طه حسين تاريخ التسجيل : 27/05/2009
| موضوع: مُرسي قال: سأفعلها ... هقولك ليه ما ينفعش تعملها ياريس الأحد مارس 31, 2013 1:21 pm | |
| لماذا يجب ألا يفعلها الرئيس؟
قال إنه سيفعلها
«أنا سامع الكلام ده من الرئيس شخصياً في آخر لقاء.. قال لي فيه تنظيم عملته المخابرات العامة من عدة سنوات من 300 ألف بلطجي، منهم 80 ألفا في القاهرة وحدها، والمخابرات سلمته للمباحث الجنائية، والمباحث سلمته لأمن الدولة. هذا التنظيم البلطجي اللي بيخش ويطلع من كل حتة، تنظيم كامل 300 ألف، أدق الأرقام على لسان رئيس الجمهورية دول اللي كانوا بيطلعوا في الاتحادية ومعاهم سنج وخرطوش، ومعروف مين بيحركهم!».
كانت هذه حرفياً كلمات أبوالعلا ماضي، رئيس حزب الوسط، أثناء حديثه في صالون الحزب، يوم الأحد الماضي، متفقاً فيها مع ما يتردد بصوت أكثر انخفاضاً بين بعض إخوة الرئيس، على رأسهم د.محمد البلتاجي، الذي ذكر نفس المعلومة بالضبط بنفس العدد في سياق حديثه عن «شبكة من بلطجية أسسها جهاز أمن الدولة السابق قوامها 300 ألف بلطجي يديرها بعض رجال المباحث وأمن الدولة».
البلتاجي أيضاً هو من أعلن على قناة سي بي سي أيام الاحتجاجات ضد الإعلان الدستوري القبض على عقيد بالمخابرات العامة - ذكر بالاسم أنه العقيد أحمد حسين كامل - بينما يوزع أموالاً على البلطجية. لذلك اعتبر البلتاجي صدور الإعلان الدستوري قراراً اضطرارياً للرئيس، بسبب هذه المؤامرات التي يواجهها، وقال نصاً: «لا يزال يدير الوضع بعد مبارك أفراد ينتمون لمخابرت عمر سليمان، وأمن دولة حبيب العادلي، وهم يديرون شبكات بلطجية لصالح النظام القديم».
يتوافق هذا الكلام مع ما نقله أحمد عبد العليم، مراسل قناة مصر 25 الإخوانية، عن اتصال العميد طارق الجوهري، أحد أفراد قوة تأمين منزل الرئيس به، الذي حكى له عن قول العقيد خالد جاد، مفتش مباحث القاهرة، يوم مظاهرات الاتحادية، وهو ينظر نحو منزل الرئيس «يلا يا ابن ال.... يا رد السجون كلها نص ساعة وترجع زنزانتك!»، ثم كان جزاء حرص العميد الجوهري على حماية الرئيس هو قرار وزارة الداخلية إحالته للمعاش المبكر في حركة استثنائية! وحسب كلام عبد العليم فالمعلومات كاملة وصلت للرئاسة، وهي تحت الدراسة منذ ذلك الوقت.
يذكرني ذلك بأحد أصدقائي، الذي كان في جانب الإخوان يوم اشتباكات الاتحادية، وقالوا له إنه بالإضافة لمن أمسكوا بهم ممن اعتبروهم «بلطجية» - يتضمنون طبعاً السفير يحيي نجم وعلا شهبة ورامي صبري وأمثالهم! - فقد أمسكوا باثنين ممن قالت بطاقاتهما إنهما يعملان مخبرين، واعترفا بأن من أرسلهما وأعطاهما أموالاً هم لواءات بالداخلية ذكروا أسماءهم.
كل ما سبق يشير بوضوح إلى أن الرئيس شخصياً يعرف أن الجهات المتآمرة عليه هي من داخل دولته في المخابرات والداخلية، وليس معارضيه السياسيين الغلابة!.
«جبهة الخراب» أو «الإعلام المضلل» يبدون خصوماً واهية جداً، ينطبق عليها كلام أبوالعلا ماضي «الخطر الحقيقي مش مع إخواننا اللي بيقولوا بقين كلام.. دول فش بق زي ما إخواننا في الشام بيقولوا».
بالتأكيد مرسي سيفعلها.
غضب الحليم قادم ضد المتآمرين الحقيقيين، وليكونن غضبه مريعاً.
ها هو ذا يفعلها!
أخيراً نفذ مرسي تهديداته وفعلها... وأصدر النائب الخاص قراراً باستدعاء خمسة شباب نشطاء بتهمة التحريض عبر الإنترنت على أحداث المقطم!.
الساحر قال لجمهوره: احذروا من نيران التنين، الذي سأخرجه من قبعتي، ثم لم يُخرج إلا أرنبه الهزيل المضحك المعهود!.
هو أرنب لأنه لم يقترب من كبار المخططين والممولين في الداخلية والمخابرات حسب كلام أبوالعلا ماضي والبلتاجي، بل إنه حتى لم يقترب من كبار السياسيين ورجال الأعمال أًصحاب «إعلام سَحَرَة فرعون»، الذين تروج عشيرته في كل مكان أنهم يتآمرون ويمولون.
كتب المدون الإسلامي معتز عبدالرحمن قائلاً «هؤلاء انخربوا أيها الرئيس فأقصى قدراتهم تخريب مركزشباب أو إنترنت كافيه! هؤلاء انخربوا فلن يتخطوا دور الأظافر التي ينبت غيرها كلما تم قصها، أين الأصابع نفسها ياريس؟».
أين ذهب كلام خيرت الشاطر في مؤتمره بعد أحداث الاتحادية حين تحدث بكل ثقة قائلاً «لدينا تسجيلات» و«رصدنا اجتماعات»؟ ماذا ينتظر الرئيس وعشيرته لكشف المؤامرة والمتورطين فيها والأدلة عليها؟.
قد أتفهم بعض التدريج في الإصلاح أمام هؤلاء الخصوم الأٌقوياء بالأجهزة الأمنية، لكني لا أفهم عدم وجود أي خطوة إطلاقاً في هذا الملف، ولا أفهم امتداح مرسي الداخلية في كل مناسبة وبلا مناسبة، كوصفه لها بأنها كانت «في القلب من ثورة يناير» التي تعد «عبورها الثاني»!.
الأمر هزلي كما لو قلنا إن قائد الجيش المصري يمتدح دور الجيش الإسرائيلي الذي كان في القلب من حرب أكتوبر!.
وهو أرنب هزيل أيضاً لأن حتى هذا الإجراء أتى فاشلاً كالعادة، فقضية علاء عبدالفتاح، التي صدر أمر ضبط وإحضار بها بعد يومين فقط من البلاغ!، لا تحمل أي تحريات أو مستندات أو شهود ضده.
أمام رفض علاء الإجابة عن أي سؤال مطالباً بقاضي تحقيق لعدم اعترافه بشرعية النائب العام، وأمام ظهور تهافت البلاغ قررت النيابة إطلاق سراحه، ثم أصدرت بياناً يدعي أنه أنكر حساباته على تويتر وفيس بوك، وهو ما نفى حدوثه مستشهداً بخمسة محامين حاضرين.
سخر علاء قائلاً «اللي قبلهم كانوا بيعرفوا يلفقوا أحسن منهم»، ليفاجأ بأنهم استمعوا لنصيحته، ولجأوا في اليوم التالي بالفعل لتلفيق من قبلهم!.
في تصرف طفولي وهابط قام النائب الخاص بالطعن ضد حكم إسقاط التهم عن علاء ورفاقه بقضية مذبحة ماسبيرو، التي لفقها المجلس العسكري، وكذلك أحال لمحكمة الجنايات قضية إحراق مقر شفيق التي لفقتها حملته!.
كأن السلطة هي ذلك الرجل المهيب المريض نفسياً في فيلم درب الهوى، الذي يتخلى طوعاً عن وقاره وهيبته قائلاً: «أنا عايز واحدة تهزأني!».
بعد خطاب مرسي التهديدي تصاعدت من عشيرته بكل حماسة حرب صيحات «اغضب يا مرسي»، بينما يتناقلون أنباء مسربة عن الأمور المرعبة التي «سيفعلها». طمأنت رفاقي بأن آخر مرة استخدم فيها هذا التعبير، لم يزد ما فعله عن فرض طوارئ وحظر تجول هزلي في محافظات القناة تفنن الناس في اختراقه بممارسة مختلف الأنشطة فيه بدءاً من المظاهرات، وحتى لعب الكرة في «دوري الحظر»، وبالفعل لم يخب ظني السيئ فيه.
ما فعله مرسي هذه المرة، وفي كل مرة هو تحويل سلطته إلى مسخرة!
علاء عبدالفتاح كان طيلة مسيرته يحمل موقفاً هادئاً من الإخوان، وهو من خرج من سجنه أيام المجلس العسكري - رغم التخاذل التام من الإخوان طيلة فترة النضال ضد العسكر - لينتخب مرشح الحرية والعدالة بدائرته، وهو من دعا لانتخاب مرسي في الجولة الثانية بكل حماس، وخاض في سبيل ذلك مناقشات وخلافات مطولة مع رفاقه الثوار.
علاء اليوم من أشد معارضي الإخوان، وقصته هي قصة بلال فضل، ووائل غنيم، وحمدي قنديل، وأبوالفتوح، وعشرات من الشخصيات الإعلامية والسياسية التي دعمت مرسي بشكل كامل إلى حد أن دعاية الإخوان كانت تحمل صورهم وأسماءهم، ثم انقلبوا تماما بسبب سوء سياساته، وتذكرت عشيرة الرئيس فجأة أن هؤلاء فلول أو علمانيون أعداء للمشروع الإسلامي!.
ما فعله مرسي هذه المرة، وفي كل مرة هو تحويل حلفائه إلى أعداء.
«ه.. طول عمري باحب الخرفان المشوية، عقبال الخرفان كلهم»، «تسلم إيد الأخ اللي ضربها هيا ودومة، مكانش عارف ينشف شويه ويكسر رقبتهم ويريحنا من البلطجية دول».
التعليق الأول لأحد معارضي الإخوان على صورة الإخواني الذي اشتعلت به قنبلة مولوتوف في اشتباكات المقطم، والثاني لأحد أنصار الإخوان على صورة ضرب ميرفت موسى، التي كانت من أهم أسباب الاشتباكات اللاحقة.
التعليقان مجرد نماذج لآلاف التعليقات البشعة المشابهة على أي صورة شبيهة، التي أشعر بالرعب حقاً حين أقرؤها. هؤلاء المعلقون الذين يتمنون إبادة خصومهم ليسوا بلطجية معتادين على العنف، وليسوا مأجورين، بل شباب متعلمون عاديون مثلي ومثل أي من أصدقائي.
الاستقطاب السياسي الهائل، الذي تحول إلى مواجهات في الشارع منذ جمعة كشف الحساب، وتغذى باستمرار بشحن معنوي وعاطفي رهيب ينشره كل فريق بين صفوف مؤيديه، بحيث يشعر الأفراد في كلا المعسكرين بقمة الانعزال والاختلاف عن الآخر كطوائف، وقمة الظلم والاضطهاد من الطرف الآخر البادئ بالعدوان، وقمة الغضب والرغبة في الانتقام، مما يدفع أعداداً متزايدة من الطرفين لاعتبار العنف هو الخيار المنطقي الوحيد أمام معارضيه.
حين لا ترى في الآخر إنساناً مثلك بل هو مجرد خروف أو بلطجي، فلا تندهش من الوحش الذي سيخرج منك حين تواجهه.
ما فعله مرسي هذه المرة وفي كل مرة هو المزيد من انقسام المصريين، وإسالة دمائهم بأيديهم
النائب الخاص أصدر أمر الضبط والإحضار للشباب الخمسة في أحداث المقطم فور تقديم محامي الإخوان البلاغ ضدهم، بينما تجاهل عشرات البلاغات من الجانب الآخر على رأسها بلاغات وقائع احتجاز وتعذيب الإخوان المعارضين في أحداث الاتحادية، رغم توثيقها بالشهادات، والفيديوهات، وتقارير الطب الشرعي التي أثبتت تعرض 31 محتجزاً لدى الإخوان للتعذيب، وهي جرائم عقوبتها القانونية السجن لمرتكبيها، حتى لو ثبت أن المجني عليهم هم فعلاً بلطجية مجرمون سيتم حبسهم بدورهم.
نفس الواقعة تكررت في أحداث المقطم، حيث تحولت قاعة مناسبات مسجد بلال إلى سلخانة تعذيب أخرى، ومرة أخرى تتوالى البلاغات التي يتم دفنها دون مجرد استدعاء أي شخص من عشيرة الرئيس للتحقيق.
وبالمناسبة عبدالمنعم عبدالمقصود، محامي الإخوان مقدم البلاغات، يشغل منصب مسؤول لجنة الشكاوى بالمجلس القومي لحقوق الإنسان الذي يرأسه الغرياني بدوره. الذين ينكرون أخونة الدولة هم المتأخونون!.
عجز النائب الخاص عن محاسبة عشيرة الرئيس أورثه عجزاً عن محاسبة معارضيهم على نطاق واسع أيضاً، لذلك أصبح من الطبيعي أن يأخذ كل طرف ما يعتبره حقه بيده. ما يحكمنا هو قانون ساكسونيا لا أكثر.
ما فعله مرسي هذه المرة وفي كل مرة هو أنه نجح في هدم دولة القانون في نفوس المصريين
ومما يزيد الأمور سوءاً أن تراكم الأخطاء والتأخير والخبرات السيئة تقضي على أي أمل في الإصلاح، وعلى أي أمل في استعادة الحد الأدنى من التوافق الأسطوري المفقود، حتى لو حدثت المعجزة وتم تغيير المسار فجأة على طريقة الولد الذي صاح كاذباً عدة مرات «أنقذوني من الغرق»، فتجاهله الناس حين كان يغرق بالفعل.
سيادة الرئيس مرسي.. كفاية.. لا تفعلها مرة أخرى!
تسهيلاً على زوارنا الكرام يمكنك الرد من خلال تعليقات الفيسبوك
|
|