السؤال:
التميمة هل لها حكم معين؟
نذرت لربي وأبغي أعرف أيضًا شروطَ الذّبح للنذر، إذا ما عليكم أمر وبأسرع وقت. أو بمعنى أصح: يشترط فيها حاجة كما لو تكون عوراء أو فيها عيب يعيبها؟
الإجابة:
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فالتَّميمة إذا كانتْ من غَيْرِ القُرآن؛ كالعِظام والطلاسم والوَدَعِ وما أشبه ذلك - فهذِهِ مُنْكَرة مُحرَّمةٌ بِالنَّصّ والإجماع، بَلْ قَدْ تَكُونُ شِركًا أَكْبَرَ أو أصغرَ على ما سيأتي بيانه.
فقد روى أحمد وأبو يعلَى بإسناد جيّد والحاكم وصحَّحه عن عقبة بن عامر رَضِيَ اللَّه عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال: "من تعلَّق تميمة فلا أتمَّ اللَّه له ومن تعلَّق ودعة فلا ودع الله له".
وفي رواية أخرى: "مَن علَّق تميمة فقد أشرك" (رواه أحمد، وصحَّحهُ الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة).
وعن عبدالله بْنِ مسعود أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال: "إن الرقى والتمائم والتولة شرك" (رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وابن حبان، وصحَّحه الشيخ الألبانِيّ في السلسلة الصحيحة).
وعن عائشة رضي اللّه عنها قالت: "ليست التميمة ما يعلق به بعد البلاء، إنما التميمة ما يعلق به قبل البلاء" (رواه الحاكم وصحَّحه).
قال الحافِظُ المُنْذِرىّ في "التَّرغيب والتَّرهيب": يُقال إنها خرزة كانوا يعلقونها، يرَوْن أنَّها تدفع عنهُمُ الآفات. واعتقادُ هذا الرأي جهل وضلالة، إذ لا مانع إلا اللَّه، ولا دافع غيره. ذكره الخطَّابى.اهـ.
وإنِ اعْتَقَدَ البعضُ أنَّ هذه التَّميمةَ فيها النفع والضّرّ من دون الله عزَّ وجلَّ، فهذا شركٌ أكبرُ، وإنِ اعتَقَدَ أنَّها سَبَبٌ لِلسَّلامة من العَين أوِ الجِنّ، فهذا شِرْكٌ أصغرُ؛ لأنَّه جعل ما ليس سببًا سببًا.
أمَّا إذا كانتِ التَّميمة من الآيات القرآنيَّة أوِ الأذكار والأدعية المعروفة فقدِ اختلف فيها العلماء:
فقال بعضهم: يجوز .
والقول الثَّاني: أنَّها لا تَجوز؛ وهذا هو المعروف عن عبدالله بن مسعود وابن عباس، وهو ظاهر قول حذيفة وعقبةَ بْنِ عامر وابن عكيم رضِي اللَّهُ عَنْهُم جميعًا وأرْضاهُمْ وهذا هو الصَّحيحُ لِلوجوه التَّالية:-
أوَّلاً: لِعموم النَّهْي، لأنَّ الأحاديثَ المانعةَ منَ التَّمائِمِ أحاديثُ عامَّةٌ، لم تَستَثْنِ شيئًا. والواجب: الأخذ بالعموم.
ثانيًا: سَدًّا للذريعة وحسمًا لمادَّة الشِّرْك، لأنَّ تعليقَه يؤدّي إلى تعليق غيرِه والتباس الأمر؛ فوجب منع الجميع.
ثالثًا: تعليقُ الآيات القُرْآنيَّة لابدَّ أن يُؤَدّي إلى امْتِهَانِها؛ لأنَّ الإنسانَ الَّذِي تعلَّق عليه يحملها في أحواله كلّها ومنها وقت قضاء الحاجة ونحوها.
أمَّا بالنّسبةِ إلى النَّذْرِ، فإن كُنتَ قد عيَّنتَ نوعَ الذبيحة من بَهيمة الأنعام فيلزمك الوفاء بما عينت ونَذَرْتَ.
وأمَّا إذا كُنْتَ لَم تحدّدْ نَوْعَ الذَّبيحة أجْزَأَكَ أَقَلُّ ما يُجْزِئُ فِي الأُضحية، وهي مِنَ الضَّأنِ ما استكْمَلَ سنةً ودخَلَ في الثَّانية، ومِنَ المَعْزِ ما استكْمَلَ سَنَتَيْنِ، وهذه المسألة راجعةٌ إلى قاعدة: "أن النذر يُحْمَل على أقلّ واجبٍ من ذلك النَّوع".
قال النووي في "المجموع": النذر هل يحمل على أقلّ واجبٍ بِالشَّرْعِ منْ ذلك النَّوعِ؟ أو أقلّ جائِزِه وما يتقرَّبُ به؟ أصحُّهُما على واجِبِه، فيشْتَرَطُ سِنّ الأضحية والسَّلامة. انتهى.
أمَّا سؤالُك عن شروط الذّبح للنذر، فإن كُنْتَ تَقْصِدُ ما يلزمُك إخراجُه من الذبيحة فعلى حسب ما نَوَيْتَ؛ إن كُنتَ نويتَ أنَّها جميعَها لِلَّه فلا تَبْرَأُ ذمَّتُك إلا بالتَّصدّق بِجَمِيعِها على المساكينِ أو مَنْ حدَّدتَهُم في نَذْرِك، وإن كُنْتَ استثنيْتَ نفسك فيجوز لك الأكلُ منها، وهكذا، ولمزيد من الأحكام الخاصَّة بذبيحة النَّذْرِ راجع الفتوى على الرابط http://ar.islamway.net/fatwa/21011
وأمَّا إن كُنْتَ تَقْصِدُ بقولك شروط الذَّبْحِ للنَّذْرِ أيِ الذَّكاة الشرعيَّة فهي:
1- أن يكونَ الذَّابِحُ مُسلمًا أو كِتابيًّا يَعنِي أن يكونَ ذا دِينٍ سَماوي، وأن يكون عاقلاً مميّزًا، يقصِدُ الذكاة، وأن يكون المسلم ليس مُحرمًا بِحَجّ أو عُمرة.
2- أن تكون الآلةُ صالحةً للذَّبح بأن تقطع بحدِّها لا بثقلها، لقوله صلى الله عليه وسلم: "ما أَنْهَرَ الدَّم وذُكِرَ اسمُ اللَّه عليْهِ فَكُلوا" (رواه البخاريُّ ومسلم في "صحيحهما" من حديث عَباية بن رِفاعة بن رافع بن خَديج عن جده، رضي الله عنهم)، وأن لا تكون الآلةُ سِنًّا أوْ ظُفُرًا، لقولِه صلى الله عليه وسلم في حديث رافع السابق: "أمَّا السّنّ فعظْمٌ، وأمَّا الظُّفُر فمُدى الحبشة".
3- أن يكون الذَّبح في محلّ الذَّكاة وهو الحلْقُ من غَيْرِ الإبِل أوِ اللّبَّة منَ الإبِل، وأن يقطع من الرقبة المَرِيء والحلقوم وأحد الودجين؛ والمريءُ هو مَجرى الطَّعامِ والشَّراب، والحُلقومُ هو مجرى النفس، وأحد الودجين وهما عرقانِ في جانِبَيِ العُنُق يَجْرِي فيهما الدم، فإذا قطع ثلاثة من هذه الأربعة فقد حصلتِ الذَّكاةُ الشرعيَّة على الصحيح، ولو قَطَعَ الودجين مع الحُلقومِ والمَريء فهذا أكملُ وتحصُل به الذَّكاة إجماعًا.
4- أن يذكُرَ اسْمَ اللَّه عليْهِ بِأَنْ يقولَ عندَ الذَّبْحِ: بِاسم الله.
5- أن تكونَ الذَّبيحةُ سليمةً وخاليةً من الأمراض مثل الضحية؛ لأن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا،، والله أعلم.