السؤال:
أشكرُكُم لتعاونكم، وأريد منكم إجابة على هذه الأحكام بسرعة لو تكرمتم:
1 - إذا حلف على فعلِ واجبٍ أو حلف على تَرْكِ مُحرَّم؟
2 - إذا حلفَ على فِعْلِ مُحَرَّم أو تَرْكِ واجب؟
3 - إذا حلف على فِعل مندوبٍ أو ترك مكروه؟
4 - إذا حَلَفَ على فِعل مكروه أو تَرْكِ مندوب؟
الإجابة:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فأمَّا اليمين على فِعْلِ واجب أوْ تركِ مُحرَّم؛ كواللَّهِ لأصَلِّيَنَّ اليومَ، أو لا أسرقُ الليلةَ أو لا أستَمِعُ إلى الغناء والموسيقى، فقد أضاف إلى الواجب بِأصل الشرع ما أوجَبَهُ على نفسه، فيَجِبُ عليه البِرُّ في يَمينه؛ لأنَّه تأكيدٌ لِما كلَّفه اللَّهُ به من عبادة.
فيدخل في قوله تعالى: {وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} [النحل: 91].
أمَّا إذا حَلَفَ على فِعْلِ مُحَرَّم أو ترك واجب، فالحِنْثُ في تلك اليمين في هذه الحالة واجب.
قالَ الزيلعي في "نصب الراية": "ومَن حَلَفَ على معصيةٍ ينبَغِي أن يَحْنَثَ ويُكَفِّر؛ أي يَجِبُ أن يحنَثَ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا نَذْرَ ولا يَمينَ فيما لا يَملك ابن آدم، ولا في معصية الله، ولا في قطيعة رحم" (رواه أبو داود).
وقال في "دقائق أولي النهي": "وَمَنْ حَلَفَ على فِعْلِ مُحَرَّم أوْ تَرْكِ واجبٍ وَجَبَ حنثُه؛ لئلاَّ يأثَمَ بترْكِ الواجبِ أوْ فعْلِ المُحَرَّم، وحَرُمَ بِرّه" انتهى.
أمَّا إذا حلف على فِعْل مندوبٍ؛ كأنْ يقولُ: واللهِ لأقومَنَّ الليلة، أو لأتصدقَنَّ على مسكين، أو على تَرْكِ مكروهٍ؛ كأن يقول: بالله لأدعَنَّ الشرب قائمًا، فهذا طاعةٌ لِلَّه؛ فيندَبُ له الوفاءُ، ويُكرَهُ الحنْثُ.
قال الشَّافِعِيُّ في "الأم": "وإذا حَلَفَ على بِرٍّ أَمَرْناهُ أنْ يأْتِيَ البِرَّ ولا يَحْنَثَ؛ مثْل قولِه: واللَّهِ لأَصُومَنَّ اليومَ، واللَّهِ لأُصَلّينَّ كذا وكذا ركعةً نافلة. فنقولُ لهُ بِرّ يَمينَكَ وأطِعْ رَبَّكَ، فإنْ لَم يفعلْ حَنِثَ وكفَّر" انتهى.
وأما أن كانتِ اليمينُ على فِعْلِ مَكروهٍ؛ كالنَّظَرِ إلى ما يُلْهِي فِي الصلاة، أو تَرْكِ مندوبٍ كتَرْكِ سُنَّة الضُّحى فالحنثُ مندوبٌ إليه؛ فإنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "إذا حلفتَ على يمينٍ فرأيتَ غَيْرَها خَيْرًا منها فأْتِ الّذِي هو خَيرٌ، وكفِّرْ عن يَمينِكَ" (رواه البخاري ومسلم).
وقد يكونُ الحِنْثُ مُباحًا، وذَلِكَ إذا حَلَفَ على تَرْكِ مُباح أوْ فِعله؛ كدُخول دارٍ، وأكْلِ طعامٍ معيّن، ولبس ثوب مباح، وقال بعض الفقهاء: الأفضل في هذا تركُ الحِنْثِ لِما فيه من تعظيم اللّه تعالى.
أمَّا كفَّارةُ اليمين فهي أحدُ أربعة أمور:
1 - إطعامُ عشَرة مساكينَ من أوسط ما تَطْعَمُ أنْتَ وأهلُك، ولذلكَ عِدَّةُ صُورٍ؛ منها: أن تُعْطِيَ كُلَّ واحدٍ منهم مُدًّا من غالب قوت أهلك، ومنها: أن تُغَدّيهم أو تُعَشّيهم كذلك.
2 - كسوة عشَرةِ مساكينَ يعطى كُلّ واحدٍ منهُم ثوبًا.
3 - عِتْقُ رقبةٍ؛ عبدًا أو أمةً.
وهذه الأمورُ الثلاثة على التخيير، يفعل الحانِثُ أيَّها شاءَ، فإن عَجَزَ عنها جميعًا انتقل إلى الأمْرِ الرَّابع وهُو:
4 - صيامُ ثلاثةِ أيَّام.
وهذه الكفَّارة بأقسامِها الأربعةِ مذكورةٌ فِي كتاب الله تعالى، قال تعالى: {لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} [المائدة: 89]،، والله أعلم.