الإخوة فى «المحافظة» لتخوين من تخلى عن محافظته لصالح «الثورية». ويتوقع كل إنسان من المحيطين به أن يدعموا موقفه أيا كان، وإن لم يفعل تظهر على السطح نظرية «لقد سقطت من نظرى»، وشقيقتها «لقد سقطت الأقنعة».
لن أذكر أسماء، لكن هناك من الأسماء المحسوبة على الثورة من اعتبر أن قرار الدكتور مرسى «هدم لمؤسسات الدولة»، هل من المنطق أن نضع هؤلاء فى خانة «خيانة الثورة» لمجرد أنهم رسموا الخط الفاصل بين دولة القانون ودولة الثورة أعلى قليلاً من آخرين كانوا فى مراحل سابقة أقل ثورية منهم؟
مصر جالها ارتجاج فى المخ، والمصريون حصلهم حادثة أثرت على قدرتهم على الاستقبال والإرسال. قال لى أحدهم: «إن تحليلاتك باردة». قلت له: المهم ألا تكون خطأ أو على الأقل لو فيها من الخطأ ما يمكن تداركه أفضل من أن نضيع الطاقة والمجهود فى تخوين الآخرين واتهامهم بأنهم السبب فى كل مشاكل الكون.
الخلاف بين الرئاسة والمجلس العسكرى سيكون فى النهاية خلافا قضائيا وستفصل فيه محاكم مجلس الدولة. هل من حق رئيس الجمهورية أن يستدعى مجلس الشعب إلى الانعقاد بكامله أو بنسبة الثلثين، أم هذا ليس من حقه؟ أزعم أننى أعرف الإجابة، ولكن المهم أن يلتزم الجميع بحكم القضاء أيا كان.
وأيا ما كان حكم القضاء، وبما أن القرار تم بدون تنسيق بين الجهتين، فلا شك أن مساحة الشك ستزيد بما لن يكون فى صالح «الشعب». وأسوأ ما فى منهج إجبار الطرف الآخر على قبول الأمر الواقع أنه لا بد أن يستند إلى خلل واضح فى موازين القوى لصالح من يسعى لفرض الأمر الواقع، وإلا فإنه لن ينجح، وحتى إن نجح فهو يترك مرارة فى الحلق لا تذهب بسهولة.
ربنا يستر.
تسهيلاً على زوارنا الكرام يمكنك الرد من خلال تعليقات الفيسبوك
|
|