دفاعا عن صحيح البخاري .... رد الشبهة الثالثة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
زعم بعضهم أن البخاري ينفي في صحيحه كون المعوذتين من القرآن الكريم
والجواب كمايلي:
أخرج البخاري الحديث من رواية اثنين
## أولا: حديث أبي بن كعب
عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ عَنِ المُعَوِّذَتَيْنِ؟ فَقَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: ( قِيلَ لِي فَقُلْتُ ) فَنَحْنُ نَقُولُ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
## ثانيا: حديث ابن مسعود
وعَنْ زِرٍّ، قَالَ: سَأَلْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ، قُلْتُ: يَا أَبَا المُنْذِرِ إِنَّ أَخَاكَ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ أُبَيٌّ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِي: ( قِيلَ لِي فَقُلْتُ ) قَالَ: فَنَحْنُ نَقُولُ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
ويستفاد من هاتين الروايتين
1ـ هذا الحديث أخرجه البخاري في كتاب التفسير ، قال: باب سورة الفلق، وبعد ذلك أعقبها : باب سورة الناس
إذاً من البديهي أن البخاري يثبت أن الفلق سورة في القرآن ، والناس أيضاً سورة من القرآن
2ـ أن حديث ابن مسعود هذا
رواه الشافعي، وأحمد في مسنده ، والحُميدي في مسنده ، وفيه عندهم: قلتُ أبا المنذر إن أخاك ابن مسعود ( يحكهما من المصحف ) أي يقول : ليستا من كتاب الله"
وهم جميعا قدر قالوا ( يحك المعوذتين من المصحف )
بينما اختار البخاري بأدب جم عبارة ( كذا وكذا ) بدلا منها تأدبا مع المصحف الشريف ، والقرآن الكريم.
وهذا التصرف من البخاري باختياره لتلك الرواية لا يظهر إلا لمن لديه قدرة على جمع المتون وسبر الروايات.
قال البخاري بسنده: عن زِرٍ بن حُبيش- قال : "سألتُ أُبي بن كعب ، قلت : أبا المنذر إن أخاك ابن مسعود يقول كذا وكذا – "لم يأت البخاري يحكهما من المصحف وإنما قال كذا وكذا هكذا على الإبهام
3ـ ولو ربطنا بين عنوان الباب ( سورة قل أعوذ برب الفلق ) ، ( قل أعوذ برب الناس )
وبين الروايات التي أورها الإمام لعلمنا أن الإمام يحتج برواية أبي بن كعب ، بل والأدهى من هذا أنه ذكر رواية ابن مسعود بحسب فهمي ليرد عليها برواية أبي بن كعب
وبناء على هذ فقد ظهر أن البخاري ما ذكر الرواية النافية ليستدل أو ليحتج بها ، بل ذكرها ليرد عليها . والله أعلم
وقد تأول القاضي أبو بكر الباقلاني في كتاب الانتصار وتبعه القاضي عياض وغيره ما حكي عن ابن مسعود فقال: لم ينكر ابن مسعود كونهما من القرآن وإنما أنكر إثباتهما في المصحف فإنه كان يرى أن لا يكتب في المصحف شيئا إلا إن كان النبي صلى الله عليه وسلم أذن في كتابته فيه ،، وكأنه لم يبلغه الإذن في ذلك، قال ابن حجر وغيره: فهذا تأويل منه وليس جحدا لكونهما قرآنا وهو تأويل حسن