بكار تاريخ التسجيل : 28/01/2010
| موضوع: القران الكريم يصف طيران الطيور الإثنين مارس 22, 2010 9:46 pm | |
| أولا في قوله تعالى " أَوَ لَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ " .. إن في إعطاء الطيور القدرة على ارتقاء الهواء، والسبح فيه بكفاءة عالية، لهو من أعظم الدلالات على طلاقة القدرة الإلهية المبدعة في الكون، والتي أعطت كل بيئة من بيئات الأرض ما يتلاءم مع ظروفها الطبيعية والكيميائية من كائنات، كما هيأت كل كائن حي للتواؤم مع البيئة التي أنشأتها القدرة الإلهية فيها، ومن هنا كان لفت أنظار المكذبين بالدين إلى هذه الحقيقة الكونية التي يمر عليها كثير من الناس بقلوب غافلة، وعقول شاردة، وأبصار عليها غشاوة لعل ذلك أن يوقظهم من غفلتهم . .!!
والطيور من الحيوانات ذات الفقار، والدم الحار، والأجنحة، والريش، والمناقير القرنية التي حلت محل الفكوك بلا أسنان، والتي تمشي على رجلين نظرا لإحلال الجناحين محل الطرفين الأماميين، والتي تبيض إناثها، وتحتضن البيض حتى يفقس، وترعى صغارها حتى تكبر .
وتختلف الطيور في أحجامها من بضعة سنتيمترات إلى عدة أمتار، كما تختلف في أشكالها، وأشكال مناقيرها، وأقدامها، وأنواع طعامها، فمنها ما يتغذى على الحبوب، أو الثمار، أو رحائق الأزهار، ومنها ما يأكل اللحوم بدءا من الحشرات وانتهاء بالثدييات الصغيرة، ومنها ما يأكل الجيف .
وهذه المجموعة من الفقاريات التي أعطاها الخالق (سبحانه وتعالى) القدرة على الطيران (وإن كان القليل منها لا يطير) تضم في طائفة واحدة تعرف باسم طائفة الطيور(ClassAves=Birds) تحتوي على نحو العشرة آلاف نوع (أكثر من8600 نوع من أنواع الطيور المعروفة اليوم) والتي تصنف في نحو(27) رتبة، ويعتقد أنها تمثل اليوم بأكثر من عشرة بلايين طائر بري يعيش في مختلف بيئات اليابسة، بالإضافة إلى بلايين الأفراد من الطيور البحرية المعروفة وغير المعروفة والتي تزخر بها محيطات الأرض وبحارها التي تغطي مياهها أكثر قليلا من71% من مساحة الكرة الأرضية . والطيور عمرت الأرض منذ أكثر من تسعين مليون سنة مضت (منذ العهد الطباشيري المتأخر)، وإن كانت الطيور الحديثة لم تعرف إلا منذ حوالي ستين مليون سنة فقط (في عهد الباليوسين أو الفجر القديم للحياة الحديثة) . وإن كان الصيد الجائر بواسطة الإنسان يتهدد العديد من الطيور اليوم بالانقراض .
وقد وهب الخالق (سبحانه وتعالى) الطيور عددا من الصفات الشكلية والتشريحية من أجل تمكينها من الطيران منها ما يلي:
(1) الشكل الخارجي الانسيابي للجسم بصفة عامة حتى يسهل اختراقه لطبقة الهواء.
(2) الجناحان المدعومان بعظام الطرفين الأماميين، والمشدودان إلى الجسم بمفاصل تسهل حركتهما، وبعدد من الأربطة والأوتار القوية، والمغطيان بالريش بكثافة ملحوظة مما يزيد من مساحة جسم الطائر دون زيادة ملحوظة في وزنه .
(3) الريش الذي يغطي الجسم بالكامل ويمتد في الذنب، والذي يعمل على تجميع الهواء بين وحداته المختلفة مما يساعد على تخفيف وزن الطائر، وعلى حفظ درجة حرارة جسمه المرتفعة من مختلف التقلبات الجوية، ويعين الكثير من الطيور على العيش في المناطق المتجمدة والباردة، وعلى تحمل الانخفاض في درجة حرارة الغلاف الجوي للأرض مع الارتفاع فوق مستوى سطح البحر إلى مسافات شاهقة في بعض الأحيان .
(4) خفة وزن الهيكل العظمي للطائر، وامتلاؤه بالهواء خاصة في العظام الطويلة، مع صلابته وشدة تماسكه والتحامه، وامتداد عظمة القص إلى أسفل على هيئة حافة القارب السفلي لكي تعطي مساحة كافية لارتباط عضلات الصدر المحركة للأجنحة (عضلات الطيران) وتعطيها قدرا من المتانة والقوة . ومعظم أجزاء الهيكل العظمي للطيور متراكب وملتحم مع بعضه بعضا زيادة في قوته ومتانته، فباستثناء الفقرات العنقية فإن بقية الفقرات تلتحم مع الحزام الحوضي مكونة ما يسمى باسم (العجز المركب) .
(5) بالإضافة إلى الرئتين زود الخالق (سبحانه وتعالى) أجسام الطيور بشبكة من حويصلات الهواء التي تتشعب في مختلف أجزاء الجسم مما يضاعف الحيز الموجود لتخزين الهواء إلى عشرة أضعاف حجم الرئتين .
(6) إعطاء الطيور القدرة على تناول كميات كبيرة من الأطعمة ذات الطاقة الحرارية العالية تفوق بكثير أوزان أجسامها، وتزويد الجهاز الهضمي للطائر بكل من الحوصلة (Crop) كمخزن للغذاء، والقونصة (Gizzard) التي تعمل على طحن الغذاء قبل وصوله إلى المعدة، مما يساعد على إتمام وإسراع عمليات الاحتراق الداخلي للطعام، وإنتاج الطاقة التي تحتاجها الطيور في أثناء عمليات الطيران بسرعات كبيرة ولمدد طويلة .
(7) تزويد الطيور برئات لها ممرات خاصة لكل من الهواء الداخل إليها والخارج منها، وبقدرات فائقة على استخلاص الأكسجين من الهواء مهما قلت نسبته حتى تقاوم نقص هذا الغاز المهم في الارتفاعات الشاهقة .
(8) وهب الخالق (سبحانه وتعالى) الطيور قلوبا ذات كفاءة عالية، ويتكون قلب الطائر من أربع حجرات منفصلة مما يحفظ الدم المؤكسد بمعزل عن الدم غير المؤكسد، ويعمل على سرعة دوران الدم بشكل فعال وبكفاءة عالية في كل الجسم .
(9) جعل درجة حرارة أجسام الطيور عالية نسبيا (في حدود41 درجة مئوية) مما يعين على إتمام وسرعة إنجاز عمليات الاحتراق الداخلي للطعام، وفي الوقت نفسه يساعد ذلك على مزيد من إنتاج الطاقة التي تحفظ درجة حرارة الجسم ثابتة مهما انخفضت درجات حرارة الجو المحيط .
(10) إعطاء الطيور قدرات إبصار ورصد فائقة، ومراكز لتنظيم الحركة على درجة عالية من التقدم، من أجل الرؤية، وتجميع المعلومات من الارتفاعات الشاهقة التي تصل إليها لرصد الطعام، والمناورة لتحاشي الأعداء .
(11) القدرة الفائقة التي وهبها الخالق (سبحانه وتعالى) للطيور في التعرف على المواقع والاتجاهات والطرق التي تسلكها في هجراتها وعودتها إلى مواطنها الأصلية مهما تعاظمت المسافات التي تقطعها .
هذه الميزات التي خص الله (سبحانه وتعالى) بها الطيور فمكنها من الطيران بسرعات تقارب المائة كيلومتر في الساعة، وإلى ارتفاعات تصل إلى قرابة التسعة كيلومترات فوق مستوى سطح البحر، والتي لم يتمكن الإنسان من تقليدها إلا في القرن العشرين بعد مجاهدة استغرقت الآلاف من العلماء، كأنها هي المقصودة بقول الحق تبارك وتعالى " أَوَ لَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ " وهو سؤال تقريعي، تبكيتي، تقريري موجه إلى كل كافر ومشرك وجاحد لعله يلتفت إلى شيء من قدرة الله المبدعة في خلقه للطيور، وتلك المواهب الفطرية المعجزة التي مكنتها من الطير قبل أن يتمكن الإنسان من تحقيق شيء من ذلك بملايين السنين، هذا فضلا عن الإعجاز في ألوانها الزاهية، وأصواتها المغردة، وإدراكها المذهل، وقدراتها على التخاطب والتفاهم فيما بينها، وعلى تحديد مناطق نفوذها، وعلى غير ذلك من الصفات التي تشهد لله الخالق بطلاقة القدرة، وببديع الصنعة، وبإحكام الخلق .
ثانيا في قوله تعالى : " صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ " إن الإعجاز في خلق الطيور لا يتوقف عند حدود الصفات الشكلية والتشريحية التي وهبها إياها الله (سبحانه وتعالى)، ولكنه يتعدى ذلك على إحكام صنعه إلى القدرات الفائقة التي أعطاها الخالق العظيم لهذه المخلوقات الضعيفة فمكنتها من إتقان المناورة في جو السماء بذكاء ودقة بالغين، وذلك لأن هناك فرقا بين سرعة الجسم المتحرك في الهواء (AirSpeed) وسرعته إذا تحرك على سطح الأرض (Groundspeed) . فالسرعة في الهواء تعني سرعة هذا الجسم الغازي مرورا فوق الجسم المتحرك، أما سرعته على الأرض فتعني سرعة الجسم المتحرك نفسه في اختراقه للغلاف الغازي المحيط بالأرض والذي تصل سرعته إلى الصفر فوق سطح الأرض أيا كانت سرعاته في مستوياته الأعلى، لذلك يتم طيران الطيور بمناورات بالغة الذكاء والدقة .
ويتم طيران الطيور بعمليتين أساسيتين هما الصف أو التحليق(GlidingorSoaring) والقبض، أو الخفق، أو الرفرفة، أو ضم الجناحين وبسطهما، أو ما يعرف أحيانا باسم التصفيق بالجناحين (Flapping) . والصف أو التحليق هو بسط الجناحين إلى أقصى امتداداتهما، دون تحريكهما على هيئة سطح انسياب هوائي (Airfoil) حاكاه الإنسان في صنع جناحي الطائرة . وباندفاع الطائر وسط كتلة الهواء يندفع الهواء إلى أسفل الجناحين مما يزيد الضغط عليهما فيساعد ذلك الطائر على الارتفاع إلى أعلى، وعلى التقدم بالانزلاق إلى الأمام ويتحقق دفع الطائر إلى الأمام بتحكمه في زاوية ميل كل جناح من الجناحين، وفي درجة انحناء كل منهما، وبذلك يتحرك الهواء بسرعة فوق الجناحين وأمامهما تزيد على سرعته أسفل منهما وخلفهما مما يقلل الضغط فوق الجناحين، وأمام الطائر باستمرار فيساعده على الاندفاع في الطيران إلى الأمام، وإلى أعلى كلما أراد ذلك . ومن الذكاء الفطري الذي وهبه الله (تعالى) للطيور ما يمكنها من ركوب متن التيارات الهوائية أو الرياح، في عملية تسمى عملية التزلج الديناميكي (Dynamicsoaring) .
وتعرف الرياح بأنها الهواء المتحرك حركة مستقلة عن ارتباطه بجاذبية الأرض، ويلعب الدور الرئيسي في ذلك اختلاف معدلات الضغط الجوي باختلاف درجات الحرارة من منطقة إلى أخرى وباختلاف كم الطاقة الشمسية عبر خطوط العرض المختلفة، ودوران الأرض حول محورها، بالإضافة إلى تباين التضاريس الأرضية .
وتقسم الرياح بالنسبة لارتفاعها إلى رياح سطحية، ومتوسطة، ومرتفعة . وبالنسبة لشدتها من صفر للرياح الساكنة إلى 12 درجة أعلاها (الأعاصير) . ونتيجة لذلك تكونت دورة عامة للرياح شديدة الانتظام حول الأرض وذات عدة دوائر كبيرة بين خط الاستواء وكل واحد من قطبي الأرض مع وجود عدد من الجبهات الهوائية بين تلك الدوائر، ويزيد من تعقيد هذه الصورة التباين بين اليابسة والماء، وفي تضاريس اليابسة، والاختلافات الفصلية، وما ينشأ عن ذلك من حركات أفقية ورأسية للرياح تستغلها الطيور في حركتها في الهواء بذكاء بارع، فإذا كانت الرياح أفقية فإن الطيور تصف في خطوط مستقيمة موازية تماما لاتجاه هبوب الرياح، وإذا كانت الرياح رأسية استغلتها الطيور الصافة في الارتفاع إلى أعلى في أشكال حلزونية موازية تماما لحركة دوامات الرياح إلى أعلى .
والطيران بواسطة الصف أي الانزلاق المستمر (ConstantGliding) شائع في الطيور الكبيرة خاصة إذا أرادت التحرك لمسافات بعيدة .
أما القبض أو الخفق أو الرفرفة (Flapping) فهي طريقة الطيران المثلي لمسافات قصيرة، وتنتشر بالأخص بين الطيور الصغيرة الحجم، وهذه الطريقة تستدعي حركتين سريعتين هما الضرب بالجناحين إلى أسفل ثم إلى أعلى، والحركة الأولى تدفع بالطائر إلى الأمام، والثانية تدفع به إلى أعلى، خاصة إذا كانت مقدمة الجناح مائلة إلى الأمام ولو قليلا مما يدفع بالهواء إلى الخلف ويدفع بالطائر إلى الأمام، بينما يبقى معظم الجناح عموديا على الجسم فيساعد في ارتفاع الطائر إلى أعلى، وبذلك يتحقق للطائر كل من الدفع إلى الأمام والرفع إلى أعلى، ويتحكم في ذلك الطائر بتحكمه في حركة أجنحته، وعادة ما تضم الطيور أجنحتها في أثناء الضرب إلى أعلى كي لا تدفع بكميات كبيرة من الهواء في هذا الاتجاه، وإذا وصل الطائر إلى السرعة المناسبة له قبض جناحيه إلى جنبيه ويظل محمولا بقوة الاندفاع المكتسبة من قبل، وبتغيير درجة ميل أي من الجناحين يستطيع الطائر تغيير اتجاهه في الهواء حيث يشاء، ومهما كانت سرعة الرياح من حوله، ويعينه في ذلك ذنبه الذي يلعب دورا مهما في تلك المناورات . ويستطيع الطائر أن يحقق رفع جسمه إلى أعلى بسرعة الضرب بجناحيه إلى أعلى وأسفل مستخدما في ذلك عضلات صدره القوية، وقد تصل حركة الجناحين إلى سبعين خفقة في الثانية، وتصل سرعة الطائر إلى حوالي المائة كيلو متر في الساعة كما هو الحال في الطائر المعروف باسم الطنان الذي يضرب بجناحيه إلى الأمام والخلف في عملية شبيهة تماما بعملية التجديف في الماء فيرسم بحركة جناحيه في الهواء الرقم(8) في وضع أفقي بالنسبة إلى جسم الطائر مما يمكنه من تحريك جسمه مع كل ضربة إلى أعلى أو إلى أسفل .
ومن الإبداع الإلهي في خلق الطيور ارتباط جناحي الطائر بجسمه بواسطة نظام دقيق من المفاصل يسمح للطائر بتغيير زاوية ميل كل جناح على حدة بالنسبة لجسمه، ففي الضرب بالجناحين إلى أسفل يكونان مفرودين إلى أقصى امتداداتهما باستقامة كاملة عموديا على الجسم مما يمكنهما باندفاعهما إلى الأمام من دفع أكبر كمية ممكنة من الهواء إلى أسفل فيرتفع ذلك بالطائر إلى أعلى وإلى الأمام، ولكن في رفع الجناحين إلى أعلى يضمهما الطائر بإلهام من الله الخالق (سبحانه وتعالى) كي لا يدفعا إلى أعلى إلا قدرا ضئيلا من الهواء تماما كما يفعل الذي يقوم بالتجديف في الماء بين ضربته الخلفية الشديدة التي تدفعه إلى الأمام، وضربته الأمامية الخفيفة التي تهيئ للضربة الخلفية التالية .
ومن الفطرة التي فطر الله (تعالى) الطيور عليها البدء بالطيران المنخفض البطيء ثم زيادة كل من السرعة والارتفاع بالتدريج حتى تصل إلى أقصى معدلات ذلك، والطيور عادة ما تتحرك في الهواء بسرعات تتراوح بين(30) و(50) كيلو مترا في الساعة، وقد يتزايد ذلك إلى (75) كيلو مترا في الساعة، ولكنها إذا طوردت فإن بإمكانها زيادة سرعتها إلى أكثر من100 كيلو متر في الساعة، ولكن بعض الجوارح من الطيور مثل الصقور لها سرعات أعلى بكثير إذ تتراوح سرعات طيرانها بين(160) و(320) كيلو مترا في الساعة . ويمكن للطائر أن يستمر في الطيران لمدد تتراوح بين(5) و(6) ساعات متصلة بسرعات تتراوح بين(25) و(30) كيلو مترا في الساعة . ومعظم الطيور لا تكاد تتعدى في طيرانها ارتفاع(150) مترا فوق مستوى سطح البحر، ولكنها في هجراتها الطويلة ترتفع إلى منسوب(3000) مترا في المتوسط فوق مستوي سطح البحر (بمدي يتراوح بين(1500) متر، و(6000) متر) وذلك للاستفادة بالتناقص الشديد في كل من الضغط والحرارة عند تلك الارتفاعات، ولتجنب الجفاف بالبعد عن الهواء الحار الملامس لسطح الأرض والقريب منه في أثناء بذل هذا المجهود المضني في رحلات الهجرة الطويلة، وأعلى ارتفاع شوهدت عليه هجرة الطيور وصل إلى نحو التسعة كيلو مترات حين شوهدت من إحدى الطائرات، وذلك لأن الله (تعالى) قد وهب الطيور قدرات خاصة لاستخلاص أقل قدر ممكن من أكسجين الهواء الذي تتناقص نسبته بالارتفاع وهو ما لا يستطيعه الإنسان وما لا تستطيعه جميع الحيوانات الثديية ومنها الخفافيش .
ثالثا في قوله تعالى " مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ " من كل ما سبق يتضح بجلاء لكل ذي بصيرة أن الذي فطر الطير على صفات شكلية وتشريحية محددة أعطته القدرة على الطيران هو الله الخالق (سبحانه وتعالى)، والذي زوده بقدر من الذكاء وحسن الإدراك ليمكنه من حسن القيام بالمناورات المعقدة وهو في مهب الريح بصف جناحيه في الوقت المناسب، وخفقهما أو قبضهما في الوقت المناسب، وإمالة جناحيه، أحدهما أو كليهما، بالزوايا المناسبة، فوهبه بذلك القدرة على التحكم في الاتجاه، والارتفاع، والسرعة المناسبة في كل حالة، وعلى الإقلاع والهبوط حيث أراد، وعلى الانقضاض على الأرض والارتفاع عنها في لمح البصر والذي وهب الطير كل ذلك هو الله الخالق (جلت قدرته)، وهذا الإله الخالق، المبدع، المصور، الرحمن، الرحيم يمسك بالطير في جو السماء بالنواميس التي وضعها بإحكامٍ وقدرة بالغَين . في كل من الغلاف الغازي للأرض وجسم الطير، وفي تصريف الرياح، والتوزيع الدقيق لتضاريس الأرض، وتوزيع درجات الحرارة على سطحها، فجاء كل أمر منها في تناسق فريد، وتناغم معجز يشهد لله (تعالى) بطلاقة القدرة، وعظيم الصنعة، وإبداع الخلق .!!
ولم يكن لأحد من الخلق إدراك لتفاصيل حركات الطير في جو السماء إلا في القرنين الماضيين، تلك الحركات المعقدة والدقيقة التي لم يستطع الإنسان محاكاة شيء منها إلا في القرن العشرين، وفي العقود المتأخرة منه على وجه التحديد، وبعد مجاهدات طويلة وعسيرة استغرقت جل أعمار الآلاف من العلماء، لعشرات، بل لمئات من السنين، حتى أصبحت حركات الطير في جو السماء علما يدرس في أغلب جامعات العالم تحت مسمى هندسة الطيران (ويشمل علوم التحرك في الهواء، ديناميكية الهواء، بناء الطائرات والنفاثات والصواريخ، والملاحة في الهواء)، والمعلم الأول في هذا العلم هو الطير " صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ "من هنا تأتي هذه الإشارة القرآنية المعجزة سبقا علميا بثلاثة عشر قرنا للمعارف الإنسانية كلها التي لم تتمكن من بناء طائرة بدائية جدا إلا في مطلع القرن العشرين(1903 م) .
وهذا السبق العلمي لا يمكن لعاقل أن يتخيل له مصدرا غير الله الخالق الذي أنزل القرآن الكريم بعلمه على خاتم أنبيائه ورسله، وحفظه بعهده في ذات لغة وحيه (اللغة العربية) على مدى أربعة عشر قرنا أو يزيد، وإلى أن يرث الله (تعالى) الأرض ومن عليها، فالحمد لله على نعمة القرآن الكريم، والحمد لله على بعثة خاتم الأنبياء والمرسلين (صلى الله عليه وسلم)، والحمد لله الذي حفظ لنا رسالته الخاتمة في صفائها الرباني، وإشراقاتها النورانية في كتابه العزيز، وسنة نبيه المطهرة " والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون " .!!
تسهيلاً على زوارنا الكرام يمكنك الرد من خلال تعليقات الفيسبوك
|
|